«الضريبة فى السياحة حرام».. هذا هو حال الشركات السياحية مع وزارة المالية خلال الفترة الماضية، مازالت «المالية» تعمل بفكر الجباية القديم دون مراعاة لأوضاع القطاع المترهلة طوال السنوات الثلاث الماضية منذ اندلاع ثورة يناير بل وتستمر حالياً الوزارة فى تطبيق قرارات الوزير الهارب يوسف بطرس غالى التى سبقت الركود الحالى للقطاع، وبالتالى يصعب استمرار تطبيقها الآن، ووصل الحال بالنظام الضريبي فى مصر ليصبح معوقاً رئيسياً لمختلف الأنشطة السياحية حتى إذا كان الخلاف بين الضرائب وشركات السياحة على «كعب التذكرة» الخاص بزيارة الوفود الأجنبية للمزارات السياحية بمختلف المناطق!!، حيث وصلت حالة السخرية من الضرائب إلى مطالبة الشركات بتقديم «كعوب التذاكر» الخاصة بكل زيارة لاعتمادها كمستند ضمن الملف الضريبي لنشاط كل شركة، وألا تتحمل الشركة أعباء ضريبية اضافية فى حال توفر تلك «التذاكر»! تعود الأزمة الحالية بين مصلحة الضرائب والشركات السياحية إلى «فرمان» صادر من الوزير السابق يوسف غالى عام 2009 قرر فيه رفض اعتماد تكاليف تذاكر المزارات السياحية للوفود الأجنبية باعتبارها مستنداً داخلياً، وبعد خلاف شديد بين وزارتى المالية والسياحة حول هذا القرار رفض «غالى» التراجع عن قراره، واستطاعت الشركات التوصل إلى اتفاق مع وزارة الآثار على أن تشترى تلك التذاكر مجمعة بفواتير شراء لاستخدامها كمستند أمام الضرائب، واستمر هذا الحال طوال السنوات الماضية حتى بعد إسقاط حكم يوسف غالى لوزارة المالية، وفجأة فى منتصف العام الماضى قرر المجلس الأعلى للآثار إيقاف العمل بنظام بيع التذاكر المجمعة وايقاف طبعها، ويعود تغيير موقف الآثار إلى «الطمع» فى شركات السياحة بتحصيل رسوم أعلى منها حيث كانت تبيع تلك التذاكر المجمعة للشركات بأسعار مخفضة! لتعود شركات السياحة إلى الدخول فى دوامة الضرائب من جديد والاصطدام بجباية «غالى» بعدم احتساب تكلفة هذه التذاكر من التكاليف واجبة الخصم، خاصة أن الشركات تتحمل تكاليف كبيرة فى نشاط زيارة المزارات السياحية، مما يفرض ضرورة تدخل الدكتور أحمد جلال وزير المالية لحسم هذا الخلاف بإجراء تعديل وزارى لقرار الوزير السابق يوسف غالى واعتمادها باعتبار انه لا يوجد إيراد بدون مصروف، أو الاتفاق على عودة بيع تذاكر المزارات السياحية مجمعة من الآثار للشركات. ويكشف المحاسب القانونى أحمد شحاتة عضو جمعية خبراء الضرائب المصرية تفاصيل هذه الأزمة بين الضرائب وشركات السياحة، موضحاً ان قرار وزير المالية السابق الدكتور يوسف بطرس غالى صدر من خلاص خطاب لوزير السياحة وقتها زهير جرانة بشأن تكلفة المزارات السياحية، وجاء بهذا الخطاب أن عدم تقديم الشركات السياحية ما يفيد تنفيذ البرامج السياحية الفعلية الخاصة بالأفواج السياحية سيؤدى إلى تعذر اعتبار مصاريف المزارات والمتاحف الأثرية من التكاليف واجبة الخصم، وعرض الوزير أن يتم التنسيق بين الشركات السياحية وشرطة السياحة على ما يفيد تنفيذ هذه البرامج السياحية الخاصة بالمزارات حتى يتسنى لمصلحة الضرائب اعتماد هذه المصروفات. ويوضح «شحاتة» الخطأ فى هذا القرار بأن شرطة السياحة لا علاقة لها بالأمر، وأن وزارة السياحة وإداراتها فقط هى الجهة المسئولة عن مراقبة المزارات السياحية والحفاظ عليها، ومراقبة تنفيذ الشركات السياحية لبرامجها السياحية. وأضاف أنه وفقاً لقانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 وتعديلاته – فإن المادة 22 من القانون تنص على أنه يتحدد صافى الارباح التجارية والصناعية الخاضع للضريبة على أساس إجمالى الأرباح بعد خصم جميع التكاليف والمصروفات اللازمة لتحقيق هذه الأرباح، ويشترط فى التكاليف والمصروفات واجبة الخصم أن تكون مرتبطة بالنشاط التجارى أو الصناعى للمنشأة ولازمة لمزاولة النشاط، وأن تكون حقيقية ومؤيدة بالمستندات، وذلك فيما عدا التكاليف والمصروفات التى لم يجر العرف على إثباتها بالمستندات. وأشار إلى أن المسئولين بمصلحة الضرائب يعترفون -طبقا لما جاء بكتاب وزير المالية لوزير السياحة- بأن المزارات للمتاحف والمناطق الاثرية المختلفة بقطاع السياحة من ضمن بنود التكاليف الرئيسية الضرورية اللازمة للنشاط وأن التذاكر أثرية وأن قيمة هذه التذاكر تحمل ضمن تكاليف الشركة. ويؤكد أنه لا مجال للشك بأن هذه التكاليف تنطبق عليها شروط المادة 22 من القانون من حيث إنها مرتبطة بالنشاط ولازمة له وحقيقية، أما من حيث أنها مؤيدة بالمستندات أم لا فإن الذى يحدد طبيعة هذا المستند الجهة التى يتم التعامل معها وليس الشركات السياحية، بدليل انه اعتبارا من 17/9/2008 صدر قرار من مجلس إدارة المجلس الاعلى للآثار بنظام بيع التذاكر المجمعة، حيث تقوم الشركات السياحية بشراء تذاكر المزارات من المجلس الأعلى للآثار بموجب شيكات مقبولة الدفع، وعليه فإن اعتبارا من هذا التاريخ توجد مستندات قوية متمثلة فى الشيكات المسددة للمجلس. ويؤكد المحاسب القانونى محمد غمراوى الخبير فى شئون ضرائب الأرباح التجارية أن المطالبة بتعديل قرار وزير المالية السابق لا يعتبر دفاعاً عن شركات السياحة بل إيجاد مرونة كافيه للتعامل مع هذا القطاع المهم، وأوضح أنه إذا كانت العبرة بمدى تنفيذ الشركات لبرامجها السياحية فإن البرنامج عقد بين الشركة والوفود السياحية، على أن تلتزم الشركة بتنفيذها للسائحين مقابل مبالغ مالية محددة، وبمجرد تحصيل هذه المبالغ يعنى بالضرورة قيام الشركة بتنفيذ التزامها تجاه السائحين وبالمقابل فإن خلاف ذلك يعنى وجود شكاوى ضمن هذه الشركات وجود مخالفات فى وزارة السياحة، وبالتالى فإن عدم وجود مخالفات يعنى قيام الشركات بتنفيذ التزامها وبالضرورة اعتماد تكاليفها. وأشار إلى أنه اعتباراً من صدور قرار المجلس الاعلى للآثار بإيقاف العمل بنظام التذاكر المجمعة أصبحت المستندات المؤيدة عبارة عن تذاكر الدخول فقط، وبالطبع يتم تسليمها عند دخول السائحين للمزار ولا يتبقى لدى الشركة سوى سداد السائح لعقد الرحلة الذى يتضمن دخول المزارات، وبالتالى التأكيد بأن السائح دخل المزار وتم تنفيذ عقد الرحلة معه، حيث إن عدم دخوله المزار بالضرورة سيترتب عليه عدم سداد مقابل زيارة المزارات. وأضاف أنه مع إلغاء القرار الخاص بإيقاف العمل نظام التذاكر المجمعة فإنه أصبح لدى الشركات مستندات مؤيدة لتذاكر المزارات السياحية، مما يعنى أن الذى يحدد طبيعة المستندات هى الجهات التى يتم التعامل معها وليس الشركات السياحية، وبالتالى فيجب أن تتم مراعاة هذه الشركات واعتماد التكاليف الخاصة بها، حيث إنه نشاط مهم جدا للدولة ويمثل مصدر دخل قومى ولا يمكن أن نتعمد تصدير المشكلات لهذه الشركات حتى تتفرغ لعملها وزيادة إيرادتها.