الأربعاء المقبل.. إطلاق خدمات الجيل الخامس من منطقة الأهرامات    وزارة النقل: مركز تحكم للرقابة على الأتوبيسات الترددية    رسميا.. انطلاق الدوري الجديد 15 أغسطس وينتهي مايو 2026    محمد مصيلحي يستقيل من رئاسة الاتحاد السكندري.. وأعضاء المجلس يتضامنون معه    حبس المتهمين بخطف طفل فى المقطم    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالمنيا تستعد لاستقبال عيد الأضحى.. تفاصيل    مهرجان روتردام للفيلم العربي يختتم دورته ال 25 بتكريم ليلي علوي    كشف أسرار جديدة بواقعة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر.. فيديو    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    وزير التعليم يكشف تعديلات المناهج في العام الدراسي الجديد    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    التفاصيل المالية لصفقة انتقال جارسيا إلى برشلونة    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    رئيس مجلس الشيوخ: التغيرات البيئية أصبحت ملحة ومازلنا مغيبين ونتناول هذا الملف برفاهية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    افتتاح معرض إعادة التدوير لمؤسسة لمسات للفن التشكيلي بحضور وزيرة البيئة    السيسي يستقبل وزير الخارجية الإيراني ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. صور    وزير الخارجية: مصر أكثر طرف إقليمي ودولي تضرر من التصعيد العسكري في البحر الأحمر    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    «واكلين الجو».. 3 أبراج هي الأكثر هيمنة وقوة    دعاء يوم عرفة 2025 مستجاب كما ورد عن النبي.. اغتنم وقت الغفران والعتق من النار    وزير الصحة يشهد احتفال إعلان مصر أول دولة في شرق المتوسط تحقق هدف السيطرة على التهاب الكبد B    زيلينسكي يعرب عن تطلعه إلى "تعاون مثمر" مع الرئيس البولندي المنتخب    برواتب تصل ل350 دينارا أردنيا.. فرص عمل جديدة بالأردن للشباب    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    لو معاك 200 ألف جنيه.. طريقة حساب العائد من شهادة ادخار البنك الأهلي 2025    وزير الصحة يتسلم شهادة الصحة العالمية بالسيطرة على فيروس B    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    إيران تدرس الرد على المقترح الأمريكي بشأن برنامجها النووي    مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة وضبط 333 كيلو مخدرات| صور    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    أزمة المعادن النادرة تفجّر الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    ميراث الدم.. تفاصيل صراع أحفاد نوال الدجوى في المحاكم بعد وفاة حفيدها أحمد بطلق ناري    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    عيد الأضحى 2025.. ما موقف المضحي إذا لم يعقد النية للتضحية منذ أول ذي الحجة؟    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    22 سيارة إسعاف لنقل مصابي حادث طريق الإسماعيلية الدواويس    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب قبالة سواحل هوكايدو شمالي اليابان    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج بحلول عيد الأضحى المبارك    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر ل "الوفد":
أحذر من ثورة ثالثة إذا لم تتحقق العدالة الاجتماعية
نشر في الوفد يوم 22 - 01 - 2014

تتعرض مصر لضغوط داخلية وخارجية منذ إقصاء الإخوان عن الحكم في يونية الماضي وعزل «مرسي»، وقد زادت حوادث العنف جراء ذلك خصوصاً مع نجاح الاستفتاء على الدستور الذي حاول الإخوان تعطيله أملاً في تدهور الأوضاع وفشل خارطة الطريق لعودتهم إلى الحكم مرة أخرى
وفي ظل حوادث ترويع المواطنين والتخريب والحرق والقتل والإرهاب في الوادي وسيناء، يبرز دور العلماء ورجال الدين والمثقفين، مثل الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الاسلامية، الذي عُرِفَ بآرائه الجريئة وهجومه على الإخوان والسلفيين، مؤكداً في هذا الصدد أن التاريخ سوف يثبت أن الإخوان هم «خوارج العصر» وأن السلفيين أشداً خطراً من الإخوان، موضحاً أن هناك قواسم مشتركة بين الإخوان والشيعة والسلفيين لأنهم أضعفوا الاسلام وتاجروا به.
وفي حواره مع «الوفد» تناول د. كريمة العديد من القضايا المطروحة على الساحة وأموراً شتى تهم القارئ العادي والمتخصص.
كيف تفك الاشتباك بين ثورتي 25 يناير و30 يونية؟
- ينبغي أولاً تصحيح المصطلحات، فأحداث 25 يناير انتفاضة وليست ثورة، لأن الثورة في الاصطلاح السياسي يكون لها قائد وبرامج، والانتفاضة لم يكن لها قائد ولا برامج، أما 3 يوليو فمن الممكن أن تسميها بالفعل ثورة، لم يقم بها الجيش، ولكن قامت بها أجهزة الدولة مجتمعة فيما يسمى في الفقه الإسلامي ب «أهل الحل والعقد» ثم رؤساء الأجهزة السيادية، والجيش كان دوره التأييد والمباركة وكشف الحقائق للناس.
الجهل بالشريعة
وبماذا ترد على القائلين بأن ثورة 30 يونية كانت انقلاباً عسكرياً مكتمل الأركان؟
- هؤلاء جهلاء بالشريعة الإسلامية، فهم يدعون إلى كتاب الله، كما أخبر النبي «صلى الله عليه وسلم» عن الخوارج، وهم ليسوا منه في شىء، فلو قرأوا مصطلح «أهل الحل والعقد»، وأنا أحيلهم إلى الموسوعة الفقهية الكويتية كمرجع معاصر بدلاً عن المراجع التراثية «كالأحكام السلطانية» للماوردي، و«الأحكام السلطانية» لأبي يعلي، و«السياسة الشرعية» لابن تيمية، فمصطلح «أهل الحل والعقد» هو أن للناس أن يولوا الحاكم وأن يعزلوه، لأن الحاكم في ثقافتنا السنية مجرد وكيل عن الشعب أو الأمة، فمن ولاه يعزله، لأن الوكالة من العقود الجائزة، وليست من العقود المؤبدة، ثم إن الحاكم في التصور والمفهوم الإسلامي ليس مفوضاً عن الله وليس متحدثاً باسم الله وليس وكيلاً عن الله حتى تكون له الثقة الإلهية، حتى يقاتل الناس دونه، إلا عند أباطرة وبطاركة الكنيسة في القرون الوسطى، وبعض المفاهيم عند الشيعة وهذا خطأ، فأهل الحل والعقد أجمعوا على التغيير، وقد مثلهم الأزهر الشريف وهذا حقه الزماني والتاريخي والواقعي والموضوعي والدستوري، فالأزهر الشريف مرجعية من ألف ومائة سنة، ويمثل المسلمين، لكن هؤلاء الشواذ عنه لا شأن لنا بهم، والكنيسة الأرثوذكسية الكبرى كأكبر كنيسة في مصر، والقضاء والقوى السياسية والقوى الثورية والقوى المدنية والشرطة كلهم خرجوا للثورة، فالدولة مثلت بالكامل، فأين الانقلاب، ولم يبق إلا أن الجيش يقرر ما رآه أهل الحل والعقد.
هل تعتقد أن الموافقة على الدستور وحده تكفي لبناء الدولة المصرية من جديد؟
- هى بداية على الطريق، فنحن لا نستعجل قطف الثمرة، فلا تكن عندنا رعونة ولا حماقة، فجريمة الاخوان هى الحماقة والرعونة، فقد كانوا غير مؤهلين للحكم، ووثبوا عليه، ولم يصنعوا ثورة أو انتفاضة بل سرقوها، لم يُشغلوا ببرامج تعطي المثل الطيب عن الحكم، لو نسبناه إلى الاسلام، ولكن كان همهم التمكين، وأصبحت مصر غنيمة، الخُمس منها للمرشد والأربعة أخماس للأهل والعشيرة، أما بالنسبة للدستور فهو بداية على الطريق تتلوه الانتخابات الرئاسية والنيابية، لكن يجب على الخبراء أن يتولوا اجهزة الدولة، فالبلد قدم دستوراً وهو الى حد ما إن شاء الله في مجمله صالح، لكن يبقى الأمر في التنفيذيين، فلو بقيت قوى الشللية والوساطة والمحسوبية والتوريث المهني والتوريث الوظائفي كما هى لن يتغير شىء.
ما رأيك في استقواء «الإخوان» بالخارج ضد مصر وشعبها وجيشها؟
- ليس غريباً، فالشىء من معدنه لا يستغرب، فإذا قرأنا تاريخ الاخوان قراءة عادلة منصفة نجد أنهم كانوا مرة مع القصر ومرة ضد القصر، ومرة مع الانجليز، وأخرى ضد الانجليز، ومرة مع الوفد ومرة أخرى انقلبوا عليه، فهؤلاء كموج البحر ليست لهم مبادئ، إنهم يستقوون بدولة مثل «قطر» الحاقدة على مصر، كما يستقوون بالأمريكان كأعداء لمصر، ويتعاونون مع الاسرائيليين والصهاينة، وسيكشف التاريخ قريباً وثائق جديدة، وسيعلم الجميع أن الاخوان حركة بالنسبة للتراث الاسلامي امتداد للخوارج، وبالنسبة للامتداد الحركي فرقة ماسونية، أقولها بكل صراحة، والماسونيون يعملون لأهدافهم ولا شأن لهم بغيرهم.
خوارج العصر
قلت إن «الإخوان خوارج العصر» فما مبرراتك لذلك، وهل هناك دليل من القرآن على ذلك؟
- نحن لا نفتري على الناس، فالأدلة موجودة في القرآن والسنة فإذا نظرنا إلى الآية «159» من سورة الأنعام في قوله تعالى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شىء» فكل من كون جماعة أو فرقة أو طريقة باسم الدين فهو خارج علي الدين، ولا شأن لي بمن يشتغل بأمور السياسة، فهم لا يدخلون ضمن هذه الآية، لأن الله حدد وقال «إن الذين فرقوا دينهم» وبدليل أن الاخوان في جانب، و«الوهابية المتسلفة» في جانب، والصوفية في جانب، والأزهر في جانب، وهذا التصنيف يتناقض مع القرآن الكريم، فالأزهر ليس طائفة ولا جماعة، فهو مؤسسة علمية دعوية ثقافية يؤلف بين هذه الجماعات، وهو عنوان الوسطية الاسلامية، وهناك حديث شريف عن حذيفة بن اليماني وغيره أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر قائلا: «سيخرج في أواخر الزمان حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يدعون إلى كتاب الله وهم ليسوا منه في شىء يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وقراءتكم إلى قراءتهم»، حتى قال: «فاعتزل تلك الفرقة» فالرسول قال ذلك كما قال «ليس منا من دعا الى عصبية» وقال أيضا: «دعوا العصبية فإنها منتنة» أليس هذا كلام الشرع، وللعلم فهم لا يقولون إنهم جماعة من المسلمين بل يعتقدون أنهم جماعة فوق المسلمين أو هم المسلمون فقط.
وهل ترى أن هناك قاسماً مشتركاً بين الإخوان والشيعة والسلفية؟
- نعم.. هناك قاسم مشترك بينهم وهو أنهم طوائف أضعفت الاسلام وتاجرت به واعتدت على الاسلام وجرفت الفكر الإسلامي الصحيح، والشيعة والوهابية المتسلفة والاخوان ثالوث مدمر للثقافة والدعوة الاسلامية.
ما رأي فضيلتكم في قرار الحكومة مؤخراً باعتبار «الإخوان المسلمين» جماعة ارهابية وهل تراه تأخر كثيراً؟
- هذا القرار كان المفترض أن يتخذ منذ 80 عاماً، منذ ظهرت جماعة الاخوان في عام 1928 فالقرار تأخر كثيراً، لكن هذه ثقافة العالم الثالث الذي لا يتحرك إلا عند وقوع الكارثة وهذه الجماعة تصنف من ناحية ممارسات العنف المسلح جماعة ارهابية، ومن ناحية الفكر - أكاد أجزم - بأنها حركة ماسونية.
هل العفو عن جرائم الدم وازهاق الارواح وتخريب المنشآت والممتلكات جائز شرعاً؟
- لا، فالله تعالى قال: «ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً، فلا يسرف في القتل»، فجرائم القصاص والديات والحدود وبالذات حدود القذف، ليس للولي أو لأولياء الدم أو لأولياء العرض العفو، وما عدا ذلك ولي الأمر له العفو قبل صدور الحكم القضائي، وذلك في التشريع الاسلامي، فإذا صدر الحكم القضائي لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لمن عفا: «هلا قبل أن تأتيني» فإذا أصدر الحكم القضائي أصبح الأمر لولي الدم أو للمعتدى عليه.
رغم اعتبار «الجماعة» فصيلاً ارهابياً.. هل ترى أنه يمكن العودة الى جلسات الحوار ومن ثم المصالحة الوطنية معهم؟
- لا.. فمن يقرأ التاريخ يجد أن الخوارج لم يقبلوا حواراً مع سيدنا عثمان بن عفان، فقد ناظرهم وتفوق عليهم ولم يستمعوا له وخرجوا عليه، ولم يقبلوا حواراً مع سيدنا علي بن أبي طالب، وخرجوا عليه، فهل سامحوا سيدنا «الحسن» رضى الله عنه؟ أبداً، فهل الخوارج تفهموا دوافع سيدنا الحسين؟ أبداً، فإذا كان الخوارج في القديم رفضوا ذلك، وهذه جينات وراثية، فالإخوان والسلفية الجهادية والجماعات التكفيرية جينات متوارثة منذ أيام معركة صفين والنهروان والجمل وكربلاء، فكيف تتم معالجتها؟!.
إذن.. كيف ترى مستقبل «الجماعة» السياسي والتنظيم الدولي للإخوان؟
- هم في النزع الأخير الآن، فقد أصبحوا ذكريات، فلم يبق منهم إلا المنتفعون والمرتزقة الذين يمصون أموال الاخوان، وللعلم فهذه الأموال هى أموال الزكاوات وهى في رقبة المرشد العام لهذه الجماعة، وهى من هيئات الإغاثة والجمعيات التي كانت تدعى أنها خيرية وسيحاسبهم الله على تلك الأموال التي أنفقوها في أمور السياسة وسيسألهم الله أسئلة عسيرة.
وهل مصر مؤهلة مرة أخرى لحكم اسلامي بعد التجربة الأولى للإخوان في الحكم؟
- ومن قال إن الاسلام يهدف الى ما يسمى ب «الحكم الإسلامي» فلا يوجد ما يسمى بالحكم الاسلامي ولكن يوجد مجتمع مسلم يعظم شعائر الله، لكن لا توجد لدينا وزارة اسلامية ولا يوجد حاكم نقول عليه انه حاكم مسلم، وبالعكس فإن الفقهاء قالوا إنه من الممكن أن يكون الحاكم غير مسلم، وسأؤكد ايضاً أن الخلافة ليست عملاً سياسياً فهى عمل دعوي، فالرسول حددها قائلا: «ستكون خلافة بضعة وثلاثون عاماً ثم تكون ملكاً عضوضاً» وهذا حديث صحيح في البخاري، فلا الأمويون حكام مسلمون ولا العباسيون ولا الأتراك، وفي السياسة الشرعية قالوا: إنه كانت توجد خلافة دون سلطة كالعباسيين ووجدت سلطة دون خلافة كالمماليك، فأين الخلافة فنحن في حاجة إلى قراءة الاسلام من جديد، فالاسلام لا يؤهل سلطة دينية أياً كانت، وهو يهدف الى مجتمع مدني تعظم فيه كافة الشرائع السماوية.
هل تؤيد قيام أحزاب اسلامية، خاصة أن البعض يرفض قيام أحزاب على أساس ديني؟
- بلا شك.. أرفض قيام أحزاب اسلامية ومسيحية ويهودية.
الانتخابات القادمة
بالنسبة للانتخابات البرلمانية القادمة هل ترى أن الاخوان سيحصلون على نسبة مقاعد في البرلمان الجديد؟
- سوف يحصلون على نسبة من مقاعد البرلمان، مادامت الأموال كثيرة، وضعاف النفوس أكثر و«مقاولو الأنفار» موجودون تحت الطلب «ما يطلبه المستمعون» فقد أصبحوا معروفين في القرى والنجوع والعزب والمناطق الشعبية، والزيت والسكر أيضاً موجود، وأموال قطر موجودة أيضاً، لكنني أقول لهم إذا كان لديكم حمرة خجل فلتبتعدوا عن مجلس النواب، وليس معنى ذلك أنني أدعو لاقصائهم، لا.. لكنني أخاطبهم لأنهم فشلوا بدرجة ضعيف جداً بلغتنا الأكاديمية الجامعية، فالفاشل مادام لا يصلح يبقى في السفح الى أن يأذن الله.
في بداية حكم الإخوان نادوا بمشروع النهضة لكننا لم نر أية نهضة فهل كانوا يحذرون الشعب من أجل الوصول للحكم؟
-أضغاث أحلام، فقد قالها خيرت الشاطر صراحة انها كانت أحلاماً وعبارة عن مقالات في بعض المجلات، وعصام العريان قالها ايضاً في صكوك الإخوان، وأحيي هيئة الرقابة المالية حينما ألغت صكوك الإخوان، وهناك عالمان فقط في الأزهر تنبها للفخ الذي صنعه الاخوان لبعض الأزهريين والدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر رحمه الله، راجع قانون صكوك الاخوان المشبوه، وأعلن أنه ربا صريح، وقد تحفظت عليه رغم أنني لم أشارك في فعالياته ورفضته لاعتبارات معينة، لكن حينما سئلت قلت هذه مجاملة رخيصة من بعض الأزهريين للاخوان، والآن هيئة الرقابة المالية لعلها أعلنت الحق الذي تأخر كثيراً إن قانون الصكوك كان معمولاً تخديماً للإخوان، فأين حمرة الخجل، أما ما كانوا يقولونه عن مشروع النهضة ومشروع المائة يوم أو المشروع الإسلامي، فهى أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.
ما رأيك في الدور الذي تلعبه قطر تجاه مصر الآن، وهل تري أن هناك مؤامرة ضدنا من بعض الدول الإسلامية؟
- ليست هناك مؤامرة من الدول الإسلامية تجاه مصر، وقد زرت دولاً إسلامية عديدة وعلي يقين أنها تحترم مصر، أما قطر فيصدق عليها المثل المصري العامي «معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره» فليس لها تاريخ حتي ينشره حاكمها، فهو لديه جنون العظمة منذ حمد بن جاسم، ويريد أن يفعل شيئاً من خلال الفرقعات الإعلامية والوهج الإعلامي حتي يذكر اسم قطر في نشرات الأخبار، وفي الحقيقة فإن قطر أصبحت وكراً للأمريكان لتهديد الجيران، فقطر تعادي السعودية قبل أن تعادي مصر، وهي خطر علي السعودية قبل أن تكون خطراً علي مصر، فلابد من معرفة الحقائق، مع أنهما في مجلس التعاون الخليجي، وما يحدث خطر علي أمن الخليج كله، لأن أي دولة خليجية تخرج الآن علي السيناريو الأمريكي، تكون قطر جاهزة من خلال القواعد الأمريكية لديها، لكنها أقل وأدني أن تكون خطراً علي مصر، نعم لديها أموال تنفقها لصالح جماعة «الشيطان» إلا أن هذه الأموال ستكون وبالاً وحسرة عليها في الدنيا والآخرة، فالإخوان زائلون لأن وعد الله لابد أن يتحقق، فقد قال الله تعالي: «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً»، فالباطل صولة وجولة وساعة، والحق دولة، فهناك فرق بين الحق دولة، والباطل جولة، والإخوان جولة وتم مسحها وانتهت، أما الشعب القطري، فهو مثقف ومخلص وصادق، وهناك منهم من لا يرضون بهذا العته وهذا السفه في إهلاك أموال ستحتاجها الأجيال القادمة في المستقبل، فهم ليس لديهم إلا البترول وهو إلي نفاد، فلا توجد لديهم صناعات استراتيجية ولا توجد لديهم معدات، فهل أقاموا قلاعاً صناعية مثل السعودية وهل لديهم سياحة مثل البحرين؟! فلا يوجد لديهم شيء سوي البترول، فالجيل القادم في قطر لن يجد شيئاً، و«عدتم من يحث بدأتم».
نري اليوم مدارس متعددة للسلفيين ولا تجمعهم مدرسة واحدة، فهل تعتقد أن كثيراً ممن يدعون بالسلفيين ظلموا السلف الصالح وهم ليسوا منهم في شيء؟
- هم اعتدوا علي السلف الصالح وسرقوا منهم اللقب، وفي القرآن والسنة لا يوجد مصطلح «سلف» للدلالة علي حقبة زمنية، فالمسمي الحقيقي قول الله تعالي: «والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه» (الآية 100 من سورة التوبة)، فالسلف الصالح إن صح التعبير هو الذي يقصد به صحابة النبي صلي الله عليه وسلم والتابعون وأتباع التابعين، وهذه فترة انتهت لها ملامحها الثقافية والدعوية ولها رجالها، أما الفترة التي أتت بعد ذلك اسمها فترة التابعين وأتباع التابعين ونحن منهم، وابن تيمية - غفر الله له - أراد أن يكتب منهجاً يخصه ولم يقل أنا سلفي، وجاء محمد بن عبدالوهاب، وكانت الدعوة معروفة بالوهابية، فجميع الجمعيات والمؤسسات الموجودة للسلف حالياً في ثلاثينيات القرن الماضي تسمي نفسها بالسلف، والآن هم حائرون بالألقاب، فمرة يقولون إننا أهل الحديث وهذا كذب، ومرة يقولون إننا أهل السلف، وهذا كذب وانتحال، وهؤلاء يتسمون ب «المتسلفة» أو السلفية المدعاة لكن المسمي الحقيقي و«هابية»، فهم غيروا العقيدة الإسلامية إلي العقيدة السلفية، وادعاؤهم بأنهم ينتمون للسلف الصالح كذب لأن السلف الصالح كانت مرحلة تاريخية ونتهت بموت التابعين.
أحداث عنف كثيرة نراها في سيناء الآن.. من المسئول عنها في رأيك؟
- المسئول أولاً المخلوع مبارك، ثم المعزول محمد مرسي، لأن «مبارك» ألقي بالمفاهيم المغلوطة وألقي بقضية الإرهاب في قبضة الأمن «أمن الدولة»، الذي سخر نفسه لحماية الرئيس في حلقة متشابكة، وبالتالي لم تتم أية معالجات ولا مواجهات حتي جاءت الطامة الكبري في عهد المعزول «مرسي» وهو رجل لا سياسي ولا عسكري، فلا توجد عنده أدني رؤية، فهو كان رجلاً «بوسطجي» في قصر الاتحادية يأتي له الفاكس أو الإشارة من المقطم «مكتب الإرشاد» وما علي التلميذ إلا أن ينفذ كلام الأستاذ.
مداخل الإصلاح للوضع العربي والإسلام تتنوع سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فأيها تراه الأصوب للإصلاح المنشود؟
- الإصلاح يأتي من إصلاح الفكر، فأي حضارة لابد أن تبني علي الفكر، فكر ناضج وسليم وواقعي وموضوعي، فإذا صححنا الفكر وأصلناه، وعملنا تنظيراً للفكر وأعلينا الخبراء والأكفاء ونحينا الشلل والوساطة والمحسوبية وقضينا علي التوريث المهني والوظيفي لن تحدث الانتفاضة القادمة التي سيكون مبعثها التوريث المهني والوظائفي.
إذن أنت تري أن هناك ثورة قادمة؟
- نعم.. لأننا لم نحقق العدالة الاجتماعية، فقد غيرنا أشكالاً فقط، فقد تم خلع «مبارك» وجاء «مرسي» فماذا فعلنا إلا تغيير الأشكال فقط، ولن يتغير الوضع إلا إذا جاء الرئيس القادم وطبق الدستور بالفعل، وأقام منهج دولة، وقد يكون الفريق أول عبدالفتاح السيسي مؤهلاً لذلك، وأنا لا أدعو إلي عسكرة المجتمع، لكنني أناشد الفريق «السيسي» إذا وفقه الله وأصبح رئيساً ألا يعين محافظاً ولا رئيس مدينة أو حي أو ناد رياضي أو شركة يكون عسكرياً سواء من الجيش أو الشرطة، فقد دمرت السترة العسكرية مصر منذ عهد عبدالناصر، فلا أريد سترة العسكريين ولا عمامة المشايخ في الحكم، فأنا أريد مدنيين ولو حتي علي غير الملة، وكما قال ابن تيمية: «لأن يقام العدل بكافر خير من أن يقام الظلم بمسلم»، فلابد من إصلاح الفكر وإفساح المجال لأولي الأمر.
البعض يري أن حالة الانقسام والتباعد في الشارع المصري كان سببها التيارات الإسلامية.. فما ردك؟
- هذه حقيقة، لكن يضاف إلي ذلك تجار الوطن، فمصر بين تاجرين، تجار الدين وهم الإخوان، والوهابيون، وأخشي في المستقبل الشيعة، وتجار الوطن، وهم الأسماء التي ظهرت بأسماء الليبراليين والتقدميين والثوريين، وبعضهم قدم نفسه علي أنه محلل سياسي والبعض محلل ديني، والاثنان كاذبان وفاشلان.
لماذا لم ينجح الخطاب الديني الرسمي في السابق لتحقيق نهضة دعوية في مصر؟
- وأين الخطاب الديني أصلاً، فلا يوجد خطاب ديني منذ أن أغلق باب الاجتهاد من 300 سنة، فالمسلمون اعتدوا علي إسلامهم وأغلقوا باب الاجتهاد وركنوا إلي التقليد، فلو نظرنا إلي «المتسلفة» نراهم يقولون إننا ننكفئ علي فترة الصحابة وهذا كذب، ولنفرض، فالصحابة ليسوا كهنوتاً ولا إكليروس ولا آل البيت كذلك، قال تعالي: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملوا» فلسنا مطالبين بأن نرتدي إزاراً ورداء كما كان يلبس الصحابة، وفي المقابل من يطلقون علي أنفسهم حداثيين يدعوننا إلي معاصرة نذوب فيها وضاعت حقائق الإسلام بين انكفاء أصالة وبين ذوبان معاصرة.
أخيراً.. أنت شديد الهجوم علي «الإخوان» ألا تخشي التعرض لمصير وزير الأوقاف الأسبق الشيخ «الذهبي» رحمه الله بالاغتيال أو الأذي علي يد هذه الجماعة؟
- لا أخشي إلا الله، وقد يكون بالفعل اغتيالي، لكن الله خير حافظاً وهم أرحم الراحمين، فأنا صاحب رأي وأدعو من يخالفني في الرأي إلي مناظرة فقد أكون مخطئاً وقد أكون مصيباً والحكمة ضالة المؤمن، فقد دعيت الدكتور «القرضاوي» من قبل لمناظرة حول حكم اتخاذ الولايات المتحدة القواعد العسكرية في بلاد العرب، وهناك أحاديث نبوية تحرم ذلك، ودعيته لمناظرة عن شرعية انقلاب الشيخ حمد بن جاسم علي أبيه، وأدعو أيضاً مشايخ السلفية إلي مناظرة، وأنا لا أهاجم الإخوان فقط، فأنا ضد الوهابية أيضاً، فخطر الوهابية المتسلفة أشد من الإخوان، فالسلفية دمروا الإسلام وهم أول من بعث فكر التفكير، فمشكلتي مع الإخوان هي اتخاذ الإسلام مطية لأغراضهم، ففي عهد الإخوان ظهر 300 ملحد في منطقة المعادي وحدها، كما ظهرت في عهد «مرسي» الديانة المارمونية وهي ديانة أمريكية في المعادي، ولدي وثائق تثبت ذلك، وإذا كان الهكسوس ظلوا في مصر 200 سنة وطردوا ثم جاء البطالمة واليونانيون والحملة الفرنسية والإنجليز والأتراك وطردوا، فسوف تبقي مصر إلي الأبد.
سيرة ذاتية
ولد الدكتور أحمد كريمة في العياط - جيزة عام 1951.
حصل على الدكتوراه في الفقه مع مرتبة الشرف الأولى بجامعة الأزهر.
أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين، جامعة الأزهر.
قام بالتدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية من «1981 - 1985».
درس العلوم الشرعية ووضع منهج التربية الإسلامية لسلطنة عمان من «1997 - 2003».
قام بزيارات علمية إلى اليمن ولبنان وطاجيكستان مع شيخ الأزهر السابق رحمه الله «2009».
له نشاط اعلامي ملحوظ في الصحف والمجلات الإسلامية والبرامج الإذاعية والتليفزيونية بمصر وخارجها.
أصدر العديد من المؤلفات والأبحاث العلمية المنشورة.
أبرز مؤلفات: قضية التكفير في الفقه الإسلامي، واعتزل تلك الفرق، وإسلام بلا فرق، والسنة النبوية بين الاجتراء والافتراء، وفقه السلام في الإسلام، ومعالم الإسلام، والاعتداءات الأثيمة على السنة النبوية القويمة، ومعالم الشريعة الإسلامية، وفقه الزكاة بين الأصالة والمعاصرة، وفقه الأسرة في الإسلام، وحرية فقه أم حرية كفر، ونظرات في القضاء الإسلامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.