أسعار الذهب اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    الاتصالات: الأكاديمية العسكرية توفر سبل الإقامة ل 30095 طالب بمبادرة الرواد الرقمين    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    ترامب يوجه رسالة خاصة ل كريستيانو رونالدو: أعتقد أن بارون يحترمني كوالده أكثر قليلا الآن    جامايكا وسورينام يكملان الملحق العالمي المؤهل لكأس العالم    غلق الطريق الصحراوى من بوابات الإسكندرية لوجود شبورة مائية تعيق الرؤية    خيرية أحمد، فاكهة السينما التي دخلت الفن لظروف أسرية وهذه قصة الرجل الوحيد في حياتها    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    الرئيس السيسي: البلد لو اتهدت مش هتقوم... ومحتاجين 50 تريليون جنيه لحل أزماتها    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    البيت الأبيض: اتفاقية المعادن مع السعودية مماثلة لما أبرمناه مع الشركاء التجاريين الآخرين    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    شمال سيناء تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس النواب 2025    "الوطنية للانتخابات": إلغاء نتائج 19 دائرة سببه مخالفات جوهرية أثرت على إرادة الناخب    فرحات: رسائل السيسي ترسم ملامح برلمان مسؤول يدعم الدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا تسرق الثورة!

عقب ثورة‮ 25‮ يناير فتح سمير رضوان وزير المالية حنفية التصريحات والوعود البراقة علي مصراعيها ،‮ لطمأنة الرأي العام علي الأوضاع الاقتصادية في مصر،‮ والتي تشير في مجملها إلي أن الاقتصاد في طريقه إلي الانتعاش بما يحقق الرفاهية لشعب عاني كثيراً‮ من البؤس في ظل تنامي الفساد،‮ واحتكار فئة بعينها للثروة والسلطة‮. وأن ذلك سيأتي عن طريق جذب الاستثمارات في بيئة ديمقراطية،‮ وتبين في النهاية أن تلك التصريحات كانت أشبه بمخدر وقتي،‮ سرعان ما انتهي مفعوله لنستيقظ علي حقيقة مرة،‮ وواقع اقتصادي أكثر مرارة،‮ فبدأ السحب من الاحتياطي النقدي بصورة مخيفة،‮ لمواجهة جزء ضئيل من الأزمة،‮ ولم يكن‮ غريباً‮ أن تشرب حكومة عصام شرف من نفس الكأس،‮ وتتعاطي علي جرعات متكررة من التصريحات المخدرة،‮ والوعود الزائفة،‮ تلقتها من أنظمة إقليمية،‮ وأخري دولية في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية،‮ مفادها تقديم مساعدات نقدية،‮ والمساهمة في إنعاش الاقتصاد بتوجيه استثمارات ضخمة،‮ للوقوف إلي جانب الشعب المصري بعد ثورته التي أبهرت العالم،‮ وما بين هذا وذاك كان الواقع في الداخل ينذر بمخاطر لا حصر لها جراء تعطل الإنتاج في العديد من المنشآت الاقتصادية وتنامي ظاهرة الاعتصامات الفئوية،‮ المطالبة بتوزيع عادل للثروة والأجور،‮ مروراً‮ بحالة الانفلات الأمني،‮ التي دفعت تداعياتها إلي انحسار السياحة باعتبارها أحد أهم الموارد الاقتصادية التي تتأثر بالمتغيرات السياسية والأمنية،‮ وصولاً‮ إلي إغلاق العديد من المنشآت أبوابها لتضيف أرقاماً‮ جديدة في طابور البطالة والمتعطلين‮. أما عن الوعود الإقليمية والدولية‮.. فلم تكف سوي أوراق ضغط يتم استثمارها في تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية لكل دولة علي حدة،‮ فجميع تلك الوعود يخبئ نوايا ليست بالطيبة،‮ في مقدمتها وأد الثورة الوليدة،‮ والالتفاف علي أهدافها وإجهاض تطلعاتها المستقبلية والإبقاء عليها كحليف استراتيجي أبدي للولايات المتحدة الأمريكية،‮ يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية ويحقق الرغبات الإسرائيلية كقوة ضاغطة في المنطقة،‮ من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية‮.. واشنطن وعدت مؤخراً‮ بتقديم حزمة من المساعدات الاقتصادية والاستعداد لتوجيه الاستثمارات في الكثير من المجالات،‮ وبدأت هذه الوعود بإسقاط مليار دولار من الدين الخارجي،‮ ولم يكن ذلك من باب المجاملات أو المنح باعتبارها دولة‮ غنية ولديها مساهمات في الدول النامية،‮ إنما في إطار استراتيجية محددة المعالم،‮ هي اخضاع مصر‮ - كما كانت في النظام البائد‮ - للإملاءات والشروط الأمريكية،‮ التي تحقق مصالح الدولة العبرية،‮ وهذه الدوافع ليست وليدة التغيير الذي جري في مصر،‮ ولكنها امتداد طبيعي لسياستها التي بدأت منذ ما يزيد علي‮ 30‮ سنة،‮ وهي الاحتواء مقابل المعونات الاقتصادية‮.. وهي أي واشنطن كانت تقدم معونة عبارة عن مبلغ‮ سنوي ثابت منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام‮ 1979،‮ والتي بلغت وفق تقديرات عدة تقارير رسمية إلي‮ 28‮ مليار دولار‮.‬
المراقب لقصة المعونة الأمريكية،‮ وما تفرضه واشنطن من ضغوط علي الحكومات المتعاقبة،‮ يكتشف العديد من السلبيات التي جرت علي أرض الواقع،‮ فالمعونة تحولت إلي هيئة أمريكية تعمل داخل مصر،‮ بتمويل من المعونة نفسها،‮ وهذه الهيئة مارست العديد من الأساليب التي تجاوزت حدود المنطق والفعل،‮ والإرادة السياسية‮.. أقصد احترام إرادة الدولة،‮ بتدخل سافر في جميع مناحي الحياة في مصر‮: »‬سياسية‮ - اقتصادية‮ - اجتماعية‮«.‬
وليس سراً،‮ أن النصيب الأكبر من قيمة المعونة السنوية لم يكن مبالغ‮ نقدية إنما كان وفق الاشتراطات الأمريكية عبارة عن خدمات ومنتجات أمريكية وتقديم الخبرات الفنية والأخيرة هي الجزء الغامض وغير المفهوم الذي يثير الكثير من الشكوك في حقيقة المعونات التي تعود بالأساس الي الولايات المتحدة الأمريكية وتوجهاتها دون تحقيق أي منافع للجانب المصري ولم يتوقف أمر توزيع المعونة السنوية عند ذلك،‮ لكنه يعتمد الي توجيه جزء منها لاستثمارات تكون أمريكا مالكة لها ناهيك عن إنفاق جزء‮ غير معلوم تحت شعار دعم الديمقراطية والإصلاحات السياسية والاقتصادية الذي قام النظام البائد بتنفيذها علي قدم وساق وفق الرغبات الأمريكية وأيضاً‮ لنيل رضاها‮.. وهو ما قاد البلاد الي خراب سياسي واقتصادي ربما يكون‮ غير مسبوق في أي دولة في العالم لدي حكومتها قدر ضئيل من الاحترام للشعوب ومستقبل الأجيال‮.‬
غابت الإرادة السياسية وافتقدت القدرة علي اتخاذ القرارات الصائبة التي تحفظ للدولة مكانتها علي الخريطة العالمية فتحولت المعونة الي سيف مسلط علي الرقاب،‮ وصارت واحدة من أهم أساليب الضغط التي تلوح بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة علي النظام الحاكم في مصر،‮ فاستجابت السلطة التي كانت تحكم لتنفيذ الرغبة الأمريكية بإجراء ما يطلق عليه الإصلاحات الاقتصادية حسب الخطة والوصف القادم من واشنطن والبنك الدولي،‮ وصندوق النقد فتم التخلص من القطاع العام الذي بيع بمبالغ‮ لا تتجاوز بأي حال من الأحوال نسبة ‮5‬٪‮ من قيمته الحقيقية‮ »75 مليار جنيه‮« في حين تبلغ‮ قيمته الآن وفق أقل التقديرات المتداولة نحو‮ 1500‮ مليار جنيه،‮ هذه الإصلاحات المزعومة وصلت بنا الي سيطرة عشرة أفراد علي الاقتصاد المصري وهو ما دفع بالبلاد الي ما فيه الآن من أوضاع ومشكلات اقتصادية تنذر بمخاطر وخيمة‮.. ربما تستغلها قوي إقليمية ودولية لممارسة الضغوط علي القرار المصري بما يحقق مصالح تلك الدول علي حساب مصر‮.. التي تقوم حكومتها ممثلة في وزير المالية بمسابقة الزمن لإيجاد مخرج ملائم يمكنها من عبور الأزمة قبل البدء في العام المالي الجديد،‮ خاصة أن الاحتياطي النقدي في البنك المركزي وصل الي‮ 28‮ مليار دولار فقط وهو ما يدفع للقلق في حالة تناقص الاحتياطي الموجود أصلا في خزينة البنك المركزي لمواجهة الظروف الطارئة والقهرية فقام سمير رضوان بإجراءات لقاءات مع مسئولي صندوق النقد الدولي للحصول علي قروض لتمويل بعض البنود الضرورية والعاجلة التي تتراوح ما بين ‮5 الي ‮21 مليار دولار فتم الاتفاق المبدئي علي حصول مصر علي ‮3 مليارات دولار بشكل عاجل لتغطية العجز في الميزانية والأزمة هنا ليست في القروض إنما في الفوائد وخدمة الدين‮.. وفي نفس الإطار طلب وزير المالية مبادلة الدين الخارجي الي استثمارات،‮ وطلب تحويل هذه المديونيات الي العملة المحلية‮ »‬الجنيه المصري‮«.‬
المشكلات الاقتصادية التي أصبحت ملموسة للكافة لم تبتعد كثيرا عن الأجواء السياسية ومحاولات الخروج بالثورة الي بر الأمان بعيدا عن الضغوط الدولية التي لا تفرق بين المصالح الاقتصادية والهيمنة السياسية،‮ فكلاهما مرتبط بتوجهات تلك الدول،‮ فإقليميا وعدت السعودية بتقديم مساعدات قيمتها ‮4 مليارات دولار،‮ منها مليار يودع في البنك المركزي وتتم الاستفادة بفوائده،‮ ويمكن سحب هذا المبلغ‮ في أي وقت وهو مايعني أنه لا توجد مساعدات حقيقية لكنها مجرد أرقام وأحاط بالإعلان عن تلك المساعدات،‮ أحاديث كثيرة حول محاكمة مبارك وأسرته،‮ والتقارب المصري الإيراني،‮ وهذا لم يبتعد أيضا عن الضغوط الأوروبية،‮ حيث دعت كل من روسيا وإيطاليا الي ضرورة اتباع نهج يؤدي الي معاملة انسانية في محاكمة‮ »‬مبارك‮« الذي ارتبط بعلاقات شخصية حققت مصالح الدولتين اثناء فترة حكمه،‮ وهو الامر الذي يعد نوعاً‮ من التدخل في شئون الدولة،‮ وقانونها الذي طالما‮ غنت باحترامه تلك الدولة،‮ التي تعلن وصايتها علي الديمقراطية من دول العالم،‮ ولأن مثل هذه الدول ليست معنية سوي بمصالحها،‮ فهي مستعدة للتعامل مع أي نظام يحقق مصالحها،‮ حيث لم يعد خافياً‮ علي أحد ان مارجريت سكوبي السفيرة الامريكية بالقاهرة،‮ اشارت وبشكل واضح إلي أن الادارة الامريكية مستعدة لدعم اي نظام حكم في مصر حتي ولو كان ذا خلفية اسلامية،‮ وهو ما يعني انها ترمي باشارات وتلقي برسائل للتيارات المتشددة،‮ تؤكد فيها ان الدعم الامريكي ليس مرتبطا بأية ايديولوجيات،‮ طالما يحترم الاقليات وحقوق الإنسان،‮ مشيرة الي أن بلادها ستسير في تقديم الدعم الاقتصادي لمصر بالتوازي مع دعمه الديمقراطية‮.. ما قالته سفيرة أمريكا في القاهرة لا يحتاج الي شرح،‮ فالدعم الاقتصادي مرتبط بالمصالح الأمريكية والديمقراطية هي الالتزام بالنهج الامريكي وسياساته في المنطقة،‮ وهذه محاولات لإخضاع المصريين دوماً‮ عن طريق حكوماتهم،‮ داخل بيت الطاعة الامريكي بورقة المعونة والقروض،‮ ولأن الامر برمته يلقي اهتماما من الادارة الامريكية،‮ فقد أوردت الواشنطن بوست تقريراً‮ منذ ايام قليلة رصدت فيه مخاوف الامريكان من أن تظل مصر حليفاً‮ استراتيجيا لامريكا وتحافظ علي السلام مع اسرائيل،‮ وتأتي المخاوف الامريكية من التقارب المصري الايراني،‮ وما حدث علي خلفية اقتراح بارك أوباما بتقديم مساعدات اقتصادية لمصر من فتح معبر رفح،‮ وانتهت الواشنطن بوست بأنه لا يتم الوثوق بمصر باعتبار أن هناك تراكماً‮ من العداء لامريكا ولاسرائيل علي مر السنين وبما ان مستقبل مصر يحمل العديد من علامات الاستفهام،‮ فإن الامر المؤكد هو ان الكونجرس لن يسمح لمصر بأن تفلت دون قتال،‮ وخاصة ان الصحفية ذكرت بالضغوط التي مارستها إدارة جورج بوش الابن عندما وضع شروطاً‮ علي تقديم‮ 100‮ مليون دولار عام‮ 2008،‮ من أهمها تدمير شبكة أنفاق التهريب الي‮ غزة،‮ والآن نفس السؤال مطروح لدي الامريكان‮.. هل ستبذل مصر جهوداً‮ لمنع التهريب الي‮ غزة؟‮.. وعلي خلفية الاجابةعن التساؤل الامريكي،‮ فإن أي حزمة مساعدات تقدمها واشنطن لمصر يوافق عليها الكونجرس ستطلب بالتأكيد ان تكمل مصر بناء الجدار علي حدود‮ غزة لإغلاق الأنفاق،‮ الي جانب التعاون مع واشنطن واسرائيل في انشطة مكافحة التهريب الاخري،‮ لكن أكثر الأمور أهمية في التقرير الامريكي،‮ والذي يزيح الستار عن الاغراض الحقيقية من وراء المساعدات والمعونة السنوية وإسقاط الديون،‮ هو ربط إعفاء مصر من الديون ومنحها ضمانات القروض،‮ مشروط بالتعاون مع الجهود الأمنية ليس فقط ضد حماس،‮ ولكن ايران والكيانات الارهابية الاخري علي حد تعبير‮ "‬الواشنطن بوست‮".‬
هذه هي الكوارث الحقيقية من وراء الرغبات الامريكية والاوروبية إضافة الي محاولات إعادة مصر الي المربع‮ "‬صفر‮" وكأنه لم تحدث ثورة ولا‮ غيره وفي حالة الاستجابة لتمكين الدول الاوروبية وامريكا من سلب الإرادة السياسية بالضغوط الاقتصادية،‮ ستكون المخاطر اكبر بكثير مما كانت عليه البلاد في العهد البائد لأن محاولات اختطاف ثورة المصريين بادعاء دعمها اقتصادياً‮ وسياسياً‮ هو الهدف الخفي لدي واشنطن‮.‬
اقتراض ‮03 مليار دولار‮ يهدد الثورة المصرية
يبدو أن الثورة التي‮ قامت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية ستعجز حكومتها التي‮ ولدت من رحم ميدان التحرير في‮ تحقيق أهدافها من اتخاذ قرارسياسي‮ مستقل قائم عن قوة اقتصادية وبدلا من البحث عن كيفية تنمية الموارد الاقتصادية لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي‮ تمر بها مصر،‮ لجأ المسئولون الي‮ تكرار سيناريو نظام الرئيس المخلوع بالارتماء مجددا في‮ أحضان المؤسسات الدولية الخاضعة للقرار الأمريكي‮ للحصول علي‮ القروض التي‮ تزيد من أعباء الاقتصاد‮.‬
الحصول علي‮ مزيد من القروض‮ يعني‮ اللجوء للحل الأسهل بدلا من استغلال الروح الثورية التي‮ دبت في‮ جسد مصر واستلهام مبادئها لإرساء قواعد منظومة اقتصادية قوية والبحث عن حلول وطنية للتمويل،‮ فأعظم ثورة في‮ تاريخ الشعب المصري‮ التي‮ أسقطت نظاما كاملا وحبست رئيسها وعائلته مهددة بالضياع لإصرار الحكومة علي‮ بدء تاريخ جديد بقروض تثقل كاهل البلد دفعت الدول الغربية للتسلل الي‮ مصر والقفز علي‮ الثورة فأعلن الرئيس الأمريكي‮ باراك أوباما تحويل مليار دولار من الديون الأمريكية لدي‮ مصر الي‮ استثمارات وتقديم قرض‮ يصل الي‮ مليار دولار أخري‮ أثناء خطابه حول الشرق الأوسط وعن تدابير لدعم الاقتصاد المصري‮ ومساعدتها للدخول للأسواق العالمية بالإضافة الي‮ التسهيلات التي‮ قدمها صندوق النقد للحصول علي‮ قرض قيمته ‮3 مليارات جنيه‮.‬
يطرح هذا التدافع للحصول علي‮ مزيد من القروض الخارجية والمساعدات المشروطة مجموعة من التساؤلات عن امكانيات التأثير في‮ عملية الانتقال الديمقراطي‮ والاستقلال الاقتصادي‮ وعدم التبعية لأحد تجيب عنها دراسة صدرت حديثا عن مركز الدراسات الاقتصادية كشفت قيمة المديونية المصرية في‮ الوقت الراهن تصل الي‮ نحو‮ 1.‬2‮ تريليون جنيه بما‮ يوازي‮ إجمالي‮ قيمة المديونية المحلية والقروض الخارجية أي‮ بما‮ يعادل‮ 700٪‮ من قيمة المديونية المستحقة علي‮ مصر عام‮ 1981‮ قبل تولي‮ مبارك الحكم‮.‬
المؤشرات الاقتصادية لا تشير الي‮ فداحة استثنائية في‮ الأوضاع فإيرادات السياحة بدأت العودة التدريجية الي‮ النمو،‮ البنك المركزي‮ مازال‮ يملك احتياطيا من العملة الصعبة‮ يقدر ب28‮ مليار دولار علي‮ الرغم من انخفاض ‮8 مليارات دولار من رصيده إلا أنه مازال كافيا لتغطية ‮6 شهور من الواردات،‮ وهو وضع‮ يمكن اعتباره مريحا نوعا ما،‮ أما عجز الموازنة العامة للدولة فيمكن توفيره من المصادر المحلية لسداد العجز إلا أن سمير رضوان قرر اللجوء الي‮ الاقتراض من البنك،‮ وصندوق النقد الدوليين ونسي‮ أنهما ليسا مؤسسة خيرية بل ان إدارته تؤتمر بأوامر أمريكية ووزارات مالية الدول الكبري،‮ بالإضافة الي‮ أن أولويات صندوق النقد هي‮ فرض تغييرات اقتصادية داخل البلاد المقترضة‮ تضع مصلحة الدول الكبري‮ وأصحاب المال فوق أي‮ اعتبار بعيدا عن مراعاة مصلحة الشعوب التي‮ تلجأ الي‮ القروض‮.‬
وبين مؤيد ومعارض تتضارب الآراء حول هذا الاتجاه فالحكومة تؤكد أن الاقتراض من الخارج أصبح إلزاما لا مفر منه في‮ ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية بحسب قول رضوان مشيرا الي‮ أن الوزارة تطرق كل الأبواب،‮ من بنك افريقي‮ وبنك إسلامي‮ وغيرها،‮ نحن نجري‮ مفاوضات في‮ جميع الاتجاهات وسنختار الأفضل،‮ والدول العربية أبدت استعدادا لدعم مصر ولكن لحين حدوث ذلك فنحن بحاجة الي‮ مبالغ‮ سريعة ومؤكدة‮.‬
التسول من المؤسسات الدولية سيؤدي‮ الي‮ اغراق مصر في‮ براثن التزامات اضافية مما سيتطلب بدوره تدخلا اجنبيا في‮ صياغة برامجنا المستقبلية،‮ بالإضافة الي‮ إحساس المواطن بعدم التغيير فالحكومة المصرية لاتزال تبحث عن الحلول السريعة والسهلة وهكذا لم نستطع أبدا خلق اقتصاد قوي‮ ومستقل بحسب الدكتور نبيل عبدالفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الذي‮ يري‮ أن القروض ليست هدية لمصر وإنما هناك شروط مجحفة تحملها القروض في‮ باطنها وتحمل الكثير من المتاعب المستقبلية‮.‬
ويتابع عبدالفتاح رافضا سياسة الاستسهال في‮ الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة،‮ لأن اللجوء الي‮ الاستدانة من الخارج‮ يكون آخر الحلول في‮ حال عجز الدولة عن توفير الموارد لتلبية الاحتياجات‮.‬
أما الدكتور أحمد جلال مدير منتدي‮ البحوث الاقتصادية فيري‮ ان الاقتصاد الحكومي‮ يعاني‮ فجوة تمويلية مع ارتفاع في‮ مؤشر عجز الموازنة منذ سنوات بما‮ يعني‮ انها ليست نتاج الثورة،‮ مشددا علي‮ اعادة الاقتصاد الي‮ نشاطه من خلال خريطة اصلاح سياسي‮ مقبول من كل التيارات السياسية والمجتمعية بالإضافة الي‮ العمل لإعادة الاستثمارات الأجنبية من خلال الاستقرار الأمني‮.‬
ويضيف‮: علي‮ الحكومة أن تكون أكثرقدرة في‮ التفاوض مع المؤسسات الدولية المقرضة من خلال برامج انماية ضخمة وعدم استنزافها في‮ الانفاق الاستهلاكي‮ بالإضافة الي‮ كونها‮ غير مصحوبة بشروط مجحفة ترهق البلد في‮ طريقة السداد،‮ مؤكدا أن الاقتراض ليس الحل الأمثل للأزمة الاقتصادية موضحا ضرورة تقليص العجز وإعادة ترتيب أولويات الانفاق الحكومي‮ وتريد الاستهلاك والعمل علي‮ زيادة الايرادات وتقليص الدعوم الاستهلاكية والتركيز علي‮ الدعوم الإنتاجية‮.‬
أما الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية‮ يري‮ أن الفكر التنموي‮ للبنك الدولي‮ وسياسة الصندوق القائمة علي‮ الإملاءات والأجندات التي‮ يمليها علي‮ الدولة المقرضة،‮ ستتغير بعد عهد الثورات في‮ التعامل مع الشعوب الأكثر تحررا ومن الصعب أن تفرض علي‮ هذه الشعوب أمرا لا تريدها كما كان‮ يفعل من قبل مع الأنظمة الديكتاتورية التي‮ تفعل أي‮ شيء من أجل بقائها مشيرا الي‮ أن الاقتراض سياسة لابد أن تكون لها فلسفة وتتعامل الحكومات المقترضة مع المؤسسات الدولية بذكاء ومناورة من أجل مصالحها وليس استكانة ورضوخا لبنود المقرضين‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.