خيم الحزن على الولاياتالمتحدة والعالم بعد إعلان وفاة القاضي الأمريكي فرانك كابريو، المعروف بلقب «القاضي الرحيم»، عن عمر ناهز 88 عاما، إثر صراع شجاع مع مرض السرطان، ارتبط اسم كابريو على مدار عقود بالرحمة والإنسانية داخل قاعات المحاكم وخارجها، حيث تجاوز دوره حدود القضاء ليصبح رمزا عالميا للعدالة الممزوجة بالشفقة، ولصوت القاضي الذي ينصت لظروف الناس بإنسانية نادرة. اقرا أيضأ|وفاة أكثر قاضٍ محبوب في العالم أعلنت عائلة القاضي الأمريكي الشهير فرانك كابريو رحيله بسلام بعد معركة طويلة مع المرض، تاركا خلفه إرثا إنسانيا استثنائيا أثر في ملايين الناس داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، وقالت أسرته في بيان رسمي إن ذكراه ستظل خالدة كأب وزوج وجد وصديق، إلى جانب كونه قاضيا حمل رسالة العدالة الرحيمة. القاضي الذي لمس حياة الملايين ولد كابريو عام 1936 في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند، لأبوين مهاجرين من أصول إيطالية، عرف منذ شبابه بحسه الاجتماعي والتزامه بخدمة مجتمعه المحلي، قبل أن ينطلق في مسيرته القضائية التي امتدت نحو 38 عاما في محكمة بروفيدنس البلدية. خلال عمله القضائي، برز بأسلوبه المختلف في التعامل مع المتهمين، حيث جمع بين الصرامة القانونية والرحمة الإنسانية، وسرعان ما ذاع صيته عالميا بفضل برنامجه التلفزيوني الشهير Caught in Providence، الذي نقل جلساته القضائية إلى شاشات الملايين، وقد أظهر في حلقات البرنامج جانبا فريدا من العدالة، حيث كان كثيرا ما يخفف العقوبات أو يتنازل عن الجرامات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بأشخاص يواجهون ظروفا اقتصادية أو اجتماعية صعبة، هذا النهج الإنساني أكسبه محبة واسعة، ودفع الكثيرين إلى منحه لقب «القاضي الرحيم». بعد صراع مع السرطان في الأشهر الأخيرة من حياته، ومع اشتداد معركته مع السرطان، كتب كابريو رسالة مؤثرة عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، ناشد فيها محبيه بالدعاء، مؤكدا أن قوة إيمانه بالله وحب الناس له كانا مصدر عزيمته، وقد لاقت رسالته تفاعلا كبيرا، إذ انهمرت رسائل الدعم من مختلف أنحاء العالم، لتشكل شهادة حية على أثره العميق في قلوب الناس. سيرة ذاتية ومسيرة أدبية لم يقتصر تأثير كابريو على قاعات المحاكم أو شاشات التلفزيون، بل امتد إلى المجال الأدبي أيضا ،فقد أصدر كتابا بعنوان «الرحمة في المحكمة»، تناول فيه قصة حياته ومسيرة عائلته المهاجرة من إيطاليا، إلى جانب فلسفته الخاصة في تطبيق العدالة، الكتاب شكل نافذة لفهم شخصيته التي جمعت بين القانون والإنسانية، ورسخ صورته كقاضي أراد أن يكون صوتا للضعفاء،وفي عام 2021، تم ترشيحه لنيل جائزة «داي تايم إيمي» تقديرا لإسهاماته الإعلامية ودوره في تقريب العدالة إلى عامة الناس، وإبراز الجانب الإنساني من مهنة القضاء. إرث عائلي وإنساني إلى جانب حياته المهنية، كان كابريو حاضرا بقوة في حياة أسرته، إذ وصفته عائلته بأنه لم يكن مجرد قاض بارز، بل كان زوجا محبا، وأبا عطوفا، وجدا قريبا من أحفاده،وبحسب البيان العائلي، فإن إرثه الحقيقي لا يقتصر على أحكامه أو برامجه، بل يكمن في القيم التي تركها وراءه: الرحمة، التعاطف، والإيمان بأن العدالة يمكن أن تكون إنسانية بقدر ما هي قانونية. تأثير ممتد بعد الرحيل برحيله، يفقد العالم قاضيا استثنائيا لم يكتف بتطبيق القانون، بل أعاد تعريفه ليشمل البعد الإنساني، ولا يزال ملايين المتابعين حول العالم يشاهدون مقاطع برنامجه، التي تحولت إلى دروس حية في العدل والتعاطف، إن إرث فرانك كابريو سيظل حاضرا، ليس فقط في ذاكرة المشاهدين، بل في النقاشات حول مستقبل القضاء وكيفية تحقيق التوازن بين القانون والرحمة. رحيل فرانك كابريو يمثل خسارة فادحة للقضاء الإنساني وللمجتمع الدولي الذي وجد في قصته مصدر إلهام نادر، ومع أن جسده غاب، فإن إرثه سيبقى شاهدا على أن العدالة الحقيقية لا تكتمل إلا إذا ارتبطت بالرحمة، لقد أثبت «القاضي الرحيم» أن القانون يمكن أن يكون عادلا وحنونا في آن واحد، وأن القلوب كما العقول هي جزء لا يتجزأ من ساحة القضاء.