سفيرة الاتحاد الأوروبي: تقديم شريحة 4 مليارات يورو لمصر قريبا | خاص    قطع مياه الشرب فى الخانكة غدًا السبت.. المواعيد والأماكن المتأثرة    اليابان تدعو باكستان والهند إلى تغليب لغة الحوار لتحقيق السلام في المنطقة    شباب الأهلي يهزم الشارقة ويتوّج بكأس رئيس الدولة للمرة 11    نتائج مباريات الجولة الخامسة من المرحلة النهائية للدوري المصري.. خسارة بيراميدز الأبرز    سيف عيسى يفوز على صاحب فضية أولمبياد باريس ويتوج بذهبية المملكة للتايكوندو    السيطرة على حريق شب داخل مصنع ملابس بحلوان    مصرع طالبين غرقًا فى ترعة المحمودية بالبحيرة    النماذج الاسترشادية للثانوية العامة مادة الرياضيات البحتة باللغة الإنجليزية 2025    يسرا: «بوسي كانت زوجة محمود عبد العزيز لحد آخر نفس في عمره»    "ثم ماذا حدث".. جمال عنايت يناقش زيارة ترامب للشرق الأوسط وتحديات الحل السياسي    ما حكم من ترك طواف الوداع في الحج؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    بوليانسكي: روسيا ترحب بإصلاح متزن لدور الأمم المتحدة    انطلاق قمة "رايز أب 2025" من المتحف المصري الكبير    قصص «أقفل المحضر في ساعته وتاريخه» لوئام أبوشادي ترصد الصمود الإنساني في وجه الأزمات    وزير الثقافة يصطحب نظيرته الفرنسية في جولة بالجناح المصري في بينالي فينيسيا للعمارة    منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9.. قوة ردع باكستانية أمام الهند    فريق طبي بسوهاج الجامعي ينجح في استخراج «دبوس» من معدة طفل    حدث في8 ساعات| أبو مازن يلتقي الرئيس السيسي بموسكو.. والثقافة تصدر بيانا بشأن إغلاق قصور الثقافة المستأجرة    تكريم رئيس هيئة قضايا الدولة في احتفالية كبرى ب جامعة القاهرة    خطيب الجامع الأزهر: الحديث بغير علم في أمور الدين تجرُؤ واستخفاف يقود للفتنة    ستيف ويتكوف: ترامب يؤمن بالسلام عبر القوة ويفضل الحوار على الحرب    إدارة القوافل العلاجية بالمنوفية تحصد المركز الثاني على مستوى الجمهورية    "بنقول للضحايا إحنا مباحث".. اعترافات عصابة الشرطة المزيفة ب"عين شمس"    إمام المسجد الحرام: تأشيرة وتصريح الحج من لوازم شرط الاستطاعة    الدوري الألماني.. توماس مولر يشارك أساسيا مع بايرن في لقائه الأخير بملعب أليانز أرينا    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    ارتفاع توريد القمح المحلى إلى 128 ألف طن وزيادة التقاوى ل481.829 طن بالدقهلية    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    الاتحاد الأوروبي يتعهد بدفع مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة لتمويل الصناعة العسكرية الأوكرانية    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    عاجل.. الزمالك يُصعّد: نطالب بحسم مصير "القمة" قبل 13 مايو لضمان العدالة في المنافسة على اللقب    الزمالك يحدد ل زيزو جلسة تحقيق جديدة غدًا السبت    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    «الضرائب»: رفع 1.5 مليار وثيقة على منظومة الفاتورة الإلكترونية    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برد "الهوية" والدستور!
نشر في الوفد يوم 02 - 10 - 2013

كان المناضل والمفكر العربى الكبير ضيفا على مائدة مستديرة فى القاهرة قبل بضعة أشهر من ثورة يونيو، وفوجئت به يبنى مداخلته على أساس أن المصريين يعانون من "أزمة هوية". تحدث الرجل، فقال أن السورى يشعر انه سورى والفلسطينى يشعر انه فلسطينى، أما المصريون فهم فى متاهة لا يحسون بمصريتهم بينما يشعر المسلمون منهم أنهم ناقصى الاسلام!!
المفاجأة أن أحدا من الحاضرين لم يقم بالرد على الضيف العربى، فاضطررت أن أرفع صوتى قبل انتهاء الجلسة لأنبه الى خطورة مايقوله..قلت له أن مصر الدولة والشعب ذات الاستمرار التاريخى منذ آلاف السنين ليس لديها اشكالية "هوية" على الإطلاق. أما من اخذوا "برد فى هويتهم"، هم الاسلامويون الوحيدون الذين يشعرون بنقص إيمانهم أو وهابيتهم بالأدق.
نفس الحديث تكرر بشكل شخصى مع مفكر إسلاموى كبير، فاتفق معى بأن الإخوان يتحدثون عن اشكالية وأخطار تتهدد الهوية بينما لا يشعرالشعب بنقص فى هويته (الإسلامية) على الإطلاق!
صناعة التاريخ
تصلح تلك الحادثتين كمقدمة للحديث عن موضوع "الهوية" وموادها بالدستور! "الهوية" لا يتم تغييرها بالدساتير ولا بقوانين ومقولات.."الهوية" يصنعها التاريخ والسنون على مهل، فتنضج بهدوء. لايمكن لأحد أن يفرض "هوية" على شعب ما بالقصر أو بالأمر. يظن الاخوان والسلفيون أن ألاعيبهم فى تمرير مواد دستورية معينة ستسهم فى فرض "هوية" وهابية سلفية على المجتمع! هم واهمون، لأن "الهوية" الجامعة للمصريين تضم مزيجا مدهشا من مكونات فرعونية وبحرمتوسطية وأفريقية ومسيحية وإسلامية. وتختلف الكثافة النوعية لكل مكون حسب طول الحقبة الزمنية التى شغلها ومدى حداثته واتصاله باللحظة الآنية.
"هويات" متنوعة
"هوية" المصريين، كجماعات داخل الأمة وكأفراد أيضا، تتنوع حسب التجربة التاريخية والثقافية، بل وحسب الموقع الطبقى أيضاً. هل يمكن المطابقة التامة بين "هوية" المسيحى المصرى وبين "هوية" المسلم المصرى؟! أو بين الرجل المصرى والمرأة المصرية؟ أو بين رجل الأعمال وبين الفلاح الأمى؟! أو بين البدوى وبين النوبى وبين ساكن الوادى؟! بالطبع لا..هناك "هوية" مصرية جامعة رئيسية، وهناك هويات تحت مستواها تأخذ تلك الاختلافات فى الاعتبار. المسألة ليست مطلقة، وإنما هى نسبية أيضاً.
فى مذكراته، أفرد اللورد كرومر سطورا للحديث عن "هوية" المصريين، فذكر انك لا يمكن أن تعرف المسيحى من المسلم من المظهر الخارجى، أو من الزى أو من اللغة أو التصرفات، إلا اذا راقبت الاثنين ورأيت من يدخل منهما الجامع، ومن يدخل منهما الكنيسة. "هوية" المصريين الجامعة تظهر فى الثورات، ثورات 1919 و25 يناير و30 يوليو تنبئك أن هذا الشعب وحده التاريخ والثقافة والمحن.
علم الثورة
يحكى الشيخ النجار فى مذكراته عن ثورة 19 كيف ظهر العلم الذى يحمل الهلال محتضنا الصليب. كانت فكرة أزهرية صرفة، صنعه طلاب الأزهر علما كبيرا شبيها بالبساط الذى يحمله المسيحيون فى جنازاتهم، ووضعوا صليبا وسط الهلال بدلا من النجوم فى العلم المصرى! أتذكر الآن ذلك واتحسر على عقلية مثقفين يستفزهم منظر الصليب! يأخذونه كخلاف عقدى حول صلب المسيح عليه السلام، ولا يفهمون أنه رمز لأخوان لهم فى الوطن!
الحديث عن "هوية" تمنحها الدساتير، محض هراء لا لبس فيه. منذ أربعة عشر قرنا دخل الاسلام مصر، واحتاج الى أربعة قرون أو يزيد لتصبح العربية لسان أهلها، والاسلام دين أغلبية سكانها. عندما أقرأ تعبير "الفتح العثمانى" لمصر، أضحك بشدة. مصر المملوكية كانت اسلامية، والعثمانيون مثلهم مثل المماليك لم يكونوا سوى أجانب غير مصريين. ما الذى جعله فتحا وليس غزوا؟! بلا شك كُتاب التاريخ تحت سطوة أسرة محمد على! ولكن هل غيرت تلك السطور التى حولت الغزو الى فتح من "هوية" المصريين؟!
مواد "الهوية" التى يحزق فيها الاسلامويون، لا قيمة لها. الواقع والتاريخ والثقافة والتجارب هى التى تصنع الهوية. الهوية ليست الدين فقط. الدساتير لا تصنع هويات حتى ولو كتبوا سطورها بماء الذهب.
واللى واخد "برد فى هويته"، يروح يتعالج!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.