أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    ترامب: الإغلاق الحكومى فى الولايات المتحدة يقترب من نهايته    مجلس الشيوخ الأمريكي يتوصل إلى اتفاق لإنهاء الإغلاق الحكومي    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب لوقف إطلاق النار    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل    اليوم..1283 مرشحًا فرديًا يتنافسون على 142 مقعدًا فى «ماراثون النواب»    التحول الرقمي.. مساعد وزير الصحة: هدفنا تمكين متخذي القرار عبر بيانات دقيقة وموثوقة    بالأسماء.. شيكابالا يكشف 12 لاعبًا يستحقون الاستمرار مع الزمالك    شبورة وأمطار.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم 10 نوفمبر    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    قطع التيار الكهربائي اليوم عن 18 منطقة في كفر الشيخ.. اعرف السبب    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    عاجل نقل الفنان محمد صبحي للعناية المركزة.. التفاصيل هنا    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    قائمة مقررات الصف الثاني الثانوي أدبي ل امتحانات شهر نوفمبر 2025.. المواعيد كاملة    الاتحاد الأفريقي يعرب عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في مالي    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    رعب في بروكسل بعد رصد طائرات مسيرة تحلق فوق أكبر محطة نووية    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    طارق قنديل: الدوري لن يخرج من الأهلي.. وتوروب يسير بخطى ثابتة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    الكشف إصابة أحمد سامي مدافع بيراميدز    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    عمرو أديب عن العلاقات المصرية السعودية: «أنا عايز حد يقولي إيه المشكلة؟!»    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    بث مباشر.. صدام النجوم المصريين: مانشستر سيتي يواجه ليفربول في قمة الدوري الإنجليزي    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخاب رئيس لا يعني تسلم السلطة والثورة سقطت في "الانبهار القانوني"
أبو الفتوح "رأس حربة" الثورة.. رباب المهدي ل "التغيير":
نشر في التغيير يوم 14 - 05 - 2012


"وإيه جمع الشامي على المغربي" ..
سؤال بصيغة شعبية تردد على ألسنة الكثيرين من السياسيين ونشطاء المواقع الاجتماعية حينما رأوها وهي الناشطة اليسارية تدعم المرشح الإسلامي الأبرز على ساحة السباق الرئاسي الآن؛ الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح.
رباب المهدي المستشارة السياسية لأبو الفتوح والمشرفة على اللجنة السياسية بحملته الرئاسية، والناشطة وأستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية؛ رأت في مساندتها للدكتور أبو الفتوح دعما لمشروع ثوري يمكن تعبئة الشارع عليه، وصنع "رأس حربة" للثورة المصرية، التي كانت أبرز عيوبها هو عدم وجود قيادة واضحة للمشهد الثوري، وهو ما جعل أحزابا إصلاحية تتصدر المشهد سريعا، زاد عليه وجود العسكر على رأس السلطة؛ ليبطئ هذا وذاك من عملية التحول الديموقراطي، وتعثر الثورة في كثير من محطاتها.
رباب المهدي التي كانت تنتمي لمنظمة "الاشتراكيين الثوريين" رأت أن دعم مرشحين بعينهم في سباق الرئاسة حتى ولو كانوا أقرب لمشروعها الفكري هو بمثابة دعم مشاريع "هامشية" لا يوجد خلفها قاعدة شعبية حقيقية؛ وهو ما قد يؤدي بالضرورة في رأيها إلى جرّ الرئاسة إلى مرشح " فلولي" يصيب الثورة بالإحباط، ويستعيد جزءاً كبيراً من مشهد ما قبل الخامس والعشرين ويناير 2011
التقت جريدة" التغيير" الدكتورة رباب المهدي، وكان معها هذا الحوار..
دكتورة رباب، الكثيرون يصنفون الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بالإسلامي الليبرالي، وأنت قبل أن تكوني باحثة في الدراسات السياسية ناشطة يسارية كيف اتفقت الرؤى؟
دعنا نتحدث أن التصنيف الذي تم ذكره بشأن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح فيه إجحاف شديد للرجل، فمشروعه قائم بالأساس على الانحياز لفكرة العدل الاجتماعي وهي جوهر المشروع اليساري، الأمر الثاني هو أننا نحتاج فعلاً للخروج من فخ "الاصطفاف الأيدولوجي" لدعم مشروع رئاسي يمثل على الأقل المشروع الثوري من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن تعبئة الشارع على قبوله والالتفاف وراءه.
دعم أبو الفتوح لأنه، حتى تاريخه، الشخص الذي يمكن أن تلتف حوله حركة جماهيرية واسعة من المعارضين للعسكر ومرشحهم في انتخابات الرئاسة القادمة. أبو الفتوح له برنامجه الثوري الذي يمكن دعمه بناء على الأفكار والبرامج المطروحة فيه، وإن أخذ خطوات ما للوراء بعد نجاحه في الرئاسة ساعتها سيكون مشروعه الرئاسي الذي انتخبناه ودعمناه على أساسه هو الحكم بيننا وبينه. الأمر الثالث في رأيي أن الثلاثة أسماء لمرشحي الرئاسة التي تحسب على التيار الإسلامي كل واحد فيهم له مشروعه المختلف؛ فأبو الفتوح أقرب لتيار يسار الوسط، فيما يعتبر محمد مرسي يميني باعتبار مشروعه الذي يعتمد على فكرة الاقتصاد الحر ومسألة التمويل الخارجي ودعم الاستثمار الأجنبي بشكل كامل الخ.
لماذا لم تدعمي مرشحا يسارياً أو أقرب لمدرسة اليسار مثل حمدين صباحي؟
أولاً حمدين صباحي لا يطرح في مسألة العدالة الاجتماعية بالذات مشروعاً أكثر تقدمية من طرح أبو الفتوح، ثانياً لو نظرنا للمسألة التي تحدثنا عنها سابقا وهي مسألة الاصطفاف خلف مشروع ثوري، دعني أقول لك أن هناك بالفعل معسكران، معسكر الثورة ومعسكر مضاد للثورة، في معسكر الثورة يوجد حمدين صباحي وخالد علي وعبد المنعم أبو الفتوح، لكن أبو الفتوح هو الوحيد القادر على كسر حالة الاستقطاب بين ما يسمى إسلامي وغير إسلامي، يجب أن ننتقل من معادلة ( إسلامي - غير إسلامي) لمعادلة ( ثوري - غير ثوري)، نريد خلق حالة ممانعة قوية ضد من يكبح الفعل الثوري، وبالتالي تفتيت المعسكر الثوري ليس في صالح الثورة على الإطلاق، في رأيي عبدالمنعم أبو الفتوح هو الذي يستطيع صنع وتكوين حالة توافقية كبيرة يمكن الاعتماد عليها لخلق مشروع رئاسي ثوري.
لماذا ترشح أكثر من مرشح يساري رغم أن اليسار ليس له ثقل سياسي وليس له تنظيم شعبي قوي في الشارع المصري يمكن الاعتماد عليه في التعبئة والحشد؟
ترشح أكثر من مرشح يساري هو انعكاس لنفس الحالة السياسية والتنظيمية لليسار على مدى السنين الماضية، وحتى بعد الثورة؛ بمعنى أن اليسار مفكك وكل محاولات تنظيمه وتأطيره ولم شمله سواء قبل الثورة أو بعد الثورة - وهي محاولات متعددة - فشلت وبالتالي جاء ترشح أكثر من مرشح من قوى اليسار انعكاس لنفس الحالة.
يشهد التيار اليساري صعودا كبيرا في أنحاء العالم نتحدث عن أمريكا اللاتينية، ثم الآن يشهد صعودا في أوروبا كان آخرها فوز الاشتراكيين في فرنسا. برأيك لماذا عجز اليسار عن تكوين مشروع قوي في الشارع المصري رغم أنه بدأ في العمل منذ أوائل عشرينات القرن الماضي؟
في رأي يرجع لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، بالنسبة للأسباب الموضوعية لها علاقة بفكرة العداء الشديد وحملات الاغتيال المعنوي التي شنت على التيار اليساري منذ عهد عبدالناصر؛ من بينها اتهام اليسار بإنه مشروع الإلحاد، وارتباطه بالاتحاد السوفيتي والمشروع الستاليني، وحملات التشويه هذه ساهم فيها أجهزة الدولة وتيارات عديدة كان أبرزها بالطبع التيار الإسلامي. بالطبع هناك أسباب ذاتية من بينها أنه لم يستطع اليسار العربي على مدى تاريخه وبخاصة اليسار المصري أن يجذر ثقافيا لمشروعه، بمعنى أن يكون له المنتج الثقافي والفكري والأيدلوجي والسياسي الخاص به، وليس المنتج المترجم والمعتمد فقط على كتابات لينين وماركس، وبالتالي يكون الأنسب لقراءة الظروف السياسية المحلية، السبب الآخر له له علاقة بنوعية الأشخاص التي تم اجتذابهم للمشروع اليساري، والتي كانت في الغالب تنتمي للبرجوازية والطبقات العليا وبالتالي ليس لها عمق شعبي وجماهيري، ومشغولة أكثر بالتنظير والعمل الثقافي، اليسار اعتمد أيضا في بناءه على قطاعات من الطلبة والطبقة الوسطى وبسبب ظروفهم غير قادرين على الاستمرار وبناء التنظيم.
اليسار دائما قاعدته الصلبة هي قادة " الشغيلة" سواء عمال أو موظفين، وللأسف اليسار لم يستطع في أي وقت أن يبني هذه القاعدة ولم تكن موجودة بقوة داخل التنظيمات والحركات اليسارية، باستثناء الأربعينات.
هل هناك امكانية لتبلور يسار جديد قادر على الوصول للشارع المصري بخطاب ولغة وآليات جديد؟
اليسار يسار، ولن ندخل في تصنيفات، اليسار في تقديري يعتمد على أمرين؛ انحياز للطبقات المستغلة، ورؤية التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي من منحى الصراع الطبقي، من منحى قدرة الجماهير على صياغة الفعل، وأن الجماهير المستغلة هي صاحبة المصلحة وصاحبة المشروع الحقيقي في التغيير، هذا اليسار بالتأكيد هناك فرصة سانحة لخلقه الآن، يعني عندما تصبح هناك ثورة يكون شعارها الأساسي "عيش—حرية—عدالة اجتماعية" وهي قضايا تمثل صلب المشروع اليساري ساعتها نستطيع أن نقول أن الساحة المصرية قادرة على صناعة هذا التيار.لكن ينقص اليسار الآن الخروج من ثنائية الديني والعلماني، وإيجاد آليات جديدة لبناء لتنظيم، فإلى الآن لا يوجد في تشكيلات اليسار أو حتى اليساريين المستقلين من استطاع ايجاد هذه الصيغة وابتكار هذه الآليات لبناء التنظيم كما فعل حسن البناء في مشروع الإخوان.
إجمالا دعني أقول لك أن حالة السيولة السياسية التي نشهدها، والتي جعلت الحركات السياسية تقترب من بعضها كثيراً لتفهم بعضها أكثر وتلتقي في خطوط فكرية ومشاريعية، وسقطت بسببها ثوابت كثيرة كانت حاجزا أمام اقتراب هذه الجماعات من بعضها، كل ذلك سيدعم تبلور مشروع متجاوز لليافطة لكن يقوم على مكون داعم بشكل كبير لقضايا الثورة الحقيقية وهي الحرية والعدل الاجتماعي والاستقلال الاقتصادي.
لماذا فشلت الأحزاب الجديدة التي خرجت بعد الثورة مباشرة سواء في البناء الجماهيري في الشارع، أو التمثيل الشعبي في البرلمان؟
لإن هذه الأحزاب تم بناءها بنفس الآليات القديمة، أي من فوق لتحت، هذه الأحزاب كونتها مجموعة نخبوية جلست مع بعضها لتضع تصور لبرنامج ما تضم الناس عليه، ثم قامت بعمل حملة إعلانية وتسويقية ضخمة تلاها تدشين كبير، لكن بعدها وعند عمل الناس مع بعضهم ونتيجة لعدم وجود تصور فكري يربط الناس ببعضهم داخل المنظومة الحزبية أدركوا أنه لا يوجد تصور واضح لمشروعهم أو آليات تنظيمية تعمل على تفعيلهم بشكل جيد، وفي الأحزاب القديمة ظلت الممارسات القديمة كما هي وأبرزها سيطرة الصف القديم على إدارة هذه الأحزاب وإقصاء الكفاءات منها وعلى مجريات الأمور فيها وعدم تفعيل أي شكل من أشكال الديموقراطية.
تتحدثين في كتاباتك عن تنحية تامة للمؤسسة العسكرية من السياق السياسي بالكامل كشرط حتمي لعملية تحول ديموقراطي حقيقي؟ لكن البعض يتحدث عن عدم منطقية تطبيق هذا الطرح بالكامل الآن مع ضعف القوى السياسية المدنية أمام تغول المؤسسة العسكرية؟
أعتقد أن من يطرح هذا الطرح يعتمد على تصور غير واعي، وهم في رأيي أنفسهم البشر الذين تحدثوا قبل الثورة عن أهمية إصلاح الحزب الوطني كطريق وحيد للتغيير، هم ذاتهم الذين طرحوا فكرة الإصلاحية بمفهوم أوسع من داخل المؤسسة الأكبر التي تدير الوطن، من يتبنى هذا الطرح هم الذين قالوا بمثالية وعدم واقعية الحل الثوري وعدم ملائمته للحالة المصرية، ثم طنطنوا بإسم الثورة بعد حين لحصد أكبر مكاسب إصلاحية ممكنة.
الأمر الثاني أن فكرة تنحية المؤسسة العسكرية عن السياق السياسي ستطرح واقعيا بآليات عملية على مدى زمني تمثله المرحلة الانتقالية القادمة والتي ستعقب الانتخابات الرئاسية مباشرة؛ وعلى مدار أربع سنوات –الفترة الرئاسية الأول—سيتم إدخال المؤسسات الاقتصادية للمؤسسة العسكرية تحت إطار رقابة الدولة والمؤسسات المدنية المنتخبة، وعند كتابة دستور جديد يجب أن يتم صياغته برؤية تضمن سيطرة القوى المدنية المنتخبة على المؤسسة العسكرية، لكن الحقيقة نحتاج لبناء توافق سياسي وشعبي على هذا الأمر، تحتاج القوى الثورية أن تبني رأي عام قوي يتقبل فكرة أن المؤسسة العسكرية مؤسسة غير مقدسة يجب محاسبتها ومراقبتها، وأن عدم تسييس الجيش من متطلبات الأمن القومي والاستقلال الوطني.
ما هو النظام الحقيقي الذي قامت ضده الثورة هل هو نظام يوليو أم هو نظام يمثل المنتوج السياسي لكامب ديفيد؟
في رأيي أنه خلطة سيئة بين الإثنين، نظام خلط بين مساؤئ النظامين، حيث احتفظ بجزء من عسكرة النظام في مفاصله الأساسية، وأضاف عليه فكرة " عولمة الأسواق" والرأسمالية الاستغلالية والليبرالية الجديدة.
لم نرى مرشحا يبدي رأيه تفصيليا في مسألة خضوع المؤسسة العسكرية لسلطة مدنية منتخبة؟
هناك إشارة واضحة في برنامج الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح والذي تحدث فيه عن إخضاع المؤسسة العسكرية للمؤسسات المدنية المنتخبة، وهناك إشارات عند بعض المرشحين في هذا الشأن، لكن لا يوجد تصور كامل لإخضاع المؤسسة العسكرية للمؤسسة المدنية المنتخبة، ويرجع ذلك في رأيي لفكرة المؤامات السياسية من ناحية، ومن ناحية أخرى لعدم وجود رأي عام داعم لهذه المبادرة، فالرأي العام لا يزال يرى أن فكرة إخضاع المؤسسة العسكرية للمؤسسات المدنية المنتخبة هو محاولة لإضعاف الجيش.
هل يمكن أن نرى في حياتنا وزير سياسي مدني لوزارة الدفاع؟
بالتأكيد، لكن لمرة ثانية هذا الأمر يحتاج عمل كبير من أسفل لأعلى، يحتاج مبادرات عديدة لخلق رأي عام واسع يدرك أهمية عدم تسييس الجيش، يدرك أنه عندما تستفيض المؤسسة العسكرية في إنتاج الجاتوة وتنظيم الأفراح فهذا يضعف الجيش، لن يستطيع السياسيون والنشطاء وكتاب الرأي وحدهم أن يفعلوه إلى الآن، الشعار الجمعي للثورة الآن هو" يسقط يسقط حكم العسكر" و"عسكر كاذبون" لكن الوعي الجمعي للقطاعات الواسعة والعريضة المرتبطة بالجيش لا يزال يؤمن أن الجيش هو الضامن والحامي لاستقلال الدولة، يجب أن نتوجه لهذا الوعي الجمعي بفكرة أن"الاستقلال" مهدد بشكل كبير بتدخل الجيش في السياسية، وأنه أصبح مؤسسة اقتصادية وليس مؤسسة دفاعية.
هل تباطئت الثورة لدخولها مبكرا للمسار الإصلاحي؟
الثورة دخلت مبكرا في المسار الذي يسمونه " الانبهار القانوني" ومن ثم ابتعدت عن الفعل الثوري، ولكن هذا الأمر له أسباب، فإلى الآن لا يوجد تنظيم ثوري، أنت في وضع سياسي فيه مؤسستين، مؤسسة الجيش وهي مؤسسة نظامية غير ثورية بالمرة، والمؤسسة السياسية الوحيدة المنظمة هي جماعة "الإخوان المسلمين" وهي مؤسسة إصلاحية بالتعريف وغير ثورية. وبالتالي كان من الطبيعي في غياب التنظيم الثوري أن يتم استدراج الثورة إلى هذا المربع.
بدأت تيارات تدعوا لمقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة بحجة أنها ستكون تحت سيطرة المؤسسة العسكرية ابتداءاً ونهاية، ودللوا بالمادة 28، واستبعاد مرشحين بعينهم، وفساد كثير من الآليات الإجرائية التي تنظمها؟
بالتأكيد أتفهم المبررات، ولكن طرح المقاطعة طرح خطأ في تقديري، معركة الرئاسة هي معركة من معارك الثورة، نحن لن ندخل معركة الرئاسة بتصور أن الرئيس القادم هو من سيحسم الثورة، نحن ندخل معركة الرئاسة لأسباب أخرى؛ أولها أن المصريين يحلمون باختيار رئيسهم لأول مرة، أن معركة الرئاسة معركة مهمة على المستوى الرمزي بمعنى أن انتصار مرشح غير محسوب على النظام السابق له دلالة رمزية وله مفهوم السحر في استعادة الجماهير للثقة في الثورة وجذبهم إليها، نحتاج المشاركة المعركة الرئاسية كي نستطيع بناء قاعدة جماهيرية داعمة للثورة والمعبرين عنها، كي نزيد من وعيهم الثوري حينما نكشف لهم الفلول وملفاتهم، حينما نقيم للجماهير المرشحين بناءا على انحيازتهم للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية كل ذلك كله مهم جدا لتوسيع معسكر الثورة بين الجماهير.
هل سنشهد في يونيو القادم رئيسا للجمهورية؟
نعم، سيكون هناك رئيس، لكن المشهد ضبابي بدرجة أنه لكن لا توجد ثقة في تحديد من سيكون الرئيس
هل سيكون رئيساً بصلاحيات كاملة؟
دعنا نفصل بين وجود رئيس للدولة وبين تسليم السلطة، هناك تصور أن الانتخابات الرئاسية سيعقبها مباشرة تسليم السلطات التنفيذية، الرئاسة هي البداية الحقيقية للمرحلة الانتقالية وليس انتهاءها، هي البداية لتسلم السلطة وليس الانتهاء منها؛ تسليم السلطة سيستمر الحقيقة لسنوات تبعا لحجم الزخم الثوري، إذا تسارع الزخم الثوري والضغط الجماهيري سيتم ذلك بشكل أسرع، إن لم يكن فسيتم ذلك على الأقل في الفترة الرئاسية الأولى، نحن نتكلم عن تسليم مقاليد الأمور في مؤسسات ضخمة وسيادية، والسيطرة على شبكة من الأجهزة الأمنية لا يمكن قياس حجمها الحقيقي، شبكة أمنية تم تسيسها وأصبح من الصعوبة الكبيرة السيطرة عليها حتى من القائمين عليها الآن.
جهاز بيروقراطي شديد الصعوبة وشديد المقاومة لأي نوع من التثوير أو الإصلاح حتى، وحالة اقتصادية وسياسية مترهلة متردية تسليم السلطة سيبدأ ولكن لن يتم لحظيا مع الانتخابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.