ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. أوقاف الإسماعيلية تنظم فعاليات توعوية بالمدارس    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    الحد الأقصى للسحب والإيداع اليومي من البنوك وماكينات الصراف الآلي بعد قرارات البنك الأهلي والمركزي    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر وبولندا لبحث تعزيز التعاون الثنائي وتطورات الأوضاع في غزة    سفير الصين: الخطة الخمسية ترسخ مصر كنموذج يُحتذى للحزام والطريق بقيادة السيسي وشي    ذا أثليتك: ألونسو يفرض النظام في مدريد.. واللاعبون بين الإعجاب والغضب    السجن سنة وغرامة 100 ألف جنية ضد سوزي الأردنية    حكم رادع ضد طفل المرور و2 آخرين فى اتهامهم بالتعدى على طالب بالمقطم    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    أمن الجيزة يكشف لغز العثور على جثة شاب غرق في نهر النيل بإمبابة    اللمسات الأخيرة قبل افتتاح المتحف المصري الكبير تكشف كواليس الاستعدادات النهائية    رئيس التعبئة والإحصاء: المتحف المصرى الكبير يجسد عبقرية المصريين عبر العصور    ب4 آلاف جنيه.. فيلم درويش يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    عالم ياباني يحتفي بدعوة حضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: يا له من شرف عظيم    هيئة الدواء تحذر من مضاد حيوي مغشوش بالسوق    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    10 مشروبات طبيعية لعلاج الأرق وصعوبة النوم    شوبير يكشف حقيقة استقالة حسين لبيب من رئاسة نادي الزمالك    «قوة اقتصادية للأهلي».. رسالة عبد الحفيظ للخطيب وياسين منصور    محافظ الدقهلية يتابع محاكاة سيناريوهات التعامل مع مياه الأمطار بالمنصورة    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    خايفة ومتوترة.. وصول سوزي الأردنية إلى الاقتصادية لمحاكمتها بخدش الحياء    محافظ الشرقية يتفقد أعمال رصف ورفع كفاءة طريق النكارية القنايات    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    القنوات الناقلة لمباراة مصر ضد إسبانيا في كأس العالم لليد تحت 17 سنة.. والموعد    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    الأونروا: المساعدات لغزة تضاعفت لكنها نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    ملفات ساخنة على طاولة أول لقاء يجمع المستشار الألمانى ورئيس تركيا    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين ملاكي وربع نقل بسيدي حنيش    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    اسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغيد الصلح يكتب : وعد بلفور . . هبة العنصريين الأوروبيين إلى الصهيونية
نشر في الوفد يوم 08 - 11 - 2013


رغيد الصلح
طالبت قيادات فلسطينية بريطانيا، لمناسبة انقضاء 96 عاماً على صدور وعد بلفور، بالاعتراف بمسؤوليتها في وقوع المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني، وبالاعتذار إلى الفلسطينيين عن الانتهاك التاريخي لحقوق شعب فلسطين،
والتعويض عما لحق به من جور وظلم عن طريق دعم حقوقه التاريخية .
لا ريب في أن القيادات الفلسطينية هي على حق في تأكيدها على دور وعد بلفور في قيام الكيان العبري، وفي مغزاه كتعهد يتناقض مع كل الوعود التي أعطيت إلى العرب خلال الحرب العالمية الأولى . ولا ريب في أنه من المناسب أن تستفيد القيادات الفلسطينية والعربية من الذكرى لكي توضح للبريطانيين مسؤولية الحكومات البريطانية، وليس العرب والفلسطينيين خلال العهود الماضية عن التدهور في العلاقات العربية - البريطانية . ولئن كان في بريطانيا من يضيق بالعودة إلى وعد بلفور وإلى الحديث عن مساوئه وأضراره من السياسيين، ولئن كان موقف هؤلاء عائد إلى أنهم يريدون استمرار السياسة التي مثلها ذلك الوعد المشؤوم تجاه العرب والفلسطينيين، فإن بين البريطانيين اليوم حركة نشطة ترمي إلى نبذ سياسة وعد بلفور، وتعمل على تصحيح نتائج تلك الواقعة التاريخية .
تتمثل هذه المحاولة بما تقوم به منظمات مدنية عريقة بين الاتحادات العمالية وأساتذة الجامعات ومنظمات سياسية وأهل الفكر والمؤسسات الكنسية من نشاط حثيث ومبادرات لا تنقطع عن مناصرة نضال الفلسطينيين والعرب ضد المشروع الصهيوني التوسعي . وإذ تستند هذه المواقف والمبادرات إلى منطلقات أخلاقية راسخة ونهج إنساني عميق، فإنها تتطلع إلى التخفيف من آثار وعد بلفور في العلاقات البريطانية - العربية . وتستفيد هذه الجماعات من تسليط الأضواء على الأضرار التي ألحقها وعد بلفور بالفلسطينيين وعلى آثاره السلبية في العلاقات البريطانية - العربية، لأنه يساهم معها في تفسير موقفها الراهن من الصراع العربي- “الإسرائيلي”، ويقدم حججاً إضافية وتاريخية على صواب موقفها الداعي إلى اتباع سياسة منصفة تجاه الفلسطينيين .
ولكن في الوقت نفسه الذي يحمل فيه العرب والفلسطينيون بريطانيا مسؤولية كبرى في نجاح المشروع الصهيوني على حساب الآمال الفلسطينية الوطنية المشروعة، وعلى حساب أمن واستقرار المنطقة العربية، فإنه من الضروري أن نضع وعد بلفور في إطاره القاري الأوروبي . لقد أعطي الوعد على خلفية الصعود المتزامن في أوروبا خلال القرن التاسع عشر للنزعة العنصرية، وتبلورها في مبادئ الداروينية الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع تعمق الإمبريالية الأوروبية . وكانت بين التيارين نقاط تقاطع عديدة من بينها العداء للسامية وتحقير اليهود الأوروبيين والمطالبة بإخراجهم من القارة الأوروبية أو حتى بإبادتهم .
ولقد انقسم اليهود الأوروبيون، حيال هذه الظاهرة، إلى فريقين: واحد اندفع إلى مقاومتها عبر التأكيد على انتمائه الوطني إلى دول القارة والإنساني عبر انخراطه في الأحزاب والحركات الأوروبية ذات الطابع الإصلاحي والتنويري . وقد وقف العديد من هؤلاء ضد المشروع الصهيوني وناهضوه بقوة كما فعل لورد مونتيغيو، وزير الدولة لشؤون الهند في حكومة لويد جورج التي أصدرت وعد بلفور . لقد انتقد مونتيغيو، الوزير اليهودي الوحيد في تلك الحكومة، الوعد بحدة بقوله إنه طالما ناضل ضد عقلية الغيتو، وإن الوعد سوف يرسل اليهود لكي يعيشوا في غيتو دولي في فلسطين . أما الفريق الآخر، فقد اعتنق مبادئ الصهيونية التي لم تكن تتناقض مع مبادئ العنصريين الأوروبيين، إذ إنها هي الأخرى كانت تدعو إلى ترحيل اليهود من القارة الأوروبية إلى المشرق العربي . من هنا كنا نشهد التعاطف المعلن بين الأوروبيين اللاساميين، من جهة، والحركة الصهيونية من جهة أخرى إلى درجة أن دراسات وأبحاثاً كثيرة كانت تشير إلى أن غلاة المؤيدين للحركة الصهيونية، مثل بلفور وونستون تشرشل، كانوا هم أنفسهم من المعادين للسامية .
لقد انتشرت اللاسامية في أوروبا الشرقية حيث تكررت البوغرومات - أي المذابح - ضد اليهود . وانتشرت اللاسامية في غرب أوروبا، كما تدل محاكمة درايفوس الشهيرة، وهو ضابط يهودي فرنسي حوكم بتهمة تسريب معلومات إلى الألمان . وتحولت المحاكمة إلى موقعة فاصلة بين اللاساميين، من جهة، ودعاة المساواة بين سائر الأديان في فرنسا من جهة أخرى . برزت خلال المحاكمة قوة التيار الأول، إذ أرسل درايفوس إلى السجن رغم الدلائل القوية التي كانت تؤكد براءته من التهمة . وكانت هذه الموقعة من الأهمية بحيث إنها أقنعت الصحفي النمساوي اليهودي هيرتزل بأن الصهيونية هي الحل الوحيد للمسألة اليهودية .
وانتشرت اللاسامية في ألمانيا، بحيث كان القيصر وليم من المتعاطفين معها إلى درجة أنه نسب إليه تأييده للخلاص من اليهود . في الوقت نفسه تحولت ألمانيا إلى مركز لأهم المنظمات الصهيونية التي سعت إلى كسب تأييد الدولة الألمانية والقيصر الألماني وليم بصورة خاصة . كذلك لم يكن غريباً أن ينجح الصهاينة في كسب تأييد بعض المسؤولين الألمان ودعمهم لمشاريع الاستيطان في فلسطين . هذا ما لمسه الفلسطينيون الذين توفرت لديهم أدلة على أن بعض المسؤولين الألمان المتعاطفين مع الصهيونية حملوا الإدارة العثمانية في فلسطين على التساهل مع المستوطنين الصهاينة .
إن هذه العلاقات لم تكن لتشكل معلماً مهماً في تقديم الدعم إلى المشروع الصهيوني، ولكنها اكتسبت هذا الطابع مع وصول الهتلريين في مرحلة الثلاثينات إلى السلطة في ألمانيا . فعقب هذا الحدث تم توقيع معاهدة “التسفير” بين النازيين والمنظمات الصهيونية الألمانية، وارتفعت نسبة المهاجرين الألمان إلى فلسطين خلال الثلاثينات . وهذا التطور في العلاقات الألمانية - الصهيونية كان هو السبب الأبرز لوقوع الثورة الفلسطينية عام 1936 ولاستمرار هذه الثورة لمدة سنتين، تخللها تعاون حثيث بين النازيين والصهاينة .
إن المحطات الأوروبية المتعددة التي مرت بها الحركة الصهيونية قبل تحقيق هدفها في إقامة الكيان العبري لا تقلل من أهمية وعد بلفور ومن أثره في مآل المشروع الصهيوني، ولكنها تدلنا على أن الصهيونية لم تكن ربيبة بلد أو دولة معينة، وإنما هي الابن الشرعي للعنصرية الأوروبية وللعداء للسامية . لقد دفع العرب واليهود الأوروبيون معاً ثمن انتشار هذه العنصرية، ولسوف تستمر هذه المأساة إلى أن تتحرر فلسطين من الصهيونية والاحتلال ومظالم العنصرية ونظرتها البائسة تجاه البشر .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.