جاء البديل المناسب لوضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب في التعديلات الجديدة لقانون العقوبات، ذلك أن هذه التعديلات تنصف أصحاب الرأي الذين كانوا من سنوات- وقد شاع وقتها أن الحكومة بصدد وضع قانون جديد لمكافحة الإرهاب- يبدون آراءهم في أمر اصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب، حيث رأي الكثير من رجال القانون اننا لسنا بحاجة إلي أي قوانين جديدة!، وأن قانون العقوبات القائم كفيل- ولو ببعض التعديلات- بالوفاء بالمطلوب، وهو وقف جريمة الإرهاب وحصارها بحيث يصبح وقوعها حدثاً استثنائياً وخروجاً علي القاعدة العامة بأننا لا نعاني من جرائم الإرهاب إلا في حدود ضيقة، ولكننا كنا ما بين انتظار اصدار القانون الجديد والإبقاء علي قانون العقوبات الجديد دون تعديل واجب ومطلوب لا نتوقع استفحال جرائم الإرهاب وتنوعها إلي الحد الذي بات يهدد كيان الدولة ويقوض أركانها بعد قيام ثورة يناير 2011، ومرور مصر بعام عرضنا للكثير من المخاطر التي تهدد مكانة مصر الإقليمية والدولية!، فلما أطاح الشعب في حماية جيشه بحكم الجماعة الإرهابية ورجلها في رئاسة البلاد، كان لابد أن تكون هزيمة هذه الجماعة داخل مصر مدعاة لتنشيط جماعة الإرهاب في الداخل، طبقاً لمخططات يضعها لتنظيم الدولي لهذه الجماعة، وضلوع الجماعة وغيرها من عناصر الإرهاب الدولي في مؤامرة واسعة هدفها مصر كلها وإسقاط جيشها وتقويض نظامها السياسي، فكانت الرعاية الأمريكية واضحة لهذه المؤامرة لتصبح مصر فريسة للإرهاب المنظم الذي يستهدف وقف الحياة المصرية وشل الحركة فيها وترويع أبنائها، ثم فكرة القتل المنظم لعناصر الجيش والشرطة، ومحاولات تفجير الميادين والمؤسسات العامة والجامعات، بحيث أصبحت مصر كلها- ولا تزال- مهددة بإرهاب يتعاظم خطره يوماً بعد يوم. وبسقوط نظام «مبارك»، ظهر أن القانون الجديد لمكافحة الإرهاب كان مجرد فكرة شكلت لها اللجان القانونية لدراسة القوانين المماثلة في الدول الأخري، فلما طال انتظار القانون الجديد اضطر بعض المشاركين في لجانه إلي الإفصاح صراحة عن انه لن يصدر القانون!، ومع استفحال حوادث الإرهاب وبشاعتها ارتفعت الأصوات مطالبة بتغليظ عقوبات الإرهاب التي استجد عليها الكثير من مناهجه وطرائق إشاعته في البلاد دون ردع قانوني!، وساعد علي استفحال شرور الإرهاب أن محاكمة الإرهابيين وأشياعهم أمام المحاكم والنيابات «الطبيعية» قد أعطي فرصاً تعين الإرهاب علي الاستمرار!، وكان لابد من حلول مسعفة تلاحق هذه الموجات الشريرة بالردع المناسب، والسرعة الواجبة التي لا تترك هؤلاء لعدالة مؤجلة، أو الانتفاع من جانب من يدافعون عنهم أمام المحاكم بحيل قانونية مراوغة تمد آجال النظر واصدار الأحكام النافذة!، وأظن أن التعديلات الجديدة التي تقررت في قانون العقوبات قد أحاطت بكل منافذ الإرهاب وجرائمه، كما انها قد جنحت إلي تغليظ واضح يجعل من يفكرون لإشاعة الإرهاب، يترددون كثيراً قبل الإقدام علي ارتكاب جرائم كانت تقع وترتكب باستهانة واضحة بالقانون وعقوباته، وقد أصبحت العقوبات طبقاً للتعديلات تتخفض من نصوص العقوبات التي تضع حدوداً دنيا وأخري قصوي!، فالتعديلات لا تعني سوي الردع الذي لا يتلفت عند اصدار الأحكام متي ثبت للمحققين وقوع الجريمة أو التخطيط لها والتفكير فيها!، فالتعديلات تسعي لمنع الجريمة قبل وقوعها، وهذه هي الغاية الأساسية من الإعمال بقانون نرجو أن تواكبه حركة الأجهزة التي تعين علي تطبيقه.