لا شك ان التحركات الدبلوماسية المصرية في الأيام القليلة الماضية، سواء في أمريكا أو في أوروبا أو في أفريقيا، كان لها مردود طيب. ولكن السؤال المهم، هو هل هذه التحركات– المطلوبة– ستؤدي بالغرب إلي تغيير مخططهم المسموم في منطقة الشرق الأوسط والالتفات عنه تماما؟ هذا هو السؤال. رغم أنني لست متفائلا كثيرا بعودة العلاقات الدبلوماسية الي طبيعتها، بين مصر ودول الغرب عامة وأمريكا بصفة خاصة، فإن التحركات المصرية الأخيرة، مع وجود الضغط الخليجي من السعودية ودول الخليج، لا شك أنها من الممكن أن تغير في موقف الدول الغربية، ولكنها لن ترقي – في تقديري- إلي حد تعديل الرؤي لتلك الدول من المخطط المسموم المسمى ب«الشرق الأوسط الجديد». هذا المخطط الجهنمي قد تم وضعه والتخطيط له من أغلب الدول الغربية وكذا اسرائيل، وبالتالي فليس من السهل أبداً لأي من هذه الدول أن تتخلي عنه تماما، فهذه حقيقة يجب علينا ألا نغفلها أو أن نقلل من شأنها. ولكن الذي أطمع فيه حقا، هو محاولة تأجيل تنفيذ هذا المخطط المسموم في الفترة الحالية، حتي نستطيع ان نكرس كل الجهد الآن، لوقف الدعم الغربي الاسرائيلي للتيارات الاسلامية المتشددة في منطقة الشرق الأوسط، فإذا ما وصلنا الي هذه النتيجة في الوقت الحالي فهذا يعتبر – في حد ذاته - مكسباً كبيراً. الوصول الي تأجيل تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض سواء بالنسبة لأمريكا أو للدول الغربية وكذا إسرائيل. كل هذه الدول تجمعها مصلحة واحدة في تنفيذ هذا المخطط والوقوف الي جانب الجماعات الإسلامية المتشددة، حتي تقوم بتنفيذ هذا المخطط. فاذا ما فلحنا جميعا- كدول شرق أوسط- في إقناع أمريكا وحلفائها بوقف المساعدات والمساندات الدولية والعملية والمادية للجماعات الاسلامية، فهذا في حد ذاته يعتبر انتصاراً كبيراً في الوقت الراهن. الزيارات التي قامت بها مصر وبعض دول الخليج للدول الأوروبية وكذا امريكا والتي قابلها الرئيس الامريكي «أوباما» بزيارة للمملكة العربية السعودية، لا شك ان كل هذا يعتبر مؤشرا طيبا، ومن الممكن أن يصل بنا الي تأجيل هذا المخطط المسموم حاليا، ثم إلغائه في المستقبل البعيد. فالأمر أولا وأخيرا هو مسألة مصالح لهذه الدول ومصلحة الدول الغربيةوأمريكا وإسرائيل حاليا، هي هدم منطقة الشرق الأوسط- خاصة المسلمين الذين سبق أن تسببوا لهم جميعا بمتاعب كبيرة، ومازالوا حتي يومنا هذا يشكلون خطورة كبري عليهم في بلدانهم. إخوان الشياطين ومن يتبعهم من جماعات دينية إسلامية متطرفة هم معول الهدم في منطقة الشرق الأوسط الذي تستعين به أمريكا وحلفاؤها في هدم هذه المنطقة، وبالتالي تمزيق وتفتيت المسلمين جميعا. ومن هنا، فإن دول الغرب لديها أمل كبير – إذا ما استطاعت الجماعات الإسلامية المتشددة السيطرة علي منطقة الشرق الأوسط - ان ينزح اليها المتطرفون الإسلاميون الذين سبق لجوؤهم الي الدول الأوروبية، فدول أوروبا تسعي الي التخلص من المتشددين الإسلاميين الذين يقيمون بها وإبعادهم الي منطقة الشرق الأوسط، في حالة إذا ما سيطرت عليه التيارات المتشددة. من هنا.. فإن هدف الدول الغربية الآن، هو الاستمرار في تنفيذ هذا المخطط المسموم، ولكن معه تعرضت مصالح تلك الدول للخطر، وخاصة بعد الموقف المشرف لدول الخليج (دول البترول)، ووقوفها الي جانب مصر وباقي دول منطقة الشرق الاوسط التي تسعي للخلاص من التيارات الاسلامية المتشددة، فقد بدأت تلك الدول في اعادة حساباتها مرة أخري بالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط، وقد ظهر هذا بوضوح مع تغير الموقف الأمريكي لمصر، بعد زيارة رئيس المخابرات المصرية وكذا وزير خارجيتنا للسيد جون كيري وزير الخارجية الأمريكية، والذي تأكد بموافقة الادارة الأمريكية علي تسليم مصر طائرات الآباتشي. أعود فأقول.. إن المساعي الحثيثة من جانب مصر ودول الخليج، لعودة العلاقات مع دول الغرب وأمريكا بالصورة التي تحقق المصالح المصرية العربية، وتحافظ علي وحدة منطقة الشرق الأوسط، وتحميها من التفتيت والتمزيق والتقزيم، لا شك أنها ستكلل بالنجاح في حالة، اذا ما أحست الدول الغربية وعلي رأسها أمريكا بخطورة الاستمرار في مخططها المسموم، وهذا هو الذي جعل الرئيس «أوباما» يهرع الي المملكة العربية السعودية لمحاولة تهدئة موقفها قبل أمريكا وأوروبا. ورغم كل هذا يجب علينا ألا ننسي أن الله سبحانه وتعالي، أقوي من كل شيء ومن أي دولة مهما عظمت قوتها، فهو سبحانه بيده الأمر كله، يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو علي كل شيء قدير. حفظ الله مصر وجنبها شرور الحاقدين والكارهين والمتآمرين، ورد كل من يطمع في منطقة الشرق الاوسط علي عقبه مذلولاً مخذولاً مكسوراً.