قوبل موقف الإمارات العربية المتحدة من الأزمة المصرية والأحداث الأخيرة، بترحيب مصري رسمي وشعبي واسع، يترجم بجلاء وضوح الرؤية لدى قيادة الإمارات ودقة النظر لعواقب الأمور، والحرص الكبير على الشأن العربي عموماً والشأن المصري خصوصاً، لما للدولتين والشعبين الشقيقين من علاقات ضاربة في جذور التاريخ وعصية على أي متطفلين يحاولون النيل منها. نرقب جميعاً ما يجري في مصر بمشاعر ممزوجة ما بين الطمأنينة والقلق معاً؛ طمأنينة من تصحيح المسار الذي بدأ يأخذ شكله النهائي نحو عودة مصر إلى محيطها وحضنها العربي والقومي الأثير، وقلق من محاولات هنا وهناك لزعزعة الاستقرار في البلاد، من أناس لا هم لهم سوى التخريب ودخول البيوت من ظهورها. كان الموقف الإماراتي وصاحبه بقوة الموقف السعودي، ثابتاً غير متردد يقدم المصلحة القومية والعربية على التمنيات الحزبية والدعوى التقسيمية التي تنال من وحدة الشعوب، حيث أكدا وقوفهما إلى جانب الدولة الشقيقة مصر وشعبها الشقيق ضد الإرهاب، وفي وجه من يسعون إلى إيقاد نار الفتنة في المجتمعات وإثارة النزاعات والتحزبات والتكتلات، التي قسمت الناس وأعادت تصنيفهم على أساس انتماءات ضيقة تشتت أكثر مما تجمع، وتحطم البناء المجتمعي أكثر مما ترأب الصدوع فيه، وتنال من تماسكه الاجتماعي في وقت هو في أمسّ الحاجة إلى شد البنيان ورص الصفوف. لقد وقفت الإمارات والسعودية، وإلى جوارهما الأردن والبحرين وليبيا والكويت، في وجه الخراب وهجمات جماعة الإخوان المسلمين على الأهالي وقوات الأمن والجيش ومؤسسات الدولة، فأوضح صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أنّ "الإمارات تتطلّع إلى أن يتحققّ للشعب المصري الشقيق كلّ ما يصبو إليه من استقرار وازدهار"، وأكد خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أن الرياض "وقفت وستقف مع مصر ضد الإرهاب والفتنة وضد كل من يحاول أن يتدخل في شؤونها الداخلية.. ليعلم كل من تدخل بشؤونها الداخلية أنهم يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي ادعوا أنهم يحاربونه.. ومصر قادرة على العبور لبر الأمان، يومها سيدرك هؤلاء أنهم أخطؤوا.. أهيب برجال مصر الشرفاء أن يقفوا وقفة رجل واحد، والمملكة تقف مع مصر وتقف ضد من يحاول التدخل في أمورها الداخلية". وأعربت الإمارات عن تأييدها ودعمها الكامل لتصريح خادم الحرمين الشريفين، وأنه يأتي في لحظة محورية مهمة تستهدف وحدة مصر الشقيقة واستقرارها، وينبع من حرص خادم الحرمين الشريفين على استقرار المنطقة، ويعبر عن نظرة واعية متعقلة تدرك ما يحاك ضدها. كما أن الإمارات تدعم دعوة خادم الحرمين الشريفين لعدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، وكذلك موقفه الثابت والحازم ضد من يوقدون نار الفتنة ويثيرون الخراب فيها، انتصاراً لمصر الإسلام والعروبة. لم تتردد الإمارات في الوقوف إلى جانب مصر الشقيقة في سعيها الجاد نحو فرض سيادة القانون واستعادة عافيتها، وإعادة الأمن والأمان والاستقرار لشعبها العريق، وتحقيق إرادته في نبذ الإرهاب وكل محاولات التدخل في شؤونه الداخلية، لأنها تعلم أن أهمية مصر المحورية للأمة العربية والعالم، تتطلب منا جميعا الوقوف ضد كل من يحاول العبث بأمنها وأمانها. ولا شك أن وقفة دول مجلس التعاون الأربع إلى جانب مصر وشعبها، تجسد بوضوح الرغبة الثابتة في أن تعود مصر الدولة إلى مكانتها الحقيقية عربياً وإقليمياً وعالمياً، لا أن ترتهن لحسابات ضيقة، وأن تستعيد عافيتها وأمنها واستقرارها، لا أن تكون نهباً لمن يريد أن يحتكر الدولة في شخصه أو حزبه أو طائفته وينال من تاريخها وحاضرها ومستقبلها. إن الإمارات قيادة وشعباً تضع مصر في عيونها وقلبها بلا شك، وتتمنى لمصر الشقيقة وأهلها المزيد من الاستقرار وحقن الدماء، وأن تنجلي الغمة عن سمائها وتعود مصر إلى سابق عهدها حاضرة قوية، وأن تستجيب لنداء الحق الذي يريده الشعب الباحث عن العدالة الاجتماعية والكرامة، في مجتمع آمن مستقر ودولة متطورة، وستجد من دولة الإمارات وغيرها من الدول الغيورة على مصر، كل الدعم والوقوف معها في صف واحد، في وجه كل من يريد النيل من تماسكها ومشروعها النهضوي. نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية