«زكريا عزمي» استحوذ علي عقل «مبارك» لأنه يعرف من أين تؤكل الكتف.. هذا ما يؤكده اللواء «مجدي عمار» مدير الشئون الإدارية برئاسة الجمهورية في عهد «مبارك» مشيرا إلي أن الرئيس الأسبق طالما ردد أنه يعرف كل شيء بينما لم يكن يعرف شيئاً بالمرة عما يحدث بعيدا عن قصر الحكم الا من خلال «زكريا عزمي». حيث انه لم يكن يعرف حقيقة الحزب الوطني الذي ضم بعض المنافقين ورجال الشرطة السرية من بلطجية الانتخابات. في ذات الوقت كان العامل الأمني هو الأهم لدي النظام. الشرطة في عهده كانت لحماية نظامه فقط!!.. وأكد أن «سوزان مبارك» هي التي دفعت «جمال» الي المعترك السياسي و»عزمي» كان ضابط الايقاع نافيا أن يكون «مبارك» قد أغمض الطرف عن زوجته وأولاده بل كان مغلوباً علي أمره وهم يفعلون ما يريدون مع أنه كان شديد الغضب الذي يصل الي حد السب إلا أنه كان ضعيفا أمام زوجته بل كان يخشاها.. باعتبارك من أوائل المنضمين لديوان رئاسة الجمهورية كيف تم تشكيل هذا الديوان؟ الرئيس «السادات» هو أول من أمر بتشكيل الديوان وكان «اللواء» حافظ اسماعيل أول رئيس له بعد ما رأي «السادات» شكل الرئاسة في أمريكا فقال: نريد أن يكون في مصر نفس المستوي من التنظيم في رئاسة الجمهورية، وأمر «إسماعيل» بضم عناصر بديلة عن الموجودين في الرئاسة لأن معظمهم كانوا صف ضابط فضم اثنين من الحرس الجمهوري وكانا حاصلين علي ليسانس حقوق هما اللواء «سيد زيادة» و»زكريا عزمي» ثم كلف «السادات» «حسن كامل» برئاسة الديوان وضم «21» ضابطاً من الحرس الجمهوري إلي الديوان وكنت واحداً منهم. معني هذا أن زكريا عزمي من أوائل المؤسسين لديوان الرئاسة؟ في البداية كان منتدبا لرئاسة الجمهورية وعمل كل شيء في استطاعته حتي لا يبتعد عن الديوان لدرجة أنه لم يشارك في حرب أكتوبر حتي يظل بجانب الرئيس. كيف؟ أذكر أنني في عام 1973 كنت نوبتجي العمليات وفي المساء وصلت قيادة الحرس الجمهوري إشارة بإلغاء انتداب كل من «ممدوح اسماعيل» و»زكريا عزمي» وأن عليهما تسليم نفسيهما إلي سلاح المدرعات، وقمت بإبلاغ الاشارة التي نفذها «اسماعيل» ولم ينفذها «زكريا» لأنه جري علي «أشرف مروان» للتوسط لإلغاء الاشارة حتي يظل في الديوان لأنه كان يخشي أن يترك الديوان ولا يستطيع العودة إليه. وكيف صعد بهذه السرعة الي رئاسة الديوان؟ «زكريا» يعرف من أين تؤكل الكتف!! لأنه ذكي ونبيه ويعرف كيف يضرب ضربته ومتي يهرب واستغل موقفاً سيئاً حدث مع «رؤوف أسعد» رئيس الديوان السابق له وأغضب الرجل فلم يحضر حفلة عشاء بالقصر مما أغضب الرئيس «مبارك» وذهب «زكريا» إلي حرم الرئيس «سوزان» هانم وأفهمها أنه أصلح انسان لهذا المنصب، وأن الدور عليه فوعدته بالمنصب لدرجة أن قرار تولي رئاسة الديوان أخذته الهانم معها إلي الاسماعيلية لأن الرئيس كان هناك وتم توقيعه بالاسماعيلية. قيل إن الرئيس مبارك في بداية عهده لم يكن يطيق زكريا عزمي؟ في الحقيقة الرئيس «مبارك» بالفعل كان لا يطيق «زكريا» لا في سماء ولا في أرض وكان إذا جاء «مبارك» يبتعد لمسافة «10» أمتار منه لأنه كان يفهمه جيدا وكانت له مواقف سيئة مع «حسن كامل» جعلت «مبارك» يتخذ منه موقفا سلبيا في البداية. ما الذي حدث حتي تتحسن العلاقة بين مبارك وزكريا بهذا الشكل؟ «زكريا عزمي» دخل إلي «مبارك» عن طريق أولاده وزوجته استطاع أن يجلس ويتربع. ولك أن تعرف أن «علاء» و»جمال» يناديانه حتي الآن ب «عمو زكريا». كيف غير «مبارك» نظرته نحو زكريا عزمي؟ لم يغير «مبارك» رأيه ونظرته له فهو لا يطيقه «!!» ولكن «زكريا» لعب لعبته مع الوزير «سعد شعبان» المدير السابق لمكتب «مبارك» بأن جعل الرئيس يوافق علي إبعاده من الديوان بعدم التجديد له.. ثم أطاح بالمهندس «شفيق البنا» الذي حصل علي أحكام قضائية من مجلس الدولة بإعادته الي الديوان وترقيته وكيل أول وزارة وأيضا استرجاع تكلفة علاجه التي انفقها من ماله الخاص الا أن زكريا لم ينفذ هذه الأحكام وكلما كان يشعر ان أحداً اقترب من الرئيس كان يسعي للاطاحة به.. ثم قام بتعيين 99٪ من العاملين في رئاسة الجمهورية من أبناء منطقة الزيتون وساهم في تكوين شلة حول «مبارك» ضمت «صفوت الشريف» و«فتحي سرور» قبل ظهور شلة «جمال مبارك» ولجنة السياسات والحقيقة ان «مبارك» ظلم من الناس التي كانت حوله. معني هذا انه كان لا يفهم طبيعتهم أو لا يعرف ما يدور حوله؟ لا.. طبعاً كان فاهم كل شيء قال انه عارف ما يدور حوله إذن هو يتحمل كل نتيجة ما حدث طالما قال انه فاهم مع اني أشك في هذا لأنه كان عكس (السادات) الذي كان يستقي المعلومة من الشارع ومن أهل قريته في «ميت أبوالكوم» وكان يخرج سراً من غير ما نعرف وكنا نجري نبحث عنه وأحياناً نجده يصلي في زاوية صغيرة دون أن يعرفه أحد وكان يحضر بعض الأفراح، كما حدث وحضر عقد قران في مدينة المحلة الكبري لابنة الرجل الذي عمل معه «شيالا» علي سيارة نقل خلال فترة هروبه قبل الثورة عكس «مبارك» الذي كان يحصل علي المعلومات من «زكريا عزمي» و«عبدالوهاب زكي» و«علي جلال» لكن السيطرة غالباً ل«زكريا» و«مبارك» عندما يقول انه يعرف.. فهو في حقيقة الأمر لم يكن يعرف شيئاً. تردد أن الرئيس «السادات» كان سيوقع قراراً بعزل «زكريا عزمي» عقب احتفالات أكتوبر التي اغتيل فيها؟ بالفعل كان سيرحل عن ديوان الرئاسة لكنه ذهب إلي «فوزي عبدالرحمن» سكرتير «السادات» وعمل اللي ما يعمل لدرجة انه باس (...) حتي يظل في الديوان ثم اغتيل «السادات» بعدها بأسبوع و«محمود عبدالناصر» قال لي يا «مجدي» والله كان ماشي، كما ان الفريق «الليثي ناصف» قائد الحرس الجمهوري في بداية عهد «السادات» كتب اسمه مرتين في قائمة المبعدين عن الرئاسة. ومن أين جاءت تلك السطوة التي لم تبعده عن رئاسة الجمهورية؟ الله أعلم.. وربما هذا حظه! أو من أجل زوجته السيدة «بهية حلاوة» تلك السيدة الفاضلة الصالحة الممتازة خلقاً وتديناً وقلت لها ذات مرة ربنا بينفخ في صورته علشانك أنت! هل زكريا عزمي كان سبباً في إبعادك عن رئاسة الديوان؟ جاء دوري في الترقية لدرجة وكيل أول وزارة وأراد «زكريا» أن يوقع الأوراق الخاصة بي حتي أخرج من الديوان، ولم يوافق الرئيس فأرسل «زكريا» الأوراق مع «عبدالوهاب زكي» فرفض «مبارك» التوقيع.. فقال «زكريا» القرار ده معقد ليه؟ وأخذه بنفسه وذهب للرئيس وأعطاه القرار وعندما رآه الرئيس غضب وقال ليس لك شأن ب«مجدي عمار» ومزق القرار وألقاه علي الأرض.. لكن «زكريا» تحايل وحصل علي توقيع الرئيس الساعة (7) صباحاً مع اعتماد سفراء جدد من دون وجود أسماء بل بالأرقام ثم قام يوضع الأسماء بعد ذلك ثم تمارض ولم يحضر اعتماد السفراء مساء خوفاً من مقابلة الرئيس لأنه يعلم جيداً أن «مبارك» عنيد وقد يغضب ويقيله من رئاسة الديوان. هل العناد كان طابعاً مميزاً للرئيس الأسبق؟ نعم كان عنيداً جداً جداً ولم يكن يرجع في كلامه أبداً حتي لو كان خطأ بنسبة 100٪ وكان يتخذ القرار في لحظة بعد قراءة الأوراق وإذا قيلت له نصيحة كان يعمل عكسها مباشرة لأنه لا يريد لأحد أن يفرض رأيه ويري انه الوحيد الذي له الحق في اتخاذ القرار سواء كان صحيحاً أم خطأ فهذا لا يهم. يبدو أن الرئيس السادات كان مخطئاً عندما قال: انه آخر الفراعنة؟ الرئيس «السادات» كان مخطئاً عندما قال عن نفسه انه فرعون لأنه لم يكن فرعوناً أبداً.. بل كان ذكياً ونبيهاً جداً وسياسياً من طراز فريد لدرجة أن «مناحم بيجين» سأله قبل أن يوقع علي اتفاقية السلام «هو أنت أصلك يهودي»؟ فضحك «السادات» وسأله لماذا؟ فقال: تفاوضت معنا بنفس أسلوبنا! هذا يفسر عدم استجابة «مبارك» لنقد بعض معاونيه واصراره علي الإبقاء عليهم؟ نعم لأن «مبارك» كان لا يحب أن يفرض عليه شيء وإذا قيل أن أي مسئول عليه الرحيل فان «مبارك» يعند ويجعله مستمراً في منصبه ولكن إذا أراد هو أن يغيره فانه كان يقيله في لحظة واحدة. كيف كانت طريقة غضب «مبارك» من معاونيه؟ أحياناً كان يصل الغضب إلي السب كما حدث مع «زكريا عزمي» ولكن هذا لم يحدث مع «صفوت الشريف» لأنه كان عامل خده مداس والكل كان يعلم ما هي كانت شغلة «صفوت» في المخابرات وهو كان يعلم حدوده جيداً.. بينما كان «مبارك» دائم الغضب علي «د.عاطف عبيد» مثلاً غضب من قرار انشاء الشبكة الثالثة للمحمول لأنه انتظر أكثر من سنة ولم تظهر الشبكة الجديدة وفي إحدي المقابلات قال له «مبارك» أنت فالح ب(.....) توقع القرار وخلاص فين الشبكة الثالثة؟ هل كان في الدائرة القريبة من «مبارك» مراكز للقوي؟ «حبيب العادلي» كان مركز قوي كبيراً بعيداً عن الرئاسة لأن «مبارك» أستغفر الله كان الآمر الناهي، كما ان سكرتارية الرئيس طوال عمرها تمثل مركز قوي لكن «زكريا» استطاع أن يفتتها لدرجة انهم أصبحوا بدون قيمة وكانوا يخشونه، وكما بيقولوا في المسرحية: «زكريا» بيقول كان هذا بالفعل ما يجري في الديوان.. لكن «عزمي» لم يخش بعد «مبارك» إلا المشير «طنطاوي» و«عمر سليمان» و«حسين سالم» و«صفوت الشريف» حيث كان بمقدور أي من هؤلاء أن يوديه في داهية! كيف كان يري «مبارك» الصحافة؟ وهل كان يتابعها؟ «مبارك» كان لا يحب الصحافة بل كان يكرهها وبشدة. لماذا ألغي اجتماعاته مع المثقفين الذين كان يجتمع بهم في بداية عهده؟ ألغي ذلك عندما وجد أن المثقفين بدأوا يناقشونه في أشياء لا يريدها فاضطر إلي أن يلغي هذه اللقاءات لأنه كان لا يحب أن يحدد أحد له المواضيع التي لابد أن يتحدث فيها. أم لأنهم كانوا يطالبونه بالديمقراطية؟ هو كان يريد أن يطبق الديمقراطية بطريقته هو علي فترات وبالتنقيط لأنه لم يكن يؤمن بها أصلاً. في جميع خطاباته كان يذكر محدودي الدخل.. فهل كان يشعر بهم؟ «مبارك» كان يقرأ الخطاب كما هو مكتوب له وفي قرارة نفسه يعلم أن فيه ناس معدمين وقد رأيت بعيني في عصره ناس بتجيب طعامها من الزبالة. ألم يكن علي دراية بهذه الأوضاع؟ بالطبع لا.. ومن الذي كان يستطيع أن يوصلها له ومع انه كان يثق فيَّ وقليلاً ما كان يطلبني ويسألني عن بعض الأمور وكنت أجيبه بصراحة ولكن عندما يسأل فقط ولا يستطيع أحد أن يتجرأ ويعرض عليه أمراً ما. ومن أين جاءت ثقته فيك؟ والدي كان معلمه في الكلية الحربية وكان «مبارك» يحبه ولهذا كان يطلبني لأجلس معه بالساعات وهذا ما كان يغيظ «زكريا عزمي». وماذا عن الأمن في فكر «مبارك»؟ الحقيقة ان عنصر الأمن ومفهومه كان أهم شيء عند «مبارك» لأن الإرهاب زاد في عصره وخاف أن تقع السياحة. لكن هذا الأمن ضاع في أيام قليلة في ثورة 25 يناير؟ ثورة 25 يناير كانت إرادة الله ومعجزة أن ينتصر شباب أعزل علي شرطة محترفة لديها مدرعات ولكنها كانت لحماية النظام. ماذا عن مستشاري «مبارك» وماذا كانوا يقدمون له؟ لا يوجد مستشارون ومفيش كلام من ده لأنه كان لا يسمح للهواء أن يعارضه خاصة بعد وفاة «فؤاد سراج الدين» باشا الرجل القوي والذي كان محل ثقة من الكثير أصبح «مبارك» يتعامل مع المعارضة علي انه في السحاب وهم في الأرض وأيضاً «صفوت الشريف» لم يصارحه بحقيقة عدم وجود قوة حقيقية للحزب الوطني في الشارع المصري ولا يضم إلا بعض المنافقين ورجال الشرطة السرية من بلطجية الانتخابات والدنيا كانت هيصة و«مبارك» لا يعرف. وكيف كان يختار وزراءه ومعاونيه؟ كان يتم ترشيح بعض الأفراد و«الهانم» كان لها يد كبيرة جداً في الاختيار.. والكل يعلم موضوع «فاروق حسني» الذي قال عنه «مبارك» لابد أن يمشي من الوزارة ولكنه ذهب ل«الهانم» واكتسب ثقتها عن طريق أحدث صيحات الأزياء العالمية وبالطبع استمر وكان «زكريا» يرشح الشخصيات السيئة و«مبارك» كان يختار أفضل السيئين. ما هو الشيء الذي كان يضعف أمامه مبارك؟ «مبارك» كان لديه بعد إنساني كبير، والحقيقة لم يكن ضعيفاً أبداً طوال عمره ولكنه في البيت كان ضعيفاً أمام «الهانم». كيف تم تصعيد «جمال مبارك» في الحياة السياسية؟ والدته هي التي دفعته ووقفت خلفه و«عزمي» كان ضابط الإيقاع، وكانت «الهانم» تخطط و«زكريا» ينفذ، بالاضافة إلي أن «جمال» كانت لديه الرغبة في التوريث ويختلف عن «علاء» في الاخلاق، و«علاء» كان من النوع الهادئ الحنون، و«جمال» متعالٍ وواخد من أمه لانها كانت قوية جداً جداً، لدرجة أن «مبارك» لم يكن يحاول أن يعمل معها أي «تاتش» لانها ليست سهلة. هل حكمت لجنة السياسات مصر في الفترة الاخيرة من عهد مبارك؟ لا.. بل كانت تحاول أن تفهم الرئيس أن ما تفعله اللجنة للصالح العام، و«مبارك» كان مغلوباً علي أمره والأمور ماشية. ومتي كان مغلوباً علي أمره؟ منذ عام 1995 عندما بدأت صحته في التدهور، وبدأوا يكونون حوله الشلل ولكنه قبل ذلك، كان هو الرئيس الفعلي و«أقسم بالله» لو أن «مبارك» استمر في الحكم كما كان نائباً لكان الشعب رفعه فوق رأسه، لانه كان قوياً وكان يطيح في الكل حتي أولاده، ولكن عندما تولي السلطة بدأت الكفة ترجح في غير صالحه وبدأ يميل معها. قلت إن سوزان مبارك كانت قوية.. فما مدي تدخلها في شئون الحكم؟ نستطيع أن نفهم مقدار تدخلها حين تبقي علي «فاروق حسني» الذي رفضه «مبارك» وعندما كان «عزمي» يريد أن ينهي شيئاً يلجأ إليها لانه كان يعلم أنه لو راح للرئيس «هيشلفطه»!! والرئيس صبر علي «عزمي» بسبب إرادة «الهانم» والدليل علي عدم حبه ل «عزمي» هو شماتته فيه عندما سقط أمام أحد الضباط المحبوبين في انتخابات نادي هليوبوليس حيث اتصل ب «زكريا» من الطائرة وقال له: نتيجة هليوبوليس إيه؟ أنت سقطت ولا ايه. وما هي الاسباب المباشرة لانتشار الفساد في عهد مبارك؟ سبب الفساد هو جهاز أمن الدولة لأنه كان يتحكم في كل شيء، والكل كان يخاف من أن يتكلم.. وأذكر أنني كنت في واجب عزاء وكان معي بعض الاصدقاء من لواءات الشرطة وقال أحدهم عن وزير ما هو نسي الظرف اللي كنت بابعتهوله؟ فسألته كيف؟ فقال: لا يوجد لواء الا وعليه ذلة!! لأن هذا الوزير أرسلت له ذات مرة الظرف مع أمين شرطة حتي يكون شاهداً.. فأمن الدولة كان البعبع الرهيب.. وماذا عن التقارير الرسمية التي كانت تصله من جهات ومؤسسات الدولة؟ أيام اللواء «سعد شعبان» كان يفلتر التقارير ويعرضها علي الرئيس بكل أمانة، ولكن بعد ما جاء «عزمي» أصبح يعرض علي الرئيس ما يشاء هو عرضه، وكان يحجب عنه الكثير بحجة أن الرئيس مريض ولا يريد أن يغضبه. لكن الفساد طال الرئيس مبارك شخصياً؟ لا أعتقد أن «مبارك» يمتلك تلك الأموال والحسابات التي كثر الحديث عنها لانه بطبيعته كان يرفض التكسب من المنصب، وإذا كانت له ثروة كبيرة فالذي كونها ويسأل عنها زوجته وابناؤه، وقد جري العرف الدولي بوجود عمولات في صفقات السلاح وقد تكون مما ساهم في رفع ثروته. ولكنه اغض الطرف عن تصرفات عائلته؟ لم يغض الطرف، ولكنه كان مغلوباً علي أمره، وكانوا يفعلون ما يريدون هم. أخذ علي مبارك البطء في اتخاذ القرارات؟ بالعكس هو سريع جداً في اتخاذ القرار حيث كان يعرض عليه الأمر، فيتخذ القرار في ذات اللحظة، ولكن صح أو خطأ، هذا لا يعلمه إلا الله، لانه كان انفعالياً جداً جداً. هذه الانفعالية تسببت في حدوث كوارث بمصر؟ طبعاً لها كوارث ومصائب ومنها الذي حدث مع «نور الدين فرغلي» وهو من الشخصيات الممتازة، وواقعته كانت من أغرب ما يمكن فعند افتتاح خط المترو الثاني طلب «مبارك» أن يحضر الافتتاح كل من محافظ القاهرةوالجيزة والقليوبية، ولكن حضر «ماهر الجندي» محافظ الجيزة فقط، وكان «كمال الجنزوري» رئيس الوزراء حينها قد ابلغ «طلعت الشافعي» وزير مجلسي الشعب والشوري بأن يبلغ المحافظين، لكنه لم يفعل، وبالتالي لم يعرف «فرغلي» شيئاً وكان يشغل منصب كبير الأمناء بمجلس الوزراء، وعند الافتتاح غضب «مبارك» غضباً شديداً علي «الجنزوري» لان تعليماته لم تنفذ، وحتي لا يكون الغضب موجهاً ل «الجنزوري» بمفرده فقال: لقد أبلغت «نور فرغلي».. والحق يقال لم يكن يعرف شيئاً، وفي اجتماع مجلس الوزراء عقب الافتتاح سقط «فرغلي» مغشياً عليه بجلطة في المخ بسبب انفعال «مبارك» عليه مع إنه كان مظلوماً ولم يتحمل الظلم والانفعال. كان يؤخذ علي مبارك علاقته الوثيقة بقادة إسرائيل؟ هذا صحيح.. لكن المشكلة في مصر أن الكرسي له بريق وسلطات بلا حدود، بمعني كن فيكون!! ومن هذا المنطلق.. «مبارك» لم يرد أن يضحي به وبعد «كامب ديفيد» أصبحت امريكا تضغط من جانب آخر، وهو يريد أن يستمر وكان يحاول إرضاءهم علي حساب الشعب المصري حتي أصبحت بعض الدول تتمادي في استهزائها بالمصريين. مبارك كان يردد أن اقامته كانت محددة منذ ان يصحو من نومه فهل كان معزولاً بفعل فاعل؟ لم يكن أحد يعزله، بل هو الذي كان يريد ذلك لانه كان متقوقعاً ولا يتحرك إلا وفق تقارير أمن الدولة، وكان يسير حسب التعليمات التي تصدر لأمنه الشخصي، فهذا الجهاز أفسد كثيراً من تخطيطات المخابرات لانه عمل علي الجهتين في الداخل والخارج، وكان يدس أنفه في التخطيط ويفسده. كيف تري عصر مبارك؟ عصر «مبارك» كان جيداً جداً، إلي أن زادت فيه تدخلات «سوزان» وابنها «جمال» فأصبح عصر تزاوج المال بالسلطة، وكان الرئيس بعيداً عن الأمور، ولكن «جمال» كان يفهمه أن مفيش أفضل من كدة.