يثير الموقف الإثيوبي بشأن إقامة سد النهضة مخاوف مصر خاصة في ضوء تصلب مواقفها وإصرارها على المضي قدما فيه رغم تحفظات القيادة السياسية في القاهرة وتأكيدها على ضرورة بدء مفاوضات بين البلدين لإتمام هذه العملية. ومما يكشف عن تعنت إثيوبيا وإصرارها على موقفها التصريح الذي صدر عن الخارجية الإثيوبية وأكد رفض أديس أبابا طلب مصر بشأن وقف العمل في مشروع سد النهضة بصورة مؤقتة. الأكثر من ذلك أن إثيوبيا أعلنت عن محفزات لمواطنيها للمشاركة في تمويل السد ومواجهة عقبة توفير السيولة الكافية من أطراف خارجية من خلال دعوة سفارتها في إسرائيل المواطنين الإثيوبيين والشركات إلى شراء سندات دين للمساهمة فى تمويل مشروع السد. وقد أكدت الخارجية في هذا الصدد أن أرباح هذه السندات ستكون اكبر بكثير من الأرباح البنكية. وكان مما اشترطته السفارة لإتمام هذه الخطوة أن يكون من يقوم بشراء السندات من مواليد اثيوبيا أو مواطنين حوض النيل مثل السودان دون أن ترد أية إشارة لمصر. وتمارس إثيوبيا سياسة مزدوجة بشأن قضية بناء السد في محاولة لإثناء مصر عن الدخول في مواجهة معها وفي ذلك صرح رئيس وزراء الإثيوبي، هيلا مريم ديسالجن، بأنه «إذا أرادت مصر تدويل قضية سد النهضة عبر الأممالمتحدة، فلن يعود عليها الأمر بالنفع، لأنه لا توجد محكمة دولية متخصصة في مثل هذه النوعية من القضايا أو التحكيم في الأزمات المائي. في ذات الوقت الذي استبعد فيه حلا عسكريا للأزمة محاولا كسب تأييد المشير السيسي باعتباره الرئيس المنتظر للبلاد في الفترة المقبلة مؤكدا استعداده للتعامل معه. ورغم هذه الإشارات المختلفة من أديس أبابا إلا أنه من الواضح أن موقفها النهائي يقوم على المضي قدما في مشروع السد دون الاهتمام برد الفعل المصري وهو ما تؤكده نتائج الزيارة التي قام بها وزير الري مؤخرا لأديس أبابا والتي عرض بعدها تقريرا عن الزيارة امام مجلس الوزراء أشار فيه إلى أن الاجتماعات أكدت استمرار الموقف الاثيوبى برفض اى حلول لتقريب وجهات النظر بما يحقق المنفعة المتبادلة للطرفين دون إلحاق الضرر. يشار إلى أن سد النهضة حال اكتمال بنائه سيكون اكبر مولد للطاقة الهيدروليكية فى إفريقيا والسابع على مستوى العالم، ويقدر الارتفاع المستهدف للسد بنحو 170 مترا وعرضه 1800 متر. وتطالب مصر بالتفتيش والفحص على تصميم ودراسات السد من أجل تهدئة المخاوف، الأمر الذي ترفضه إثيوبيا. وفي تعليقه على التطورات الأخيرة أشار الدكتور محمود عرفة، وزير الموارد المائية في حكومة ظل شباب الثورة، إلى أنه قبل بناء السد كان هناك تعاون بين دول الحوض ودعا إلى التفكير في بدائل مختلفة للتحرك بما في ذلك على الصعيد المخابراتي قبل المضي قدما في بناء السد، حيث لن يكون هناك مجال للتوصل إلى حلول في تلك الحالة. وأشار إلى أنه شارك في ندوة العام الماضي تحدث خلالها السفير الإثيوبي عن عدم استخدام مصر لموارد النيل في إشارة إلى أن مصر لا تعاني من مشكلة مياه وهو ما يمثل محاولة غير مباشرة للتأكيد على صحة موقف بلاده. وكان مما أشار إليه السفير الاثيوبي حسب الدكتور محمود أن المواطن الاثيوبى له الحق فى استخدام نهر النيل مثل المواطن المصرى. أما الدكتور هاني الناظر رئيس مركز البحوث الأسبق فقد أعرب عن تبرمه من موقف أديس أبابا والذي يمثل من وجهة نظره حربا على مصر من خلال الاستيلاء على حقوقها في مياه النيل. وأضاف أن الجانب الإثيوبي يهاجمنا بشكل غير مباشر مستهدفا أهم مورد لدينا وهو المياه داعيا إلى إيجاد حلول عاجلة قبل استفحال المشكلة. واكد الدكتور الناظر على ضرورة اللجوء إلى القانون الدولي مشيرا إلى أن من بين الخطوات التي يمكن العمل بها التحكيم الدولي، مشيرا إلى نموذج تجربة مصر في استعادة طابا من إسرائيل.