تسبب إعلان الأردن عن استضافته مناورة عسكرية مشتركة على أرضه في سجال دبلوماسي بين عمان ودمشق، بسبب مشاركة قوات أمريكية في تلك المناورة. ويرى مراقبون أن مناورة "الأسد المتأهب 2" خلقت قلقا لدى النظام السوري حول الهدف الحقيقي من تلك المناورة التي تقام للمرة الثانية بالأردن، وكانت المرة الأولى العام الماضي. وبدأ السجال الدبلوماسي، بتصريحات للسفير السوري في "عمان بهجت سليمان" على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قال فيها: إنه إذا كان البعض يجهل، فمن حقه أن يعرف، ومن واجبنا أن نعلمه، بأنّ داء صواريخ (الباتريوت) له علاج ودواء ناجع جداً جداً. وأضاف سليمان "هذا العلاج والدواء، هو صواريخ (الإسكندر) الموجودة والمتوافرة، بكثرة ووفرة، في سورية". ووافق وزير الدفاع الأمريكي تشاغ هاغل الاثنين الماضي على إرسال صواريخ باتريوت، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة من طراز (أف 16) إلى الأردن، للمشاركة في المناورة. ورد النائب الأردني بسام المناصير رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأردني على تصريحات السفير السوري قائلا: هذه تصريحات لشخص وقح، لأنها لا تنم عن دبلوماسية. وقال المناصير "استغرب كيف لجيش حماة الديار (اسم يطلق على جيش النظام السوري) أن يعجز عن تحرير قرية صغيرة في بلده، ويسمح للعصابات من إيران والعراق بالقتال لديه.. العبرة ليست بمن يمتلك السلاح.. هذه عقيدة انهزامية. وأكد أنه سيطالب في جلسة مجلس النواب، يوم الأحد المقبل، باسم لجنة الشئون الخارجية، من الحكومة طرد سليمان من الأراضي الأردنية، وإبلاغه بأنه "غير مرغوب فيه". وقال: "عليه (السفير السوري) أن يعلم أن الأردن شوكة عصية في حلقه، وحلق نظامه." ويبدو أن تعليق النائب الأردني أثار مجددا سفير سوريا لدى عمان الذي قال على صفحته على (فيسبوك): إنه حين يتسلم أمثال السيناتور المناصير مقاليد الأمور في الأردن فإنه يصبح من الوقاحة بقاء السفير السوري في عمان. قبل أن يعود المناصير ويرد على سليمان قائلا: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. ودخل وزير الخارجية وشئون المغتربين الأردني ناصر جودة على خط الأزمة، قائلا: إن السفير السوري في عمان بهجت سليمان قد تجاوز كافة الأعراف والممارسات الدبلوماسية. وانتقد جودة تصرفات السفير السوري ولقاءاته المعلنة وغير المعلنة وتصريحاته المرفوضة والمدانة، من على الأراضي الأردنية التي يفترض انه يمثل سياسة بلاده فيها. وأضاف جودة في تصريحات صحافية له اليوم الخميس بأنه سبق وتم تحذير السفير سليمان من الاستمرار في هذه التصرفات والتصريحات الصحفية والتعليقات والمقالات بما فيها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن تصريحات سليمان "تسئ للدولة التي تستضيفه وتحتضن مئات الالاف من مواطني بلاده في مدنها وقراها ومخيمات اللاجئين فيها". واعتبر أن السفير السوري بعمان يوجه إساءات متكررة للمؤسسات المدنية والعسكرية في المملكة الأردنية الهاشمية، وقال "نرفضها جملة وتفصيلا". وقال وزير الخارجية: يبدو أن السفير السوري يفتقر إلى أدنى متطلبات العمل الدبلوماسي وأسس التمثيل في دول أخرى. وأضاف "عليه (السفير السوري) أن يعتبر هذا بمثابة إنذار نهائي للالتزام بقواعد العمل الدبلوماسي والكف عن أي لقاءات وتصرفات وتصريحات من شأنها أن تمس الأردن بكافة مكوناته ومؤسساته الدستورية. وعن طبيعة الإجراءات التي ستتخذها عمان في حال استمرار إساءات السفير السوري، قال جودة "أي تصرف قادم يصدر في هذا الإطار من قبل السفير سينتج عنه فوراً اتخاذ الإجراءات الدبلوماسية حسب الأعراف والممارسات المتبعة بما في ذلك اعتباره شخصاً غير مرغوب به على الأراضي الأردنية. وتعقد القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية مؤتمرا صحفيا الأحد المقبل لإعلان تفاصيل مناورة "الأسد المتأهب 2" التي تشارك فيها 18 دولة، وموعد إقامتها. والدول المشاركة في المناورة العسكرية هي الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، والبحرين، والإمارات، واليمن، وقطر، ومصر، وباكستان، وإيطاليا، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، والولايات المتحدة ، وتركيا، وبولندا، والتشيك. من جانبها، اعتبرت جماعة الإخوان المسلمين بالأردن تصريحات السفير السوري بعمان "غير لائقة وغير دبلوماسية وتمهد للقيام بأعمال إرهابية سورية داخل الأردن". وقال الرجل الثاني بالجماعة في الأردن زكي بن أرشيد لمراسل الأناضول: "يجب على النظام الأردني طرد السفير لأنه لا يمثل الشعب السوري ويمثل النظام فقط". إلا أن بن أرشيد انتقد في الوقت نفسه إجراء مناورات عسكرية دولية في الأردن. وقال: ما هي الفائدة التي جنتها الأردن من المناورات السابقة والتي لا يعتبر إجراؤها في صالح الأردن. وأضاف: نرفض وندين مثل هذه المناورات، ونرفض التدخل العسكري في شئون العالم العربي والإسلامي. وحول إمكانية أن تكون هذه المناورة بمثابة تمهيد للتدخل العسكري في سوريا، قال ابن أرشيد: "ليس لدينا أي معلومات ولا نستطيع قراءة المستقبل، والمسألة تعود للإدارة الأمريكية، وهي من تحدد مسألة التدخل العسكري في سوريا ، وإذا قالت نعم فلن تقول الأردن لا". وعقدت مناورة "الأسد المتأهب" لأول مرة في الأردن في شهر مايو/أيار العام الماضي بمشاركة نفس الدول. وتعتبر هذه المناورة الأكبر حجما في تاريخ الجيش الأردني وستنفذ في مختلف مناطق التدريب بالمملكة، وستمنح الفرصة للقوات البرية والجوية والبحرية أن تشارك مع مثيلاتها من جيوش الدول المتقدمة المشاركة فيها. وتقول الحكومة الأردنية: إن هذه المناورات تأتي ضمن الخطط التدريبية للقوات المسلحة الأردنية التي تشمل التمارين المشتركة مع جيوش الدول الشقيقة.