جرام الشاى وصل 14 قرشاً.. وأسعار البن تنخفض عالمياً 35% وترتفع فى مصر 15%! التجار يزعمون تراجع المخزون المحلى.. والغرف التجارية: مخزون الشاى يكفى 13 شهراً والبن يكفى أكثر من 3 شهور رئيس غرفة البن: الأسعار ستنخفض خلال 3 أشهر. المصريون يحتسون 273 مليار لتر من الشاى والقهوة فى عام واحد انضم الشاى والقهوة إلى السلع التى تكشف تغول المتلاعبين فى أقوات المصريين، فالشاى المشروب المصرى الأول لملايين المصريين ارتفع سعره بشكل كبير حتى وصل سعر الجرام منه إلى 14 قرشاً، فيما ارتفعت أسعار البن 15% رغم انخفاضها عالمياً بنسبة 35%! والغريب أن من رفعوا أسعار الشاى والقهوة يزعمون أن هذا الارتفاع بسبب تراجع المخزون المحلى من السلعتين، فيما كذبت الغرف التجارية هذا المزاعم وأكدت أن مخزون الشاى يكفى 13 شهراً، والبن يكفى نحو 3 أشهر ونصف الشهر.. وأمام هذا الحال يثور السؤال: مَن وراء إشعال أسعار الشاى والبن فى مصر؟ بداية لا بد من الإشارة أن الشاى والقهوة يمثلان رقماً مهماً فى معادلة ضبط مزاج أغلب المصريين، فإذا كانت الشعوب فيما يعشقون مذاهب، وللمصريين مع الشاى والقهوة عشق ممتد على مدى قرون. وصل العشق لدرجة أن كثيراً من المصريين اعتادوا على أن يبدأوا يومهم ب«كوباية شاى» أو فنجان قهوة، وآخرون يقدسون تناول الشاى ساعة العصارى، فيما يحلو لفريق ثالث أن يتناول الشاى عقب كل وجبة.. وهكذا تغلل الشاى والقهوة فصار أحد الطقوس المقدسة فى حياة المصريين. ومؤخراً حدث ما يعكر صفو مزاج ملايين المصريين من عشاق الشاى والقهوة، إذ ارتفعت أسعار البن والشاى أكثر من مرة فى فترة وجيزة، رغم انخفاض أسعارهما عالمياً! وفقاً للإحصائيات، يحتسى المصريون نحو 273 مليار لتر من الشاى والقهوة سنوياً، وفقاً لإحصاء اللجنة الدولية للشاى، وتحتل القاهرة المرتبة الثالثة بين الدول العربية استهلاكاً للشاى والقهوة، فيستهلك المصريون نحو 80 ألف طن من الشاى سنوياً، ونحو 20 ألف طن قهوة سنوياً، وهو ما يعنى أن استهلاك الفرد منهما يصل إلى نحو كيلوجرام سنوياً، وخلال العام الماضى وحده استوردت مصر بنحو 330 مليون دولار أمريكى شاياً وقهوة، ومع ارتفاع أسعار الدولار فى مواجهة الجنيه، ارتفع سعر الشاى والبن بنسبة 15% مقارنة بالعام الماضى، وأعلنت كبرى شركات الشاى داخل مصر، عن رفع الأسعار للمرة الثانية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، وسعر ال250 الشاى ب 35 جنيهاً بعد أن كان سعره 25 جنيهاً، أى أن جرام الشاى وصل سعره 14 قرشاً. وقبلها وفى سبتمبر الماضى، ارتفع سعر كرتونة الشاى البالغ وزنها 20 كيلو إلى 2500 جنيه. وأرجع بعض التجار أن ارتفاع أسعار الشاى والبن نتيجة نقص مخزونهما، وفى المقابل، نفى اتحاد الغرف التجارية وجود أى نقص فى مخزون السلعتين، وأكد اتحاد الغرف فى بيان له، أن رصيد الشاى فى مصر يبلغ 90 ألف طن وهو ما يكفى لاستهلاك أكثر من 13 شهراً، أما البن فيتجاوز رصيده 20 ألف طن، ويكفى لاستهلاك أكثر من ثلاثة أشهر ونصف، بخلاف الكميات المستوردة والموجودة بالفعل فى الموانئ، ويتم الإفراج عنها أولا بأول ومن جانبه، أكد حسن فوزى، رئيس شعبة البن بالغرفة التجارية، أن أسعار البن عالمياً تراجع بمقدار 35% بينما الأسعار فى مصر لا تزال ثابتة.. وقال: أسعار البن تحكمها البورصة العالمية، سواء فى الارتفاع او الانخفاض، لأنه يعتبر سلعة استراتيجية فى العالم أجمع، وخلال الفترة الحالية انخفضت الأسعار عالمياً لما بين 30% الى 35% بسبب وجود زيادة فى إنتاجية المحصول هذا العام. وأضاف «فوزى» إلى أن الأسعار فى مصر ستنخفض خلال فترة أقصاها ثلاثة شهور «وواصل» وتراجع سعر البن عالميًا بنحو 30% مقارنة بسعر فبراير الماضى، فى ظل زيادة الإنتاج العالمى بنسبة 8%. وأوضح «فوزى» أن استهلاك القهوة يزيد بنسبة 30 % خلال فصل الشتاء مقارنة بفصل الصيف، نتيجة تراجع درجات الحرارة وزيادة الإقبال على المشروبات الساخنة، خصوصاً الشاى والقهوة. وقال: «مصر تستورد 100% من حاجاتها من البن من الخارج، وأن الأسعار تختلف وفقاً للأصناف، إذ تتراوح أسعار بن «روبوستا» بين 2500 دولار وتصل إلى 4000 دولار للطن الواحد، بينما يصل سعر طن البن «أرابيكا» إلى نحو 6000 دولار. وأعلن مجلس الوزراء فى تقرير الرد على الشائعات أن مصر لديها ما يكفيها من الشاى والبن تابع تقرير المجلس: تهدد أزمة المناخ جزءًا كبيرًا من محاصيل البن الآن بدول أمريكا اللاتينية خاصة البرازيلوكولومبيا أكثر الدول فى العالم المنتجة للبن؛ حيث تعانى الدول من نقص فى الإنتاج فى الآونة الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار؛ بسبب سوء الأحوال الجوية وموجات الصقيع الاستثنائية فى البرازيل، والتى تعد أكبر دولة موردة لحبوب البن فى العالم. وذكر أن مصر تستورد 100% من استهلاكها من البن، وتعتمد على استيراده من دول (كولومبيا، وإندونيسيا ولبنان والهند وإثيوبيا والبيرو، وجواتيمالا) بجانب البرازيل، وسجل معدل استهلاك مصر من البن صعودا سنويًا وفقًا لإحصاءات منظمة البن العالمية؛ وبلغ استهلاك مصر من البن خلال العام المالى 2020/ 2021 نحو 76.7 ألف طن، مقارنةً بنحو 74.5 ألف طن خلال عام 2019. واستشهد مجلس الوزراء، بتصريحات لرئيس شعبة البن بالغرف التجارية، والتى يؤكد فيها على أن الموجود فى الموانئ من واردات البن سيغطى السوق المصرية، ولا داعى للقلق أو الخوف أو الشائعات التى تستهدف السوق المصرية. كما نقل تقرير مجلس الوزراء، تصريحات رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة الجيزة التجارية، التى يؤكد فيها وجود وفرة ومخزون استراتيجى من الشاى يكفى لمدة عام كامل، كما أنه يوجد فى مصر ما يزيد على 100 نوع شاى، ووفقاً لمنظمة الفاو» فإن محصول الشاى من المحاصيل المهددة من قبل تغير المناخ. وكشف جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن سبب عدم زراعة الشاى أو القهوة داخل مصر، يعود إلى عاملين رئيسيين وهى المناخ والجدوى الاقتصادية، حيث تحتاج زراعة الشاى إلى مناطق حارة جدا وهو غير متوفر لمناخ مصر، أما بالنسبة للجدوى الاقتصادية فالمحصولان ليسا من المحاصيل الرئيسية مثل الحبوب والخضراوات والفواكه، وهى عصب الزراعة الرئيسية وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعى أن الدول الأخرى تزرع الشاى لأنها تعتمد عليه كمصدر دخل رئيسى، وفى مقدمة تلك الدول: كينياوسريلانكا والهند، أما الصين تحتكر نحو 30% من إنتاجه العالمى، الذى يصل إلى 2.5 مليون طن سنوياً من الشاى بينما ينتج العالم نحو 6 ملايين طن سنوياً من محصول الشاى، أما البن فتحتكر زراعته وإنتاجه البرازيل وإثيوبيا. وحسب خبراء الزراعة، فإن الشاى تعتبر أحد أكثر المحاصيل الزراعية تأثراً بالتغيرات المناخية، إذ لا يمكن إنتاج الشاى إلا فى ظروف زراعية دقيقة، ولهذا فإن إنتاج الشاى يقتصر على دول بعينها، وهى دول سيتأثر العديد منها بتغير المناخ، فالتغير فى درجة الحرارة وأنماط هطول الأمطار وزيادة نسبة الفيضانات وموجات الجفاف بدأ يؤثر بالفعل على المحصول وجودة إنتاج الشاى وأسعاره. المشروب العالمى الأول يعد الشاى أكثر المشروبات استهلاكاً فى العالم بعد الماء، وتمثل تجارته ثانى أكبر أنواع التجارة العالمية، من ناحية القيمة، ويرجع أصل الشاى إلى الصين، عند بداية استخدامه قبل 2700 سنة قبل الميلاد، وكان يستخدم لأغراض طبية. وأقيم أول احتفال باليوم العالمى للشاى وهو يوم 21 مايو من كل عام، فى نيودلهى عام 2005م من قبل منظمة الأممالمتحدة وهو احتفال يهدف انتباه الحكومات والأفراد إلى التأثير العالمى لتجارة الشاى على العمال والمزارعين، وتم ربطه بالمطالبات بتقديم الدعم لسعره والتجارة العادلة. أما بالنسبة لدخول مشروب الشاى الوطن العربى، فوفقاً لبعض الروايات أن الشاى لم يعرف عند العرب فى عصر الجاهلية ولا فى صدر الإسلام ولا فى العصر الأموى ولا العباسى، ولم ينتشر ويصبح معروفاً فى العالم إلا فى القرن السابع عشر وما بعده، وقد كانت أول شحنة من الشاى قد وصلت أوروبا فى عام 1610 وهو أول عهد الأوروبيين بالشاى. وفى القرن العاشر ورد ذكر الشاى لدى الجغرافى الأزبكى الخوارزمى، بأن الصينيين كانوا يشربون شراباً ذهبياً يسمى شراب «چاى». أما العرب فقد عرفوا شرب الشاى فعلياً منذ القرن 19، وهى نفس فترة انتشاره فى سوريا والأناضول وتركيا من بعد ترخيص استيراده من قبل الحكومة العثمانية، وقد دخل الشاى أولاً من العراق عن طريق الشركات الإنجليزية العاملة فى إيران، إذ كان الشاى قد انتشر فى إيران قبل دخول العثمانية، ما نشر التسمية الفارسية للمشروب فى اللغة العربية، چاى. وبالنسبة لدخول الشاى إلى مصر، هناك روايتان حول دخوله إلى القطر المصرى، أولى الروايات تقول إن الشاى دخل مصر مع الضباط البريطانيين عام 1882، ولكنه استمر فى بدايته مشروباً نخبوياً مقصوراً على العائلات الأرستقراطية والملكية، وكانوا يسمونه وقتها «الخروب»، ثم عم شرب الشاى من حملات التسويق الإنجليزية. الرواية الثانية تقول إن الفضل فى وصول الشاى إلى مصر يعود إلى الزعيم أحمد عرابى ورفاقه العرابيين وعلى رأسهم محمود سامى البارودى والذين كان لهم دور كبير فى معرفة المصريين شرب الشاى لأول مرة وذلك بعد أن تم نفيهم إلى جزيرة سيلان. وفى هذه الجزيرة جلس عرابى ورفاقه مع السير تومان جونستون ليبتون، والذى يمتلك مزارع شاى ليستضيفهم فى مزرعته لشرب مشروب تناولوه لأول مرة وهو الشاى، لم يعجبهم فى بداية الأمر ولكنهم تعودوا عليه وأصبح مشروبهم المفضل فى المنفى. قرر عرابى أن يرسل الشاى لشقيقه وأهله وأصدقائه فى مصر من أجل تجربته، وإذا كان هذا المشروب طعمه جيدًا بالنسبة لهم سيقرر إرسال المزيد منه إلى الزعيم أحمد عرابى، حيث إنه بعد محاكمته فى 1882 غادر على سفينة مع زملائه العرابيين إلى جزيرة سيلان «سريلانكا حالياً» مقر منفاهم. واحتلت مصر المركز السابع عالميًا والأول عربيًا ضمن قائمة الدول الأعلى استيرادًا للشاى بحصة تمثل 3.4% من الإجمالى العالمى فى عام 2021. وتعد الصين أكبر دولة منتجة للشاى بمعدل إنتاج يتخطى مليون طن سنوياً، وتركز الدولة على إنتاج الشاى الأخضر والأصفر والأبيض عالى الجودة، وتخصص الصين الكثير من أراضيها لزراعة الشاى، ما يجعل لديها فائضاً كبيراً للتصدير، إذ إن نحو 80% من الشاى الأخضر المصدر فى العالم يأتى من الصين وحدها، وتعتبر مقاطعة يونان واحدة من أقدم المناطق التى زرعت الشاى، كما أن مقاطعتى فوجيان وآنهوى من المناطق المهمة لزراعة الشاى. إنفوجراف: - 200 جرام حجم استهلاك الفرد سنوياً فى مصر لمشروب القهوة طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2021. -1 كيلوجرام حجم استهلاك الفرد سنوياً فى مصر لمشروب الشاى طبقاً للجنة الدولية للشاى لعام 2018. - 273 مليار لتر حجم استهلاك المصريين من الشاى والقهوة فى عام واحد - 80 ألف طن شاى تستهلكها مصر سنوياً طبقاً للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2021. - 330 مليون دولار قيمة استيراد شاى وقهوة خلال عام 2021 طبقاً للجهاز المركزى والتعبئة والإحصاء.