أخشى ما أخشاه ان نبدأ في فقدان إنسانيتنا شيئا.. فشيئاً، ونتحول من شعب «طيب»، متسامح، إلى «دمويين»، لا تجرح مشاعرنا الدماء المسفوكة،.. ولا تفطر قلوبنا مشاهد القتل والضرب والسحل والطعن، والقاء «المصريين» من فوق اسطح البنايات، واطلاق الرصاص الحي على صدور النساء وظهور الرجال ووجوه الاطفال. «الدم المصري كله حرام» وهاوية العنف التي ننحدر اليها جميعا لن ينج منها تيار، ولا فصيل ولا حزب، فعندما يبدأ مسلسل الدم، لا يملك أحد التنبؤ بنهايته. بدأ العنف مع مواجهة الشرطة للمتظاهرين في 25 يناير، واطلاق الرصاص نحو العيون، ثم شهدنا الدهس بالسيارات، وقيام «الطرف الثالث» بقنص الشهداء برصاصات تخترق جماجمهم،.. ومع الانفلات الأمني وانتشار البلطجية سمعنا قصصاً وحكايات عن الخطف وقطع الاعضاء، والتمثيل بالجثث في حروب البلطجية مع بعضهم البعض، فرأينا مشاهد لم نعتدها كمصريين ابدا، وصلت للاعتداء بالسنج والمطاوي على النساء والرجال العرايا في الشوارع، ووضعهم على عربات نصف نقل وعرضهم «نصف احياء» دون ان يتدخل احد،.. ثم كان رد الفعل المتوقع اكثر عنفا فاشتهر اكثر ابناء المحروسة «كرما وطيبة» - «الشراقوة» بسحل البلطجية وتعليقهم شبه عرايا على اعمدة الانارة في الشوارع، مطبقين ما اعتقدوا انه «حد الحرابة» بأيديهم، في غياب كامل للسلطة، او سلطان ولي الامر. ومع عزل الرئيس السابق د.مرسي، وتحول الاخوان من فصيل يحكم، الى عشرات الآلاف يعتصمون في «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، ويقومون بمسيرات في كافة انحاء البلد مطالبين بعودة الرئيس المعزول، شهدنا لأول مرة سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى امام دار الحرس الجمهوري،.. ورد فعل ايضا بإلقاء الاطفال من فوق الاسطح، ثم «اغتيال» 3 نساء طعنا ورميا بالرصاص في اشتباكات شارع الترعة بالمنصورة. .. هل تعودت اعيننا على مشاهد القتل والدم؟ .. هل اعتادت آذاننا سماع صرخات المصابين وآنات المعتدى عليهم؟ .. هل فقدنا «الطيبة والسماحة» ومعهما «الحكمة والعقل» ليصبح القتل وسفك الدماء هما الحل الناجح لحسم أي خلاف في الرأي؟ ان ما نسير فيه درب سارت فيه دول عدة قبلنا - وما تجربة الجزائر والعراق وسورية ببعيدة – والعاقل يا سادة من اتعظ بتجارب غيره، ولا داعي لأن يتسبب عنادنا في الدفع بمصرنا الى هاوية العنف والعنف المضاد، التي لا قرار لها، فنحقق بأيدينا حلماً ما فتئ يداعب خيالات اعدائنا. اطالب «الأزهر الشريف» بالاضطلاع بمسؤوليته الادبية والتاريخية تجاه مصر واهل مصر، واطلاق مبادرة «مقبولة» تجمع كل الاطراف على مائدة حوار واحدة في اطار محدد بنقاط حاسمة لوقف العنف وبدء الحوار «السياسي» العاقل، القائم على قواعد واضحة، لا يخرج منه فائز ومهزوم، ولا خاسر ورابح، بل قوى سياسية يحاول كل منها تحقيق ما يستطيع من اهداف.. دون التفكير مجرد التفكير في اقصاء الآخر، او ابعاده عن الساحة ففي النهاية سنضطر للتعايش معاً.. شعب واحد من الأزل، والى الأبد باذن الله.. فأرجوكم اجعلوا «التعايش» مقبولاً لا مخضباً بدمائنا.. جميعاً. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66