أصدر مركز الدراسات المستقبلية بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى يناير 2006، دراسة حول واقع ومستقبل المياه فى مصر. أكدت الدراسة عدم التوازن الصريح بين الموارد المائية والاستخدامات المائية مع ثبات شبه مطلق فى جانب الموارد وتنامى الاستخدامات بشكل متزايد ومستمر، وهو ما أدى إلى انخفاض متوسط نصيب الفرد من المياه إلى نحو 771 متراً مكعباً فى السنة فى عام 2005، أى أن نصيب الفرد من المياه يبلغ نحو ثلاثة أرباع نصيب الفرد عند خط الفقر المائى والذى يبلغ ألف متر مكعب سنوياً، وهو ما يوضح أن مصر تواجه مشكلة كبيرة فى وضعها المائى حالياً وهى مرشحة لمواجهة أزمة مستقبلية فى حالة استمرار الوضع الحالى. وقد تبنى مركز الدراسات المستقبلية هذه المشكلة وعمل على البحث عن بعض الحلول للاستعانة بها للحد من المشكلة وتجنب تدهور الأوضاع عما هى عليه. أوضحت الدراسة أن نصيب الفرد من المياه كان 4948 فى عام 1897، انخفض إلى 1839 متراً مكعباً سنوياً عام 1960 بسبب الزيادة المطردة للسكان، وظل نصيب الفرد يتناقص حتى بلغ 771 متراً مكعباً عام 2005 عندما وصل عدد السكان 72 مليون نسمة، فما بالكم فى عام 2013 وعدد السكان تجاوز التسعين مليوناً. ونفت الدراسة أن النمو السكانى السبب الرئيسى للمشكلة، وأن مستوى الكثافة السكانية سيصطدم بالحدود الطبيعية للمياه العذبة ولكن بإعادة استخدام المياه ومعالجتها وتنفيذ برامج ترشيد استخدام المياه وتحسين الرى والاستفادة من المياه الجوفية المتاحة حول العالم سيكون تحت تصرف كل فرد فى العالم نحو 7700 متر مكعب من المياه فى السنة الواحدة دون المساس بالاحتياطى المائى العالمى، وهو ما يفتح الباب لمطالبة مصر بمواجهة احتياجاتها المائية وتجنب أى مشكلات قائمة أو أزمات قد تطرأ فى المستقبل فى مجال المياه باتباع نفس السبل على المستوى المحلى. ووفقاً لبيانات وزارة الموارد المائية والرى فمن المتوقع زيادة الطلب على المياه فى المستقبل فى الزراعة والاستخدام المنزلى والاستخدام الصناعى، وتهدف خطة وزارة الموارد المائية والرى للتوسع الأفقى والرأسى فى الزراعة إلى زيادة رقعة الأراضى الزراعية بنحو 3٫4 مليون فدان حتى عام 2017. وتتوقع الخطة أن يصل إجمالى الأراضى الزراعية المفقودة فى الوادى والدلتا نتيجة الزحف العمرانى وتآكل الساحل بفعل مياه البحر إلى نصف مليون فدان حتى عام 2017 وبذلك يصل إجمالى مساحة الأراضى الزراعية حوالى 11 مليون فدان عام 2017 ويعتمد رى نحو 75٪ من الأراضى الجديدة على مياه النيل ونحو 18٪ منها على المياه الجوفية ونحو 7٪ على مياه الصرف المعالجة، وهذا يتطلب زيادة فى كميات المياه اللازمة للتوسع فى الزراعة، وتتوقع خطة الموارد المائية والرى زيادة حجم المياه المستخدمة فى قطاع الزراعة بنحو 95٪ على المستخدم حالياً فى القطاع نفسه كما تتوقع خطة وزارة الموارد المائية زيادة الطلب على مياه الشرب بنحو 0٫43٪ سنوياً نتيجة تحسن مستويات المعيشة وزيادة دخل الفرد بما ينعكس على طلب الفرد على المياه الذى سيرتفع بنحو 1٪ بما يتطلب ضرورة رفع كفاءة توصيل المياه من خلال شبكات مياه الشرب للحد من الفواقد المائية التى تبلغ حوالى 50٪ فى المتوسط. وتوقعت خطة الوزارة زيادة الطلب على المياه للأغراض الصناعية بنحو 20٪ بسبب التوسع فى الأنشطة الصناعية ليصل إلى 1٫2 مليون متر مكعب سنوياً بحلول عام 2017 ومع التوسع فى المساحة الزراعية والاستخدامات الأخرى فإن هذا الوضع سوف يولد المزيد من الضغط على الموارد المائية وأن تغطية حاجات الزيادة فى الأراضى الزراعية التى تبلغ نحو 5 ملايين فدان حتى عام 2017، تتطلب توفير نحو 35 مليار متر مكعب إضافية من المياه منها نحو 26٫25 مليار عن طريق مياه النيل ونحو 6٫3 مليار متر مكعب من المياه الجوفية و2٫45 مليار متر مكعب من مياه الصرف المعالج وهذه الأرقام مع الأخذ فى الاعتبار ما يعانيه جانب العرض المائى فى مصر من ثبات وجمود، ويمكن استخلاص نتيجة مهمة مفادها بأن مصر ستشهد أزمة مائية قادمة، نتيجة تدهور الوضع المائى فى مصر فقد تبنى مركز الدراسات المستقبلية دراسة مستقبل الوضع المائى فى مصر، وأكد بعض الخبراء ضرورة التفاوض مع دول حوض النيل وصيانة الاتفاقيات الثنائية مع تلك الدول تقع على عاتق القيادة السياسية. وأوضحت الدراسة أن مجرى نهر النيل يحتاج إلى جهود حثيثة لتنميته وتطويره لتقليل الفاقد من مياهه وتعظيم استفادة دول حوض النيل وخاصة مصر التى تحتاج إلى نصيب أكبر من المياه. وطالبت الدراسة عند إجرائها فى عام 2006 بضرورة تعميق العلاقات السياسية والثقافية بين مصر ودول حوض النيل، وإحياء التواجد المصرى فى القرن الأفريقى، وتغليب اعتبارات التعاون الإقليمى فى مجال المشاريع المائية على اعتبارات الصراع بين دول حوض النيل وتأكيد الحضور السياسى المصرى فى القارة الأفريقية. كما طالبت الدراسة بضرورة تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية الغنية بين دول حوض النيل وإيجاد مصالح اقتصادية مشتركة من خلال شبكات الربط الكهربائى أو ما يسمى بدبلوماسية الكهرباء والدبلوماسية التجارية على غرار الدور الذى كانت تؤديه شركة النصر للتصدير والاستيراد فى أفريقيا وتنمية صندوق التعاون الفنى مع أفريقيا التابع لوزارة الخارجية، وتفعيل دور الكنيسة الأرثوذكسية فى أفريقيا، خاصة فى إثيوبيا وزيادة المنح الدراسية لطلاب الدول الأفريقية فى الجامعات المصرية بهدف توطيد العلاقات المصرية بدول حوض النيل. وحثت الدراسة على تمكين دول حوض النيل من الاستفادة القصوى من مبادرة حوض النيل التى انطلقت عام 1999 وتأهيل هذه الدول للاستفادة من منح المؤسسات الدولية التى تقدر تعهداتها بحوالى 30 مليار دولار فى القيام بمشروعات رى عملاقة فى أعالى النيل تعم فائدتها على جميع الدول، وأشارت الدراسة إلى أن تنمية نهر النيل تواجه العديد من التحديات أبرزها تدهور الأحوال الاقتصادية لدول حوض النيل وضعف أدائها التنموى واختلاف أولوياتها التنموية وعدم قدرتها على توفير الاعتمادات اللازمة لتنمية مجرى النهر، والظروف السياسية والخلافات العرقية والقبلية، اختلاف القدرات والإمكانات البشرية والمؤسسات المتخصصة فى مجال تنمية الموارد المائية من دولة لأخرى. وأوصت الدراسة بضرورة العمل على إقامة مشروعات من شأنها زيادة الاستفادة من هطول الأمطار على حوض بحر الغزال التى لا تصل إلى مياه النيل رغم أنها تشكل نحو ثلث الهطول المطرى على حوض النيل، التوسع فى مشاريع الرى المشتركة بين دول حوض النيل، استحداث آليات جديدة سياسية وقانونية لفض المنازعات التى قد تنشأ بين دول حوض النيل حول اقتسام مياه النهر وإقامة مشاريع للحد من الفواقد فى حوض النيل الأبيض من التبخر، حيث تتزايد المستنقعات بشكل كبير وأبرزها مشروع جونجلى، تقليل التبخر من بحيرة ناصر من خلال تغيير الموازنات على السد العالى، بحيث يتم خفض متوسط مستوى سطح المياه فى الخزان عن 175 والذى قد يوفر حوالى 2 مليار متر مكعب سنوياً، الاستفادة من الزيادة المتوقعة فى مياه الأمطار، حيث إن معظم النماذج الرياضية للمناخ تتنبأ بزيادة مياه الأمطار فى حوض النيل، ويمكن تقديرها مبدئياً بأربعة مليارات متر مكعب سنوياً.