النائبة أميرة أبوشقة تعترض على تعديلات المادة 105 وتنسحب من الجلسة العامة للبرلمان    تفاصيل تطوير التجمع العمراني الجديد بجزيرة الوراق فى 9 خطوات    محافظ الفيوم يتابع معدلات الأداء بملفى التقنين والتصالح    تسليم أجهزة تعويضية وكراسى متحركة للمرضى غير القادرين بأسوان    عبد العاطى لCNN: نحتاج لإغراق غزة بالمساعدات.. ويعلق على أزمة جثث الرهائن    الهيئة الإنجيلية تشارك بدعم المتضررين فى غزة بمبادرة مسافة السكة للتحالف الوطنى    مصطفى الفقى: مصر دولة صامدة توظف دورها الريادى لخدمة قضايا الأمة العربية    الزمالك: أعددنا لائحة استثنائية والعبرة منها توفير أجواء تساعد على النجاح    على جبر: طموح بيراميدز بلا حدود وهدفنا الحالى السوبر الأفريقي    خالد مرتجي: وجود ياسين منصور مكسب كبير للأهلي.. وميزانية النادي تخطت ال8 مليار جنيه    حسام عبد المجيد ورمضان صبحى.. حقيقة الصفقة التبادلية بين الزمالك وبيراميدز    تحرير محاضر لمخالفات بالأسواق والمحلات والأنشطة التجارية ببنى سويف    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    اللمسات الأخيرة والاستعدادات الخاصة لحفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    وائل جسار وفؤاد زبادي والحلو نجوم مهرجان الموسيقى العربية السبت المقبل    كلاكيت خامس مرة.. دويتو شيري عادل مع يوسف الشريف يعود من جديد فى رمضان 2026    محافظ الفيوم يستقبل نائب وزير الصحة لشئون الطب الوقائى والصحة العامة    ضبط سيدة أجنبية بالقاهرة لإدارتها مسكنًا لممارسة الأعمال المنافية للآداب    الضابط الذى استشهد واقفًا.. قصة حازم مشعل شهيد الواجب بوادى النطرون    الحكومة: الانتهاء من كل الاستعدادات لافتتاح المتحف المصرى الكبير خلال أيام    عمرو الورداني: مصر قادرة على إطفاء نيران الفتن وصناعة السلام بشرف وعدالة    مجلس النواب يوافق على قبول استقالة النائب عبد الهادى القصبى    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    المنتدى السعودي للإعلام يشارك في معرض MIPCOM 2025    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل التعليم بأسيوط لمديري الإدارات: انزلوا المدارس وتابعوا الانضباط بنفسكم    «سيدات يد الأهلي» يواجه «فلاورز البنيني» بربع نهائي بطولة إفريقيا    انطلاق منافسات ثمن نهائي بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    إصابة معتصم النهار خلال تصوير فيلم "نصيب" بالغردقة    اتحاد طلاب جامعة أسيوط يكرم الدكتور أحمد المنشاوي تقديرًا لجهوده    سفيرة الاتحاد الأوروبي: توفير المياه يصنع فارقًا حقيقيًا في دعم جهود الدولة المصرية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    وزير العمل: المشروعات العملاقة في مصر أدت إلى تراجع البطالة من 13% في 2014 إلى 6.1 % الآن    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الأولى من نوعها.. جامعة أسيوط تنجح في أول جراحة باستخدام مضخة "الباكلوفين" لعلاج التيبس الحاد بالأطراف    بعد توقف 7 سنوات.. انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب    "إكسترا نيوز" تكشف تفاصيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 16اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    حلقات ذكر ومديح وانشاد في الليلة الختامية لمولد "السيد البدوي" بمدينة طنطا    حصاد زيارة الشرع لروسيا.. ومصير الأسد في يد بوتين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    جامعة الشارقة: تقليل هدر الطعام يمثل أحد أكثر الإجراءات فعالية في مواجهة التغير المناخي    التحالف الوطني يستعد لإطلاق قافلة دعم غزة 12 لدعم الأشقاء في فلسطين    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    ترامب يعتزم لقاء مودي خلال قمة آسيان    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    مشكلة الميراث    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأثيرات «اتفاق حافة الهاوية» بين «فتح» و«حماس» على القضية الفلسطينية
إقامة الدولة الفلسطينية مرهون بتعافي الارادة السياسية العربية.. والضغوط الأمريكية

تمر المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية بمنعطف خطير ومواقف فارقة من الجانب الاسرائيلي حددت وأكدت استحالة قيام الدولة الفلسطينية في ظل الأطماع الاسرائيلية للتوسع الاقليمي علي حساب الأراضي الفلسطينية ومحاولة كسب الوقت وتمييع المواقف لترسيخ الاحتلال مما حدا بالسلطة الفلسطينية التعامل مع ردود الفعل الاسرائيلية ببعض المناورات السياسية ومنها تسريبات التلويح بحل السلطة الفلسطينية واطلاق مسئولية اسرائيل كدولة احتلال لتحمل مسئولياتها في ادارة وحل مشاكل الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو غزة بالاضافة الى اللجوء لمنظمات الامم المتحدة للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الأطماع الاسرائيلية من خلال الاستيطان في المناطق المحتلة والبدء في مفاوضات المصالحة مع حركة حماس في غزة، ولارتباط المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية بالمصالحة الفلسطينية فإن الأمر يتطلب تقييم مواقف أطراف الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي والصراع الفلسطيني - الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس.
أولاً: المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية
1- تناولنا بجريدة «الوفد» في العدد رقم 7251 بتاريخ 24 مايو سنة 2010 المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية تحت عنوان المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية من منظور قومي، أوردنا فيه أن القضية الفلسطينية أحد المحاور الرئيسية للصراع العربي - الاسرائيلي والتي دون حلها لن تستقر الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط ولقد تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية في ظل حكم الرئيس بوش الابن بحل القضية الفلسطينية، وانتهت مدة ولايته دون أي تقدم ملموس لحلها كما أبدى الرئيس أوباما اهتماماً كبيراً بحل القضية في بداية ولايته لحلها وحاول تحريك المياه الراكدة بدءاً بالمفاوضات غير المباشرة لتجاوز الطلب الفلسطيني بضرورة وقف الاستيطان في الضفة الغربية فقط لمدة 90 يوماً إلا أنها فشلت لاصرار السلطة الفلسطينية علي ضرورة وقف الاستيطان كاملاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية للاستمرار في المفاوضات المباشرة.
وفي ظل جمود المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، ألقينا الضوء على تباين مواقف ومقومات اطراف صراع القضية الفلسطينية في مقال آخر بجريدة «الوفد» أيضاً بالعدد رقم 7245 بتاريخ 12 ديسمبر سنة 2010 تحت عنوان «عودة مرة أخرى للمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية» تناولنا فيه حدود حركة الموقف الأمريكي وانتهينا فيه إلى تقييم المواقف السابقة كالتالي:
أنه لا أمل في الموقف الاسرائيلي لحل القضية الفلسطينية بدون الضغوط الأمريكية الفاعلة.
إن الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن ممارسة أية ضغوط على اسرائيل للتمشي مع حل القضية الفلسطينية لاهتمامها بالموقف الداخلي بصفة رئيسية في ذلك الوقت خاصة بعد انتخابات الكونجرس الأمريكي وارتباطه باللوبي الصهيوني والذي يتحكم في صناعة القرارات في الولايات المتحدة الأمريكية.
تأثير الموقف العربي للضغط على الموقف الأمريكي لحل القضية الفلسطينية لايزال محدوداً، ولا يستند إلى خطة واضحة ومحددة لدعم الموقف الفلسطيني، ولا يملك أية مقومات فاعلة داخل المجتمع الأمريكي للضغط على الادارة الأمريكية.
وكان تقييمنا في هذا المقال منذ 12 ديسمبر سنة 2010 أن السلطة الفلسطينية ليس أمامها أية خيارات مطروحة محلياً أو اقليمياً سوى نقل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بصفة عاجلة الى منظمات الأمم المتحدة، لوضع حد للاستخفاف الاسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني لإقامة دولتهم المستقلة والحفاظ على حقوقه المشروعة دولياً.
ولقد فشلت كل المساعي الاقليمية والدولية سنة 2010 لحل القضية الفلسطينية وتراجعها عن تصدر المشهد السياسي في العالم العربي والدولي ليحل محلها بدايات ثورات الربيع العربي الا أنها عادت مرة أخرى للمشهد السياسي الدولي في سبتمبر سنة 2011 من خلال سعي السلطة الفلسطينية الحصول على اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967 في ظل رفض امريكي لتلك الخطوة الفلسطينية وفي 29 نوفمبر 2012 اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بترقية فلسطين من عضو مراقب الى دولة غير عضو بالأمم المتحدة.
وبعد انتخابات الرئيس أوباما للولاية الثانية في بداية سنة 2013 وتعيين جون كيري وزيراً للخارجية في فبراير سنة 2013 واعلان الرئيس أوباما في خطابه بالقدس في 21 مارس سنة 2013 عن حل الفلسطيني الاسرائيلي على أساس مبدأ حل الدولتين طبقاً لمرجعية مبادرة السلام العربية واستؤنف المفاوضات المباشرة بين رئيس الحكومة الاسرائيلية ورئيس السلطة الفلسطينية طبقاً لجدول زمني مدته تسعة أشهر ينتهي في 29 إبريل سنة 2014 برعاية وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» شريطة عدم توسيع الاستيطان الاسرائيلي والافراج عن دفعات من المعتقلين الفلسطينيين مقابل التزام السلطة الفلسطينية بعدم التوجه بطلبات انضمام الى منظمات الأمم المتحدة خلال فترة المفاوضات المباشرة.
وانتهت المهلة المتفق عليها «9 أشهر» في 29 إبريل سنة 2014 دون التوصل الى نتائج ايجابية حول القضايا الرئيسية وهي الحدود - القدس الشرقية - اللاجئين، وحاولت اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية لاستمرار المفاوضات الا أنه حدد عدة شروط أولهما اطلاق الدفعة الأخيرة من الأسرى «30 أسيراً» ثم بدء المفاوضات لمدة 9 أشهر يتوقف خلالها الاستيطان كاملاً في الضفة الغربية والقدس الشرقية على أن يتم خلال الأشهر الثلاثة الأولى التركيز على الخريطة والحدود وفي نفس الوقت أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن البدء في خطوات تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلين ولتحديد موعد الانتخابات العامة وصولاً الى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس وتوقيع طلبات الانضمام الى 15 منظمة دولية.
وإذا ما انتقلنا الى التصور الاسرائيلي لامكانية حل القضية الفلسطينية في ظل النظرة الأمنية لقادة اسرائيل وأحزابها السياسية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار والذي زادت حدته منذ تقلد اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو رئاسة الحكومة في اسرائيل في فبراير 2009 واصرارهم على رفض حل الدولتين واتفاقهم على أن متطلبات الأمن الاسرائيلي أحد المسلمات التي يجب أن تتخذ الأولوية الأولى في أية اتفاقيات مع الفلسطينيين ويعتبر الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية أحد روافد الأمن الاسرائيلي وتشكل ايضاً هدفاً قومياً منذ نشأة الدولة ومن قبلها وضرورة العمل منذ عدوان سنة 1967 على دعمه رأسياً وأفقياً لخلق واقع على الأرض غير قابل للمساومة أو التعامل بشأنه في بعض المناطق الحيوية والذي يتفق مع التصور الاسرائيلي الذي ورد في كتاب ايجال ألون عن الأمن الاسرائيلي سنة 1968.
وبالاضافة الى ما سبق فإن الاستيطان الاسرائيلي للضرورة الأمنية والذي ورد باتفاق أوسلو سنة 1993 كان يشكل 6٪ من الاراضي الفلسطينية والذي على أثره تم بحث امكانية تبادل الأراضي بين الطرفين الا أنه قد تعدى حالياً هذه النسبة ودون حدود علاوة على الاستيطان الأيديولوجي الذي تقوم به المنظمات الدينية من خلال انشاء بؤر استيطانية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وتدعمه الحكومة الاسرائيلية دعما مباشراً من خلال منحهم تسهيلات مادية واعفاءات ضريبية انطلاقاً من أن هذا الاستيطان يدعم ويعزز الأمن الاسرائيلي ويفرض أمراً واقعياً يتم التفاوض بشأنه للحصول على مميزات مقابله خلال المفاوضات بالشكل الذي يدعم التصور الاسرائيلي للتسوية السلمية ولتمزيق أواصر الدولة الفلسطينية المستقبلية ويهدد اتصالها كما أن التغيير الديموجرافي في القدس الشرقية وقرار الكنيست الاسرائيلي سنة 1980 باعتبارها عاصمة موحدة لاسرائيل يؤدي الى خلق واقع على الأرض لاخراجها من دائرة التفاوض ويغلق المجال لأية مفاوضات بشأنها في نفس الوقت فإن نتنياهو والولايات المتحدة الأمريكية يحرصان على استمرار التفاوض بشأن حل القضية الفلسطينية بصرف النظر عن النتائج.
وبالتالي فإن ثوابت اليمين المتطرف بقيادة رئىس الوزراء الاسرائيلي لحل القضية الفلسطينية تنطلق من التالي:
رفض مفهوم السلام طبقاً لمبادئ مدريد وأوسلو لأن أية تسوية وفق هذا المبادئ يهدد الأمن القومي الاسرائيلي.
ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين لاستقرار أوضاعهم في الدول العربية.
والتركيز على تحسين مستوى المعيشة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة وتبادل المنافع الاقتصادية ثم البدء في مفاوضات السلام تحقيقاً وتطبقاً للأمر الواقع على الاراضي الذي يحقق الأمن القومي الاسرائيلي.
وعلي ضوء ما سبق فإنه يتضح أن حل القضية الفلسطينية مرهون ودون بديل بالجهد الامريكي وإن كان في حقيقته يتخذ موقفاً متعاطفاً مع المطالب الاسرائيلية ولا يرغب مطلقاً في ممارسة أية ضغوط حقيقية على الجانب الاسرائيلي لاعتبارات داخلية أهمها ما يشكله اللوبي اليهودي الصهيوني من ضغوط على السياسة الأمريكية لخدمة مصالح وأهداف اسرائيل في المنطقة علي المدى القريب والبعيد وتحكمه في المنظومة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية.
وبالاضافة إلى ما سبق وتقييما للموقف الاسرائيلي فإنه يتضح أنها تعمل على خلق واقع على الأرض يحول دون قيام كيان فلسطيني مستقل على حدودها في ظل الرغبة الحقيقية لإنشاء دولة يهودية بنظامين عند الضرورة وما يترتب عليه من تفريغ الدولة من اليهود العرب الفلسطينيين أو منح الفلسطينيين بعض الحقوق المدنية والدينية «حكم ذاتي» في ظل غياب الارادة السياسية الامريكية لحل القضية الفلسطينية والتي تعتبر أحد معوقات حلها مع ضرورة الوضع في الاعتبار أن الارادة السياسية العربية بعد ثورات الربيع العربي هى التي ستحدد مستقبل هذه القضية والذي اذا استرد الموقف العربي عافيته السياسية فإنه سيفرض تسوية عادلة للقضية الفلسطينية مع ضرورة توفيره الدعم المادي العربي للسلطة الفلسطينية حتى لا تصبح الحوافز المادية الأمريكية الحالية لها عائقاً لتحركها دولياً للمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لانشاء دولته المستقلة باعتباره الحل الوحيد المتاح للسلطة الفلسطينية في مواجهة التعنت الاسرائيلي وافتقار الضغوط الأمريكية عليها لحل القضية على أساس مبدأ حل الدولتين.
ثانيًا: المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس
لقد تناولنا موضوع المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس في مقال بجريدة «الوفد» بالعدد رقم 7203 بتاريخ 29/3/2010 والتي احتلت حيزاً كبيراً علي الساحة الفلسطينية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط ولمدة طويلة تضمنت العديد من الاجتماعات بين طرفى النزاع في السعودية والدوحة والقاهرة لمدة 6 سنوات وتصارع جناحا المصالحة دون جدوى أو تحقيق أية نتائج إيجابية رغم المحاولات المستمرة لإنجازها تضمن المقال تقييمًا للموقف الفلسطينى من خلال الحقائق التالية:
إن فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية 2006 والتأييد الشعبى لها لم يكن تأييداً فعلياً لحركة حماس بقدر ما كان في الحقيقة رفضاً وكرهاً لحركة فتح نتيجة الممارسات السلبية لبعض كوادرها في أموال المنظمة وإهدارها وتعرضها للاستيلاء من ورثة ياسر عرفات والذي كان يعتبر وجودها في حوزته حماية له من أية عمليات أو محاولات مضادة.
سعت إسرائيل منذ اللحظة الأولى بعد فوز حماس إلي نسف هذا الواقع الجديد لإبعاد حماس عن الساحة السياسية الفلسطينية والذي توافق أيضاً مع رغبة حركة فتح ولذلك فلقد أوهمت إسرائيل سنة 2007 رئيس السلطة الفلسطينية باستعدادها لمفاوضات الحل النهائى شريطة اعتراف حركة حماس بالمرجعية الدولية لدولة إسرائيل وهو ما رفضته حركة حماس فانقلب عليها وأقال حكومة حماس وشكل حكومة انتقالية أخرى وبعد أن حققت إسرائيل هدفها بدأت مرحلة مفاوضات وهمية انتهت بعد فترة دون أي عائد ملموس وتوقفت فور رحيل حكومة أولمرت.
إن المصالحة بين حركتي فتح وحماس تدور في فلك عدة مجالات محلية وخارجية وأن حركة حماس تري أنها قد حققت واقعاً علي الأرض في غزة يمكنها من تحقيق أهداف النضال الفلسطينى ومنها إفشال الاجتياح الإسرائيلى لقطاع غزة سنة 2008، الأمر الذي يؤهلها إلى المطالبة بإعادة تشكيل مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية وتصر علي تحقيقها للمشاركة السياسية في الملف الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية.
إن حركة حماس تستمد قوتها الفعلية علي المستويات العربية والإقليمية والدولية فقط من تمركزها وسيطرتها علي قطاع غزة وبالتالى تعمل علي عدم التفريط في المكاسب السياسية والمادية والمعنوية التي حصلت عليه من هذا التمركز.
إن السبب الحقيقي لعدم مسايرة حركة حماس للمصالحة في ذلك الوقت إنما يرجع بالدرجة الأولى إلي عدم ضمانها تحقيق الأغلبية في أية انتخابات قادمة في ظل الشروط الواردة بالمصالحة حول الانتخابات، بالإضافة إلى أن هذا التمركز يحقق لها استمرار التمويل المادى الخارجى.
إن الثوابت التي تحكم المصالحة الفلسطينية بين الحركتين متعددة ومتشابكة وتتعدى حدود المنطقة وتمتد آثارها عربياً وإقليمياً وبالتالى فإن إتمامها مرهون بوحدة الصف العربي وهدوء التيارات الإقليمية والدولية وخاصة الأمريكية.
واستمرت العلاقات بين حركتي فتح وحماس صعوداً وهبوطاً من خلال العديد من الاتفاقيات إلا أنها لم تترجم علي أرض الواقع لتحقيق هدف حركة فتح والسلطة الفلسطينية لاستعادة قطاع غزة اللحمة الفلسطينية من خلال المصالحة بينهما وتحولت حركة حماس من حركة تحرير وطنى إلي مجرد تنظيم سياسي عسكرى ارتبط بتحالفات عربية وإقليمية زادت حدتها بعد تقلد جماعة الإخوان المسلمين السلطة في مصر في 30 يونية 2012 وأصبحت العلاقة بينهما علاقة عضوية استفادت منها حركة حماس وخاصة تجارة الأنفاق التى ساهم نظام الإخوان المسلمين في زيادتها واستمرارها لتحقيق عائد مادي لحركة حماس يقدر بحوالى 12 مليار دولار سنوياً، بالإضافة إلي المساهمة في حمايتها من الردع الإسرائيلى لقطاع غزة باتفاق الهدنة بينهما.
وبانهيار حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعزله انهارت أحلام وطموحات قادة حركة حماس وأصبحت غير قادرة على أداء مهامها في غزة وتلبية احتياجات المواطنين فيها في نفس الوقت الذي وصلت فيه حركة فتح لقناعة بعدم جدوى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لتحقيق أية تقدم سياسي مما جعلها تبحث عن خيارات سياسية أخرى منها توحيد الصف الفلسطينى والعمل علي الجبهة الدولية.
وبالإضافة إلي ما سبق فإن حركتي فتح وحماس وصلتا لقناعة أنه لا بديل عن التوافق بينهما نتيجة ضعفهما أمام المصاعب التي يواجهانها ولقد كان إتفاق 23 إبريل 2014 اختيار الضرورة لكل منهما في ظل المتغيرات التي فرضت نفسها عليهما محلياً وإقليمياً ودولياً ووصولهما إلي حافة الهاوية كالتالى:
فشل المبادرة الأمريكية لجون كيرى وزير الخارجية بالنسبة للمفاوضات بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وانسداد الأفق السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية لحل الدولتين وإصرار إسرائيل على موقفها الثابت في هذا المجال منذ بداية المفاوضات المباشرة سنة 2008 وغير المباشرة (وساطة تركية) ثم المباشرة سنة 2014 الأخيرة والذي ينطلق من ثوابت مفادها أن الحد الأقصى للتنازلات الإسرائيلية لا تتمشي مع الحد الأدني للمطالب الفلسطينية، خاصة بالنسبة للحدود وعودة اللاجئين والقدس الشرقية التي ترفض إسرائيل الموافقة على المطالب الفلسطينية في هذه المجالات ورفضها لحل الدولتين في نفس الوقت فإن الاقتراب من المصالحة مع حماس قد تشكل من وجهة نظر منظمة التحرير الفلسطينية ورقة ضاغطة علي الموقف الإسرائيلى لتعديل مساراته في المفاوضات بينهما في حالة استئنافها.
إن حركة حماس وصلت بعد مراجعات شاملة إلي قناعة بأنها لن تكون قادرة على الاستمرار بنهجها وسياستها المتشددة في ظل متغيرات إقليمية ودولية وأنها تفضل تسليم الملف السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية علي أن تظل حماس شريكاً سياسياً معترفاً به ومقبولاً إقليمياً ودولياً دون أن تضطر للدخول في مطالبات سياسية منها ضرورة الاعتراف بدولة إسرائيل، بالإضافة إلى أن عزل نظام الإخوان المسلمين في مصر وتداعياته علي غزة بإغلاق الأنفاق والمعبر وصعوبة الموقف المالي أدى إلي ضرورة البحث عن مخرج وتأتى الموافقة علي مبادرة حركة فتح للمصالحة لخيار أفضل أملاً في تحسين علاقتها مع مصر من خلال النظام الفلسطينى والذي يمكن من خلاله الانفتاح علي الدول إقليمياً ودولياً ويأتي كل ذلك في إطار أن الضرورة قد فرضت إعادة ترتيب الأولويات حيث يتقدم العامل السياسي لتحقيق بعض المكاسب السياسية على العامل الأيديولوجى.
وبالرغم مما سبق وإن كانت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح تري أن الهدف من المصالحة إعادة غزة إلى الكيان الفلسطينى لتوحيد الصف الفلسطينى من خلال الانتخابات العامة والعمل علي الجبهة الدولية خاصة بعد وصولها إلي قناعة بعدم جدوي المفاوضات مع إسرائيل لتحقيق أي تقدم سياسي لإنشاء الدولة الفلسطينية إلا أن حركة حماس تري أن موافقتها علي التوافق مع حركة فتح من أجل تشكيل حكومة مستقلة تتمكن من إنهاء الحصار الإسرائيلى علي غزة وانفتاحها علي العالم لكن في نفس الوقت فإنه يجب علي الحكومة المحافظة على الوضع الأمني والإدارى وعدم المساس بالتشكيلات العسكرية لحركة حماس والحركات الجهادية في غزة علي النحو الذي يحفظ مصالح الحركتين الشريكتين في السلطة (حماس في غزة - فتح في الضفة الغربية) بالشكل الذي يحقق الشراكة السياسية بين الحركتين بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية انطلاقاً من أن حركة حماس لديها إمكانيات القوة علي أرض الواقع أمنياً وعسكرياً ويمكنها الحفاظ علي شرعيتها وقدراتها والتي قد تصل إلي تحديد الرئيس القادم والبرلمان علي غرار تجربة حزب الله في لبنان.
وعلي ضوء ما سبق وأمام صعوبة تحقيق حركة حماس أهدافها وشروطها السابقة من خلال الاتفاق مع حركة «فتح» علي المصالحة فإن الطريق إلي تحديد الانتخابات العامة (بعد ستة شهور من تشكيل الحكومة) يكتنفه العديد من العقبات والصعوبات التي قد تحد من الوصول إلي هذه المرحلة لاختلاف الأهداف من المصالحة بين حركتى فتح وحماس حيث تري حركة حماس أنها فرصة لتعويض كل السلبيات التي طرأت عليها من خلال ممارساتها وصولاً إلي المشاركة السياسية الفاعلة علي الساحة الفلسطينية لتحقيق أهدافها مع استعدادها إلي الذهاب إلي أبعد مدي في سبيل تحقيق ذلك يخدمها في ذلك من وجهة نظرها الواقع الميداني لها في غزة ولذلك ففي تقديرنا أن الوصول إلي مرحلة الانتخابات العامة يتوقف علي مدي قبول حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية لشروط حركة حماس للاستمرار في التوافق معها خاصة أن مطالب حركة حماس في هذا المجال لا تتماشي مع الواقع السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح ومن المستحيل قبولها منهم ويتعارض مع استمرارها لقيادة الكفاح الفلسطينى، وهو ما يرجح أن المصالحة قد لا تتعدى حدود تشكيل الحكومة دون الانتقال للخطوات التالية المحتملة لإجراء الانتخابات العامة.
وانطلاقاً من كل ما سبق فإن القضية الفلسطينية قد وصلت إلى مرحلة العدم في مواجهة موقف إسرائيلى متعنت يصر علي عدم إحياء الدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ولن ينقذها بالدرجة الأولى سوى استرداد النظام العربى لعافيته بعد ثورات الربيع العربى لفرض تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وإحياء الدولة الفلسطينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.