افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تاون جاس لأهالي البساتين: لا تنزعجوا من رائحة الغاز اليوم    جيش الاحتلال يبدأ عملية توغل بري نحو مركز رفح وسط اشتباكات عنيفة (فيديو)    يسع 14 راكبا فقط.. شاهد يكشف كيف دخلت 22 فتاة في «ميكروباص معدية أبو غالب»    بيكلموني لرامي جمال تقترب من 9 ملايين مشاهدة (فيديو)    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    اشتباكات عنيفة قرب سوق الحلال وانفجارات شرق رفح الفلسطينية    اليوم.. مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم عروضه ب«سر الأريكة»    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    وزير التنمية المحلية ومحافظ الغربية يتفقدان مركز سيطرة الشبكة الوطنية ووحدة المتغيرات المكانية    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    أوكرانيا: دمرنا آخر سفينة صواريخ روسية في شبه جزيرة القرم    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    ما هي قصة مصرع الرئيس الإيراني وآخر من التقى به وبقاء أحد أفراد الوفد المرافق له على قيد الحياة؟    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    أول رد رسمي من إنبي على أنباء تفاوض الأهلي مع محمد حمدي    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    وزير الاتصالات: خطة لتمكين مؤسسات الدولة من استخدام «الحوسبة السحابية»    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغسطس شهر رحيل زعماء الوفد
نشر في الوفد يوم 22 - 08 - 2022

«قدر الله قبض أرواح زعماء الوفد التاريخيين فى شهر أغسطس أعوام 1927 و1965 و2000؛ ومن عجائب القدر أن العناية الإلهية حطمت كافة محاولات اغتيالهم بالرصاص والمتفجرات والأسلحة البيضاء؛ ونجا سعد باشا زغلول من محاولة اغتيال بالرصاص فى البهو الرئيسى لمحطة قطارات القاهرة وهو رئيس للوزراء فى صيف عام 1924؛ كما نجا مصطفى باشا النحاس من محاولة اغتيال بالسونكى فى المنصورة؛ وافتداه القطب الوفدى سينوت حنا الذى تلقى الطعنة بدلًا منه؛ ونجا أيضًا الزعيمان مصطفى باشا النحاس وفؤاد سراج الدين من القتل بقنبلة ألقيت على سيارة الأخير؛ الذى تمكن سائقها من عبور شريط الترام قبل إغلاق الإشارة بلحظات كانت فارقة فى إنقاذ الزعيمين عام 1946 ؛ وكذا نجا النحاس باشا وزوجته زينب الوكيل من الموت بالمتفجرات التى وصلت شظاياها لسرير النوم فى بيته بجاردن سيتى عام 1948؛ وظل حزب الوفد قائمًا بجهاد زعمائِه ورجاله وشبابه وسيداته؛ يقاوم الطغيان والاستبداد وجبروت سلطات الاحتلال الأجنبى؛ وتآمر القصر الملكى؛ والحكومات غير المنتخبة؛ دفاعًا عن الدستور ودولة القانون؛ وسيادة الأمة مصدر كل السلطات عبر الاقتراع الحر المباشر؛ وضد تزوير إرادة الأمة».
وأثمرت حكومات حزب الوفد الثماني؛ عن إنجازات سياسية وتشريعية واقتصادية واجتماعية؛ لم يسبقها إليها أحد فى تاريخ البلاد؛ فحازت على ثقة الشعب واكتسحت جميع الانتخابات البرلمانية!!
وقدمت حكومات الوفد استقالاتها 4 مرات؛ إثر رفض سعد زغلول الإنذار البريطانى فى نوفمبر 1924؛ ورفض الملك فؤاد التوقيع على تشريع محاكمة الوزراء عام 1930؛ واستلام فاروق سلطاته الدستورية عام 1937؛ وإجراء تعديل وزارى عام 1942.
وبدأت أولى خطوات تداول السلطة سلميا فى البلاد؛ بعد ثورة 1919؛ وتصريح 28 فبراير 1922؛ ووفقًا لآليات دستور 1923؛ عقب انتخابات يناير1924؛ التى حصد فيها حزب الوفد 195 مقعدًا من 214 مقعدًا فى البرلمان؛ والأكثر إثارة فى تلك الانتخابات سقوط يحيى باشا إبراهيم رئيس الوزراء أمام المرشح الوفدى أحمد مرعى أفندى فى دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية!!
وفاز النحاس باشا فى تلك الانتخابات عن دائرة سمنود بمحافظة الغربية؛ واختاره الزعيم سعد زغلول وزيرًا للمواصلات فى حكومة الوفد الأولى!!
وقال النحاس باشا فى أول اجتماع للحكومة الوفدية برئاسة الزعيم سعد باشا زغلول: «إننى أفقركم مالًا؛ وسأتنازل عن بدل السيارة- وقدره أربعون جنيهًا شهريًا حينئذٍ- وتضامن معه باقى الوزراء!!
وعزل وزير المواصلات؛ مدير السكة الحديد البريطانى الجنسية؛ وعين المهندس عبدالحميد سليمان كأول مصرى يدير هذا المرفق الحيوى فى البلاد!!
وواجهت حكومة الوفد الأولى برئاسة الزعيم سعد باشا زغلول؛ التحديات السياسية القادمة من دار مندوب الاحتلال البريطانى فى القاهرة!!
ورفضت حكومة سعد الموافقة على استمرار الامتيازات المادية للمستشار المالى والمستشار القانونى البريطانيين لحكومة الثورة الشعبية؛ وقررت الاستغناء عن خدماتهما فى ديوان الحكومة!!
وتمسك الزعيم سعد زغلول بتطبيق نصوص دستور البلاد؛ بشأن هيمنة الحكومة المنتخبة دون غيرها على شئون الدولة؛ وأن الملك يملك ولا يحكم؛ ولا يباشر سلطاته الدستورية إلا من خلال الحكومة؛ وأن الحكومة صاحبة الحق فى تعيين 2/5 أعضاء مجلس الشيوخ؛ ومنح الرتب والنياشين؛ وتعيين العاملين فى القصر الملكى؛ دون تدخل من الملك وحاشيته!!
ونازع الملك حكومة الأمة فى سلطاتها الدستورية؛ واحتكم الطرفان للنائب العام «البارون فان دن بوش» أمام المحاكم المختلطة العاملة فى البلاد حينئذٍ؛ وانتصر التحكيم للحكومة!!
وواصلت الحكومة تنفيذ برامجها الإصلاحية فى البلاد؛ وجاء حادث اغتيال قائد الجيش وحاكم عام السودان البريطانى السير «لى ستاك» فى أحد شوارع القاهرة فى نوفمبر 1924!!
وحوصر مقر الحكومة بحشود عسكرية لجنود وآليات الاحتلال فى قلب القاهرة؛ وسلم اللورد اللنبى المعتمد السامى البريطانى إنذارًا لرئيس الحكومة سعد زغلول؛ لسحب الجيش المصرى من السودان خلال 24 ساعة؛ وعودة المستشارين المالى والقانونى الإنجليزيين لسراى الحكومة؛ وعدم المساس بسلطاتهما وامتيازاتهما المتمثلة فى حيازة ألف فدان لكليهما؛ وسداد نصف مليون جنيه- نصف تريليون جنيه بقيمة اليوم- تعويضًا للحكومة البريطانية؛ والاعتذار عن الجريمة!!
وقدم الزعيم سعد باشا زغلول استقالة حكومته فى الثالث والعشرين من نوفمبر 1924؛ رفضًا لمطالب الإنذار البريطانى؛ وعلى رأسها الرفض المطلق لسحب الجيش المصرى من السودان!!
وقبل الملك فؤاد استقالة حكومة الوفد الأولى فى اليوم التالى 24 نوفمبر 1924؛ وكلف أحمد زيوار باشا- المستقل–بتشكيل الحكومة؛ واختار إسماعيل باشا صدقى وزيرًا للداخلية!!
وأجلت حكومة زيوار باشا غير المنتخبة انعقاد مجلس النواب لمدة شهر؛ وتفاجأت الأمة بصدور مرسوم ملكى بحل البرلمان ذو الأغلبية الوفدية فى 24 ديسمبر 1924!!
وتحايلت حكومة زيوار باشا على النص الدستورى بإجراء الانتخابات البرلمانية خلال 60 يومًا من حل البرلمان؛ لولا مقاومة حزب الوفد وزعاماته التاريخية للانقلاب على الدستور فى حينه!!
واضطرت حكومة زيوار باشا لإجرائِها فى نهاية المطاف فى 12 مارس 1925؛ مع ما سبقها من محاولات مستترة وعلنية لتزوير إرادة الناخبين؛ ومنها إجبار الناخبين على التصويت بالقلم الرصاص!!
وحاصر وزير داخليتها إسماعيل باشا صدقى؛ بيت الأمة فى 25 فبراير 1925؛ لمنع الزعيم سعد باشا زغلول من الاتصال بأنصاره وقيادات وأعضاء حزب الوفد خلال المعركة الانتخابية!!
وفى صباح 23 مارس 1925؛ اجتمع البرلمان المنتخب وتلى زيوار باشا خطاب العرش فى حضرة الملك فؤاد؛ وانصرف الأخير بعد انتهاء مراسم الجلسة الافتتاحية.
وبدأت جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ووكيليه؛ ليترشح الزعيم سعد زغلول على الرئاسة ضد عبدالخالق باشا ثروت مرشح حكومة زيوار باشا!!
وحصل الزعيم سعد باشا زغلول على أغلبية الأصوات ب123 صوتا؛ مقابل 85 صوتًا لمنافسه ثروت باشا؛ وانتخب الوفديون مصطفى باشا النحاس وكيلًا أول للمجلس؛ وويصا باشا واصف وكيلًا ثانيًا لمجلس النواب!!
وتبين للإنجليز والملك وزيوار باشا ووزير داخليته صدقى باشا؛ حصول حزب الوفد على الأغلبية فى البرلمان ب116 مقعداً؛ بينما حصلت الأحزاب غير الوفدية والمستقلون على 87 مقعداً!!
وتفاجأت الأمة فى نفس اليوم 23 مارس 1925؛ بصدور مرسوم ملكى بحل البرلمان بعد 9 ساعات من افتتاحه؛ للحيلولة دون تكليف حزب الوفد بتشكيل الحكومة؛ بأمر الدستور والناخبين!!
وقاوم سعد باشا زغلول زعيم الوفد؛ انفراد زيوار باشا بحكم البلاد ودهس الدستور؛ وعرقلة الحياة البرلمانية فى إدارة شئون البلاد وفرض الرقابة على الحكومة!!
واضطر زيوار باشا لإجراء انتخابات جديدة فى 24 مايو 1926؛ بعد انسحاب حزب الأحرار الدستوريين من حكومته الائتلافية!!
وتحالف الزعيم سعد باشا زغلول؛ مع عدلى باشا يكن مؤسس حزب الأحرار الدستوريين؛ ومحمد حافظ رمضان باشا رئيس الحزب الوطنى-حزب الزعيم مصطفى باشا كامل- لخوض تلك الانتخابات!!
وفاز الوفد بالأغلبية فى انتخابات 24 مايو 1926؛ وحصل على 165 مقعدًا فى البرلمان؛ مقابل 29 مقعدًا للأحرار الدستوريين؛ وخمسة مقاعد للحزب الوطنى؛ وخمسة مقاعد للحزب الوطنى؛ و6 مقاعد للمستقلين!!
وتفاجأت الأمة بإنذار بريطانى جديد للحيلولة دون تشكيل سعد باشا للحكومة؛ بتحريك الأسطول البريطانى نحو مصر؛ واحتلال موانئها وفرض الأحكام العرفية؛ وسحق مكاسب الاستقلال النسبى عقب تصريح 28 فبراير1922!!
واستدعى الزعيم سعد زغلول الهيئة الوفدية تحت ستار الاحتفال بتكريم نواب الوفد فى البرلمان؛ بفندق شبرد؛ ووجه الدعوة لمؤسس حزب الأحرار الدستوريين عدلى باشا يكن؛ ومحمد محمود باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين؛ ورؤساء وقيادات باقى الأحزاب.
وأوعز سعد باشا لأطبائِه؛ عبدالرحمن عوض، وحسين كامل، وأحمد شفيق، وحامد محمود، ومحجوب ثابت، ونجيب اسكندر؛ من أعضاء الهيئة الوفدية؛ لإعداد تقرير طبى بأن صحة رئيس الوفد لا تتحمل أعباء الحكم!
وأوحى للفريق الطبى بأن يتقدموا برجاء لأعضاء مجلسى النواب والشيوخ؛ لينضموا إليهم فى رجاء الزعيم؛ بالابتعاد عن الحكم حفاظًا على صحته؛ التى هى أثمن عندهم من تولى الحكم!
ووقف سعد باشا خلال مراسم الحفل؛ وهو محتقن الوجه قائلاً: «نزولًا على رأى الأطباء؛ فإنى أرجو صديقى عدلى باشا يكن تشكيل الحكومة بالإنابة عنى».
وتقدم زيوار باشا باستقالة حكومته فى 7 يونيو 1926؛ وتسلمت وزارة عدلى باشا يكن الحكم نيابة عن سعد باشا صاحب الأكثرية البرلمانية.
وتلى عدلى باشا يكن رئيس الوزراء الجديد خطاب العرش خلال جلسة البرلمان فى العاشر من يونيو 1926 برئاسة حسين باشا رشدى رئيس مجلس الشيوخ.
واجتمع مجلس النواب لانتخاب رئيسه؛ وفاز سعد باشا زغلول بمنصب الرئيس؛ ومصطفى باشا النحاس وكيل أول للمجلس؛ وويصا باشا واصف باشا وكيل ثانِ.
وأصدر المجلس برئاسة سعد باشا زغلول؛ قانون العفو الشامل عن الجرائم السياسية التى وقعت خلال الفترة من 24 ديسمبر 1924 وحتى 3 أبريل 1926؛ خلال حكم وزارة أحمد زيوار باشا!!
وألغى المجلس ذو الأغلبية الوفدية؛ جميع القوانين والتشريعات سيئة السُمعة الصادرة فى غيبة البرلمان؛ وفى مقدمتها قانون انتخابات حكومة زيوار باشا المشبوه؛ واعتباره باطلًا لمخالفته الدستور!!
وأصدر قانون إيداع أموال المجالس المحلية والبلدية فى بنك مصر؛ بدلًا من البنك الأهلى الإنجليزى فى حينه!
وفى 19 أبريل 1927 تقدم عدلى باش يكن باستقالته؛ لرفض البرلمان اقتراح بعض النواب؛ بتوجيه الشكر لحكومته!!
وشكل عبدالخالق باشا ثروت حكومته الثانية فى 26 أبريل 1927؛ بناءً على رغبة الزعيم سعد با شا زغلول؛ وبعد اعتذار النحاس باشا!!
وفرض المجلس على الملك فؤاد اصطحاب وزير الخارجية فى رحلته الطويلة لبعض الدول الأوروبية عام 1927؛ وعلى رأسها ألمانيا والمملكة المتحدة؛ أسوة بالمتبع فى الدول الديمقراطية؛ بعد رفض القصر فى بادئ الأمر؛ ووافق فى النهاية؛ لوأد الأزمة مع البرلمان!!
وظل الزعيم سعد باشا رئيسًا لمجلس النواب حتى وفاته فى العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين مساء 23 أغسطس 1927؛ وعقبت جريدة التايمز البريطانية على نبأ الوفاة: «لقد انهار الوفد»!!
وحضر النحاس باشا إلى أرض الوطن مسرعًا من أوروبا؛ ووقف على قبر سعد زغلول برفقة رجال وشباب الوفد؛ وأقسم أمام الجميع وهو يبكى على المضى فى الجهاد!!
وقال: «إن روح سعد ستظل مشرفة علينا.. ترقب جهادنا.. وتغذى نفوسنا.. حتى ننال الاستقلال التام لوطننا مصر».
واختارت الهيئة الوفدية والبرلمانية للحزب؛ الزعيم مصطفى باشا النحاس فى 19 سبتمبر 1927؛ لخلافة سعد باشا فى منصب رئيس الوفد.
وعقد حزب الوفد اجتماعه الأول برئاسة النحاس باشا فى 24 سبتمبر 1927؛ وأصدر بيانًا للأمة جاء فيه: «أيها المصريون.. إن الوفد وقد كان أول مظهر لنهضتكم؛ وأجرأ وثبة إلى مجدكم؛ لا يزال باقيًا وسيبقى مقياسًا لقوتكم؛ وعنوانًا حيًا لجهادكم؛ ونواةً لوحدتكم؛ ولسان صدقٍ لآمالكم وآلامكم؛ لقد فجع الوفد فى رئيسه؛ ولكنه لا يزال حيًا قوى الحياة بأمته؛ واحدًا فى كتلته؛ أمينًا على عهده؛ وفيًا ليومه وغده؛ ولن يترك ميدان الشرف؛ حتى يتحقق مجد البلاد باستقلالها؛ سعيدًا بوحدتها كاملة».
وفى 29 سبتمبر 1927 اختارت الهيئة البرلمانية الوفدية النحاس باشا رئيسًا لمجلس النواب خلفًا لسعد باشا أيضاً.
ووقع الصدام الأول بين الملك فؤاد والنحاس باشا بعد أيام من رئاسته لحزب الوفد ومجلس النواب؛ عندما اقترب موعد الاحتفال بعيد جلوس الملك فى 9 أكتوبر 1927!!
أراد القصر الملكى إقامة الاحتفالات والمآدب ورفع الأعلام والزينات وإضاءة الثريات فى عاصمة البلاد؛ دون مراعاة لأحزان الأمة فى فقد زعيمها سعد زغلول!!
وطالب زعيم الأمة الجديد النحاس باشا؛ بوقف تلك الاحتفالات احترامًا لأحزان الأمة على سعد!!
وشنت الصحف الوفدية هجومًا حادًا على الحكومة؛ التى حاولت المضى فى إقامة الاحتفالات بعيد جلوس الملك!!
وفى 17 مارس 1928 صدر مرسوم ملكى بتكليف النحاس بتشكيل وزارته الأولى؛ والتى اشترك مع الوفد فيها حزب الأحرار الدستوريين!!
وتآمر الإنجليز والقصر على حكومة النحاس باشا لعرقلة إنجازاتها الوطنية؛ وأوعزوا لوزارء الأحرار الدستوريين بالاستقالة تباعًا خلال الفترة من 17 إلى 24 يونيو 1928؛ وعلى رأسهم محمد محمود باشا وزير المالية؛ وجعفر والى وزير الحربية؛ وأحمد خشبة وزير العدل-الحقانية سابقاً- وإبراهيم فهمى كريم بك وزير الأشغال!!
وصدر مرسوم ملكى بإقالة حكومة النحاس باشا الأولى؛ فى 25 يونيو 1928؛ وتكليف رئيس حزب الأحرار الدستوريين محمد محمود باشا بتشكيل الحكومة!!
وأرجأت حكومة محمد محمود باشا انعقاد البرلمان شهرًا فى 27 يونيو 1928؛ وأتبعه مرسوم ملكى فى اليوم التالى بحله لأغلبيته الوفدية؛ وتأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ثلاث سنوات!!
وتولى الملك السلطة التشريعية منفرداً؛ وعطل مواد الدستور؛ وانفرد محمد محمود باشا بحكم البلاد حكمًا شموليًا فى غيبة البرلمان؛ وردد: «أنا وحدى من يقرر متى تعود الحياة النيابية»!!
وقاوم الوفد بزعامة النحاس باشا الاعتداء على الدستور ودولة القانون؛ حتى صدر مرسوم ملكى بإقالة حكومة محمد محمود باشا فى الثانى من أكتوبر 1929؛ وتكليف عدلى باشا يكن بتشكيل حكومة انتقالية ٌلإجراء انتخابات برلمانية فى 21 نوفمبر من نفس العام!!
وفاز الوفد بالأغلبية الساحقة فى تلك الانتخابات -التى لم يشارك فيها حزب الأحرار الدستوريين- وحصد 212 مقعداً؛ مقابل خمسة مقاعد للحزب الوطنى؛ وثلاثة مقاعد لحزب الاتحاد؛ و15 مقعدًا للمستقلين!!
وعادت الحياة النيابية والدستورية للبلاد؛ وكلف الملك حزب الوفد بتشكيل الحكومة وفقًا للدستور مطلع يناير 1930؛ خلفًا لحكومة عدلى باشا يكن التى تقدمت بإستقالتها فى 31 ديسمبر 1929!!
ووصل الصدام لذروته بين الملك والوفد فى عام 1930؛ عندما رفض التوقيع على مشروع قانون محاكمة الوزراء؛ الذى أصدرته الحكومة برئاسة النحاس باشا؛ وأقره البرلمان فى حينه؛ فتقدمت باستقالتها!!
وألغت الحكومة الوفدية؛ بدل التمثيل السنوى الذى كان يصرف للوزراء -الذى أقرته الحكومات غير الوفدية- وقدره 800 جنيه من ميزانية الحكومة وكل وزارة؛ حفاظًا على أموال الشعب!!
ورفعت الوزارة الوفدية؛ رواتب أصحاب المؤهلات العليا إلى 15 جنيهًا فى الشهر؛ وصرف خمسة جنيهات مكافأة لخريجى كلية الطب؛ الذين لا يملكون عيادات خاصة؛ تقديرًا للطبقة الكادحة من أبناء الشعب!!
وفرضت تعريفة جمركية مرتفعة على الواردات الأجنبية؛ لحماية المنتجات المحلية من منافسة المستورد؛ وازدهرت الصناعات الوطنية فى حينه!!
وأنشأت بنك التسليف الزراعى لحماية الفلاحين من مخاطر التعثر فى سداد القروض الربوية؛ وأبرزها نزع ملكية أراضيهم الزراعية!!
كما أنشأت حكومة النحاس باشا محكمة النقض؛ والتى دخلت الخدمة القضائية عام 1931 برئاسة المستشار عبدالعزير باشا فهمى رئيس محكمة استئناف مصر سابقاً!!
وصدر المرسوم الملكى بتشكيل وزارة جديدة برئاسة اسماعيل باشا صدقى رئيس حزب الشعب فى 20 يونيو 1930؛ خلفًا لحكومة النحاس باشا!!
وتفاجأت الأمة فى اليوم التالى؛ بتعطيل حكومة صدقى باشا لدستور 1923؛ وقانون الانتخاب الفردى الحر المباشر المعتمد من البرلمان ذو الأغلبية الوفدية عام 1924!!
وأعادت حكومة «صدقى» قانون الانتخاب على درجتين المشبوه؛ الذى ألغاه سعد باشا زغلول عقب فوز حزب الوفد بالأغلبية فى انتخابات وتشكيله أول حكومة وفدية برئاسته فى يناير 1924!!
وسارت الأمة وراء الزعيم مصطفى النحاس لما رأته يطوف البلاد وينام فى العراء فى محطات السكك الحديدية؛ وإصراره على لقاء الجماهير؛ رغم الحصار الحكومى!!
وعندما تسلل النحاس باشا عام 1934 فى اليوم التالى من الحصار
المفروض عليه فور وصوله لمحطة قطارات بنى سويف؛ داخل سيارة إلى قلب المدينة للالتحام بالجماهير؛ ارتكبت حكومة صدقى مذبحة دموية- راح ضحيتها العشرات ما بين قتلى وجرحى- للحيلولة بين الشعب وثانى زعماء حزب الوفد!!
واشتعلت ثورة العمال والطلبة عام 1935؛ وفتحت حكومة صدقى كوبرى الجيزة-عباس سابقاً- للحيلولة دون عبور المتظاهرين وولوجهم لسراى عابدين ومقر الحكومة فى حينه!!
واستشهد فى تلك المظاهرات من أعضاء الوفد الطلاب: عبدالحَكَمّ الجراحى، وعبدالمجيد مرسى؛ وعلى طه؛ ومن العمال اسماعيل الخالع؛ وجُرح واعتقل عشرات آخرين!!
ولم يذهب كفاح زعيم الأمة النحاس باشا سدى فى نهاية المطاف؛ بل أطاح بحكومة صدقى باشا ودستوره المصطنع بإرادة فردية؛ وقانون انتخابه التفصيل؛ بقوة الظهير الشعبى المؤيد لحزب الوفد.
وتولى على ماهر باشا رئاسة الوزارة فى 30 يناير 1936؛ وعاد العمل بدستور 1923؛ وقانون الانتخاب الفردى الحر!!
وأجريت الانتخابات البرلمانية بعد أيام من وفاة الملك فؤاد فى 28 أبريل 1936؛ وفاز حزب الوفد بالأغلبية الساحقة؛ وتولت حكومة النحاس باشا الحكم؛ للمرة الثالثة؛ فى 9 مايو 1936!!
واتحد رؤساء الأحزب فى جبهة وطنية برئاسة الزعيم مصطفى النحاس؛ وأسفر ذلك عن توقيع معاهدة 26 أغسطس 1936 بين مصر وبريطانيا؛ التى سميت بمعاهدة الصداقة والتحالف بين المملكة المصرية والمملكة المتحدة.
وأصدرت حكومة النحاس القانون رقم 80 لسنة 1936 الخاص بالمعاهدة؛ بعد تصديق البرلمان عليها فى اجتماع طارئ يوم 20 نوفمبر 1936.
وتخلصت الحكومة الوفدية؛ من القيود التى فرضها الاحتلال البريطانى على الجيش المصرى من حيث الإعداد والتأهيل والتدريب والتسليح والعودة للسودان؛ وتعيين حاكم عام للسودان بمرسوم ملكى!
وفتحت حكومة الوفد؛ أبواب الكلية الحربية لأبناء الشعب؛ بعد أن كان الالتحاق بها مقصورًا على طبقة معينة!!
وأنشأت الحكومة الوفدية؛ المصانع الحربية؛ وأرسلت الضباط للتدريب على أحدث نظم التسليح والمعدات لبناء جيش وطنى قوى؛ واكتساب الخبرات من أكاديميات الدول الكبرى!
وتخلصت الحكومة الوفدية من كبار الموظفين الإنجليز الذين فرضهم الاحتلال البريطانى فى المواقع الإدارية والأمنية؛ وعلى رأسهم توماس وينتورث رسل باشا حكمدار القاهرة!!
كما تخلصت تباعًا من مديرى الرى والمساحة والسكك الحديدية؛ والمستشارين والمفتشين فى الوزارات؛ والمدرسين بوزارة التربية والتعليم-المعارف سابقاً- وصارت الإدارة مصرية بنسبة 100%.
وتعهدت بحماية أرواح وممتلكات الرعايا الأجانب فى عموم البلاد؛ بعد أن كان ذلك حكرًا على جنود الاحتلال البريطانى!
وتسلمت الحكومة قيادة الجيش؛ وألغت وظيفة المفتش العام البريطانى؛ وسرحت الموظفين الإنجليز من الجيش؛ وإدارة الأمن العام الأوروبية؛ لأول مرة منذ الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882!!
وأعادت الجيش للسودان بعد إبعاده عام 1924 على خلفية اغتيال السير لى ستاك باشا قائد الجيش وحاكم الاحتلال البريطانى للسودان!!
وحصلت على حق مصر فى عضوية الأمم المتحدة- عصبة الأمم سابقًا – وقيام تمثيل دبلوماسى مع المملكة المتحدة- بريطانيا العظمى آنذاك–وإنهاء الاحتلال البريطانى للبلاد فى موعد أقصاه 1956!!
وتولت حكومة الوفد برئاسة النحاس باشا؛ المفاوضات الخاصة بإلغاء الامتيازات الأجنبية فى البلاد؛ ووقعت معاهدة مونتريه فى 17 مايو 1937 بسويسرا؛ بعد صراع مرير مع ممثلى مائِة دولة أجنبية!!
وعاد النحاس باشا من سويسرا مرفوع الرأس؛ بعد أن أزاح عن جبين الوطن وصمة عار؛ والتى جعلت من المصريين مواطنى درجة ثانية فى بلادهم؛ والأجانب مواطنين من الدرجة الأولى فى مصر!!
وأعادت حكومة الوفد؛ السيادة القضائية على الأجانب والمواطنين فى الديار المصرية بدون تمييز؛ واستردت السلطة التشريعية الضريبية؛ فصدرت قوانين الضرائب؛ وكان ذلك محظورًا فى فترة الامتيازات الأجنبية!!
وأصدرت حكومة الوفد؛ قوانين تمصير الشركات الأجنبية؛ وألزمتها بألا تقل نسبة الموظفين والعمال المصريين عن 50% من عدد العاملين لديها؛ وألا تقل رواتبهم عن رواتب الموظفين الأجانب أيضاً!!
ومنح مجلس الوزراء برئاسة النحاس باشا؛ العاملين فى الجهات الحكومية إجازات مدفوعة الأجر؛ وتم احتساب أسبوعين لمن قضى فى عمله عاماً؛ وثلاثة أسابيع لأكثر من عام فى عمله؛ وأيام الجُمع؛ وعطلات العطلات الرسمية والأعياد الدينية؛ ومجموعها 14 يوماً؛ استجابة لنقابة عمال المطابع الأميرية!!
وأصدرت القانون رقم 64 لسنة 1936؛ أول قانون لتعويض إصابات العمل؛ فى تاريخ البلاد!!
كما أصدرت قانون اللغة العربية؛ وألزمت بموجبه الشركات المساهمة والمصارف والبنوك الأجنبية؛ بتعريب مراسلاتهم!!
وتوجت حكومة الوفد إصلاحاتها الوطنية والاقتصادية؛ بقانون حظر تملك الأجانب للأراضى الزراعية فى البلاد؛ وإلغاء قانون سخرة النيل؛ الذى كان يساق الشباب بموجبه؛ لحراسة جسور النيل خلال مواسم الفيضان قبل عام 1936!!
كما ألغت الحكومة الوفدية؛ ضريبة الخفر التى كان يُحصلها عُمد القرى ومشايخها من الفقراء دون الأغنياء؛ تحقيقًا للعدالة الاجتماعية!!
وقررت حكومة النحاس باشا؛ تعلية خزان أسوان عام 1937 وهو أحد أهم إنجازاتها لحماية البلاد من أخطار الفيضانات المدمرة لجسور النيل؛ فضلًا عن توفير المياه اللازمة للزراعة طوال العام.
وتصدت لمحاولات التحايل على الدستور؛ ورفضت تعيين الملك لأعضاء فى مجلس الشيوخ؛ وموظفين أجانب فى القصر والخاصة الملكية؛ دون تدخل الحكومة المنتخبة بإرادة شعبية ووفقًا للدستور!!
وأطاح مرسوم ملكى بحكومة النحاس باشا الرابعة؛ فى 29 ديسمبر 1937؛ وجىء بحكومة محمد محمود باشا-غير المنتخبة- أول يناير 1938!!
وفى سبتمبر 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية المدمرة بين الحلفاء-المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا- ودول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان؛ ووصلت معاركها لمدينة العلمين!!
وتوالت حكومات الأقلية بمراسيم ملكية وغض الطرف عن الاحتقان السياسى وتعطيل الحياة النيابية فى البلاد؛ وتغييب حكومة الوفد المنتخبة بإرادة شعبية حرة!!
وشهدت البلاد أزمة تموينية من تداعيات الحرب العالمية الثانية؛ وعلى رأسها معارك يومية أمام المخابز للحصول على رغيف العيش؛ ومظاهرات صاخبة ضد الحكومات غير الوفدية!!
واضطر الإنجليز للضغط على الملك؛ لتكليف النحاس باشا برئاسة الوزارة؛ لتهدئِة الرأى العام؛ وجاء رد زعيم الأمة من قنا التى كان يزورها فى هذا التوقيت؛ برفض تولى الحكم على أسنة رماح البريطانيين!!
ولم يقبل النحاس باشا بتشكيل حكومته الخامسة؛ إلا بعد إلحاح الملك فاروق لإنقاذ عرشه؛ وامتصاص الغليان الشعبى فى البلاد؛ وتحمل المسئولية اعتبارًا من 4 فبراير 1942!!
واستأنفت حكومة الوفد نشاطها فى مكافحة موجات الغلاء فى الأسواق؛ وحماية الطبقات الكادحة؛ وتعويض المنسيين من أبناء الشعب؛ فأصدرت قوانين الضمان الاجتماعى ومحو الأمية؛ وعقد العمل الفردى لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل؛ وهيئة الشرطة لتنظيم الترقيات والتنقلات والندب والتأديب؛ على يد فؤاد باشا سراج الدين وزير الشئون الاجتماعية آنذاك!!
وتضمنت حزمة الإصلاحات الاقتصادية لحكومة الوفد؛ رفع الرواتب وتحسين أجور العمال والموظفين؛ وتخفيض ضريبة الأطيان الزراعية لصغار المزارعين؛ وإعفاء من لا تتجاوز ضريبتهم المربوطة بخمسين جنيهًا من الضرائب؛ على يد وزير المالية أمين عثمان الذى اغتالته أياد آثمة معادية لحزب الوفد وحكوماته الوطنية!!
وأنشأت حكومة النحاس باشا الجهاز المركزى للمحاسبات- ديوان المحاسبة سابقاً- لمراقبة أوجه صرف الموازنة العامة للبلاد سنوياً.
وأصدرت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى- المعارف سابقًا – قانون مجانية التعليم الإبتدئى؛ على يد وزيرها الدكتور طه حسين آنذاك.
وتفاجأت الأمة العربية بصدور مرسوم ملكى يطيح بحكومة النحاس باشا السادسة فى اليوم التالى 9 أكتوبر 1944!!
وقاوم النحاس باشا تعطيل الحياة النيابية وآلية تداول السلطة وتزييف إرادة الأمة؛ وقاطع الوفد انتخابات مجلس النواب عام 1945!!
وتزعم فؤاد باشا سراج الدين المعارضة الوطنية فى مجلس الشيوخ عقب تزوير إرادة الناخبين فى انتخابات 1946!!
وصدر مرسوم ملكى بتكليف حسين سرى باشا بتشكيل حكومة ائتلافية ومحايدة فى نهاية عام 1949؛ تمهيدًا لإجراء انتخابات مجلسى النواب والشيوخ فى يناير 1950؛ التى فاز فيها الوفد بالأغلبية؛ وشكل النحاس باشا الحكومة الوفدية الثامنة والأخيرة فى تاريخ البلاد!!
وأصدرت آخر حكومات الوفد؛ قوانين إنشاء البنك المركزى المصرى؛ وتمصير الدين الأجنبى؛ والضرائب التصاعدية ومضاعفة الضريبة العقارية بأثر رجعى لثلاث سنوات؛ على كبار الممولين دون صغارهم!!
كما أصدرت القانون رقم 132 لسنة 1952؛ لمحاكمة المتورطين فى الجرائم والمحالفات المالية؛ والشهير بقانون «من أين لك هذا»!!
وأصدر الدكتور طه حسين وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى-المعارف سابقاً- قانون مجانية التعليم الثانوى.
كما أصدر وزير الصناعة والتجارة محمود سليمان غنام القانون رقم 119 لسنة 1950؛ لتحديد هامش ربح للسلع الاستهلاكية.
وأنشأ النحاس باشا أول حقيبة للشئون البلدية والقروية- الإسكان والمرافق حالياً- وكلف إبراهيم باشا فرج مسيحه بتوليها.
ودشن الوزير الوفدى؛ أول خطة لإدخال الصرف الصحى والمياه الصالحة للشرب؛ فى المدن والقرى المصرية؛ ومنها بلدية شبين الكوم التى دخلت فيها خدمة المجارى عام 1951!!
والتزمت حكومة الوفد التى استلمت الحكم فى الثانى عشر من يناير 1950؛ فى سياستها الخارجية بالحياد؛ إبان اندلاع الحرب الكورية؛ ضد رغبة الولايات المتحدة الأمريكية!!
ورفض النحاس باشا السير فى ركاب القوتين العظميين- أمريكا وروسيا- وأعلن دولته فى مجلس الأمن باسم مصر؛ أن بلاده لن تشارك فى حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل!!
وأجرت الحكومة الوفدية الأخيرة؛ تعديلًا تاريخيًا للمادتين 159 و160 من دستور 1923؛ بموافقة البرلمان بغرفتيه؛ لتحقيق وحدة مصر والسودان؛ وصار الملك-بصفته- ملكًا لمصر والسودان رسمياً!!
ويعد الزعيم الراحل سعد زغلول أول من نادى تحت قبة البرلمان بوحدة مصر والسودان؛ ونعت لجنة إعداد دستور 1923؛ بلجنة الأشقياء لأنها حذفت النص على ذلك؛ وخولت الملك-بصفته- سلطة إقالة الحكومة وتعطيل البرلمان!!
(حكومات سعد والنحاس فى العهد الملكى)
وزارة سعد زغلول الأولى والأخيرة (28 يناير 1924 – 24 نوفمبر 1924)
وزارة النحاس باشا الأولى (16 مارس 1928 – 25 يونيو 1928)
وزارة النحاس باشا الثانية (أول يناير 1930 – 19 يونيو 1930)
وزارة النحاس باشا الثالثة (9 مايو 1936 – 31 يوليو 1937)
وزارة النحاس باشا الرابعة (أول أغسطس 1937 – 30 ديسمبر 1937)
وزارة النحاس باشا الخامسة (4 فبراير 1942 – 26 مايو 1942)
وزارة النحاس باشا السادسة (26 مايو 1942 – 8 أغسطس أكتوبر 1944)
وزارة النحاس باشا السابعة والأخيرة (12 يناير 1950 – 27 يناير 1952)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.