سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    ملف رياضة مصراوي.. هدف زيزو.. هزيمة الأهلي.. ومقاضاة مرتضى منصور    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    خالد منتصر منتقدًا حسام موافي بسبب مشهد تقبيل الأيادي: الوسط الطبي في حالة صدمة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرهاب البيئى يهدد العالم
نشر في الوفد يوم 03 - 11 - 2022

تعد قضية التغيرات المناخية واحدة من أبرز القضايا التى تتصدر المشهد فى جميع دول العالم خلال السنوات الأخيرة فى ظل ما تسببه من تهديد للبشرية، وهو ما يتطلب تكاتف الجميع لمواجهة هذا الخطر الذى بات بمثابة أمن قومي.
ويعول الكثير من الخبراء والمتخصصين على النسخة القادمة من مؤتمر المناخ المقرر انعقاده فى مدينة شرم الشيخ لوضع حلول سريعة للعديد من القضايا المناخية.
وترصد «الوفد» فى الملف التالى كيف تسببت القضايا البيئية فى نشوب الصراعات المسلحة، وتكشف سيناريوهات الدول الكبرى للبقاء على حساب الدول النامية.
القوى الكبرى تتصارع للبقاء على حساب الفقراء
تصدرت قضية "التغيرات المناخية" أولويات الأجندات المحلية والعالمية خلال الآونة الأخيرة، حيث اكتسبت أبعادًا ترقى إلى اعتبارها "أمناً قومياً" يحتاج إلى تكاتف جميع الدول لمواجهة تهديداته جنبا الى "مكافحة الإرهاب"، وأكدت عدة دراسات علمية العلاقة بين قضايا البيئة ونشوب الصراعات المسلحة فى القارة الأفريقية نتيجة ما يسمى "بالإرهاب البيئى"، وهو نوع جديد من الإرهاب الذى تمارسه الجماعات والقبائل مع تزايد معدلات الاحتباس الحرارى وموجات الجفاف فى البحيرات والأراضى الصالحة للزراعة كما حدث فى دول حوض "بحيرة تشاد"، وأدى الى تنامى أدوار جماعات «بوكو حرام» والشباب المسلحين وقاد الأهالى الى النزوح فى أماكن أو مستوطنات أخرى إما داخل الحدود التشادية أو خارجها مما نتج عنه ظاهرة جديدة هى "اللجوء البيئى" الذى وصل نازحوه الى أكثر من 20 مليون لاجئ حول العالم معظمهم من أفريقيا وآسيا والكاريبى.
ورغم أنعقاد العديد من المؤتمرات والمنتديات الإقليمية والدولية التى توصى الدول الصناعية الكبرى باتباع سياسات "التخفيف" من الإنباع الكربونية الناتجة عن النشاط الصناعى والذى تمت ترجمته إلى نشوب حرائق هائلة فى الغابات وجفاف الأنهار، مصحوبة بأزمات فى إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها وتكاليف الحياة، تزامنًا مع إطلاق الدول الكبرى لوعود التمويل أثناء انعقاد هذه الفعاليات التى وصلت الى 100 مليار دولار فى آخر اجتماع "كوب 26" بجلاسكو 2021 لتمويل مشروعات "التكيف" للشعوب النامية المتضررة وتعويضها ماديًا وتكنولوجيًا ولوجيستيًا لمواجهة آثار هذه التغيرات المناخية إلا أنها لم تنفذ حتى الآن.
الإرهاب البيئى يتصدر المشهد العالمى ويزحف إلى أفريقيا وأوروبا
وعلى إثر زيادة معدلات الكوارث الطبيعية الناتجة عن الاحتباس الحرارى فى دول أوروبا والولايات المتحدة كما رصدتها أخبار وعدسات الإعلام فى اندلاع حرائق الغابات وجفاف الأنهار التى فشلت أمامها إمكاناتهم الكبيرة والحديثة فى التصدى لها وهو ما دفعهم الى الاستعانة بالقوى والتجهيزات العسكرية، من أجل "إدارة الأزمات البيئية" ومواجهتها، وإعادة النظر فى استراتيجيات وأدوات مواجهة هذه الظواهر المتنامية فى المستقبل.
ترصد "الوفد" فى هذا الملف العلاقة المتبادلة بين التغيرات المناخية وظهور جماعات "الإرهاب البيئى" وصعود أدوار الجماعات المسلحة فى الأماكن المنكوبة من الجفاف والكوارث الطبيعية وارتباطها بالأمن القومى للدول، وتطور الصراعات الدولية بين القوى الكبرى فى القطب الشمالى واستغلالها للتغيرات المناخية الى كشفت عن كنوز طال انتظارها.
معظم الصراعات القبلية والمحلية سببها نقص الموارد
الإجهاد البيئى والتنافس على الموارد
كشفت مجموعة من الدراسات الأجنبية، عن أن هناك علاقة سببية مزدوجة بين التغيرات البيئية العنيفة ونشوب الصراعات، حيث تعد ظاهرة "الإجهاد البيئي" الناتجة عن الاستنزاف المفرط للموارد الطبيعية سببًا رئيسيًا للصراعات بانواعها المختلفة، والتى تؤدى بدورها الى مزيد من "الإجهاد البيئي" عبر الاستهلاك المكثف وغير المنضبط للموارد الطبيعية.
الرعاة والمزارعون يتحولون الى إرهابيين
كما أن التنافس على الموارد الطبيعية كالمياه والتربة الخصبة التى أصبحت محدودة نتيجة الإستهلاك العشوائى والمتزايد مصحوبا بالتغيرات المناخية، ولّد مزيدًا من الصراعات حول العالم بين القوى الكبرى كما حدث فى تكالبهم على الفوز بموارد القارة الأفريقية بعد ازمة الطاقة التى باتت تهدد دول أوروبا والولايات المتحدة إثر الحرب الروسية فى أوكرانيا وتوقف إمدادات الغاز الروسى إلى أراضيهم مع اقتراب شتاء 2022، وهو ما أعاد ارتباط قضايا البيئة بمحاور "أمن الطاقة والمياه والغذاء" على رأس الأجندة العالمية.
ويتوقع برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، أن يزداد انعدام الأمن الغذائى وأن يتعرض نحو 49 مليون شخص فى 46 دولة لخطر المجاعة، بالتوازى مع ظواهر الجفاف والفيضانات والاعاصير التى أدت إلى تدمير الزراعة هناك وقلة الإنتاج.
ورغم الجهود الدولية المبذولة فى معالجة قضايا البيئة، فإن الباحث أشوك سوين يؤكد فى دراسته "الهجرة البيئية وديناميات الصراع بالمناطق النامية" فى زيادة موجات التحركات السكانية والنزوح من المناطق التى تعرضت للاستنزاف البيئى نتيجة الصراعات، مما أدى الى زيادة التنافس على الموارد الطبيعية فى المناطق المستقبلة للاجئين وتفكيك البنيان الاجتماعى هناك، بسبب استهلاك النازحين للموارد بشكل مكثف مما ألحق الضرر بالبيئة المحلية وأخلَّ بالتوازن البيئى،عن طريق إزالة الغابات وتدهور الأراضى الخصبة وتلوث المياه، وقادنا الى ارتفاع مستويات غازات ثانى أكسيد الكربون والميثان فى الغلاف الجوى وحرمان الملايين من مصادر أرزاقهم فى المستقبل القريب.
الإبادة الجماعية والتصحر فى الساحل الأفريقى
تشير مجلة "بحوث السلام" فى دراسة للباحث ماريجكى فيريورتن الى أن الصراع حول الأراضى الصالحة للزراعة وتحقيق الأمن الغذائى كان من أقوى العوامل التى نشبت على إثرها الإبادة الجماعية الأشهر فى أفريقيا بين جماعتى "الهوتو" و"التوتسى" بدولة رواندا عام 1994 والتى راح ضحيتها أكثر من مليون قتيل.
وسجلت منطقة غرب أفريقيا الحزام الجنوبى للصحراء الكبرى المعروف "بالساحل الأفريقي" أكثر المناطق تصحرا فى العالم، ونتج عنها تغيرات بيئية ومناخية عنيفة خلال العقود الأخيرة، وتعد "بحيرة تشاد" مورداً أساسياً للمياه العذبة فى إقليم الساحل، حيث يمتد حوض البحيرة بطول 2.4 مليون كيلو متر مربع ليشمل 8 دول من إقليم الساحل الأفريقى، متضمنًا "الكاميرون والتشاد والنيجر ونيجيريا والجزائر وليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى"، وتشكل مجموعة هذه الدول منظمة إقليمية تسمى"بمفوضية حوض بحيرة تشاد"، وتشير الدراسات إلى ان مساحة البحيرة بلغت 26 ألف كيلو متر مربع فى الخمسينيات، ثم فقدت نحو 90% من مساحتها الكلية وتعرضت للجفاف المتكرر وانخفاض منسوب المياه لأكثر من النصف، وأكدت كلية الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز أن المتغيرات البيئية فى حوض "بحيرة تشاد" نتج عنها تغيرات اجتماعية تمثلت فى تعزيز الانقسامات كالصراع بين جماعات "فولانى وكانوروى وجوكون وتيف"، بالإضافة الى اشتراك الجماعات المسلحة فى هذه الصراعات أمثال "بوكو حرام"، فى نيجيريا والتى أسفرت عن 14064 قتيلًا من 1998 حتى الآن.
الدراسات ترصد: التغيرات المناخية تهدد الأمن القومى للقارة الأفريقية
الرعاة والمزارعون يتحولون إلى إرهابيين
تعد المنطقة الحدودية بين كينيا وأوغندا المعروفة باسم منطقة "كارموجا" موطنا للعديد من الجماعات الرعوية التى نشبت بينها وبين الجماعات المماثلة صراعات عابرة للحدود ناتجة عن اضطرابات فى هطول الأمطار والجفاف، وتطورت هذه الصراعات المسلحة لتشمل الثروة الحيوانية والمياه وموارد الرعى بين جماعتى "بوكوت وتوركانا" من كينيا ومثيلتها "دودوث وجى سابيني" من أوغندا التى نتج عنها أكثر من 2800 حالة وفاة.
وقدرت لجنة مكافحة التصحر للأمم المتحدة أن مجموع ما فقدته القارة الأفريقية من الأراضى الزراعية بلغ نحو 6 ملايين هكتار سنويا بسبب زحف الصحراء منذ عام 1990 حتى الآن، لتصبح كل أراضى الساحل الأفريقى تقريبًا غير قابلة للزراعة بحلول 2025.
الجيش الأمريكى وحروبه أهم أسباب زيادة الانبعاثات الكربونية
السدود الإثيوبية مصدر للصدامات المسلحة
رصد مركز الدراسات الأفريقية بجامعة أكسفورد أن بناء إثيوبيا لمجموعة السدود العملاقة على مصبات نهر النيل تعد أحد "السياسات العدوانية" التى تنتهجها إثيوبيا تجاه جيرانها كما ذكر المركز، حيث أقامت أديس أبابا 3 سدود "جيلجيل جيبى 1 و2 و3" خلال الفترة ما بين 2004 وامتدت حتى 2016على نهر "أومو" الذى ينبع من الأراضى الاثيوبية ويتجه جنوبًا ليصب فى بحيرة توركانا فى شمال كينيا، وأثرت هذه السدود بالسلب فى النظام البيئى للبحيرة مصحوبًا بتدمير طرق العيش التقليدية للمجتمعات المحلية فى المصب خاصة مع استهلاك نسبة كبيرة من مياه نهر أومو من أجل التوسع فى زراعة قصب السكر، بالإضافة الى تصاعد الاشتباكات العنيفة بين الصيادين الكينيين والإثيوبيين فى بحيرة توركانا التى تناقصت قدرتها على الإنتاج الكمى والنوعى للأسماك، مما أدى الى تسلل الصيادين الكينيين بشكل متزايد نحو شمال البحيرة واختراقهم الحدود الاثيوبية وهو ما قاد الى تفجير المواجهات المسلحة بين الجانبين.
جماعات الإرهاب البيئى فى أوروبا
قياسًا على ذلك، فإن تصاعد حدة المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية خلال السنوات الأخيرة إلى جانب تزايد حالة القلق لدى الرأى العام الدولى، وإشاعة حالة من الاستياء وغضب الشعوب ضد حكوماتهم وما تقوم به من إجراءات تجاه قضايا المناخ، نتج عنه تشكيل ما يسمى "بالحركات البيئية الراديكالية" التى توسعت قاعدتها من خلال انضمام أنصار لأجندتها المتطرفة حول العالم، وهو ما أكده استطلاع للرأى العام أجرته جامعة "باث" البريطانية فى 10 دول خلال عام 2021، حيث شملت عينة البحث 20 ألف شخص سجلوا مخاوفهم العميقة تجاه قضية تغير المناخ وبينهم 60% ينتمون الى فئة الشباب الذين أوضحوا أن مخاوفهم تؤثر سلبًا على حياتهم اليومية، وسجلت صحيفة "الجارديان" الإنجليزية تنامى ظاهرة الجماعات البيئية المتشددة وهجماتهم منذ يناير 2020 حتى يوليو 2021، والتى تم تصنيفها تحت بند "الإرهاب البيئي"، ومن بينها 41 حادثة تم ارتكابها فى ولاية واشنطن وحدها فى الفترة المذكورة، وخروج أحد القطارات عن مساره فى بريطانيا مصحوبًا بتسريب 29 ألف جالون من النفط بواسطة أكثر 53 ناشطًا بيئيًا من حركة "أنسولات بريتاين" وتم القبض عليهم بالقرب من مطار "هيثرو" بجوار لندن.
143 مليون مشرد من أفريقيا وآسيا بحلول 2050
وتشير مجلة "السياسة الدولية" فى إحدى دراساتها إلى أن هناك احتمالات مؤكدة حول اتساع دائرة أعمال جماعات الإرهاب البيئى المرتكبة ضد المؤسسات الحكومية والرسمية داخل بلدانهم بل وعبورها للحدود بشكل متعمد عبر تواصلهم المستمر فى وسائل الاتصال الاجتماعى وغيرها، وتبنيهم أجندة مشتركة تشمل تنفيذ أعمال إجرامية مثل حرق الغابات وتلويث المياه والهواء والتربة، وهو ما يتطلب استحداث تشريعات دولية تجرم مثل هذه الأفعال وتصنفها كجرائم كبرى تستلزم العقاب الدولى المغلظ.
«بوكو حرام» تعلن سيادتها على منطقة بحيرة تشاد
التهديدات الأمنية لظواهر التغيرات المناخية
تزايدت التهديدات الأمنية الناتجة عن ظواهر التغير المناخى، وهو ما دفع الدول الى الاستعانة بقواتها المسلحة وإمكاناتها التى تفوق مثيلاتها المحلية فى مجابهة هذه التهديدات، ومن ثم أضحت الجيوش تلعب أدوارًا مهمة فى الإدارة والسيطرة على الكوارث المتكررة التى تتطلب تدخلات عاجلة ومدعومة بإمدادات لوجيستية وكذلك طبية لإنقاذ الضحايا والأصول والموارد الطبيعية من الدمار.
كما كشفت عدة جهات أمنية ومخابراتية عن وثائق سرية تتحدث عن المخاطر التى يواجهها الأمن القومى للعديد من الدول بسبب التغيرات المناخية فى 2021، وحذرت التقارير من تعرض بعض الدول لعمليات متنوعة من شأنها إضعاف قدراتها جراء التغيرات المناخية، من بينها العراق والجزائر اللتان سوف تفقدان معظم إيراداتهما من الوقود الأحفورى تزامنًا مع معاناتهما من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف. وأضافت التقارير أنها تتوقع حدوث نقص فى الغذاء، واندلاع اضطرابات ومعارك محتملة بين الدول لتقاسم المياه وبالتالى نقص الإنتاج الزراعى، وهو ما يصب فى تشريد ما يقرب من 143 مليون شخص من جنوب آسيا وأفريقيا بحلول عام 2050.
الجيش الأمريكى يزيد الانبعاثات الكربونية فى العالم
أكدت صحيفة "واشنطت بوست"، أن الجيوش تعد أكبر ملوث للبيئة سواء فى وقت السلم أو الحرب على حد سواء ويتصدر الجيش الأمريكى القائمة الأكثر ضررًا للبيئة، حيث اشترى الجيش الأمريكى نحو 269٫230 برميل من النفط يوميًا عام 2017 فقط وأطلق أكثر من 25 ألف طن من ثانى أكسيد الكربون عن طريق حرق الوقود. وتستهلك وزارة الدفاع البنتاجون نحو 56% من بصمة الكربون للحكومة الفيدرالية مجتمعة و52 % من استهلاكها للكهرباء، ورغم ذلك كانت أمريكا مستثناه من الإبلاغ عن الانبعاثات العسكرية بموجب «بروتوكول كيوتو» 1997 غير أنه تم إغلاق هذه العسكرية بموجب اتفاق باريس للمناخ 2015 الذى انسحب منه إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب عام 2020، وعادت للانضمام فى فبراير 2021، ورغم
ذلك فقد سمح «بروتوكول كيوتو» للدول بعدم الإفصاح عن حقيقة الانبعاثات الضارة الناتجة عن الأنشطة العسكرية، مما أفسح لهم الطريق فى التحايل على تسمية هذه الانبعاثات بمسمياتها الحقيقية وتصنيفها تحت بند الانبعاثات التجارية أو المؤسسسية كما رصدت فى القواعد العسكرية الكندية.
وأكد مرصد الصراع البيئى، CEOBS، أن كل النشاطات التى تقوم بها الجيوش فى إعدادات البنية التحتية لإنتاج النفط او تخزينه أو نقله كما يحدث فى الحروب والتى يترتب عليها اندلاع حرائق كثيرة جدا كان من الصعب السيطرة عليها تؤدى بدورها الى زيادة الانبعاثات الضارة بالبيئة، حيث تشير التقديرات إلى أن حرائق النفط التى اندلعت فى حرب الخليج عام 1991 أسهمت بأكثر من 2 % من مجموع انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى العالم، فضلًا عن استخدام الأسلحة والمعدات العسكرية فى إطلاق ملايين الأطنان من ثانى أكسيد الكربون أثناء الحرب، فمنذ بداية الحروب الأمريكية على أفغانستان والعراق فى 2001 تم إطلاق نحو 1.2 مليار طن من الكربون فى الغلاف الجوى.
ذوبان 28 تريليون متر مكعب جليد من القطب الشمالى.. محنة أم منحة؟
أدت التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة الى أكثر من 1.5 درجة مئوية الى ذوبان مساحات شاسعة وكميات هائلة من الجليد وصلت لأكثر من 28 تريليون متر مكعب منذ عام 1994 حتى عام 2021 حسب موقع "ساينس أليرت" العلمى الأمريكى، وتتوقع الدراسات أن يختفى الجليد منها بحلول عام 2035 كما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، وقد نتج عن هذا الذوبان فتح ممرات ملاحية جديدة تختصر مسافات وأوقات وتكاليف النقل بين دول شمال الكرة الأرضية، وتعتبر الدول الكبرى التى تمر هذه الممرات فى أراضيها أمثال روسيا، والصين، والولايات المتحدة، وكندا، والنرويج وأيسلندا، هذا الذوبان بمثابة الكنز الذى طال انتظاره، بالإضافة الى ما كشفت عنه الصين من نواياها وتنفيذها لامتدادات مشروع "الحزام والطريق" ليشمل المدن الجديدة التى أقيمت فى هذه المناطق بعد ذوبان الجليد. وأكدت إحدى دراسات "مجلة بولار ريسيرش" النرويجية أن المسافة من الصين أو اليابان إلى الساحل الشرقى لأمريكا الشمالية عبر الممر الشمالى الغربى يمكن أن توفر من 25% إلى44 % من المسافة الإجمالية حال استخدام قناة بنما، بينما يمكن أن تكون الملاحة عبر الممر الشمالى الشرقى من آسيا إلى أوروبا أقصر بنسبة 25 % إلى 55% حال استخدام الممرات الملاحية الأخرى، وبالتالى تتنافس القوى الكبرى على العائدات الاقتصادية المجزية نظير رسوم عبور السفن.
كنوز طال انتظارها طفت على سطح الأرض
الدب الروسى يحذر بثبات
بناء عليه كثفت القوى الدولية المتنافسة وجودها العسكرى فى القطب الشمالى لدوافع تأمين الحدود، حيث تشكل الأراضى الروسية نحو 53% من ساحل القطب الشمالى، مما يعرضها للتهديات الأمنية والبحرية فى حالة ذوبان الجليد بالكامل، ومن ثم توسعت القوات العسكرية الروسية فى انتشارها عبر 81 موقعًا عسكريًا وتسليحها بأكثر أنواع الأسلحة فتكًا وصولًا إلى النووية عام 2019 وإقامة قيادة عسكرية مشتركة عام 2021 بهدف الدفاع عن حدودها وسيادتها على سواحلها.
القطب الشمالى ميدان جديد لمعارك الكبار
الولايات المتحدة تصيح عالياً
رغم أن الأراضى الأمريكية لا تشكل 3.8% من ساحل القطب الشمالى، فإن الولايات المتحدة مهتمة بتعزيز وجودها العسكرى على حدودها القطبية واستصدرت وزراة الدفاع "الخطة الاستراتيجية الأولى لإعادة الهيمنة على القطب الشمالى" نظرًا لأهمية الثروات التى يحتويها الموقع، ومنع أية تهديدات موجهة ضد الوجود والسيادة الأمريكية من قبل مثيلتها الروسية، فضلًا عن كونه ممرًا بحريًا استراتيجيًا للقوات الأمريكية بين المحيطين الأطلنطى والهادى.
الصين تشق قنوات ملاحية جديدة وتضخ استثمارات بالمليارات
التنين الصينى يستعرض قوته
أما القوة الصينية فقد حققت ثباتها فى عدة جوانب بداية من إصدارها وثيقة "سياسة القطب الشمالى الصينية" عام 2018 من أجل إعداد الصين كقوى عظمى فى القطب الشمالى بحلول عام 2030، بالإضافة الى استثماراتها فى البنية التحتية والطرق التى تبلغ أكثر من 435 مليار دولار حتى نهاية عام 2017 فقط فى دولتى "جرين لاند وأيسلندا"، مع تمكينها لحليفها الروسى من التنقيب عن الثروات النفطية وتنفيذ التدريبات العسكرية المشتركة كنوع من الاستعراض للقوتين أمام المنافسين الغربيين فى عامى 2018 و2019.
روسيا تلحق بحلفائها وتنشر قواتها وأسلحتها الفتاكة فى 81 موقعاً عسكرياً
كنوز طال انتظارها
ذكرت صحيفة "ميلترى تايمز" أن ذوبان الجليد كشف عن كنوز دفينة من الموارد غير المستغلة، تشمل مصايد للأسماك والمزيد من الأراضى الصالحة للزارعة، بالإضافة إلى المعادن، مثل خام الحديد والنحاس والنيكل والفوسفات والزنك والأحجار الكريمة كالألماس، كما أن ذوبان الجليد وسهولة الحركة فى القطب الشمالى سيعملان على زيادة معدلات السياحة، وعبرت إحدى سفن الرحلات البحرية مياه الممر الشمالى الغربى بكندا لأغراض سياحية، ومن المتوقع أن يصاحب انحسار الجليد اكتشافات واسعة للعناصر الجيولوجية النادرة التى تعد مكونًا رئيسيًا للمعدات العسكرية وهو ما يشجع دول القطب الشمالى على تكثيف وجودها العسكرى لضمان حرية التنقيب واستغلال هذه الموارد، بالإضافة الى ما يقرب من 16% من النفط و30% من الغاز غير المستغلين حتى الآن، وهو ما يمثل حافزًا قويًا للوجود العسكرى من أجل تأمين مصادر الطاقة اللازمة لاستمرار النمو الاقتصادى الوطنى والعالمى اللذين يمران بأزمات عنيفة منذ 3 سنوات.
استراتيجيات الحد من التغيرات المناخية
قال معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية فى «الأهرام» إن الدول الغربية بدأت تطوير استراتيجيات جديدة من أجل تحقيق ما يسمى "بالتأقلم" مع التغيرات المناخية، وقد اتفق قادة حلف الشمال الأطلسى "الناتو" فى قمتهم المنعقدة فى 14 يونيو 2021 على بذل المزيد من الجهود لفهم تأثير تغير المناخ على النواحى الأمنية والتكيف معها، متضمنة الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة والمنشآت العسكرية دون المساس بسلامة الأفراد، أو فعالية التشغيل لهذه المنشآت والأجهزة والردع والوضع الدفاعى لجيوش الحلف، ومع ذلك رفضت بعض الدول هذا المقترح لصرف انتباهها عن مهمة الحلف الأساسية فى الدفاع عن أراضيها، خاصة مع تجدد الصراع الروسى الغربى، متمثلًا فى الحرب الأوكرانية والآثار الاقتصادية المدمرة التى خلفتها الحرب دون أن تظهر ملامح لنهايتها، مما همَش قضية المناخ خلال الفترة الحالية رغم اقتراب موعد انعقاد قمة المناخ "كوب 27" فى شرم الشيخ نوفمبر 2021.
بعد فوات الأوان: الولايات المتحدة ترفع صوتها باستراتيجية إعادة الهيمنة وروسيا سبقت بحصار الأطلنطى والهادى
الكبار يتبعون «التخفيف»
استجابت بعض دول الحلف على رأسها بريطانيا بوضع ملامح استراتيجية جديدة لمواجهة ظواهر تغير المناخ بعد مواجهتها للكوارث الطبيعية من ارتفاع درجات الحرارة وصولًا إلى أكثر من 42 درجة مئوية مع اندلاع حرائق هائلة فى الغابات وأزمات اقتصادية ونقص فى الغذاء وإمدادات الطاقة، وتمثلت الاستراتيجية البريطانية التى وضعتها وزارة الدفاع فى محاولة التوقف عن استخدام الوقود الأحفورى والفحم مع إحلال الطاقة بالطاقة المستدامة والنظيفة، بما فيها الطائرات الحربية والمعدات العسكرية الثقيلة، وتقليل الانبعاثات خلال فترات زمنية ممتدة من 2026 الى 2050، أما الاستراتيجية الأمريكية فتركزت على دور وحدات الأفراد بالجيش فى التعامل مع الكوارث والمستجدات، بالإضافة الى إعلان الرئيس بايدن عن حزمة إجراءات للوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050 فى معظم أجهزة ومبان الجيش التى تتسبب فى زيادة الانبعاثات الكربونية، بالإضافة الى تضمين البرامج التعليمية على موضوعات خاصة بالتغيرات المناخية وكيفية مواجهتها من خلال الاستراتيجية المعلنة فى فبراير 2022.
مع قمة المناخ فى شرم الشيخ: الدول الصناعية «تخفف».. والنامية «تتكيف» مع انتظار الفرج
الدول النامية تتبع «التكيف» وتنتظر الفرج
أما الدول النامية فمن المفترض أن تتبع سياسات التكيف مع التغيرات المناخية، حيث تدفع ثمن عدم ارتكابها زيادة الانبعاثات الكربونية التى نتجت عن نشاطات الدول الصناعية الكبرى، ومع الأسف رغم إيجابية تفاعل جيوش هذه الدول فى التصدى للكوارث الطبيعية مثلما يحدث فى تشاد والجزائر ومصر وغيرها من الدول الإفريقية إلا أنها ما زالت فى انتظار تحقيق الكبار لوعودهم فى ضخ 100 مليار دولار إلى خزائنهم فى قمة "كوب 27" 2022 بشرم الشيخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.