وسط حالة من الاتهام المجتمعي لجماعة الإخوان المسلمين بارتكاب جرائم ارهابية فى حق الدولة منذ إعلان خارطة الطريق فى 3 يوليو الماضى، انتظر الكثيرون بشغف متابعة سير جلسات محاكمة قيادت «الإخوان» والأحكام الصادرة بحقهم. وبالطبع لم تكن جلسات محاكمة قيادات «الإخوان» المتهمين بقتل 8 أشخاص فى أحداث المقطم، عادية فتضمنت الكثير من الاتهامات لهيئة المحكمة من قبل المتهمين وصلت حد ترديد الاتهامات المعادية للقضاة أنفسهم، ما استدعى المستشارين إلى التنحي لاستشعار الحرج سواء فى أكتوبر الماضى ثم قبل يومين. وشهدت جلسة نظر القضية المتهم فيها الدكتور محمد بديع والدكتور محمد البلتاجى والدكتور رشاد بيومى والدكتور محمد سعد الكتاتنى، أعضاء مكتب إرشاد الجماعة، الكثير من عدم الانضباط ما قدمه القضاة كسبب للانسحاب، لكن موقفهم بحسب قانونين وساسة غير موفق. وأكد خبراء القانون والسياسة أن هناك حلولاً كفلها قانون الإجراءات الجنائية لتفادى ما يقوم به المتهمون لإفساد جلسة المحاكمة منها استبعاد المتهم من حضور الجلسات، فيما دعا آخرون لتخصيص دوائر خاصة لنظر قضايا «الإخوان». وأوضحوا أن تنحى القضاة يؤدى إلى عدالة غير ناجزة ويؤثر على المنظومة القضائية بشكل عام، مؤكدين استغلال «الإخوان» للأمر لكسب الوقت وعقد اتفاقات وطرح مبادرات على الصعيد السياسى. قال بهاء المستشار بهاء الدين أبوشقة، الفقيه القانونى ونائب رئيس حزب الوفد،: إن الحل الأمثل للخروج من مازق تنحى القضاة من نظر قضايا قيادات جماعة الإخوان المسلمين لاستشعار الحرج، هو تخصيص نيابات متخصصة للتحقيق فى الجرائم ثم تحديد دوائر متخصصة تنظر فى قضاياهم. وأضاف أن الهدف من تخصيص نيابات ودائر متخصصة هو ضم جميع القضايا المرتبطة بعامل الغرض الاجرامى الواحد لنظرها أمام قضاة محددين بتييسر العمل القضائى وضمان تحقيق العدالة الناجزة وعدم تضارب الأحكام. وأردف «أبوشقة»: «لجأ القضاء للدوائر المتخصصة خلال نظر قضية مقتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حيث بلغ عدد المتهمين 176 شخصاً وهو ما أدى إلى سرعة التحقيقات واصدار الأحكام على الجناة».. وأوضح أن المحاكم الخاصة لا تدخل بأى حال فى إطار «المحاكم الاستثنائية» كونها تضم قضاة عاديين وخطوات طبيعية للعمل القضائى، وتابع: «الغرض الوحيد منها هو عدم تعطيل الفصل فى القضايا». أما طارق العوضى، المحامى بالنقض عضو الهيئة العليا لحزب المصرى الديمقراطى، فقد أشار إلى أن قيادات «الإخوان» تستفيد من تنحى القضاة عن النظر فى التهم الموجهة إليهم بل وتسعى لتعطيل الفصل فيها بغية استثمار الوقت داخل اللعبة السياسية لطرح مبادرات أو عقد تحالفات مع أطراف بعينها. وقال «العوضى»: إن الهتافات التى رددها أعضاء مكتب إرشاد «الإخوان» خلال نظر القضية أدت إلى تنحى القضاة عن نظرها، لخوفهم من تأثرهم سلباً تجاه الأحكام التى سيصدرونها، وتابع: «نكن كل الاحترام لهؤلاء القضاة المحترمين فهم يخرجون أنفسهم من الوقوع فى دائرة التأثر نفسياً بسبب هتافات المتهمين». ولا يجد «العوضى» فى تخصيص دوائر لنظر قضايا «الإخوان» سبيلاً لحل الأزمة، باعتبارها تُخرج الأمر من القضاء العادى لنظيره الاستثنائى ما سيُقابل بعاصفة من الانتقادات والاتهامات بتسييس المنظومة القضائية. وقال المحامى بالنقض: إن قانون الإجراءات الجنائية يكفل لهيئة المحكمة استبعاد المتهم من حضور جلسة المحاكمة إذا ثبت أنه مصدر إزعاج لها، وتابع: «ثم بعد استبعاد المتهم من الجلسة يتم استدعائه مرة أخرى ليتلى عليه ما جرى فى الجلسة وهو ما حدث مع المحامى مرتضى منصور الذى كان متهماً فى جلسة نظر قضية موقعة الجمل التى كان متهماً بها». وحذر عضو الهيئة العليا لحزب المصرى الديمقراطى، من تداعيات تكرار تنحى القضاة، وقال: إن الأمر قد يؤدى فى النهاية إلى تحويل نظر القضايا إلى المحاكم العسكرية. وانتقد عصام الإسلامبولى، الفقيه القانونى عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، تنحى القضاة عن نظر قضايا «الإخوان»، مؤكداً أن القانون حدد الأسباب التى على إثرها يأخذ القاضى قراراً بالانسحاب. وأوضح أن علاقة المودة أو العداء بين القاضى والمتهم أو صلة القرابة وكذلك نظر القاضى للقضية أمام دائرة أولى، هى الأسباب التى حددها القانون للقضاة للتنحى استشعاراً للحرج، لافتاً إلى أنه فيما عدا تلك النقاط فلا مبرر للانسحاب ويعد تقصيراً. وأردف: «قانون الاجراءات الجنائية يعطى للقاضى حق استبعاد المتهم الذى يتعمد إفساد جلسة المحاكمة من الحضور حتى نهايتها».. محذراً من أن تكرار تنحى القضاة يؤدى إلى عدالة غير ناجزة خاصة أن نظر القضايا يرتبط بدور الانعقاد للدائرة والمحدد بستة أيام فى الأسبوع فقط.