كشفت المحكمة الدستورية العليا برفضها لقانون مجلس النواب الذي أعده مجلس الشوري مؤخراً الكثير من الأهداف الخبيثة التي تتبناها جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة في التعمد والقصد بصياغة مواد في القانون تتعارض مع مواد الدستور المصري. وخرجت الأصوات المعارضة تؤكد أن الجماعة تريد تعطيل إصدار القانون والذي سيتم بموجبه إجراء الانتخابات وذلك حفاظاً علي بقاء سلطة التشريع في يد مجلس الشوري ذي الأغلبية الإخوانية، ومن ثم سهولة تمرير أي قانون داخل المجلس حتي لو كان قد أعد في مكتب الإرشاد للجماعة، والحضور للمجلس فقط لإقراره أمام الكاميرات بالتصويت. من هنا يأتي تخوف جماعة الإخوان من إجراء الانتخابات فور الانتهاء من القانون وصعوبة نجاح أغلبية لهم في انتخابات مجلس النواب القادمة، ومن ثم دخول أغلبية معارضة تنتمي للقوي المدنية إلي المجلس ليتولد صراع تحت قبة البرلمان بين القوي المدنية ونواب جماعة الإخوان الذين ينفذون مخطط الجماعة وهو ما تخشاه الجماعة. لذلك يواصل نواب الإخوان وضع مواد غير دستورية في القانون حتي يتم رفضه من قبل المحكمة الدستورية العليا مرة أخري لإطالة المدة الزمنية لحين انتهائهم من القوانين التي يريدون تمريرها في مجلس الشوري، لنجد بعد ذلك مجلس نواب يحتاج شهورا بل وسنوات لإعادة ما أفسده نواب الإخوان من قوانين «مشبوهة» لا تهدف إلي الصالح العام بقدر ما تهدف لاستكمال خطة التمكين والسيطرة عي مفاصل الدولة. وحاول نواب جماعة الإخوان المسلمين بمجلس الشوري تبرير موقفهم من خلال بعض التصريحات التي أكدوا فيها عدم وجود نية لديهم في تأخير انتخابات مجلس النواب القادمة، أو سعي الجماعة لبقاء السلطة التشريعية في يد مجلس الشوري، إلا أنها تصريحات إعلامية فقط لا تستند إلي دليل خاصة بعد وجود 13 مادة في القانون تتعارض مع الدستور وهو جعل المحكمة الدستورية ترد القانون للمجلس مرة أخري لتعديله. وإذا أحسنا نوايا أعضاء مجلس الشوري من جماعة الإخوان وحاولنا تصديق تصريحاتهم، فالمؤكد أن هذه التصريحات تكشف عن جهل نواب الجماعة بمواد الدستور الذي وضعته أيديهم، وتم الاستفتاء عليه في معركة استفتاء كان السكر والزيت سبيلاً للحصول علي أصوات الفقراء وساكني العشوائيات. وكان من الطبيعي أن يقوم مجلس الشوري بصياغة مواد القانون وإرساله إلي المحكمة الدستورية العليا دون أن يحتوي علي أي تعارضات أو تناقضات بين مواد القانون ومواد الدستور، حيث إن هؤلاء الأعضاء المنتمين لجماعة الإخوان أو التيار الديني بصفة عامة هم الذين صاغوا مواد الدستور بعد انسحاب نواب المعارضة من جلسات وأعمال الجمعية التأسيسية التي وضعته، والمفترض أن يحفظوا مواده ومبادئه عن ظهر قلب. وعودة القانون إلي المجلس بهذا الشكل، أوجد حالة من الخوف والقلق لدي الغالبية من أبناء الشعب نتيجة جهل نواب البرلمان بمواد الدستور وصياغة مواد تتعارض مع ما صاغوه منذ فترة ليست بالبعيدة، كذلك فقدان الثقة في هذا المجلس وتشريعاته سواء كانت الماضية أو التشريعات التي ستشهدها أروقته خلال الفترة القادمة خاصة إذا كانت التشريعات تتعلق بمصير ومستقبل البلاد أو المناطق والمؤسسات الحيوية بها مثل مشروع تنمية قناة السويس. ومن المقرر أن تنظر المحكمة الدستورية العليا الدعوي المقامة لحل مجلس الشوري استناداً علي إجراء انتخاباته بنفس القانون الذي تمت به انتخابات مجلس الشعب المنحل في 2 يونية القادم، وفي حالة الحكم بالبطلان يستوجب ذلك عودة السلطة التشريعية في يد رئيس الجمهورية وربما هذا الهدف يسعي إليه جماعة الإخوان المسلمين الآن. ووجود سلطة التشريع في يد الرئيس إذا صدر حكم بالبطلان، هو بمثابة تسهيل المهمة علي جماعة الإخوان، فمن السهل إصدار أي قانون أو تشريعات من قبل الرئيس مرسي، ثم تتحرك الجماعة بعدها لتنظيم مظاهرات في ميدان جامعة القاهرة أو الميادين الأخري لتؤيد القانون أو التشريع المسبق مثلما حدث ذلك مسبقاً في الإعلان الدستوري المشئوم الذي كان بمثابة الكارثة وسبباً رئيسياً في حالة الانقسام السياسي التي تشهدها البلاد ودخولها في النفق السياسي المظلم ولم تخرج منه حتي الآن. فعلي جماعة الإخوان المسلمين أن تنتهي من إصدار قانون مجلس النواب وإجراء الانتخابات إذا كانت تريد فعلاً المنافسة الديمقراطية الشريفة مع الأحزاب والقوي المعارض، ولكن الجماعة تعرف حجم شعبيتها في الشارع المصري الآن ولذلك تعمل علي إضاعة الوقت وهو إجراء ومناورة ربما تصب في صالحهم بعض الوقت،إلا أنه بداية الطوفان القادم لإسقاط النظام الذي يسير علي خطي نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ويتناسي أن هناك شعبا له إرادة وله رؤية وبه الكثيرون ممن يختلفون معه في الرأي والرؤية، بل الأدهي من ذلك أنهم يعتمدون علي جهل بعش الفئات البسيطة أكثر مما يعتمدون علي ذكائهم الذي أثبتت تجربة وصولهم للحكم عدم وجود ذكاء لديهم بل وفشلهم في إدارة أمور البلاد.