الإسكان هو قائد التنمية. كل حائط جديد يُقام يوفر فرصة عمل، كل وحدة سكنية جديدة تُشغل صناعات عديدة، لذا فإن مشروع المليون وحدة يفتح شهية الصناعة المصرية لحركة إنعاش حقيقى، وفرصة تشغيل واسعة على مدى السنوات الخمس القادمة. المشروع الذى تنفذه الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بالتعاون مع شركة «أرابتك» الإماراتية سيتم تنفيذه فى 14 موقعاً مختلفاً وتبلغ تكلفته نحو 280 مليار جنيه ولا شك أنه يستلزم توفير خامات ومستلزمات ومواد أولية عديدة. لقد كان ذلك بمثابة طوق نجاة للصناعة المصرية التى تعانى من ركود نسبى وتراجع كبير فى التصدير نتيجة ظروف النقل والشحن وارتفاع تكلفة الإنتاج مؤخراً تحت ضغط مطالب العمالة. كان ذلك دافعاً أن تقدم الصناعة المصرية أوراق اعتمادها للمشاركة فى المشروع بأكبر نسبة ممكنة. إن المشروع الجديد يحتاج «أسمنت وحديد تسليح وطوب ورخام ومواسير وحراريات وسيراميك وأبواب ألمومنيوم وخشب ونوافذ وزجاج ودهانات وبويات ومواد كيماوية»، وكافة تلك الصناعات مُتاحة فى مصر وبعضها يتم تصديره إلى الخارج وهو ما يُدلل على جودتها العالية. بهذا المنطق طلب اتحاد الصناعات من الهيئة الهندسية وشركة «آرابتك» مساهمة المصانع المصرية فى المشروع بشكل حيوى. يقول المهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، إن وفدا من ممثلى الاتحاد ضم ممثلين عن أربع غرف صناعية هى مواد البناء، الأخشاب، الصناعات الهندسية، والكيماوية اجتمع مع مسئولى المشروع فى «آرابتك» والهيئة الهندسية وعرض إمكانية مساهمة الصناعة المصرية فى كافة مراحل المشروع بالمواد الأولية والخامات ومستلزمات البناء وبالعمالة والنقل والخدمات اللوجيستية. ويشير «السويدى» إلى أنه سيتم عقد عدة اجتماعات تالية للاتفاق على تفاصيل المواصفات المطلوبة، مؤكداً أن هناك مصانع مصرية عديدة متوافقة مع المواصفات العالمية للجودة وتقوم بتصدير منتجاتها إلى دول أوروبا والولايات المتحدة. وفى تصور رئيس اتحاد الصناعات فإن المشروع سيمثل دافعا تحفيزياً كبيراً للقطاع الصناعى للعمل بطاقات قصوى، مؤكداً أن المشروع سينعش 90 صناعة مختلفة تتضمن صناعات متخصصة فى قطاعات مواد البناء والصناعات الهندسية والمعدنية والخشبية. ويؤكد «السويدى» ضرورة منح الصناعات المحلية الأولوية فى مناقصات توريد المُدخلات لما سيترتب على ذلك من أثر إيجابى على سوق التوظيف والتشغيل المصرى، متوقعا أن يحقق المشروع حلولا عاجلة لمشكلة البطالة والتعثر المصرفى لمصانع القطاعات المستفيدة. ويتوقع رئيس اتحاد الصناعات أن يوفر نحو مليون فرصة عمل جديدة، بالإضافة إلى تحريك مليونى فرصة عمل قائمة بالفعل فى القطاع الصناعى. ويرى عمر مهنا رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى ورئيس مجموعة شركات «السويس» للأسمنت أن قطاع البناء هو القاطرة التى تقود الاقتصاد فى أى مكان فى العالم لأنه يعمل من خلال مجموعة من الصناعات كثيفة العمالة. ويقول إن ذلك يمثل تأثيرا مُضاعفا لتشغيل أى اقتصاد يعانى من حالة انكماش. ويؤكد «مهنا» أن مصلحة الشركة المُنفذة للمشروع أن تستخدم الخامات والمنتجات المصرية سواء مواد بناء أو منتجات دهان أو أخشاب أو معادن، لأن تكلفة استخدام المنتجات المحلية أقل كثيرا من تكلفة استيراد منتجات مماثلة من الخارج. كذلك الحال بالنسبة للعمالة والفنيين والمهندسين المشاركين فى جميع مراحل المشروع. ويستبعد رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى الإنتاج المحلى من هذا المشروع، مؤكدا أن عمليات إنشاء الفنادق الجديدة فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة كشفت اعتماد تلك الفنادق على 80% خامات مصرية و20% خامات مستوردة، وهى النسبة المتوقع استمرارها فى مشروع «آرابتك» وذلك نظرا لجودة كثير من المنتجات المصرية الخاصة بالبناء. الدكتور شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، يؤكد أنه لا يمكن إلزام الشركة المنفذة باستخدام المستلزمات والمنتجات المصرية، لكنه يتصور أن هناك شركات كبرى فى مصر لا تقل فى جودة منتجاتها عن الشركات العالمية، وهو ما سيجعل لها نصيباً جيداً فى ذلك المشروع. ويؤكد «الجبلى» إمكانية الاتفاق على مواصفات عامة للخامات والمستلزمات المُقدمة للمشروع، موصيا كل غرفة من الغرف الصناعية بإعداد قوائم للصناعات التى يمكن أن تشارك فى المشروع وبيان بالشركات والمنشآت العاملة فى كل صناعة من تلك الصناعات. أما محمد شبراوى، نائب رئيس غرفة صناعة الأخشاب، فيشير إلى ضرورة تشكيل لجنة مشترك دائمة بين اتحاد الصناعات وبين الشركة المُنفّذة لتيسير استفادة القطاع الصناعى المصرى من المشروع، مؤكداً أن المشروع هو أكبر مشروع تنشيطى للسوق المصرى فى الوقت الحالى.