مع اقتراب مليونية 30 يونيو لإسقاط نظام الرئيس محمد مرسى انتعشت بورصة الفتاوي، السياسية التكفيرية والتي أطلقها شيوخ الإخوان والسلفيين خلال الأيام القليلة الماضية والذين يصفون من يخرج في ذلك اليوم بأنه كافر وانه ضد الإسلام. ووجهت بالأساس ضد منافسي التيار الإسلامي وكان آخرها فى مؤتمر «نصرة القضية السورية» والذى حضره الرئيس محمد مرسى وهجوم الداعية السلفى الشيخ محمد عبدالمقصود على المعارضة بتكفير من يخرج في مظاهرات 30 يونيو والدعاء عليهم قائلا «أسأل الله أن ينصر الإسلام ويعز المسلمين، ويجعل يوم 30 يونيو يوم عزة للإسلام والمسلمين، وكسراً لشوكة الكافرين والمنافقين، اللهم رد كيدهم فى نحورهم، واجعل تدميرهم فى تدبيرهم». وكانت قبلها فتاوى علماء جماعة الاخوان المسلمين بتكفير حركة تمرد، وكل من يخرج للتظاهر والمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. بالإضافة إلي فتوي الشيخ وجدى غنيم بتكفير كل من يخرج مناهضا أو رافضا الرئيس مرسى يوم 30 يونية 2013م. قائلا لا يجوز الخروج على الرئيس محمد مرسي في تظاهرات 30 يونية الجاري.... تطبيقاً للشريعة الإسلامية... التي تحرم الخروج على ولي الأمر. فهل أصبحت الفتاوى تفصل حسب الطلب وما حكم تكفير المسلم وما هو مدلول تلك الفتاوي الآن؟ هاجم علماء الدين هؤلاء الشيوخ الذين يستعملون الفتاوي سبيلا لتحقيق أغراضهم السياسية والتي تحلل قتل المتظاهرين المناوئين للرئيس. مؤكدين أن الإسلام كفل وأوجب القبول بثقافة المعارضة منذ تأسيس الدولة الإسلامية، وأشاروا إلي انه لا حرج فى المعارضة فى الإسلام فالإنسان فى الإسلام له الحرية فى الانتقاد بشرط أن يكون بناءً. وأشاروا الي ان جماعة الإخوان المسلمين اساءوا للدين وللفتوي وفشلوا في الحكم. لافتين إلي ان تلك الفتاوي دليل قاطع علي رعبهم من مظاهرات ذلك اليوم. رفض الدكتور حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة الأسبق اتهام الناس بالكفر لمجرد الاختلاف معهم، مشدداً على أن «الإسلام برىء من ذلك تماماً، فالمسلم ليس سبّاباً ولا طعّاناً ولا لعّاناً»، ولفت أبوطالب إلى أن تلك الفتاوي تعد إساءة بالغة للإسلام والمسلمين وتؤدي إلى تنفير الناس من الدين والمتدينين وعلق الدكتور حامد علي دعاء الشيخ عبدالمقصود بأنه يزيد من مساحة الفرقة والنزاع والشقاق لافتا الي ان الوطن فى أمسّ الحاجة إلى صوت العقل لحقن الدماء. وأكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والشريعة جامعة الأزهر ان الفتاوي لابد ان تخرج من أهل الاختصاص مشيرة الي ان هناك جرأة كبيرة علي استخدام الدين لأغراض سياسية وأهواء نفسية ومجاملات في عدم احترام لقيمة وثقل الفتوي لافته الي أن اجرأكم علي الفتوي أجرأكم عل النار، وتهيب د. آمنة بمن يتجرأ علي الفتوي ان يعلم انها مسئولية كبيرة في الدنيا ونار في الآخرة. وشددت علي عدم الاستهانة بما يقولون انها فتوي وان يتقوا الله وذلك بأن يقولوا رأيهم بعيداً عن الدين وعن ضوابط الفتوي حتي لا يضل الناس. وأكد الشيخ عبد الناصر بليح مدير أوقاف كفر الشيخ على حق المسلمين فى الخروج على الحاكم باستخدام الطرق السلمية، بشرط عدم رفع السلاح تجنبا لحدوث فتنة وفساد فى الأرض، ورفض الشيح عبدالناصر نغمة التكفير التى ترددت كثيرا بعد الثورة، واتهام كل فصيل يختلف مع الفصيل الاخر بالتكفير مؤكدا ان الإسلام نهي عن ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» وأوضح ان تلك الفتاوى تهدف إلى بث الفتنة والفرقة وإراقة الدماء بين المصريين. وأكد الشيخ محمد البسطويسي رئيس النقابة المستقلة أن مفهوم الخروج على الحاكم، للأسف مغلوط لدى الكثير من المصريين، فالخروج على الحاكم الذى أشار له الإسلام هو الخروج المسلح، أى خلع الرئيس بقوة السلاح وإراقة الدماء، أما التظاهر السلمى مثل تظاهرات 30 يونيه، فلا مانع منه ما دام على رغبة الإرادة الشعبية. ووصف البسطويسي هذه الفتاوى بأنها تحض على التطرف والتخلف، فالإخوان المسلمون لم يحسنوا الفتوى ولا الحكم. وان دلت فهي تدل علي الرعب الذي ينتاب جماعة الإخوان من ذلك اليوم الذي يحتشد فيه المصريون رافضين لسياستهم الفاشلة وأضاف «كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة». فيما أكدت دار الإفتاء المصرية أن الاحتجاج والتظاهر أمر مقبول، شريطة أن يبقى فى الإطار السلمى، الذى يضمن عدم التعدى على الممتلكات العامة والخاصة، ويضمن كذلك عدم امتداد يد التخريب إلى منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين. محذرة من التعدى على مؤسسات الدولة المصرية والاعتداء على الأفراد، ومشددة على حرمة الدماء التى ترقى فى الإسلام إلى أن تكون أكبر عند الله من حرمة الكعبة. ودعت إلي تفعيل «وثيقة الأزهر لنبذ العنف» التى كانت محل اتفاق بين الفرقاء السياسيين من قبل، حيث أكدت الوثيقة على حرمة الدماء، والتأكيد على واجب الدولة فى حماية المواطنين، ونبذ العنف والتحريض عليه بكافة أشكاله والالتزام بالسلمية، مؤكدة أن الأزهر سيبقى بكل روافده الحصن والموئل الذى تأوى إليه جماهير المصريين فى أوقات الأزمات.