سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استشهاد "ميادة" لن يكون الأخير فى المسلسل المتواصل علامات استفهام عديدة حول استهداف الصحفيين الميدانيين
حصول الصحفى المتدرب على تصريح الدفن أسهل من حصوله على كارنيه النقابة
يثير استهداف الصحفيين في مصر الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول مسئولية الدولة في حماية الصحفيين والإعلاميين وتأمين عملهم في ظل الظروف السياسية والأمنية الحالية، وما يتعلق بعمليات الجماعة الإرهابية لتكميم أفواه الصحفيين الذين ينقلون للرأي العام ما يحدث في الشارع من اضطرابات وانتهاكات لهم من التعدي عليهم سواء بالضرب أو القتل. وتتعلق هذه المشكلة بما يتعرض له الصحفي غير المقيد بجدول نقابة الصحفيين ووسائل تأمينه أثناء قيامه بأداء عمله والعراقيل الكثيرة التي تحدث بين الصحفيين الشبان والمؤسسة التي ينتمون إليها من جهة وعلاقة الصحفي نفسه بنقابة الصحفيين من جهة أخري، فقد أصبح من السهل حصول الصحفي علي «تصريح دفن» من حصوله علي «كارنيه نقابة الصحفيين» الذي يعد الهدف الأول والأخير في رحلة يبدأها هؤلاء الصحفيون الشبان براتب زهيد أو بدون راتب، لنيل هدف الحصول علي عضوية نقابة الصحفيين لينتهي الأمر بمقتلهم أثناء متابعة الأحداث الساخنة والملتهبة ويكون جزاؤهم في النهاية العضوية الشرفية أو بعض الأوسمة التي لا تنفع بشيء بعد الموت. بدأ مسلسل الاعتداء علي الصحفيين باستشهاد أحمد محمود، المصور الصحفي بجريدة «التعاون» أحد إصدارات مؤسسة الأهرام، وتوفي «محمود» البالغ من العمر 39 عاماً وله طفلة وحيدة تبلغ من العمر عشرة أعوام يوم الجمعة 5 فبراير 2011، بأحد المستشفيات متأثراً بطلقات قناص أصابته أثناء التقاطه صور الاضطرابات من شرفة منزله بالقرب من ميدان التحرير يوم 29 يناير 2011، ويعد أول صحفي يقتل منذ اندلاع المظاهرات المطالبة بتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك. فيما قررت نقابة الصحفيين تخليد اسم أحمد محمود في لوحة تذكارية علقت في مكان بارز داخل النقابة تشمل صورته وظروف استشهاده، كما تقرر منح اسمه جائزة الرواد ضمن احتفالات الصحافة وقتها قيمة الجائزة عشرة آلاف جنيه ومنح أسرته معاشاً استثنائياً كاملاً. وفي يوم 12 ديسمبر 2012 رحل الحسيني أبوضيف المصور الصحفي بجريدة «الفجر» برصاصة في الرأس ذلك بعد أن ظل لخمسة أيام فاقداً للوعي في الأحداث المعروفة إعلامياً باشتباكات «قصر الاتحادية» التي دارت بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره في 21 نوفمبر من نفس العام، ويتضمن تحصيناً لقراراته، حيث لقي «أبوضيف» مصرعه في شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة بالقرب من قصر الاتحادية بعد منتصف الليل. وشهد يوم الجمعة 28 يونية 2013 وفاة صلاح الدين حسن، الذي لقي مصرعه أثناء تغطيته أحداث بورسعيد، عندما حدث انفجار مدوي في مكان الأحداث، وانتشر دخان كثيف لم يستمر أكثر من ثوانٍ معدودة مع حالات كر وفر، وكان الصحفي صلاح الدين حسن أول من اصطدم به الجسم الغريب الذي انفجر في وجهه، ففصل رأسه عن جسده. ثم كان استشهاد أحمد سمير عاصم، المصور الذي كان يعمل في جريدة «الحرية والعدالة» أثناء أحداث الحرس الجمهوري عن عمر 26 عاماً، قتل «عاصم» برصاصة في جبهته أثناء تأدية واجبه بتغطية الأحداث ليكون بذلك رابع شهيد للصحافة منذ ثورة 25 يناير. وبعده بعدة أيام قتل 5 صحفيين ومصورين أثناء تغطيتهم لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة ومظاهرات مسجد الفتح التي تلت عملية الفض بثلاثة أيام وكان من بينهم حبيبة عبدالعزيز الصحفية بمجلة «جولف نيوز»، وأحمد عبدالجواد الصحفي بجريدة «الأخبارس ومراسل قناة «مصر 25» الذي قتل بميدان رابعة، ليلة الفض، وتامر عبدالرؤوف مراسل جريدة «الأهرام» بالبحيرة، بجانب مقتل مايكل دين، وهو مصور شبكة «سكاي نيوز»، والصحفي والمصور بشبكة «رصد» مصعب الشامي.. ليطل عام 2013 لتحتل مصر المركز الثالث عالمياً في عدد قتلي الصحفيين بعد سوريا والعراق، البلاد أشد فتكاً بالصحفيين، ذلك بعد استشهاد 7 صحفيين في أقل من شهرين من 27 يونية حتي 20 أغسطس 2013. ويسجل استشهاد «ميادة أشرف» الصحفية بجريدة «الدستور» ومراسلة موقع «مصر العربية» الرقم عشرة في قائمة الموتي من الصحفيين منذ 25 يناير حتي الآن، التي أصيبت بطلق ناري في الرأس يوم الجمعة 28 مارس 2014 أثناء تغطيتها للاشتباكات بين جماعة الإخوان الإرهابية وقوات الأمن بعين شمس. وبجانب عشرة شهداء للصحافة في مصر شهد العديد من الصحفيين كل أنواع الانتهاك لحقوقهم كمواطنين وصحفيين خلال الفترة الماضية. فيما أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بياناً بعد مقتل «ميادة أشرف» الصحفية بجريدة «الدستور» أدانت فيه الانتهاكات التي توجه للصحفيين، وطالبت بحماية جميع الصحفيين، لافتة إلي أن وسائل الإعلام تلعب دوراً حيوياً في إرساء قواعد وأسس الديمقراطية والحكم الرشيد، ومن ثم لا يجوز بأي حال من الأحوال النيل منها، بل يجب توفير المناخ الملائم لعمل وسائل الإعلام حتي تعمل علي تحيق رسالتها السامية سواء في نقل الرأي والرأي الآخر أو في العمل علي توعية الجماهير بحقوقهم وواجباتهم الأساسية، لا سيما أن العالم الآن بات يدرك أهمية هذا الدور وبالتالي اتجه بشكل كبير لحماية الصحفيين الميدانيين، خاصة في أحداث المظاهرات وأعمال العنف التي تقع من قبل المحتجين أو قوات الأمن ويمكن هنا أن تلعب وزارة الداخلية دوراً مهماً في التعاون مع نقابة الصحفيين لضمان توفير سبل الحماية والأمن لهم لتوفير أكبر درجات الحماية لهم نظراً لطبيعة عملهم التي قد تكلفهم حياتهم. وأكدت المنظمة حق العاملين في وسائل الإعلام في أداء مهمتهم بحرية دون تهديد، كما تقضي كل المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والدستور والتشريعات المصرية. وأشارت المنظمة إلي وجوب تعديل لوائح نقابة الصحفيين بما يتضمن أن يتم عمل الصحفي في أمان وسلام دون التعرض لأذي أو المخاطرة بحياتهم وأن تضمن النقابة توفير دورات تدريبية للمراسلين حتي يتمكنوا من حماية أنفسهم أثناء الاشتباكات. ووصفت لجنة حماية الصحفيين مصر ضمن أكثر عشر دول سجناً للصحفيين وأن حرية الصحافة لم تشهد تدهوراً جذرياً قدر ما يحدث في مصر الآن. علقت عبير سعدي، عضو مجلس نقابة الصحفيين، والمشهورة بدفاعها الدائم ومناصرتها لأي صحفي يتعرض لأزمة عما يحدث من انتهاك للصحفيين، قائلة: إن القتل وسلب الحياة هما الأخطر غير أن الانتهاكات الأخري مستمرة وبكثافة غير مسبوقة وكل مرة تنظر في عين صحفي ميداني شاب ستفكر في تساؤل واحد.. وهو: من التالي؟ فيما رأي جمال عبدالرحيم، وكيل مجلس نقابة الصحفيين رئيس تحرير جريدة الجمهورية، أن المسئولية كاملة تقع علي الحكومة لأن الحكومة هي المنوط بها حماية كل أفراد الشعب، وكذلك مسئولية وزارة الداخلية، فهناك تقصير واضح من الداخلية في تأمين الصحفيين وحمايتهم. وأضاف «عبدالرحيم» أن الدولة حتي الآن عاجزة عن إصدار قانون لحرية تداول المعلومات، فمصر تلك الدولة الديمقراطية الكبيرة لا يوجد فيها قانون تداول المعلومات الذي يعطي الصحفي الحق في تداول المعلومات. وأشار إلي أن الصحافة المصرية مستهدفة منذ سنوات طويلة، ففي عهد أنور السادات سعي لتحويل نقابة الصحفيين إلي ناد، وكذلك في عهد حسني مبارك تم إغلاق العديد من الجرائد، وبعد ثورة 25 يناير استبشرنا بالحرية، ولكن الإخوان استهدفت الصحفيين نفسياً ومعنوياً، عندما قلت الزميل الحسيني أبوضيف عند الاتحادية واعتقلت العديد بتهم السب والقذف، وللأسف الشديد استشهد 7 صحفيين دفعة واحدة بعد عزل «مرسي» علاوة علي إصابة العشرات فاستهداف الصحفيين غير مقبول. وأردف «عبدالرحيم» أن أخطاء رؤساء مجالس إدارة ومجالس تحرير الصحف الخاصة والحزبية، أنهم يدفعون بمحررين تحت التمرين إلي الأماكن الملتهبة لأن هذه الموضوعات تحتاج إلي صحفي نقابي يعرف كيف يحمي نفسه في الاشتباكات، هذا رغم أن الحسيني أبوضيف أكثر الصحفيين الذين حصلوا علي دورات تدريبية في كيفية حماية الصحفي لنفسه في مواقع الأحداث الساخنة. وتابع وكيل مجلس نقابة الصحفيين أن النقابة طبقاً للقانون 76 لسنة 1976 يقول: إن النقابة ليس لها علاقة بأي شخص غير عضو النقابة ولكن كل الاتهامات موجهة للنقابة، ولابد أن نوجه الاتهامات إلي الداخلية، فدم ميادة أشرف تفرق بين الإخوان والداخلية، فهناك استهداف متعمد للصحفيين بدليل أن زميلنا أحمد محمود قتل عمداً مع سبق الإصرار والترصد عن طريق ضابط شرطة قناص، وقدمنا للنيابة العامة فيديو يضم اسم الضابط وصورته ولم يتم التحقيق مع الضابط حتي الآن.. ويقول البعض لابد أن نميز الصحفيين حتي تتعرف عليهم الجهات الأمنية والإخوان ولكن لو حدث ذلك فسوف يستهدفون أكثر ونفقد الكثيرين من الزملاء، فدماء الصحفيين تضيع بين الإخوان والداخلية.