حمداً لله على عمر امتد لتسعة عقود.. امتن فيها على بنعمة الفكر والعقل.. ومع الحد من ميكانيكية الحركة أصبح دوري المصري يتمثل في الذكريات وأحداث التاريخ الحديث أقدمها للشباب «المصري» فقط ،فقد يكون في بعضها دروس مستفادة!.. هذه التجربة الطويلة أقدمها إلى أحفادي وأبنائي من شباب مصر الذين لا ينتمون إلا «لمصر الغالية» أقدمها ليعلموا الحقائق وليصححوا بعض المغالطات التي تعمد أصحابها التغرير بشباب مصر في فترات بذاتها. ولكن قبل أن استطرد في اجترار الذكريات.. والمجال متاح لذلك في عدة مقالات قادمة.. فإنه يتحتم على أن أعلق « مصرياً» على عدد من المشاهد السياسية التي طرأت على مدى الأيام القليلة الماضية: أول هذه المشاهد وأهمها شكلاً وموضوعاً هو الحديث الذي أدلى به الملك عبد الله بن سعود – خادم الحرمين – يوم الجمعة 16/8/2013 بشأن موقف المملكة السعودية من الأحداث الجارية في مصر!.. لغة واضحة.. صريحة.. ورسالة قوية وحاسمة.. مؤازرة مطلقة لموقف الشعب المصري من الإرهاب الذي يتعرض له.. موقف غير مستغرب.. ففي أعقاب حرب 1967 قاد الأمير فيصل – حينئذ – تحركاً عربياً في مؤتمر الخرطوم لمساندة مصر للخروج من النكسة التي تعرضت لها ،ثم في حرب أكتوبر 1973 قاد الملك فيصل – رحمه الله – حركة استخدام البترول العربي في المعركة مؤازرة لمصر وكان لذلك أثره الكبير!.. لا تربطني بالملك عبد الله – أطال الله في عمره وأنعم عليه بالصحة والعافية – أيه علاقة ولكنى وجدت نفسي منذ سنتين أدعو الله تعالى أن يشفيه من المرض الذي ألم به حينئذ.. وأنا اليوم أدعو له ولمعاونيه بالصحة والقوة وعزم الإيمان.. ومصر لن تنسى – يا جلالة الملك – مواقف «الرجال الكبار».. «العمالقة الحقيقيين» وأنتم في المقدمة فأهلاً بك في قلوبنا نحن المصريين بل وفى قلوب العرب جميعاً.. مسيحيين ومسلمين. ولابد أن يذكرني المشهد السابق بموقف دولة الإمارات العربية المتحدة الذي أجد نفسي أنحنى أمامه إجلالاً واحتراماً وتقديراً.. أمر ليس بمستغرب على آل نهيان وآل مكتوم.. رجال من أصحاب «القامات» لا يثنيهم عن الحق إرهاب أو تهديد أو وعيد!.. أقول لهم بكل الصدق إن لهم في قلوبنا جميعاً «مكانة خاصة» يحتلها الشيخ زايد رحمه الله رحمة واسعة!.. فخر للعروبة وفخر لمصر ويعن لي هنا خاطر – أرى أنه قد آن الأوان لتحقيقه.. خاطر يتمثل في محور: السعودية، الإمارات، مصر.. محور اقتصادي بالدرجة الأولى يمكن أن يمثل «قوة يحسب لها مليون حساب» على المستوى العالمي والمجال مفتوح أمام الكويت الغالية وعمان الحبيبة والأردن العزيز والبحرين الجميل، أهلاً بانطلاقة عربية رائدة!.. أما عن دويلة «قطر» فإننا في مصر نرى أنها «أتفه» من أن نتحدث عن «موقفها المتردي». وهنا لابد أن أتعرض للرسالة المسجلة للرئيس «أوباما» بشأن الأحداث الأخيرة في مصر وهو يمثل موقفاً سيندى له جبين الولاياتالمتحدة خزياً وعاراً لسنوات قادمة.. ولو أن عذره الوحيد هو أنه جاء مترجماً للموقف المخزي «للمصري السابق» محمد البرادعى، لقد أعددت خطاباً مطولاً باللغة الانجليزية موجهاً إلى «أوباما» سأحاول توصيله بكل الطرق المتاحة!.. وفى إطار ذلك أود بإيجاز أن أسأل الرئيس الأمريكى عدداً من الأسئلة واضحة الإجابة: ألم تعرض عليك تسجيلات تهديدات زعماء الإخوان ببحور الدماء والخراب والدمار؟.. أليس في حديثك ما يدل بوضوح على صحة ما سبق أن ذكرته من أن سفيرتك بالقاهرة تعمدت تزييف الحقائق؟ أين الإجراءات الديمقراطية التي تتحدث عنها والتي تتيح غزواً خارجياً متعدد الأطراف لدولة طالت حضارتها لأكثر من 7000 عام؟ هل قوانين الولاياتالمتحدة تسمح «للقاعدة» و«للجماعات» الإرهابية المتنوعة أن تعتدي على حريات وحقوق المواطنين الآمنين؟ ألا تعي يا رجل أن الزمن قد تغير عن الثمانينيات والتسعينيات؟.. وإذا كانت السياسة الأمريكية الخارجية في السنوات الأخيرة قد وسعت دائرة كراهية الشعوب للولايات المتحدة.. فلماذا لا تحاول على الأقل – لوجه التاريخ – أن تحافظ على بعض الحب للشعب الأمريكى؟ وأخيراً ألا تعي أن هناك رجلاً في الساحة اسمه «بوتين» يختلف عن كل الزعماء الروس الذين سبقوه أخيراً فهو رجل ينجح في مثابرة على أن تعود روسيا إلى موقعها كقوة ثانية في العالم؟.. لا تلعب بالنار يا سيادة الرئيس – فإن «نار مصر» لافحة.. بل وحارقة. ومع بداية اجترار الذكريات.. تعود بى الذاكرة إلى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حين كانت الدبلوماسية المصرية وهيئة الاستعلامات المصرية.. تاجين نفخر بهما، ماذا حدث؟.. على أجهزتنا الدبلوماسية مواصلة الليل بالنهار هذه الأيام تصدياً للهجمة الشرسة على إرادة الشعب المصري حتى ولو تطلب الأمر تغييرات فورية وعلى الأخص في بعض المناصب الحساسة وفى مقدمتها بعثتنا في الأممالمتحدة ثم سفاراتنا في أمريكا والدول الأوروبية.. اليوم وليس غداً. أما عن هيئة الاستعلامات فماذا حدث؟.. غيروا السفير رئيسها بسفير آخر «شالوا ألدو وجابو شاهين»، أتذكر أيام رأس الهيئة الدكتور ممدوح البلتاجي والدكتور مرسى سعد الدين!.. هيئة الاستعلامات ليست «تكية» وإنما هي «واجهة لمصر» في الخارج.. أقترح تغييراً في الهيئة وفى عملها وفى منهجها على مدى الأيام الثلاثة القادمة وأقترح رئيساً للهيئة أحد الآتية أسماؤهم: «فايزة أبوالنجا – طارق حجي – هشام الشريف – عماد الدين أديب» يا رئاسة.. ويا مجلس الوزراء.. شكراً، وشكراً للدكتور كمال الجنزورى الذي أتمنى أن يصبح نائباً وحيداً لرئيس الجمهورية. ونستمر في المسيرة ونحن نهتف مع «أحمس المصري»: «تحيا مصر.. فمصر فوق الجميع.. ولسوف تحيا».