الإخوان هددوا المستشار هشام سرايا المتنحى فى قضية البلتاجى وحجازى.. وقالوا له: «بينا وبينك تار قديم» قضاة يتوقعون تكرار حالات التنحى.. ومصدر: المتنحون حرروا مذكرات رسمية يذكرون فيها تعرضهم لتهديدات وقائع اعتداء الإخوان على القضاة والمحاكم لم تكن وليدة اليوم، بل إن تاريخهم يشهد اغتيال القاضى أحمد الخازندار، حين كان ينظر قضية كبرى تتعلق بتورط جماعة الإخوان المسلمين فى تفجير سينما مترو، فضلًا عن أحكام سابقة له أدانت أعضاء بالجماعة فى قضايا أخرى، فكان اغتياله على يد شابين منهم. اليوم يمارس الإخوان كل أشكال التعدى والتجاوز ضد القضاة فى المحاكم، لم يصل بهم الأمر إلى مرحلة اغتيال القضاة كما فعلوا مع رجال الشرطة، لكنهم يمارسون كل أشكال الإرهاب والترويع ضد القضاة الذين ينظرون القضايا المتعلقة بقياداتهم، فيوجهون السباب والهتافات الجارحة ضد القضاة ما يدفعهم (أى القضاة) إلى التنحى عن نظر القضايا، وكلها تحت مبرر «استشعار الحرج». خلال أقل من شهر وقعت 3 حالات لتنحى القضاة عن نظر قضايا الإخوان، كان آخرها تنحى الدائرة (18) بمحكمة جنايات جنوبالقاهرة برئاسة المستشار مصطفى سلامة عن نظر قضية اتهام 17 من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين»، بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، ونائباه خيرت الشاطر ورشاد بيومى، فى قضية «أحداث المقطم»، وهى المرة الثانية التى تتنحى فيها هذه الدائرة عن نظر نفس الدعوى، حيث سبقها تنحى دائرة المستشار محمد أمين القرموطى وبنفس السبب وهو استشعار الحرج. وكان المستشار هشام سرايا رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة قد قرر التنحى عن نظر جلسات محاكمة صفوت حجازى ومحمد البلتاجى وآخرين لاتهامهم بتعذيب ضابط، وأمين شرطة، لاستشعارها الحرج وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحديد دائرة أخرى لنظرها. أجمع كثيرون عن أن السبب الرئيسى فى تكرار حالات تنحى القضاة عن نظر تلك القضايا هو ما يمارس ضد القضاة من هتافات وسباب من قبل المتهمين أو من قبل هيئة الدفاع عنهم، وهو ما يدفعهم إلى ترك القضايا، لكن حالات التنحى فى الوقت نفسه كانت محل جدل واستنكار حتى من بعض القضاة زملائهم، حسب ما قالوا لنا، ذلك لأن هذه الوقائع كان متوقعًا حدوثها من الإخوان، بل وستتكرر دائمًا فى كل القضايا المتهمين فيها.. فهل سيكون قرار القضاة فى كل مرة التنحى؟ المستشار أشرف ندا الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة قال، إن قرار تنحى القضاة عن نظر القضايا قرار خاطئ، لأن القضاة بإمكانهم إخراج المتهمين خارج قاعة المحكمة إذا ما صدر منهم تجاوزات، وهذا حق للقاضى أن يأمر بإخراج المتهم خارج القاعة، ويستمر فى مباشرة الجلسة، إلا أن القضاة لم يفعلوا ذلك ولا أعرف السبب. وأشار ندا إلى أن المتهمين الجنائيين يفعلون مثل هذه التصرفات، وأكثر أحيانًا، والقاضى يخرجهم خارج القاعة، مؤكدا أنه كان أمرًا متوقعًا أن يمارس المتهمون الإخوان كل هذه التصرفات ضد المحكمة. وأضاف ندا أنه من حق القاضى التنحى لاستشعار الحرج وفقًا للقانون الذى حدد حالات التنحى، التى من بينها أن يكون القاضى على علاقة شخصية بالمتهم أو بينهما مودة أو عداء، فيتنحى القاضى، واستشعاره الحرج هو سلطة تقديرية للقاضى، ولا يجوز منازعته فيه، لكن ندا قال إن ذلك لا بد فى أضيق الحدود، وأن يكون بسبب واضح، واصفًا ما يحدث من حالات تنحى القضاة الآن بأنه «تهريج». وأشار إلى أن القاضى منذ أن وزعت عليه أوراق القضية، وهو متوقع أن ذلك سيحدث، فلماذا لم يعتذر من وقتها عن نظر الدعوى وانتظر حتى موعد الجلسة الأولى ليتنحى؟ وحذر ندا من أن الإخوان يستغلون تنحى القضاة عن نظر القضايا ليرسلوا رسائل للخارج خاطئة، بأن تنحى القضاة إقرار منهم على أنهم يرفضون «الانقلاب». واقترح الرئيس بمحكمة الاستئناف أن يتم وضع المتهمين فى أقفاص زجاجية، واستشهد بمحاكمة الرئيس التركى عبد الله جول، الذى وضع داخل قفص حديدى، وكان يتعامل مع المحكمة بالميكروفون، وحين يصدر أى تصرفات متجاوزة ضد المحكمة كانت تفصل الميكروفون حتى لا يصل صوته إلى المحكمة. أما المستشار زكريا شلش رئيس محكمة جنايات الجيزة، فأكد أن حالات تنحى القضاة عن نظر قضايا الإخوان لن تكون الأخيرة، وأن الأمر سيتكرر فى قضايا أخرى نتيجة ما يمارس ضد القضاة من ضغوط وإهانات من جانب المتهمين. تصريحات خرجت، أول من أمس، من المستشار إسماعيل حفيظ مدير نيابة حوادث جنوبالقاهرة وممثل النيابة العامة بجلسة محاكمة قيادات جماعة الإخوان المحظورة، فى قضية قتل المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد، قال فيها إن السبب الرئيسى وراء تنحى هيئة المحكمة هو ترديد المتهمين داخل القفص عبارات تسىء للقضاء المصرى، وهو ما أثار استياء هيئة المحكمة لاتخاذ القرار بالتنحى. الهتافات ضد القضاة وتهديدات لهم ولأسرهم هى أسباب تنحى القضاة عن نظر القضايا، حسب ما قاله لنا مصدر قضائى، فضل عدم ذكر اسمه، حيث أكد أنه نما إليه معلومات مؤكدة فى جميع الحالات التى تنحى فيها القضاة عن نظر القضايا كانت بسبب تهديدات قد وصلت إليهم ولأسرهم، مؤكدا أن هذه التهديدات مذكورة فى المذكرات الرسمية التى قدمها القضاة المتنحون لأسباب تنحيهم، المصدر أضاف، أنه فى نفس اليوم التى توزع فيه قضية ما تخص الإخوان يصل إلى القاضى الذى يباشرها تهديدات له ولأسرته، مشيرًا إلى أن رؤساء دوائر الجنايات كبار فى السن ولديهم أبناء وأحفاد ويخشون عليهم. وذكر المصدر على سبيل المثال أن المستشار هشام سرايا، الذى تنحى عن نظر القضية التى يحاكم فيها محمد البلتاجى وصفوت حجازى، أن سرايا «طول عمره مكروه من الإخوان حيث كان يعمل بنيابة أمن الدولة.. والإخوان قالوا له فى المحكمة بينا وبينك تار قديم». ويتسق مع ما قاله المصدر القضائى ما قام به الإخوان من أشكال الإرهاب ضد بعض القضاة من بينهم على سبيل المثال القاضى حسين قنديل عضو الشمال فى محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى، التى وصلت تظاهرات الإخوان إلى بيته بالمنصورة، أيضا القاضى الذى أصدر الحكم ضد بنات الإسكندرية «حركة 7 الصبح»، حاصروه بالمظاهرات أيضًا. «القضاة يتنحون بسبب قلة أدب المتهمين وتجرئهم على المحكمة، والهتافات التى تعيق المحكمة عن عملها، تجعل المحكمة تتنحى عن نظر الدعاوى، لأنه حين يشعر القاضى بغضب وحقد ضد المتهمين، كيف يستطيع أن يحكم فى الدعوى؟». هذا ما قاله خالد أبو بكر المحامى وعضو الاتحاد الدولى للمحامين العرب، عن وقائع تنحى القضاة، مؤكدًا أنه لا توجد أسباب أخرى للتنحى بخلاف توجيه الإهانات والسباب للمحكمة، وقال «أنا كقاضٍ أسمع هتافًا وشتيمة ضدى، ويتولد غضب بداخلى وضيق من المتهم، كيف استمر فى القضية وأحكم بالعدل؟». أبو بكر أشار إلى أنه من حق القضاة أن يستخدموا حقهم فى طرد المتهمين خارج الجلسة إذا ما مارسوا أى أعمال بها تجاوز. وتجيز المادة 150 من قانون المرافعات والمادة 249 من قانون الإجراءات الجنائية، تنحى هيئة المحكمة بسبب «استشعار الحرج»، دون أن تقدم أسبابًا لذلك، بحيث إذا قامت لدى القاضى أسباب يستشعر معها الحرج فى نظر الدعوى، فإنه يعرض أمر تنحيه عن نظر الدعوى على رئيس المحكمة، ليقوم بتوزيع القضية على دائرة أخرى. وأخيرًا يرى المستشار محمد عبد الهادى عضو مجلس إدارة نادى القضاة، أن التطاول على المحكمة وإهانتها من قبل المتهمين ومحاميهم هو الذى يدفعها للتنحى واستشعار الحرج، عبد الهادى قال، إن هذا الأمر يمارس بشكل ممنهج ومتعمد، لأن نتيجته معلومة لدى الإخوان، ولن تستطيع المحكمة أن تتخذ إجراءً مباشرًا وفعالًا ضد المتجاوز فى حقها، خصوصًا لو كان محاميًّا، لأن قانون المحاماة يحصنه ضد جرائم الجلسات بناءً على نص المادتين 49 و50 من قانون المحاماة. وأضاف، محامو الإخوان بدؤوا يتخذون من هذه الحصانة تكأة بتعمدهم إهانة هيئة المحكمة، فإذا ما أهينت المحكمة بات هناك تحرج من المحكمة أن تستكمل نظر الدعوى أمام هيئة الدفاع التى أهانتها، وشدد عبد الهادى على أنه يجب أن يكون لنقابة المحامين دور لمحاسبة وتأديب من يتجاوز ضد المحكمة من المحامين.