بعيدا عن الشخصنة، الذى تابع الانتخابات الرئاسية فى مصر لاحظ انصراف معظم أصحاب الفكر اليسارى عن مرشح اليسار أو المرشح الذى يتبنى فكر اليسار، ولاحظ كذلك أن أغلب اليساريين ساندوا المرشح الذى يتبنى الفكر الليبرالي، لماذا؟، هل لأنهم بدلوا معتقدهم الأيديولوجي؟، هل لأنهم أصبحوا على يقين من عدم جدوى الفكر اليسارى؟، هل لأن الفكر الاشتراكى قد سقط فى العالم أجمع؟، هل لأنه لا يصلح والظروف التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن؟، لماذا ساند أغلب اليساريين المرشح الليبرالى؟، هل لأنه قام بدور كبير في إزاحة التيار المتأسلم؟، هل لأن أغلبية المواطنين كانت تسانده؟، هل حسدا وكراهية فى مرشح اليسار؟، هل لعدم ثقتهم فى مرشح اليسار؟، لماذا اختار اليساريون المرشح الليبرالي أو المرشح الذى يميل إلى الفكر الليبرالي؟. المعروف أن المرشحين لم يقدما برامج انتخابية، وأن كلا منهما حكى عن عناوين عامة بعضها يحتاج لأموال طائلة ولسنوات طويلة لتنفيذه، لكنها كانت تعبر عن ملامح أيديولوجية كل منهما، وقد ظننا فى بداية المعركة الانتخابية أن الصراع سوف يكون بين أيديولوجيتين، واحدة تمثل أتباع الفكر اليسارى، وهم الاشتراكيون والناصريون والماركسيون والقوميون والشيوعيون، وكنا نتوقع أن نسمع من هذا الفريق كثيراً من التصورات التى تنادى بالاشتراكية وامتلاك الدولة لأدوات الإنتاج ممثلة فى اعادة الشركات المباعة وانشاء شركات ومصانع اخرى تحتكرها الدولة، وتوقعنا الحديث عن التوزيع العادل للثروة أو امتلاك الدولة للثروة، وتوفير الحياة الكريمة للمهمشين وكبار السن والعمال والفقراء، والحفاظ على الطبقة العاملة وتطوير واصلاح وتنمية احوالها. وتوقعنا فى الجهة الأخرى ان نسمع برامج أو أفكاراً عن الخصخصة والاعتماد على القطاع الخاص فى الانتاج والتوظيف وانشاء وادارة المشروعات الخدمية، وفتح الباب أمام المستثمر العربى والأجنبى وانسحاب الدولة من المشهد واكتفائها بتوفير المرافق وبعض الأدوات المساعدة على الانتاج والاستثمار، مع الحديث عن الحريات والتعددية السياسية وغيرها من الأفكار غير المأدلجة. مع بداية المعركة الانتخابية وربما قبل بدايتها بشهور فوجئنا جميعا بانحياز بعض قيادات ورموز المعسكر اليسارى إلى المرشح المحسوب على المعسكر الليبرالى، وقد حاول بعضهم يؤدلج فكره ويصبغه بأفكار يسارية، وأسرف بعضهم فى تشبيه المرشح المنسوب للفكر الليبرالى ببعض قيادات ورموز الفكر اليسارى، وعلى وجه التحديد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقام بعضهم بالترويج لبعض الأفكار او المشروعات التى قد ينفذها بطلهم الجديد، يضاف إلى هذا أن بعض قيادات ورموز الفكر اليسارى قاموا خلال المعركة الإنتخابية بتوجيه سهام النقد إلى مرشح اليسار، وقد بلغ بهم الأمر إلى تشويه صورته والطعن فى تاريخه وسيرته لصالح المرشح المنسوب للفكر الليبرالى، وهو ما أصاب المراقبين بالدهشة: لماذا؟، هل تحولوا مؤخرا من الفكر اليسارى إلى الليبرالى؟، هل تخلوا بعد كل هذه السنوات عن الأيديولوجية التى بذلوا الغالى والنفيس من أجل تسيدها؟، وهل سوف ينسحبون من الأحزاب التى ترفع راية اليسار؟، هل سيبدلون فى أيديولوجية هذه الأحزاب؟ للأسف منذ أن بدأت المعركة الانتخابية حتى هذه اللحظة لم أنجح فى التوصل إلى إجابة يطمئن لها قلبى وضميري: لماذا ساندوا الليبرالى وتخلوا عن اليسارى؟، لماذا باعوا الفكر اليسارى بهذه السهولة؟، هل كراهية فى المرشح المنسوب لليسار؟، هل لعدم ثقتهم فى قدراته؟، هل طمعا فى نصيب من التورتة التى قد يتم توزيعها من المرشح المنسوب لليبراليين؟، هل لأن الأغلبية من المواطنين كانت مع المرشح المنسوب لليبرالية؟، السؤال الأكثر صعوبة: هل المتأسلمون كانوا سيتخلون عن مرشحهم وينتخبون آخر حتى لو كان مرشحهم غير ثقة؟، هل لو ظروف البلاد لم تشهد المصادمات مع المتأسلمين كنا سنرى بعض المتأسلمين ينتخبون المرشح المنسوب لليبرالية ويتخلون عن المرشح المنسوب للخطاب الدينى؟، السؤال الثانى: هل الليبراليون من الممكن أن ينتخبوا المرشح المنسوب لليسار إذا كان أفضل من مرشحهم؟، هل الليبراليون من الممكن ان يقبلوا بتحويل اقتصاد وفكر وسياسة البلاد من الفكر الليبرالى إلى الفكر الاشتراكى؟، لماذا قبل معظم اليسار المصرى أن يظل الفكر الليبرالى الرأسمالى حاكما للبلاد ورفضوا مساندة الفكر اليسارى؟.