انتهي مولد انتخابات الرئاسة.. وانتهت مرحلة ثانية من مراحل خارطة الطريق.. واقتربنا من مرحلة مهمة وأخيرة وهي الانتخابات البرلمانية. هذه الانتخابات التي من شأنها تقسيم المصريين الي أنصار وشيع إما لأحزاب سياسية ومرشحين منفردين وهي التي ستجعل أعداء الأمس أصدقاء اليوم والعكس وهي الانتخابات التي ستحيي العصبية القبلية والعائلية.. وهي الانتخابات التي سيستغلها اعداء مصر، خاصة التنظيمات الإخوانية في محاولة لإثارة القلاقل في الشارع ودعم حالة الفوضي التي يريدون استمرارها في الشارع المصري وهي الانتخابات التي ستضخ فيها ملايين الجنيهات من الداخل ومن الخارج.. والتي بدأت بالفعل تأتي الي مصر. والانقسامات ظهرت فور الإعلان عن مشروع قانون الانتخابات البرلمانية وهو المشروع الذي أثار جدلا واسعا وسوف يزيد هذا الجدل في الأسبوع القادم بعد أن يصعد الرئيس الجديد الي سدة الحكم رسميا.. القانون ينص علي تخصيص نسبة 80% من مقاعد البرلمان للنظام الفردي و20% للقوائم وهو ما ترفضه الأحزاب التي تريد علي الأقل 50% بالقائمة. ورغم أنه لا يوجد حتي الآن في العالم نظام انتخابي يضمن تمثيل الشعب كله إلا أن هناك فلسفة تحكم اي تشريع للانتخابات هذه الفلسفة تعكس رغبة المجتمع فإن كان المجتمع يريد أن يضع حدودا فاصلة للعمل السياسي عن باقي أنشطة العمل العام فعليه بتقوية الأحزاب السياسية لأنها هي الوعاء الشرعي لممارسة العمل السياسي. فمن يرد أن يرشح نفسه لأي منصب سياسي فعليه أن ينضم لحزب سياسي أو يكون حزبا سياسيا وفقا للقوانين المنظمة لإنشاء الأحزاب السياسية وبالتالي تكون الانتخابات وفقا لنظام القوائم الحزبية وأن يضمن القانون بنسبة كبيرة التمثيل الحقيقي لمكونات الشعب. أما إذا كان المجتمع يريد استمرار حالة الفوضي والخلط بين ما هو حزبي وما هو خيري وما هو ديني أي يريد بقاء الوضع الحالي سمك ولبن وتمر هندي فعليه بالانتخابات بالنظام الفردي وهو النظام الذي يضمن تمثيل من معهم المال فقط في البرلمان في ظل حالة الفقر المنتشر في ربوع البلاد وفي ظل حالة الكراهية الشعبية للتنظيمات الدينية. والحجة الخاصة باعتماد النظام الفردي هو تحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص الدستوري ولابد أن نشير الي أن مبدأ المساواة بين المصريين يجب أن يتحقق في كل القوانين فقوانين التعليم لا تضمن مبدأ المساواة وقوانين العمل تهدر هذا المبدأ لأن المساواة في تمتع الناس بحقوقهم وهو إلزام علي الدولة تحقيقه وعليها أن تمكن المواطنين من التمتع بهذه الحقوق دون تمييز.. ليس فقط في الحق في الترشح للمناصب السياسية ولكن في إيجاد تعليم إلزامي مجاني راق وفي علاج مميز للمصريين يساوي ما بين الفقراء والأغنياء وإيجاد فرص عمل للجميع وغيرها من الحقوق الأساسية. ورغم ذلك فالانتخابات بنظام القوائم لا تهدر هذا المبدأ خاصة مع فتح المجال لمن يطلقون عليهم مستقلين بأن يشكلوا قوائم يخوضون بها الانتخابات ظالما لا يريدون الانضمام الي الأحزاب في المقابل يتم السماح للأحزاب بأن تتحالف في قوائم مشتركة معهم إن أرادوا حتي لا يتم إهدار مبدأ المساواة مع اصدار قانون للمراقبة المالية وأن كل مرشح أو حزب يعلن عن قوائمه المالية قبل فتح باب الترشح للانتخابات والسماح لأجهزة الرقابة بمراجعة هذه القوائم.. وتشكيل فرق لمراقبة عملية الإنفاق الانتخابي للمرشحين والأحزاب. ومن المهم أن يتصدر الأحزاب السياسية ميثاق شرف انتخابي لضمان أن تكون المعركة الانتخابية نزيهة أسوة بكل الدول التي تعتمد النظام المختلط في الانتخابات العامة فالمعركة الانتخابية القادمة إما أن تعيدنا لنقطة الصفر أو أن تكون مرحلة جديدة نجو الاستقرار الذي نريده جميعا نريد من الأحزاب أن تخرج من هذه المعركة أكثر قوة وتماسكا وتلاحما مع الناس في كل مكان في مصر.