أثار قرار الجمعية العامة لقضاة المحكمة الدستورية العليا برفض رفع الحصانة عن المستشار حاتم بجاتو، الرئيس بهيئة مفوضي المحكمة حاليًا، والأمين العام الأسبق للجنة الانتخابات الرئاسية، ردود أفعال واسعة داخل الأوساط القضائية والقانونية والسياسية. وكشفت مصادر قضائية مطلعة ل"الوفد" أن بجاتو أفلت من الإحالة للصلاحية فى حالة انتهاء قاضى التحقيق المنتدب من رئيس محكمة استئناف القاهرة، فى تجاوزات لجنة الانتخابات الرئاسية السابقة التى أعلنت فوز الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى بمقعد رئيس الجمهورية نهاية يونيو 2012، بإدانته. وأغلقت المحكمة الدستورية العليا ملف بجاتو للأبد، رغم اتهامه بخرق التحقيقات الجارية وإفشاء أسرارها، معلنًا فى وسائل الإعلام صحة جميع إجراءات لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق، مما ترتب عليه طلب النائب العام رفع الحصانة عنه لإدلائه بتصريحات من شأنها الإضرار والتأثير على سير التحقيقات الجارية بشأن ما شاب إجراءات الرئاسية السابقة من عوار. ويُعد "بجاتو" شخصية قضائية مثيرة للجدل منذ تقربه للمستشار ممدوح مرعى وزير العدل الأسبق، للالتحاق بعضوية الأمانة الفنية لمكتب وزير العدل واللجنة التشريعية بمجلسى الشعب والشورى إبان حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك. واتهمت مصادر قضائية "بجاتو" بالقرب من لجنة إعداد تعديل أطول مادة فى دساتير العالم وهى المادة 76 من دستور 1971 الشهيرة بمادة التوريث، وهى المادة التى صاغها كتابة بالكامل المستشار محمد الدكرورى، المستشار القانونى للرئيس المخلوع آنذاك، وقبيل ثورة 25 يناير بسنوات قليلة. وفشل طموح "بجاتو" المتصاعد، فى التعيين فى منصب مساعد وزير العدل فى فترة المستشار ممدوح مرعى، وظل المستشار أسامة عطاوية الفتى المدلل للوزير مرعى حينئذ، حائلاً دون تحقيق أمنيته وكبح جماح بجاتو فى النيل بهذا المنصب. وظل بجاتو يتحين الفرص للظفر بمنصب مساعد وزير العدل فى عهد المستشار أحمد مكى وزير العدل الأسبق، لدرجة أن كثرة زياراته شبه اليومية لديوان وزارة العدل ومكوثه بالساعات فى مكتب مكى؛ تجاوزت مرات ذهابه لعمله بالمحكمة الدستورية بكثير وبصورة ملفتة للنظر، الأمر الذى أثار دهشة الوسط القضائى آنذاك، وبررها البعض بأنه يريد أن يتبوأ منصب رئاسة المفوضية العليا للانتخابات المزمع إنشاؤها فى حال فشله فى استصدار قرار من من "مكى" بتعيينه مساعدًا لوزير العدل. ولاحظ الوسط القضائى تردد "بجاتو" على ديوان رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس المعزول، وفوجئ الجميع بتعيينه وزيرًا للشئون القانونية والمجالس النيابية فى حكومة هشام قنديل الثانية، بالتزامن مع فتح التحقيقات فيما نسب للجنة الانتخابات الرئاسية السابقة من إعلان النتيجة النهائية قبل انتهاء تحقيقات النيابة العامة من تحقيقاتها بشأن جريمة التلاعب فى بطاقات إبداء الرأى بالمطبعة الأميرية، والاشتباه فى وجود تمويل أجنبى للتأثير على إرادة الناخبين لصالح مرشحى الرئاسة، وبلاغ منع بعض الناخبين من الإدلاء بأصواتهم فى لجان اقتراع بالمنيا، وكان مطلوبًا الاستماع لأقوال بجاتو وشهادته لكونه أمينًا عامًا سابقاً للجنة الانتخابات الرئاسية. وأخطر ما تمخض عن تعيين بجاتو وزيرًا فى حكومة قنديل الأخيرة، زيارته للمحكمة الدستورية العليا أثناء نظرها طعنى عدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى المنحل وتشكيل لجنة تأسيسية الغريانى لإعداد دستور 2012 المعطل، فى سابقة لم يجرؤ عليها أشهر وزراء العدل المعمرين فى عهد الرئيس المخلوع، المستشار الراحل فاروق سيف النصر الذى مكث وزيرًا للعدل 17 عامًا متواصلة، احترامًا لمبدأ الفصل بين السلطات المعمول به دوليًا ودستوريًا. وحاول "بجاتو" أن يصدر بيانًا بالاشتراك مع وزير العدل الأسبق أحمد سليمان ضد تجاوزات الرئيس المعزول محمد مرسى فى خطابه الأخير تجاه رجال القضاء بحجة أن القضاة "أكلوا وجهه" بالتقريع والتقطيم، إلا أن محاولاته باءت بالفشل على يد المستشار أشرف زهران، عضو المكتب الفنى لمساعد وزير العدل للرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، الذى كان موجودا بمكتب وزير العدل حينئذ، والذى وبخهما بتساؤله الاستنكارى "ولماذا لم تتركا قاعة المؤتمرات فور تهجم مرسى على القضاء ورجاله احتجاجًا على سقطته فى حق القضاء؟"، مؤكدًا أن هذا التصرف كان سليقى قبولاً لدى رجال القضاء. فأسقط فى وجهه. وكاد "بجاتو" أن يفقد منصبه القضائى عقب ثورة 30 يونيو، كما حدث مع نظيره أحمد سليمان، الذى رفض مجلس القضاء الأعلى عودة لمنصة القضاء لتحيزه السياسى لفصيل معين بالمخالفة لقانون السلطة القضائية، وكثف بجاتو مساعيه لدى المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضاء الجمعية العامة للمحكمة حتى لا يلقى مصير "سليمان"، ووافقت بعد مداولة الأمر فى أحد اجتماعاتها على عودته عضوًا بهيئة المفوضين بالمحكمة، ونجا "بجاتو" للمرة الأولى من الإطاحة به خارج السلك القضائى، كما نجا من الإطاحة به للمرة الثانية كما تقدم.