يخطئ من يعتقد أن أي جماعة أو تنظيم يمكن أن يفرض إرادته علي الدولة.. ويخطئ أيضا من يعتقد أن أي ضغوط خارجية أو أعمال إرهابية يمكن أن تنال من سيادة دولة في حجم مصر، أو ترهب شعبا مثل الشعب المصري، وكل ما يحدث الآن من أعمال إرهابية وفوضوية سواء كانت في الشوارع أو الجامعات، لن تزيد الجماعة وأتباعها إلا عزلة وكرها من عموم الشعب المصري الذي يبحث الآن عن الاستقرار وتحسن الوضع الاقتصادي. أعمال الفوضي والإرهاب التي تمارسها الجماعة وأتباعها بهدف تخويف الشعب المصري، وتعطيل خارطة المستقبل وعرقلة الاستفتاء علي الدستور، لن تزيد المصريين إلا إصرارا علي التوجه الي لجان الاقتراع لاستكمال الطريق ودحر هذه الجماعة وإعادتها الي جحورها مرة أخري.. وكل التجارب السابقة تؤكد أن الشعب المصري شعب متدين وطيب يمكن التأثير عليه واستمالته بالحسني واللعب علي مشاعره الدينية أو إيهامه بالشعارات البراقة.. إلا أنه لا يقبل الترهيب والتخويف ولا التهديد.. وإلا ما رأيناه بعشرات الملايين يوم 30 يونية في كل الشوارع والميادين رغم أن الجماعة كانت في الحكم وتملك السلطة وأصدرت كل أشكال التهديد والوعيد لكل من يخرج أو يتظاهر. لذلك أصبحت كل مخططات وأعمال الجماعة مجرد حلاوة روح وأعمال صبيانية في نظر الشعب، وبعضها أصبح أعمالا جنونية لا تسيء إلا إلي مرتكبيها مثل حادثة جامع العزيز بالله في حلمية الزيتون الذي تعرض فيه إمام المسجد وعدد من الأئمة بالأزهر للاعتداء، وصلت الي حد محاولة القتل علي يد مجموعة من الإخوان وأتباعهم.. وهو أمر يؤكد من جديد أن هؤلاء الأشخاص قد فقدوا عقولهم، ولم يخرجوا فقط علي مبادئ وأصول الدين وإنما أيضا علي كل قواعد وأصول الأدب والأخلاق التي هي من مبادئ وأسس الإسلام، وذلك عندما أهدروا وتعدوا علي حرمة المسجد كبيت من بيوت الله، ورفعوا فيه الأحذية وتطاولوا بها وبألسنتهم علي علماء الأزهر الشريف، وتمادوا في غيهم بخطف العمامات والتمثيل بها كنوع من الإهانة للأزهر!! هذه الجريمة النكراء التي قابلها المصريون بالاشمئزاز والاستنكار تكشف الي أي مدي ضرب الجنون عقول وقلوب الإخوان وأتباعهم علي ضياع السلطة من أيديهم، لأن الواقعة لا تمت للدين أو الإسلام بصلة وكان كل الهدف منها تشويه الأزهر ورجاله، وقد يعتقد البعض أن ذلك بسبب منهج الأزهر الذي يتسم بالاعتدال والوسطية.. بينما الحقيقة أن هناك سببا جوهريا آخر هو أن علماء الأزهر وأبناءه يتميزون دون غيرهم في الأمة الإسلامية كلها بدراستهم الواسعة والمستفيضة وهم متمكنون من قواعد الفقه وعلوم الدين الصحيح، وهو أمر يفتقده كل هؤلاء الدجالين من أدعياء الدين الذين يستمدون ثقافتهم الوضيعة من السمع أو بعض الكتب المغرضة المنتشرة علي الأرصفة وأمام بعض المساجد، ويمارسون من خلالها دجلهم علي البسطاء بقوة حناجرهم مستغلين ضعف الثقافة الدينية عند العامة ويجنون من وراء حناجرهم ثروات طائلة، ولم يعد خافيا علي العامة تعدد ثروات وزيجات كل هؤلاء الدجالين من أصحاب صكوك الإيمان والكفر والجنة والنار.. إلا أنهم يشعرون دائما بأن عروشهم مهددة بسبب وجود علماء الأزهر الأجلاء، ولذلك لا تجدهم يستطيعون مواجهة أو مناظرة أحد من علماء الأزهر الذي مر عليه 14 قرنا من الزمان، وقديم قدم الإسلام ذاته حتي أصبح أقدم جامعة في العالم تدرس صحيح الإسلام، ولعل علماءه وأبناءه المنتشرين في الأمة العربية والإسلامية أكبر دليل علي شموخه وعظمته في خدمة الإسلام. باختصار.. من المؤكد أن حادثة جامعة العزيز بالله وكل الحوادث التي يرتكبها الإخوان وأتباعهم من قتل وإرهاب وفوضي هي غضب من الله عليهم، وتبصرة لهذه الأمة لأنها تكشف خداعا وزيفا زاد علي ثمانين عاما، وتكشف وتعري كل أدعياء الدين وحاملي شعاراته الجوفاء والمتاجرة به والإساءة إليه.. وهي فرصة لاستعادة الأزهر الشريف وكل مؤسسات الدولة لدورها الحقيقي.. وهي أيضا أعمال استفزازية لهذا الشعب ومحفزة له في إقرار دستوره الجديد الذي يساوي بين كل المصريين ويعيد لهم امتلاك دولتهم بعد اختطافها من هذا الفصيل الفاشي.