لاشك أن الوحدة العربية الحقيقية، أصبحت الآن حلماً لكل شعوبنا العربية، فهي الآن الملاذ الوحيد أمام الدسائس والمكائد التي تحيط بالأمة العربية من كل صوب وحدب، سواء من الخارج أم في الداخل. إن وحدة الصف العربي، في مثل هذه الظروف التي تمر بها المنطقة العربية والإسلامية، هي مطلب ملح وضروري لكل الشعوب العربية. لقد أصبح واضحاً تماماً ان اغلب الدول الغربية، وعلي رأسها أمريكا واسرائيل، مصممة علي تقزيم وتفتيت كل دول منطقة الشرق الأوسط، حتي يسهل - من ناحية - علي اسرائيل ابتلاعها، والقضاء - من ناحية أخري - علي الاسلام والمسلمين، نتيجة المتاعب والأزمات التي سببها لهم بعض أصحاب الفكر الإسلامي المتطرف من الارهابيين. إن التقارب الحاصل الآن مع مصر من المملكة العربية السعودية، وكذا باقي دول الخليج سيكون - في تقديري - البداية الحقيقية علي طريق تلك الوحدة العربية. فقد شعرت تلك الدول بالخطورة المحدقة بها، والتي تسبب فيها المخطط الصهيو-أمريكي. لقد تبينت هذه الدول الهدف الحقيقي من وراء المخطط المسموم المسمى ب «الربيع العربي»، الذي يهدف إلي تقزيم وتفتيت المنطقة العربية كلها. ومن هنا، عقدت تلك الدول العزم علي الوقوف صفاً واحداً ضد هذا المخطط المسموم، أملا في أن تتجنب المخاطر المحدقة بها جميعا. من هنا.. فإن زيارة جلالة ملك السعودية الأخيرة التي قام بها لمصر، بالرغم من الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها، إنما جاءت لتثبت للعالم كله أن الاصرار الغربي والأمريكي والإسرائيلي علي تفتيت وتخريب المنطقة العربية بما أسموه ب «الربيع العربي»، هذا الإصرار تقابله مقاومة شرسة من دول الخليج ومصر من أجل إسقاط هذا المخطط المسموم. وبالتالي، فإن هذه الزيارة الأخيرة لم يكن العرض منها - كما يتصور البعض - مجرد التهنئة، إنما كانت تهدف في المقام الأول الي وضع اللبنة الأولي علي طريق الوحدة العربية الحقيقية. وبهذه المناسبة.. فإني أشير أيضا الي زيارة وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية الأخيرة، التي قام بها لمصر، هذه الزيارة - في تقديري - الهدف منها، هو وأد فكرة الوحدة العربية في مهدها، والتي بدت واضحة للعيان بعد الزيارة الاخيرة لجلالة ملك السعودية لمصر. أمريكا الآن تبحث عن أي وسيلة للسيطرة علي هذا التحالف العربي، وهي الآن تسعي بكافة الطرق لتهدئة الضغوط التي مارستها علي الدول التي تشكل هذا التحالف الوليد، حتي يتمكن أعوانها في المنطقة من التقاط أنفاسهم ويعودوا مرة أخري لمواصلة عبثهم. أعود فأقول.. إن الزيارات التي سبق وقام بها الرئيس الامريكي للمملكة العربية السعودية وكذا الزيارة الأخيرة من وزير خارجيته لمصر، كل تلك الزيارات – في تقديري - ما هي الا مجرد مسكنات لأكبر دولتين عربيتين في منطقة الشرق الاوسط، وذلك علي أمل وأد أي نوع للتحالف بين دول المنطقة العربية، حتي لا تتمكن في المستقبل من الوصول للوحدة العربية الحقيقية، والتي تعتبر الخطر الحقيقي الذي يهدد دول الغرب عامة وأمريكا واسرائيل بصفة خاصة، والتي ستكون بإذن الله سبحانه اللطمة الكبرى لها جميعا. في تقديري، إن الوحدة العربية الحقيقية التي تقوم علي المصالح المشتركة، نتيجة هذا الشعور بالخطر الداهم المحيط بالمنطقة العربية، سوف تكون هي حائط الصد الوحيد الذي يمكن أن يقف أمام العدوان الصارخ من الدول الغربية علي منطقة الشرق الأوسط، وسوف يكون أيضا - بإذن الله - ضربة قاصمة لأعوانهم بالمنطقة. كل ما أتمناه وأدعو الله سبحانه وتعالي أن يستجيب اليه، هو شفاء وطننا العربي من ذلك الداء الخبيث الذي جعل أبناء الوطن الواحد يتنازعون ويتقاتلون فيما بينهم بلا معني ولا هدف، إلا لكي يقضي المسلمون بأنفسهم علي انفسهم. فها هو العراق، وها هو اليمن، وها هي سوريا، وها هي تونس، كل هذه الدول أصيبت بهذا المرض الذي بثت جرثومته لها دول الغرب عامة وامريكا واسرائيل بصفة خاصة، لخلق شيطان لعين يوسوس في نفوس شعوب المنطقة، لكي يقتتلوا حتي يقضوا علي أنفسهم بأنفسهم. وأخيراً.. إن الوحدة العربية هي الملاذ الوحيد والأمل الكبير للوقوف أمام هذا المخطط المسموم، فلن يحمي منطقتنا العربية إلا شعوبها، بزعامة قادتها المخلصين الذين يفدون أوطانهم بأرواحهم ودمائهم. حفظ الله مصر وحفظ كل عربي حر يسعي للشفاء من هذا الداء اللعين.