بين دموع اليأس والقهر التي احتبست في عينيه.. وأنفاسه التي تلاحقت وهو يروي تفاصيل ذلك اليوم.. كانت ملامح الشاب السكندري عمرو أحمد غانم تحكي قصة تشبه كثيراً حال الملايين من شباب مصر الآن. احباط.. وخيبة أمل وثأر مع الاخوان الذين خانوا الوطن وتوحشوا وتغذوا على دماء رافضيهم، وكانت مظاهراتهم الموتورة مسرحاً عبثياً ترتكب فيه أبشع الجرائم. قتلوا أمام عينيه سائق التاكسي الذي كان يستقبله.. وسحلوه وأوسعوه ضرباً ليلحق بالضحية المسكين، استولوا على أمواله ولم يكتفوا بذلك، بل مازالوا يطاردونه في كل مكان.. يعتدون عليه وأسرته ويهددونه بالقتل لإجباره على تغيير شهادته ليفلت الجاني من العقاب. لم يكن عمرو أحمد علي غانم يعلم أن اجازته هذا العام تنتهي بكارثة، بعد أن قضى سنوات في الغربة للعمل في احدى الدول العربية، ودع فيه الأهل والاقارب والاصدقاء والاحباب كأي شاب في مثل عمره.. كان هدفه أن يحسن أحواله بعد أن ضاقت به بلاده فلم يجد فرصة عمل. وفي أغسطس الماضي جاء في إجازة كالعادة، وبالتحديد يوم 16 أغسطس استقل سيارة تاكسي صاحبها مواطن مصري مسيحي علق صليباً في سيارته ليتبارك به كعادة المصريين الطيبة في وضع المصحف أو الصليب أو السبحة.. وبالمصادفة كانت تمر مسيرة لعينة كأنها طوفان بشر من الاخوان الذين أساءوا للاسلام كما لم يسئ إليه من قبل. يتذكر «عمرو» هذا اليوم قائلا: لم يفعل لهم السائق شيئاً، كانت الساعة حوالي الثالثة عصراً ونحن نسير على كورنيش الاسكندرية وسمعنا ضرب النار، وكان الطريق كأنه «منزل» منحدر لأسفل ومع «الفرملة» كادت السيارة أن تلامس أحد المتظاهرين لكنها لم تصبه بأي سوء.. ففوجئنا بالعشرات يهجمون علينا ويهشمون زجاج السيارة ويسحبون السائق «رأفت مينا»، وسمعت صوت رجل ضخم علمت بعد ذلك أن اسمه «عبد المولى» وقد أخرج من جيبه «فرد خرطوش» وأطلق على السائق «الغلبان» طلقة من مسافة قريبة جداً ورأيتهم يوسعونه ضرباً بأقدامهم وبالشوم حتى بعد أن أصبح جثة هامدة، فيما كانت اصوات نسائهم تتعالى «الله أكبر» كأننا في حرب. وفي الوقت نفسه ضربوني خارج السيارة في الجهة المقابلة وانهالوا علىَّ ضرباً وسحلاً.. واخراج الشاب من حقيبته «التي شيرت الخاص به» وقال «انظري آثار أقدامهم على صدري وكتفي» وبالفعل كان التي شيرت يحمل آثار ضرب شديد ودماء واستطرد الشاب قائلا: ضربوني بالسيف مما تسبب لي في جرح قطعي استلزم 38 غرزة داخلية و38 غرزة خارجية، بالاضافة الى سحجات وكدمات تملأ جسدي، وقد حررت أكثر من محضر بقسم المنتزه أول، وأثبت فيه ما حدث لي، وتم عمل اسعافات لي في المستشفى العام، ثم أكملت علاجي على حسابي الخاص. وتوصلت مباحث الاسكندرية الى الجاني، واتضح أنه قيادي اخواني مقيم في عزبة القلعة، وتم القاء القبض عليه في اليوم التالي بنادي المهندسين، وضبط بحوزته أسلحة، كما تم ضبط مجرمين آخرين بمنطقة جليم، وبمواجهتي معه تعرفت عليه، ومن وقتها لم تر عيناي النوم، أعيش في تهديد دائم، خاصة بعد أن هجموا علىَّ وعلى أسرتي وضربوني وأمي السيدة العجوز وابن اختي الطفل الذي لم يتعد عمره 9 سنوات، واضطررت الى تغيير محل اقامتي، الا أنهم تتبعوني واستمروا في تهديدي ومطاردني ويوجد محضر بذلك بتاريخ 23-11 رقم 12652 /2013. سألته وماذا يطلبون منك؟ - يريدوني أن أغير شهادتي في المحكمة لتبرئة «عبد المولى». إذن أنت تريد الحماية منهم؟ - أريد أيضاً الحصول على حقيبتي فلقد سرقوا مني مبلغ 30 ألف جنيه كانت بحوزتي، وهى ليست ملكي ومطلوب مني تسليمها لأصحابها كما أنهم استولوا على جهاز محمول جديد وأوراقي وكل متعلقاتي، وقد ضاع مستقبلي وفقدت عملي. لماذا؟ كنت في اجازة لمدة شهر والكفيل المصري - البحريني عندما علم بقصتي فوجئت به يطلب مني التنازل عن حقي وعن المحضر وألغى التأشيرة الخاصة بي. والكارثة أنه من كبار الممولين للإخوان وللأعمال التخريبية، وله اثنان من الأقارب ماتا أثناء فض رابعة وانتهزها فرصة للانتقام مني، بل انه لم يعطني أياً من مستحقاتي بحجة التأخر في العودة بعد انتهاء الاجازة. حاول «عمر» مداراة دموعه وهو يقول بصوت منخفض ومكسور: «أنا تعبت» اتظلمت كثيراً وعايش مهدد.. وفقدت كل شىء وهم لا يكفون عن مطاردتي وتهديدي «أنا عاوز حقي»!! وأعيش في بلدي بأمان.