استنكر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فتاوى "تكفير" المعارضين الداعين للمشاركة في تظاهرات 30 يونيه، لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، قائلاً إن "المعارضة السلمية لولي الأمر الشرعي جائزة ومُباحة شرعًا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر". وفي رده على فتاوى من وصفهم ب "الطارئين على ساحة العلوم الشرعيَّة والفتوى"، بشأن تكفير من يخرج على طاعة "ولي الأمر الشرعي"، وضع الطيب هذه الفتوى في إطار "رأي الفِرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام، وهو كلام يرفضه صحيح الدين ويأباه المسلمون جميعًا، ويُجمِع فقهاء أهل السُّنة والجماعة على انحرافه وضلاله". وحتى مع اللجوء إلى العنف لإسقاط النظام، رفض شيخ الأزهر توصيف هؤلاء الخارجين على الحاكم ب "الكفر" بل اعتبرهم "عصاة"، مستشهدًا بما فعله الخوارج حينما خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين وقاتلوه واتهموه بالكفر. إذ قال إن "الإمام عليًا وفقهاء الصحابة لم يُكَفِّروا هؤلاء الخارجين على الإمام بالعنف والسِّلاح، ولم يعتبروهم مِن أهل الردة الخارجين من الملة، وأقصى ما قالوه: إنهم عُصاة وبُغاة تجب مقاومتهم بسبب استخدامهم للسلاح، وليس بسبب معارضتهم"، على حد قوله. وأكد أن "المعارضة السلمية لولي الأمر الشرعي جائزة ومُباحة شرعًا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر"، واصفًا العنف والخروج المسلح على الحاكم بأنه "معصية كبيرة ارتكبها الخوارج ضد الخُلفاء الراشدين ولكنَّهم لم يَكفُروا ولم يخرجوا من الإسلام". وخلص قائلاً: "هذا هو الحُكمُ الشرعي الذي يُجمع عليه أهل السُنَّة والجماعة"، مؤكدًا أن "الأزهر إذ يدعو إلى الوفاق ويحذر من العُنف والفتنة، يحذر أيضًا من تكفير الخصوم واتهامِهم في دينهم". وكانت العديد من الفتاوى خرجت في الآونة الأخيرة تصف الداعين والمشاركين في المظاهرات التي دعت إليها قوى المعارضة نهاية الشهر الجاري ب "الكفر"، وتعتبر الداعين إلى إسقاط الرئيس محمد مرسي "خارجين على الدين"، كما ذهبت تلك الفتاوى. إلا أن هناك من استنكر تكفير الخصوم لمجرد الاختلاف في الرأي، ومن بين هؤلاء الذين أدانوا تلك الفتاوى "الدعوة السلفية" التي أعربت في بيان لها أمس الأول عن رفضها لما دعته ب "خطاب التكفير والتخوين للمخالفين"، إلا أنها أعربت في الوقت ذاته عن رفضها اللجوء إلى العنف في مظاهرات 30 يونيه. وفيما يلي نص فتوى شيخ الأزهر بيان هام من الأزهر الشريف بشأن تكفير المسلمين الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد؛؛؛ فإن الأزهر الشريف، الذي يعمل دَومًا على جمعِ الكلمة، ونبذ الخلاف والفُرقة التي توهن من قوتنا، وتذهب بريحنا، يجد نفسه مضطرًا إلى التعقيب على ما نُشِرَ من أقوالٍ وإفتاءاتٍ منسوبة لبعض الطارئين على ساحة العلوم الشرعيَّة والفتوى. ومنها أن مَنْ يَخرج على طاعة " وليِّ الأمر الشرعيِّ " فهو منافقٌ وكافرٌ، وهذا يعني بالضرورة الخروج عن مِلَّةِ الإسلام. ويُوضِّح الأزهرُ بهذا الشأن عِدَّة أحكامٍ شرعية: أولاً: أن هذا هو رأي الفِرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام، وهو كلامٌ يرفُضُه صحيحُ الدِّينِ ويأباه المسلمون جميعًا، ويُجْمِعُ فقهاءَ أهلِ السُّنَّة والجماعة على انحرافه وضلاله. ثانيًا: رغم أن الذين خرجوا على الإمام عليٍّ- رضي الله عنه - قاتلوهُ واتهمُوهُ بالكُفر، إلَّا أنَّ الإمام عليًا وفقهاء الصحابة لم يُكَفِّرُوا هؤلاء الخارجين على الإمام بالعُنْف والسِّلاحِ، ولم يعتبروهُم مِن أهل الرِدَّة الخارجين من المِلَّة، وأقصى ما قالوه: إنهم عُصاةٌ وبُغاةٌ تَجِبُ مقاومتهم بسبب استخدامهم للسِّلاح، وليس بسبب معارضتهم. ويؤكد الأزهر أنَّ المعارضةَ السِّلميَّة لوليّ الأمر الشرعيّ جائزةٌ ومُباحة شرعًا، ولا علاقَةَ لها بالإيمان والكُفرِ، وأن العُنْف والخروج المُسلَّحَ مَعصِيةٌ كبيرةٌ ارتكبها الخوارِجُ ضِدَّ الخُلفاء الراشدين ولكنَّهم لم يَكفُروا ولم يخرجوا من الإسلام. هذا هو الحُكمُ الشرعيُّ الذي يُجمع عليه أهل السُنَّة والجماعة. والأزهرُ الشريفُ إذ يدعو إلى الوِفاق ويُحذِّرُ من العُنف والفِتنَة، يُحذِّرُ أيضًا من تكفير الخصوم واتهامِهِم في دِينِهِم. اللهم إنا نسألك رحمةً تهدي بها قلوبنا، وتَجمع بها شملَنا، وتَردُّ بها الفِتَن عنَّا. والله ولي التوفيق؛؛؛ تحريراً في مشيخة الأزهر : 10 من شعبان سنة 1434ه الموافق : 19 من يونيو سنة 2013 م أحمد الطيب