يحفل المشهد المصرى الآن بالكثير من القضايا المهمة التى تطرح نفسها وبقوة وتستحوذ على اهتمام كبير لدى المراقبين ورجل الشارع العادى ومن أهم هذه القضايا قضية مياه النيل وأزمة «سد النهضة» التى أصبحت تحمل القلق والخوف على الأمن المائى المصرى. الدكتور أيمن عبدالوهاب، الخبير فى الشئون الأفريقية ومياه النيل، أكد أن الفترة الانتقالية وحكم الإخوان أضاعا الوقت وفرضا أمراً واقعاً على مصر فى أزمة سد النهضة، مع أن حصة مصر لا تزيد على 4٪ من كمية المياه التى تسقط على حوض نهر النيل، وقال فى حوار ل«الوفد» إن تقليص النفوذ المصرى فى أفريقيا أثر على إدارة أزمة ملف المياه، ولهذا أنهت إثيوبيا ما يزيد على 30٪ من بناء «سد النهضة»، مضيفاً أن القانون الدولى ينصف مصر لأن اتفاقيات المياه ينطبق عليها معايير اتفاقيات الحدود، مطالباً بالتأكيد على الهوية الأفريقية لمصر لتجاوز ميراث طويل من الحساسيات والصراع مع دول حوض النيل. ما آخر تطورات أزمة سد النهضة؟ - هناك جولة نبيل فهمى، وزير الخارجية، إلى تنزانياوالكونغو لشرح الموقف المصرى من الأزمة الحالية ومحاولة إظهار التعنت الإثيوبى فى المفاوضات لإعادة الأجواء ومحاولة التفاوض الصحيحة التى تجاوزناها فى المرحلة التى اقتصرت فيها المفاوضات على حوض النيل فقط واختزالها فى «سد النهضة» وهذا من الأخطاء التى وقعت فيها مصر، ونجحت إثيوبيا من خلال اتفاقية «عنتيبى» فى إظهار للرأى العام العالمى والداخلى لدول حوض النيل أن مصر تتعنت فى مشروعات التنمية لإثيوبيا وبالتالى من الضرورى بذل جهد فى المباحثات قبل مرحلة التفاوض للمحافظة على الإطار العام فى قضايا الماء مع دول الحوض، رغم صعوبتها التى بدأت مع مبادرة حوض النيل 1999. يرى بعض الخبراء أن هناك حالة من التضارب والضبابية حول هذه الأزمة؟ - بالنسبة للمتخصصين لا يوجد تضارب لكنه موجود للرأى العام المصرى نتيجة ابتعاده عن الملف لفترة طويلة وعدم اهتمام الإعلام بالقدر الصحيح، بالإضافة إلى التطورات الداخلية التى شغلتنا كثيراً والإعلام يظهر أن مصر لا تمتلك أوراقاً للتعامل مع هذه الأزمة مع أنها تمتلك الكثير من الأوراق التى لا يمكن أن يتناولها الإعلام، ولهذا ظهرت هذه الضبابية وفى كل الأحوال لابد من توافر الإرادة المصرية فى مواجهة الأزمة التى تهدد الأمن المائى المصرى. زيارة فاشلة ما نتيجة زيارة د. محمد عبدالمطلب وزير الرى إلى إثيوبيا؟ - هى زيارة فاشلة لعدم قدرتها على تحريك ملف التفاوض المصرى الإثيوبى، لكنها كانت مطلوبة لإظهار التعنت الإثيوبى مع المقترحات المصرية، ويجب استثمار هذه الجولات لإظهار الحرص المصرى لحل الأزمة فى إطارالحلول السلمية. هل من حق إثيوبيا رفض وجود خبراء دوليين لبحث الأزمة؟ - ليس هناك ما يلزم إثيوبيا بقبول الخبراء الدوليين مع أن هذا الأمر يظهر سعى مصر لوجود طرف محايد لمواجهة إثيوبيا بنقص الدراسات التى أوضحتها اللجنة الثلاثية عن مخاطر سد النهضة وإدارة المشروع تتطلب قدراً كبيراً من الخبرة الدولية لا تتوافر فى إثيوبيا، ووجود طرف ثالث محايد مطلب مشروع لمصر، حيث يمكن أن يجهض أحلام إثيوبيا لأن مصر سوف تستشهد بالطرف المحايد لتأكيد الأضرار التى ستقع على مصر من جراء إنشاء هذا السد. وتكمن الأزمة فى طموح إثيوبيا بأن تكون الطرف الفاعل فى منطقتى القرن الأفريقى والبحيرات العظمى وفى السابق اصطدم الطموح بالنفوذ المصرى لكن هناك رؤى جديدة للمنطقة لبعض القوى الدولية والتى تبلورت بعد الحرب الباردة تجاه منطقتى القرن الأفريقى والبحيرات العظمى، وتتلخص الرؤية الأمريكية فى مشروع القرن الكبير بعد فصل جنوب السودان وإعطاء مساحة كبيرة لإثيوبيا وعدد آخر من الدول فى شرق أفريقيا، وهذه التطورات هدفها عزل مصر ومحاولة حصار دورها ونفوذها الأفريقى، وإثيوبيا نجحت فى إدارة ملفات للقوى الدولية مثل مكافحة الإرهاب والتدخل فى الصومال وفى جنوب السودان، الأمر الذى زاد الاستثمارات فى إثيوبيا والانحياز إلى مواقفها، وهذا زاد من أطماع إثيوبيا فى السيطرة على مياه النيل وتجاوز مصر بشكل نهائى فى معادلة التنمية داخل دول حوض النيل وهذا القيد من وجهة نظرها ظل يحاصرها تاريخياً. وهل يمكن الجور على حق مصر التاريخى فى مياه النيل؟ - الحقوق ليست فى حصة مصر فى ال55 مليار متر مكعب بل فى حق الإخطار المسبق وعدم الإضرار بمعنى ألا تشيد دولة مشروعات تتسبب فى الإضرار بمصر دون إخطارها وإثيوبيا وجدت فى الفترة بعد 25 يناير فرصة ذهبية فى ظل اختلال الدولة المصرية وضعف العديد من مقوماتها فى أن تنفذ أطماعها فى المنطقة وزيادة سعة السد إلى 74 مليار متر مكعب حتى لو كان على حساب الأمن المائى المصرى. أزمة السد لم تظهر فجأة.. ما الذى فعلته مصر طوال هذه السنوات؟ - مصر لم تتهاون فى ملف النيل تاريخياً حتى هذه اللحظة لكن المشكلة ظهرت من حجم الدور والملفات الأخرى ذات التأثير غير المباشر، والدور المصرى فى أفريقيا لم يساعد فى ملف المياه، ولو تذكرنا مبادرة «التيكونايل» وما بعدها مبادرة حوض النيل 1999 كان هناك تغيير فى موازين القوى، وأصبح يوجد تدخل كبير من المؤسسات الدولية والبنك الدولى فى قضايا التنمية وهذا ساعد على تحجيم النفوذ المصرى فى ملف المياه ومنح مساحات أكبر لدول حوض النيل، خاصة إثيوبيا فى طرح رؤاها التى تتجاوز المصالح والحقوق المصرية، مع أن مصر نجحت فى تحييد العديد من القضايا التى طرحت مثل بيع المياه كأفكار للتعاون، ولكن استمرت المفاوضات بوتيرة بطيئة بدت أنها لا تمثل تهديداً للمصالح المصرية، خاصة أن مصر تتمتع بكل المقومات التى تشكل رادعاً تجاه الأطماع فى المياه. هل بدأت الأزمة منذ 2007؟ - نعم بدأت المشكلة منذ 2007 عند انتهاء المفاوضات الفنية، وكانت توجد توصيات لرفع التفاوض لمستوى الرؤساء لأنها مشكلة سياسية لعدم توافر الإرادة السياسية والقدرة على توقيع اتفاق تعاون للتعامل مع مياه حوض النيل، وظلت المفاوضات كما هى حتى وقعت دول حوض النيل باستثناء الكونغو وإريتريا وجنوب السودان على اتفاقية «عنتيبى» فى 2010 وهنا أصبحت مصر أمام تحدٍ خطير بعد نجاح إثيوبيا فى تكتل دول الحوض متجاوزة حقوق مصر التاريخية والسعى إلى فرض أمر واقع ورفضت مصر الاتفاقية واتخذت العديد من الخطوات لعدم تفعيلها ونجحت بالضغط على الدول المانحة لمبادرة حوض النيل التى قدمت مقترحاً بوجود مصر فى أى اتفاق وبالتالى يجب استمرار التفاوض وهذا ساعد كثيراً فى التقليل من وتيرة اتفاقية «عنتيبى». وماذا عن المرحلة الانتقالية؟ - تم استغلال المرحلة الانتقالية فى بناء السد، وأدركت إثيوبيا أنها مرحلة مناسبة جداً لتنفيذ المشروع، وكان يوجد تأثير سلبى كبير لمبادرات القوى السياسية والمدنية فى هذا الوقت، والتى أظهرت بشكل غير مباشر أنها مع الموقف الإثيوبيا، فى إطار رفضها لنظام مبارك وتحميله مسئولية فشل المفاوضات، الأمر الذى استطاعت إثيوبيا أن توظفه وتطرحه بوضوح للعالم وظهر هذا فى زيارة «زيناوى»، رئيس الوزراء الراحل للقاهرة، وسعى المفاوض المصرى لإطالة فترة التفاوض ومحاصرة إثيوبيا ولكنها لم تستجب. ولكن المرحلة الانتقالية انتهت وجاء «مرسى» رئيساً للجمهورية فى 30/6/2012؟ - مع وصول «مرسى» وصعود الإخوان والسياسة الخارجية المصرية بشكل عام تتجه نحو تحديد المسار الأيديولوجى وأهداف الجماعة أكثر من الاتجاه إلى المصالح المصرية وملف مياه النيل لم يتم التعامل معه بالقدر الكافى من الحسم وتوجيه الرسائل الرادعة للجانب الإثيوبى، بل للأسف ظهرت إذاعة حلقة النقاش عن الأزمة فى القصر الرئاسى الموقف المصرى أكثر ضعفاً وأنه قليل الحيلة فى مواجهة إثيوبيا وهذا الإخفاق يتحمله «مرسى» ولهذا يجب أن يحاكم على أنه أضر بمصر ضرراً كبيراً جداً فى ملف سد النهضة وبالتالى استمر النهج كما هو، واستفادت إثيوبيا باستمرارها فى بناء السد حتى وصل إلى ما يزيد على 30٪ من المشروع. ماذا عن القانون الدولى ودوره فى حل هذه المشكلات؟ - القانون الدولى ينصف مصر كثيراً رغم محاولات دول حوض النيل عدم الاعتراف بالاتفاقيات والمعاهدات السابقة مع أن اتفاقيات المياه تنطبق عليها معايير اتفاقيات الحدود وحقوق مصر ظاهرة وثابتة فى هذا ولكن المشكلة فى القانون الدولى أنه يتطلب قوة سياسية ومقومات أخرى يجب أن تتوافر لمصر قبل أن تلجأ إلى القانون الدولى، لأنه وللأسف بدون قوة تحمى الحق سيظل ضائعاً. وإذا لم توافق إثيوبيا على الذهاب إلى محكمة العدل الدولية؟ - اللجوء للتحكيم يتطلب توافق الطرفين وإثيوبيا ترفض وقد اتضح هذا عندما رفضت الاستعانة بالخبراء الدوليين الذين يمكن أن تستند مصر لشهاداتهم فى هذا السياق، ولهذا خيار اللجوء إلى «العدل الدولية» يجب ألا تستند مصر إليه كحل منفردة، لأن إثيوبيا ستستمر فى البناء ولن تتوقف وحينها سيصبح بناء السد أمراً واقعاً وإثيوبيا تعى ذلك وربما تستند إليه فى مرحلة لاحقة فى الاتفاق على التشغيل والتخزين، ولهذا الوقت عامل فيصلى ويجب أن تكثف مصر جهدها وبقوة فى هذا الملف. هل توجد ضغوط على مصر حتى لا تلجأ للقانون الدولى؟ - ليست هناك ضغوط على مصر ولكن الموقف ينبع من حالة الضعف والاختلال الداخلى فى مصر، وهذا ما وفر لإثيوبيا أن تبدأ هذه الخطوة لزيادة حجم السد ومصر كانت تطرح الفكرة للمناقشة، ولكن التوسعة إلى 74 مليار متر مكعب توضح الطمع والتعنت ومحاولاتها استغلال الظرف الداخلى لمصر، والضغوط تأتى بدعم العديد من الأطراف الدولية والإقليمية لدعم إثيوبيا وهذا ما شجعها لإخراج مصر من معادلة التنمية والتعامل فى حوض النيل. فى ظل هذا الدعم الدولى والإقليمى لإثيوبيا كيف يمكن تفعيل الدور المصرى؟ - تفعيل الدور المصرى يبدأ بالتحرك على عدة محاور فى آن واحد أولها تحذير إثيوبيا من استمرار بناء السد بشكل قاطع وإرسال رسائل مبادرة للاتحاد الأوروبى والمجلس السلم والأمنى الأفريقى والدول التى تدعم إثيوبيا مثل تركيا وقطر والتحرك تجاه الدول الكبرى المانحة والراعية لمبادرة حوض النيل وإعلانها بأن مصالحها واستثماراتها فى حوض النيل ستكون مهددة نتيجة لعدم الاستقرار ببناء سد النهضة وأيضاً الدخول فى حوارات استراتيجية مع العديد من القوى الفاعلة فى المنطقة مثل أمريكا وروسيا والصين وإسرائيل لإظهار مدى حيوية هذا الملف بالنسبة للمصالح المصرية، والأهم الوصول إلى مجموعة من المقايضات تجاه العديد من الملفات التى تستطيع مصر أن تزيد من تكلفة الإضرار بمصالحها تجاه الدول التى تدعم إثيوبيا زيادة حجم المخاطر التى تهدد مصالح هذه الدول من خلال الملفات التى تستطيع أن تضغط بها مصر. وماذا عن الدور العربى؟ - على مصر أن تتحرك تجاه الدول الإقليمية مثل السعودية والإمارات لأنها تمتلك العديد من الاستثمارات الضخمة فى إثيوبيا وتمثل ورقة ضغط عليها لكى توجه فى مجال التفاوض وليس الصراع إذا أحسنت مصر استخدامها لإعادة طرح الصورة الكلية للتفاوض بين دول حوض النيل وتفكيك التكتل الذى نجحت إثيوبيا فى إقامته من خلال اتفاقية «عنتيبى» وأيضاً الاستعانة برجال الأعمال وربط الدبلوماسية بالاستثمار وإنشاء وكالة للتنمية والشراكة مع دول حوض النيل وتوفير الأولويات التى تستطيع من خلالها توفير مصالح الدول الفاعلة حتى تتعاظم المصالح بين مصر ودول حوض النيل. استراتيجية الداخل المصرى وماذا عن التعامل الداخلى مع أزمة سد النهضة؟ - يجب أن تستند الاستراتيجية المصرية فى الداخل إلى عدد من المحاور أولها وجود خطاب واضح من الحكومة لتوضيح حجم المخاطر التى تواجه مصر فى هذه المرحلة، وأن تتحمل القوى السياسية دورها تجاه هذا الملف، وسرعة إعادة ترتيب البيت المصرى وعدم إعطاء الفرصة لمزيد من النزيف الذى تتعرض له الدولة والذى أثار الكثير من الأطماع ولابد أيضاً من إعادة استخدام التوزيع للمحصول للاعتماد على المحاصيل الأقل استخداماً للمياه وإعادة تدوير المياه أكثر من مرة، وإعطاء مساحات أوسع فى الإعلام بتوفير المعلومات المحيطة بالملف وطرحها للرأى العام فى صورتها الصحيحة، وأن نتجاوز عن بعض الأخطاء التى تطرح دون قصد وتساهم فى إضعاف الموقف المصرى. لكن الداخل استبشر خيراً بمشروع نهر الكونغو؟ - ما يطرح حول النهر الكونغو ليس وقته الآن مع أنه فكرة جاذبة ولكن يوجد صعوبة شديدة فى تطبيقها ويجب أن ندرك أن جنوب السودان لم يوافق حتى الآن على استكمال مشروع قناة «جونجلى» التى ستوفر لمصر 8 مليارات متر مكعب والحديث عن نهر الكونغو يضر بملف المياه وبالتفاوض ويشتت الرأى العام المصرى، وعلينا أن نأخذ فى الاعتبار أننا نتحدث عن التعاون وليس الصراع ومصر تسعى لزيادة حصتها من المياه، وهذا لن يكون إلا من خلال التعاون ومشكلة حوض النيل سوء التوزيع وليس الندرة فى المياه، لأن ما يتم استخدامه 10٪ فقط ومن هنا تكمن المشكلة فى أبعادها السياسية وليس الفنية وهذا الحل يجب أن يتوازن بين الحل السياسى والحل الفنى. أزمة سد النهضة هل هى بداية الصراع على المياه بين دول حوض النيل؟ - لا. ويجب استبعاد موضوع الحرب من المشهد لأن الحرص على التعاون هو استراتيجية مصرية لكن هناك خيارات وأوراق ضغط أخرى تستطيع مصر استخدامها بالقدر الذى يردع إثيوبيا ومن يدعمها فى هذا المشروع، ولكن تظل نقطة البدء فى الداخل المصرى فإظهار مقومات الدولة وتنمية مواردها وتماسكها الاجتماعى يوفر دعماً للمفاوض المصرى يستطيع حينها طرح تصورات مصر للتعاون من خلال صفقة متكاملة للمشروعات التنموية والقادرة على إدارة التعاون بين دول الحوض بشكل يحافظ على توازن المصالح ويلبى الاحتياجات التنموية. هل استفادت مصر من تقرير اللجنة الثلاثية الذى أضاع عاماً ونصف العام فى الاجتماعات؟ - دور اللجنة الثلاثية جاء فى لحظة افتقدت فيها مصر الكثير من مقومات الدولة وكأن اللجنة توافقت مع لحظات عدم التوازن التى مرت بها مصر لاستمرار الحوار والمحادثات مع إثيوبيا وآن الأوان لاستغلال هذه التقارير التى سجلها خبراء دوليون، والاستفادة منها على أوسع نطاق فى مخاطبة الرأى العام العالمى والمؤسسات الدولية المعنية بملفات التنمية والمياه وما يسمى بالأمن الإنسانى، وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة، لأن هذه التقارير توفر مادة وتجربة يجب إبرازها لتوضيح مدى التعنت الإثيوبى. إذن حصة مصر المائية خط أحمر؟ - نعم.. حصة مصر وتهديد الأمن المائى خط أحمر لأنه التحدى الحقيقى فى إمكانية التهديد بالدولة المصرية بشكل سريع لذا يجب رسم السياسة الخارجية لمصر بالشكل الذى يتجه لمواجهة ملغى الإرهاب والأمن المائى وأن تكون لهما الأولوية الكبرى للتحرك السريع فى هذا التوقيت، ويتم تجميع أوراق ضغط تمتلك مصر بعضها وتحتاج إلى التأكيد على إمكانية استخدامها والتحرك فى مسار التفاوض من خلال صفقة متكاملة، وأيضاً استكمال مبادرة حوض النيل التى مازالت صالحة وتحتاج إلى تفعيلها مع الدخول فى مبادرة جديدة. دعم التحرك الدولى ولماذا لم تفعل مصر الاتفاقية الإطارية 1997 للأمم المتحدة والتى تمنع إقامة منشآت تسبب أضراراً جسيمة للدول الأخرى؟ - لأن التحرك الدولى يحتاج إلى دعم وإلى امتلاك بعض مساحات القوة والجميع يعلم أن مصر فى تلك اللحظة كانت فى الوضع الذى لا يمكنها أن تمارس الضغوط أو تدافع عن حقوقها بالضرر الكافى خصوصاً فى الفترة الانتقالية، وكانت أولوية حكم الإخوان الانحياز إلى مصالح الجماعة ضد مصالح الوطن وهذا أضاع الوقت وفرض واقعاً يتطلب مواجهة ليست فقط باللجوء إلى القانون الدولى بل يستند إلى فكرة الردع مع فكرة الصفقة. ما دور الأحزاب السياسية فى ظل أزمة سد النهضة؟ - هو دعم الدولة تجاه هذه القضية من خلال التعاون فى استكمال بناء مؤسسات الدولة بشكل سريع حتى يرى العالم أن مصر تجاوزت مرحلتها الانتقالية، وأن قضية المياه أصبحت تمثل أولوية خاصة للأمن القومى المصرى، وأنه لا تراجع عنها، ويجب أن يكون للأحزاب دور خارجى فى مخاطبة الرأى العام العالمى للتأكيد على أن القوى السياسية تقف خلف الإرادة الشعبية ونرفض التفريط فى الحقوق التاريخية للمياه. وماذا عن دور المجتمع المدنى؟ - المجتمع المدنى يمكن أن يساهم مثل قطاع رجال الأعمال ودبلوماسية التنمية فى زيادة التأثير والضغط لاستعادة الدور الفاعل لمصر فى حوض النيل من خلال التواصل مع شعوب المنطقة للتأكيد على الهوية الأفريقية لمصر وأن المصالح مشتركة حتى يمكن أن نتجاوز الميراث الطويل من الحساسيات والتنافس والصراع مع هذه الدول. ما الخيارات المتاحة من هذه الحلول أمام صاحب القرار المصرى؟ - أولاً يجب ألا ننتظر الرئيس القادم لاتخاذ القرار لأن معيار الوقت عامل حاسم فى هذه الأزمة والأمر الآن أصبح معقداً أو متأخراً، ويجب تعويض هذا التأخير، لأن بناء السد سيصبح أمراً واقعاً خلال فترة وجيزة، وما تسعى إليه مصر هو تقليل سعة تخزين السد بالرجوع إلى المقترحات الأولى ب14 مليار متر مكعب وهو ما يحقق التنمية لإثيوبيا ولا يهدد مصر فى حصتها المائية وهذا هو الخيار الأمثل لمصر فى هذه اللحظة، وإثيوبيا لن تقبل بهذا الحل إلا مرغمة، وهذا سيكون من خلال التحركات المصرية التى تهدف إلى تجميد التمويل لاستكمال السد وإظهار مخاطر بنائه على الأمن والسلم على منطقة حوض النيل بالكامل. ما النتائج المحتملة السيئة لبناء هذا السد على مصر؟ - النتائج السيئة هى اكتمال بناء هذا السد بالاتساع الذى يسمح بتخزين 74 مليار متر مكعب وهذا يتسبب فى خسارة مصر كميات كبيرة من المياه تصل إلى 13 مليار متر مكعب خلال سنوات وهذا سيحقق لإثيوبيا القدرة على التحكم فى كميات المياه التى سوف تصل مصر فى الأوقات التى تسمح بها إثيوبيا وحديث أديس أبابا عن الفترات الزمنية لملء السد يوضح مدى سوء النية والأطماع الإثيوبية التى تحيط بتهديد الأمن المائى المصرى. وهل فكر المتخصصون الفنيون فى بدائل لهذه الأزمة؟ - هناك العديد من البدائل منها استخدام الطاقة الشمسية والهوائية فضلاً عن المخزون الداخلى للمياه، وتطبيق سياسة الترشيد، ولكن يبقى أن تكلفة البدائل مكلفة جداً لأنها تحتاج إلى مشروعات ضخمة فى حين أن التكلفة الحالية محدودة.. لكن ستظل هناك العديد من النقاط التى تؤكد أن مياه النيل حق إلهى لمصر لا يجب التنازل عنه بأى شكل من الأشكال وليس هناك وجه للصراع لأن حصة مصر من المياه لا تزيد على 3 أو 4٪ مما يسقط على حوض نهر النيل وهناك إمكانية لزيادة هذه الحصة إذا تم التعاون بين الدول وتغليب مبدأ عدم الإضرار على أساس المصلحة الجماعية. السيرة الذاتية بكالوريوس العلوم السياسية جامعة القاهرة 1987 دبلوم النظم السياسية والاقتصادية 1991 ماجيستير العلوم السياسية «سياسة مصر تجاه دول حوض النيل» 2004 رسالة الدكتوراة عن دور المجتمع المدنى فى التحول الديمقراطى 2011 رئيس تحرير مجلة «أحوال مصرية». نائب رئيس تحرير التقرير الاستراتيجى العربى رئيس برنامج دراسات المجتمع المدنى خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام عضو الجمعية الأفريقية عضو الشبكة العربية للمنظمات الأهلية عضو لجنة المنظمات غير الحكومية بالمجلس القومى للمرأة 2003 2010 عضو بلجنة التطوع بالاتحادالعام للجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة عضو لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومى للمرأة 2012 2014 الاهتمامات البحثية المجتمع المدنى فى البلدان العربية مع التركيز على الحالة المصرية قضايا التحول الديمقراطى فى العالم العربى الأمن المائى المصرى القضايا الأفريقية مع التركيز على منطقة شرق أفريقيا والبحيرات العظمى.