في الوقت الذي أنهت فيه لجنة الخمسين باب المناقشات حول الدستور الجديد ومواده، بدأت جماعة الإخوان الحرب عليه بمجرد خروج بعض المواد إلي النور وليس الانتهاء منه أو انتظار قرار من رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه. وهنا تكمن أزمة الجماعة بأن كل ما حدث في 30 يونية وما بعدها هو انقلاب علي شرعيتهم وشرعية الرئيس المعزول محمد مرسي - بحكم معتقداتهم الإخوانية دون أي اعتبار لإرادة الشعب المصري الذي خرج بعشرات الملايين في الشوارع لرفض استمرار نظام حكمهم. وبالتالي، فإن اتخاذ أي خطوة لتنفيذ خارطة الطريق التي أعلن عنها الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي تعد بمثابة ضياع الأمل الذي يحلمون به - فما بالك إذا كان إقرار الدستور هو أول درجة علي سلالم الخارطة تجاه بناء الدولة المصرية الذي لا يرتضيه هذا التنظيم الإخواني. ونعرف أن معارضة الإخوان لهذا الدستور لن تكون بناء علي الاختلاف مع بعض المواد فيه أو صياغته أو ما شابه ذلك،مثلما فعل المعارضون تجاه دستور الإخوان المعطل ،وإنما سيكون بناء علي أن هذا الدستور هو ابن شرعي خرج من رحم ثورة 30 يونية، فالجماعة تكره الأم ولذلك تكره وترفض الابن من منطلق العداء. وموقف الإخوان من الدستور - وفقاً للرأي العام الظاهر حالياً لن يؤثر كثيراً علي تمريره بحكم الأغلبية الشعبية المؤيدة له باستثناء أعضاء التنظيم فقط، وهنا فإن عدم مشاركة الإخوان في الدستور سيأتي بنتيجة كاسحة لصالح «نعم» لغياب أصواتهم ومن هنا يتم تمرير الدستور بنسبة حضور مرتفعة. أما مشاركة الإخوان للتصويت ب«لا» ستأتي بنتيجة أقل من المتوقعة في حالة عدم مشاركتهم ولكنه سيعطي دلالة أهم من التصويت وهو اعترافهم بخارطة الطريق والمشاركة فيها ليعترفوا بما حدث في 30 يونية، إلا أن كل التوقعات ترجح عمل التنظيم علي إثارة الفوضي وتخويف المصريين من الخروج للاستفتاء وبالتالي ضعف الإقبال وإحراج الفترة الانتقالية بشكل عام وبما تتضمنه من مؤسسات وشخصيات. ويري الكاتب الصحفي أحمد طه النقر، المتحدث باسم الجمعية الوطنية للتغير أن تنظيم جماعة الإخوان لن يكتفي بالمعارضة للدستور فقط من خلال منابرهم الإعلامية التي يستخدمونها ضد الإرادة الشعبية بل سيعمل التنظيم في عدة محاور. ويتوقع النقر قيام تنظيم الإخوان خلال الفترة القادمة بتبني عمليات التشويه والإساءة لأعضاء لجنة الخمسين الذين صاغوا مواد الدستور وبذلوا فيه جهداُ ثميناً قائلاً: «لدي تحفظات علي بعض المواد،إلا أنه في النهاية عمل بشري لايمكن أن يكون هناك اتفاق جماعي تحت مظلته ومن السهل تغيير أو تعديل بعض المواد في الفترة المقبلة». ويستكمل «النقر»: الأهم من ذلك هو حرص الشعب علي عبور هذه المرحلة الخطيرة،والدستور جاء بأكثر مما كنا نتمناه في أشياء كثيرة وتنظيم الإخوان سيعارض الدستور بكل قوة بغض النظر عن مواده وصياغتها لكونه أصبح في عداء واضح مع الفترة الانتقالية بكل ما يصدر عنها». ويضيف «النقر»: «ستعمل الجماعة أيضاً علي نشر الفوضي في يوم الاستفتاء لإفشال فرحة المصريين بدستورهم المعبر عن ثورتهم في 25 يناير و30 يونية، وذلك من أجل تخويف المواطنين من الخروج للاستفتاء علي الدستور من ناحية وانخفاض الأعداد المشاركة ليتحججوا بانخفاض نسبة المشاركين». وأكد «النقر» أن تنظيم الإخوان سيسعي للتشكيك في كل مواد الدستور والقائمين عليه لإعطاء صورة غير حقيقية عن الوضع الحالي في محاولة منهم لخلق حالة من العداء بين المواطنين وبين الفترة الانتقالية وخارطة الطريق. ويطالب «النقر» المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية بأن يتضمن الإعلان الدستور الصادر عنه بدعوة الناخبين للاستفتاء علي تحت شعار «الدعوة للاستفتاء علي الدستور الجديد» أو «دستور 2013» أو «دستور الثورة»، دون أن يتضمن أي عبارة تتعلق بدستور الإخوان 2012 أو تعديله. وأضاف «النقر»: من غير المقبول للشعب المصري أن يأتي بعد ثورتين ليجد نفسه أمام دستور معدل،خاصة أن تسميته بهذا الاسم تعني الانتقاص من جهود لجنة الخمسين التي صاغت دستوراً جديداً بالفعل ولم تجر مجرد عمليات تعديل أو ترقيع - حسب قوله. ودعا «النقر» الشعب المصري للمشاركة في الاستفتاء علي الدستور وخروج عشرات الملايين لإذهال العالم مرة أخري بالحشد ولقطع الطريق أمام المخربين والفوضويين قائلاً: «في حالة خروج الملايين، تختفي الأقزام من المشهد وتخاف من المواجهة الشعبية الجارفة». ويري اللواء محمد رشاد وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق والخبير الأمني في تصريحاته ل»الوفد»،أن تنظيم الإخوان بدأ عمليات التشويه بالفعل ضد الدستور الحالي وضد الدولة المصرية بشكل عام منذ 30 يونية وحتي الآن بعد أن أصبح التشكيك في كل شيء سيد الموقف عند التنظيم. أكد اللواء رشاد أن الجماعة ستعمل علي إثارة الفوضي والمشاكل في كل التجمعات خاصة عند اللجان الانتخابية حتي ولو لم يشاركوا في العملية نفسها حتي يجبروا - كما يعتقدون - القضاة علي غلق اللجان وإعاقة عمليات التصويت لتأتي النسبة ضعيفة، إلي جانب تنظيم مظاهرات تأخذ طابع العنف قبل تنظيمها لتخويف المواطنين من الخروج. ويري الخبير الأمني أن أي اعتداء أو إثارة للفوضي أو التظاهر بشكل غير قانوني سيقابل بمعاملة أمنية وفقاً لقانون التظاهر الجديد وستنجح الأجهزة الأمنية في السيطرة علي الموقف وإنجاح عملية الاستفتاء ليكون عيداً للمصريين - بحسب قوله. وعن دعم التنظيم الدولي لهذه العمليات قبل وأثناء الاستفتاء قال وكيل جهاز المخابرات «التنظيم الدولي يدعم الإخوان من خلال الفضائيات الموالية له وخاصة قناة الجزيرة وبعض القنوات الأمريكية الأخري». واستكمل «رشاد» قائلا: التنظيم الدولي وقع عقود مادية مع هذه القنوات وأصبحت قناة الجزيرة لا تعمل وفق السياسة القطرية بقدر ما تعمل وفقاً للعقود المبرمة لخدمة أهداف سياسية مشبوهة ضد الدولة المصرية من قبل التنظيم الدولي. وقال الكاتب الصحفي جمال فهمي، وكيل أول نقابة الصحفيين إن محاولات تنظيم جماعة الإخوان تجاه معارضة الدستور لن تلقي قبولاً لدي الشعب المصري الذي فطن لألاعيب وكذب الجماعة ضد من يختلفون معهم في الرأي. وأضاف «فهمي»: الشعب وضع هذا التنظيم في سلة مهملات التاريخ ومحاولاتهم للتشكيل في كل شيء يحدث بالبلاد لتنفيذ خارطة الطريق هو محاولة يائسة لإحيائهم بعد موتهم سياسياً وشعبياً. أكد وكيل نقابة الصحفيين أن محاولات التهديد والتخويف التي ربما تسعي إليها الجماعة يوم الاستفتاء لن تجدي مع الشعب المصري وعليهم أن يعرفوا ذلك جيداً قائلاً: «عمليات البلطجة والإرهاب لن تأتي بنتيجة مع الشعب ولم يعد هناك أي مواطن لديه حد أدني من الحس الوطني يصدقهم ويصدق أكاذيبهم».