جاء خطاب الرئيس محمد مرسى مساء يوم الأربعاء 27 يونيو الذى امتد لأكثر من ساعتين ونصف تقريباً صدمة لكل من تابعه وشاهده من المؤيدين قبل المعارضين، رغم حقيقة أنه من المتعارف عليه أن جميع خطب الرئاسة السياسية يشرف عليها أساتذه كتاب وسياسيون لهم خبرتهم فى هذا المجال حتى يكون الخطاب موضوعياً ولا يحتمل أى أقاويل فى كلماته زيادة علي المقصود منها ولا يتضمن أى إهانات أو تهديدات قد ترتب على الرئاسة مساءلة قضائية، ولكننا اليوم أمام خطاب ركيك فى المعنى والموضوع ولا يرقى لأن يكون خطاباً من رئيس دولة لشعب يعارض سياسته ويطالب برحيله فى ظل فشل ذريع فى إدارة شئون الدولة وحكومة أدت إلى الانهيار المالى والاقتصادى والأمنى للدولة، وهنا نستطيع أن نقول إن غياب الخبرة والحنكة السياسية فيمن خط هذا الخطاب وفيمن ألقاه هما السبب الرئيسى فى تناوله بالنقد والتحليل غير المرضى. يعود بنا هذا الخطاب إلى أيام الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطنى الذى كان يعتمد عليهما الحاكم آنذاك لإظهار عضلاته بحشد أكبر عدد من أبناء البلد سواء من مؤيديه أو من مأجورين لتأييده عند إلقاء خطابه والطريقة التى يتبعها الشباب فى تعبيرهم عن رضائهم على كل كلمة ينطق بها الرئيس. عندما يريد الحاكم أن يتحدث لشعبه لمصارحته عن أوضاع يمر بها البلد أو أن يمتص غضب الشارع السياسى فعليه أن يتحدث إلى شعبه من مكتبه بمقر الرئاسة أو من أحد استوديوهات الإذاعة أو التليفزيون وليس أمام حشد من مؤيديه فقط، إن الزمان والمكان الذى تم فيهما إلقاء هذا الخطاب جاء غير موفقا ويحسب على الحاكم هذا العمل ولا يحسب له، إنها تضاف إلى العديد من سقطاته السياسية ولن ألوم هنا مكتبه السياسى أو مساعديه، فمن المفروض أن الرأى النهائى له شخصيا وهو الذى سيلقى الخطاب وهو صاحب الرسالة. لقد بدأ الرئيس خطابه بسرد العديد من إنجازاته الوهمية بغرض إظهار نجاحه فى خلال السنة الأولى من حكمه فى تحقيق أهداف ثورة شباب مصر فى 25 يناير 2011 ونسى أو تناسي أن ما ذكره من إنجازات يعود إلى أيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة وحكومتى الدكتور عصام شرف والدكتور كمال الجنزورى. من الإنجازات الوهمية ادعاؤه باتخاذ الخطوات لتنمية محور قناة السويس وهو يعلم علم اليقين أن هذا المشروع موجود فى أدراج الحكومات السابقة وقد تم مناقشته باستفاضة مع المجلس العسكرى وحكومة الدكتور عصام شرف وتم تقديمه للدراسة بكافة محاوره من خلال الدكتور على السلمى الذى كان يرأس فى هذا الوقت حكومة الوفد الموازية. إنجاز آخر أستطيع التعليق عليه بأنه إهدار للمال العام وهو ما أعلنه عن تخصيص مبلغ أربعة ونصف مليار جنيه من موازنة الدولة لتنمية سيناء وتكليف القوات المسلحة بذلك وأن هذه التنمية سيتم الانتهاء منها فى خلال ستة أو تسعة أشهر، أليس هذا استخفافاً بعقول الشعب كيف سيتم تنمية سيناء فقط بمبلغ أربعة ونصف المليار جنيه فى تسعة أشهر بما تتضمنه من مشاريع للبنية الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى وطرق وإنشاء مجمعات سكنية زراعية وصناعية وتجارية وعلاجية وتعليمية، لقد قمنا كمجموعة من الماليين والاقتصاديين والمهندسين وخبراء التنمية بعمل بعض الدراسات عن تنمية سيناء بالكامل منذ أكثر من خمس سنوات مضت وتوصلنا إلى أن تكلفة مشاريع البنية التحتية المطلوب تنفيذها قبل البدء فى مشاريع التنمية المنتجة لسيناء تصل إلى حوالى 12 مليار دولار أى بأسعار اليوم تبلغ 84 مليار جنيه مصرى. وفجأة تحول الخطاب إلى موضوعه الأصلى المخفى تحت عنوان «المكاشفة والمصارحة أو كشف حساب السنة الأولى من الحكم» وبدأ الرئيس مرسى فى توجيه التهديد والوعيد لعدد من الإعلاميين التليفزيونيين وأصحاب الفضائيات على تجاوزاتهم فى تناول نقد الرئيس وكذلك لبعض رجال الصحافة، ومما زاد الطين بلة توجيهه لبعض الاتهامات العفوية لعدد من رجال الأعمال والقضاة وكل هذا على الهواء مباشرة وعلى مسمع من جميع من يشاهدون هذا الخطاب سواء داخل مصر أو خارجها ويبدو أنه لم يكن على علم بأن ما وجهه من اتهامات غير مطروحة للتحقيق من النيابة أو المحاكم أن هذا يرتب عليه مساءلة قانونية كان على من أعد له الخطاب أو شاركه فى إعداده أن ينبهه إلى ذلك. سيادة الرئيس محمد مرسى لقد أظهرت واستعرضت خلال الأسبوعين الماضيين قوة أهلك وعشيرتك التى تؤيدك كرئيس شرعى للبلاد ونحن كمعارضين نؤيد أيضا شرعيتك كرئيس للبلاد التى يطالب به الشعب اليوم ليس خروجاً على حاكم نجح فى تحقيق أهداف ثورته ولكنه خروج على حاكم عجز عن تحقيق أهداف الثورة التى قام من أجلها وراح ضحيتها المئات من الشهداء والآلاف من المصابين الذين لم تستطع حتى اليوم الأخذ لهم بالقصاص رغم وعودك بذلك. إن مصر وشعبها أمانة فى يد الحاكم وأنت أقسمت اليمين على الحفاظ على مصر وشعبها واليوم شعب مصر يقول لك كلمته وبسلام لقد عجزت عن تحقيق أهداف ومتطلبات هذا الشعب ويطلب منك التنحى لتعطى الفرصة لشخص آخر يكون قادرا على إدارة شئون البلاد لما فيه خير هذا البلد وشعبه وذلك من خلال انتخابات شرعية نزيهة. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد. الرئيس السابق لحكومة الوفد الموازية