منذ عدة أسابيع وجهت هنا سؤالاً للدكتور محمد مرسى عن مفهومه للجهاد وطالبته بأن يقدم لنا إجابة واضحة وقاطعة، واليوم بمناسبة مقتل شابين من شباب التيار السلفى فى جنوب مالى كانا يقاتلان في صفوف تنظيم القاعدة تحت عنوان الجهاد، نكرر على د. مرسى ما سبق وطرحناه: ما الذى تفهمه عن الجهاد؟، ما هو تعريفك يا د.مرسى للجهاد فى الإسلام؟، هل يشمل القتال ضد الحكام والشعوب الإسلامية أم أن القتال فيه يوجه للغازي والكافر فقط؟، وما هو موقفك من قتال الجماعات الدينية للحكام العرب؟، وما الذي تعرفه عن تطوع بعض الشباب المسلم للقتال ضد حاكم بلد عربى مسلم؟، باختصار شديد د. مرسى ما هو موقفك من الجماعات الجهادية المتطرفة؟، وهل أنت مع مفهوم الجهاد الذى يؤمنون به؟، وهل الشباب الذين قتلوا بالأمس فى مالى ومنذ أيام فى سوريا كانوا يجاهدون فى سبيل الله؟، وهل تعدهم شهداء أم إرهابيين؟. الرئيس مرسى بدأ حكمه بإدانة حكومة مالي بالجيوش الأفريقية والفرنسية لصد زحف تنظيم القاعدة الذي يحتل شمال البلاد، وهو ما يعنى مساندته الصريحة لتنظيم القاعدة، كما قام بفتح الباب لشباب جماعة الإخوان المسلمين للسفر إلى سوريا للقتال فى صفوف المعارضة ضد الرئيس بشار، واحتسابه المقتول هناك ضمن الشهداء، وهو ما يعنى أن جماعة الإخوان المسلمين تؤمن بأن محاربة المسلم للمسلم يدخل فى مفهوم الجهاد فى سبيل الله، وهذا المفهوم هو الذي فتح باب جهنم فى البلدان الإسلامية، وشجع البعض على تكوين خطابهم الديني الخاص، أحلوا فيه دماء وأموال المسيحيين والمسلمين، كما أحلوا لأنفسهم الإطاحة بالحاكم المسلم الظالم، الذي سبق وقد أفتى بعض المتشددين بتكفير الخروج عليه تجنباً للفتنة. خطورة هذا التعريف للجهاد فى الإسلام أنه دموى يؤمن بالتصفية الجسدية وبالاستيلاء على أموال وممتلكات الغير، وأخطر ما فى هذا المفهوم أنه يبيح التدخل فى شئون البلدان العربية الإسلامية لمحاربة الحاكم لإقامة الخلافة الإسلامية، وهو ما يشكل خطورة على علاقات مصر بالأشقاء العرب، حيث يتوقع أن تفتح جماعة الإخوان وتوابعها الباب للشباب لكى يجاهدوا فى صفوف المعارضة، وليس بعيداً أن نفاجأ فى الصباح بمقتل شاب مصرى يتبع جماعة الإخوان أو التيار السلفى كان يقاتل فى صفوف المعارضة بدولة الكويت أو البحرين أو الإمارات أو السعودية أو الأردن أو سلطنة عمان أو الجزائر، وكما رثت الجماعة شقيق المتحدث الإعلامي الذى توفى فى سوريا واحتسبته شهيداً فى سبيل الله، سوف تحتسب الجماعة أيضا من يقتلون فى هذه الدولة شهداء لأنهم حسب خطابهم الديني كانوا يجاهدون فى سبيل الله فى صفوف المعارضة في سوريا أو الجزائر أو مالي أو أفغانستان أو السعودية أو الإمارات أو الكويت.. ما يقلق وينذر بالشؤم أن اعتقاد الرئيس مرسى وجماعته بهذا المفهوم الخاطئ للجهاد سوف يحَّول البلاد إلى مفرخة لتصنيع وتصدير المجاهدين فى سبيل الله تعالى، حيث سترسل بعض الجماعات المتشددة التي تسعى لنشر الإسلام بين المسلمين من أهل بلدها، ترسل خطاباً إلى الرئيس مرسى أكرمه الله بأن يدفع ببعض المجاهدين المصريين لمساندتهم فى نشر كلمة الله وشريعته بين أهل الجاهلية العلمانيين الديمقراطيين والليبراليين الملحدين، وقد يحيل الرئيس مرسى خطاب الجماعة إلى عشيرته فى المقطم لإبداء الرأي والنصيحة، ينتهى القرار إلى إرسال العشرات من المجاهدين المصريين لقتل الليبراليين العلمانيين الديمقراطيين الاشتراكيين الناصريين في الكويت أو الإمارات أو السعودية، والعمل على تطبيق شرع الله وإقامة أركان الإمارة إسلامية. وقبل أن يوضح لنا الرئيس محمد مرسى موقفه من الجهاد والجماعات الدينية المتطرفة نحيله إلى الفتوى رقم 1990 التي صدرت عن دار الإفتاء المصرية سنة 2008، حيث أرسل أحد الليبيين للدار يسأل: هل يجوز لي منع ابني البالغ من السن ثمانية عشر عامًا من الذهاب للجهاد في سبيل الله، سواء أكان في العراق أو الشيشان أو أفغانستان أو فلسطين المحتلة؟. الإجابة: للأب السائل الحق فى أن يمنع ابنه من السفر بغرض الجهاد فى البلاد المذكورة، ويجب على الابن إطاعة أبيه ويحرم عليه مخالفته، لماذا؟، لأن: الجهاد فى حقه غير متعين، وقد عرفت الفتوى الجهاد «القتال منه»: من فروض الكفايات التي يعود تنظيمها إلى ولاة الأمور والساسة الذين ولاهم الله عز وجل البلاد، وهو ضد أعداء الله، وأعداء الله هنا الكفار. على أية حال إذا كان د. مرسى يؤمن بمفهوم تنظيم القاعدة للجهاد فأنصحه أن يرحل حقناً لدماء المصريين والمسلمين فى البلدان العربية الشقيقة، لأننا لن نقبل بهذه الخرافات.