ما هو حكم الشريعة فى الخروج على الحاكم الفاشل؟، هذا السؤال طرحناه فى مقال الأمس، ومناسبة طرحه بالطبع فشل الرئيس مرسى فى إدارة البلاد، فمنذ أن تولى بالانتخاب الحر، والبلاد من سيئ إلى أسوأ، فتنة طائفية، مظاهرات واحتجاجات، قتلى ومصابين فى الشوارع والميادين، إقصاء لجميع القوى السياسية، تفصيل قوانين، تدهور حالة الجنيه، ارتفاع فى الأسعار، أزمات فى السولار والبوتاجاز والتيار الكهربائى، تدهور علاقات مصر مع البلدان العربية، عدم السيطرة على سيناء، التخطيط لإقامة دولة الخلافة، عدم احترام القضاء، تقييد حرية الصحافة والتعبير، تشويه صورة المعارضين وتلفيق القضايا لهم، تشجيع فكر الجهاد التكفيرى الدموى، الانحياز لفصيل وعشيرة وتفضيلها على الشعب، تصفية الحسابات مع القوى السياسية، فقدان عامة المواطنين الأمل فى غد أفضل، غياب القانون والعدالة التى خرجوا بثورة من أجلها، التصالح مع رموز النظام السابق، تبديل رجال أعمال مبارك بآخرين بلحية، غياب الأمن عن الشوارع، عودة العنف فى التعامل مع المواطنين. قد نتفق وقد نتخلف حول ظواهر فشل الرئيس محمد مرسى فى إدارة البلاد، وقد يختلف معنا البعض من أهله وعشيرته حول نسبة فشله، استنادا إلى أن الفشل من الأحكام التقديرية، وقد نختلف حولها ونسبتها وآثارها. وبعيدا عن الخوض فى الفشل ونسبته وأثره، فسؤالنا الذى سبق وطرحناه لا يستفسر عن : هل مرسى فاشل أم غير فاشل وما هى نسبة فشله، بل سؤالنا تجاوز مرحلة التقدير، حيث ان جميع الشواهد تؤكد فشله، كما أنها تنبئ بما هو أسوأ فى حالة استمراره وهو انجرار البلاد إلى حرب أهلية، وتجنبا لهذا الأسوأ نطرح السؤال الذى يجب ان نجيب عنه بكل وضوح: ما هو حكم الخروج على الحاكم الفاشل؟. الفقهاء قديما تناولوا مسألتين عند مناقشة الخروج على الحاكم، الأولى: أن يكون الحاكم كافرا أو خرج علي الملة، والثانية أن يكون الحاكم ظالما، وقد اتفقوا جميعا على عدم الخروج على الحاكم الكافر والظالم إذا كان الخروج قد يسبب مفسدة أكبر من الإبقاء عليه: «فمذهب أهل السنة والجماعة أنه لا يجوز الخروج على الحاكم إلا إذا بدا منه كفر بواح، ففى الحديث الصحيح عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال: دعانا النبى صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة فى منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويُسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه برهان. رواه الشيخان. ولا بد أن يثبت هذا الكفر عن طريق أهل العلم، وقيل إن الحاكم إذا ارتد أو كان كافراً، فإن جواز الخروج عليه يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً، فإذا ترتب على الخروج عليه مفسدة أعظم من المصلحة المرجوة من إزالته، ترك الناس الخروج عليه، وكذلك العكس، وذلك بناءً على عدة قواعد شرعية بني عليها كثير من الأحكام الفرعية، كقاعدة «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح» وقاعدة «يرتكب أخف الضررين» وقاعدة «تحصيل أعلى المصلحتين». نفس الشيء أخذ به قياسا على الحاكم الظالم، فقد أباح الفقهاء الخروج على الحاكم الظالم، لكنهم قيدوا الخروج بحساب الضرر القائم والضرر المتوقع من الخروج، وهذا الضرر كما سبق وقلنا هو مسألة تقديرية، يقدره الخارجون بحسب الحال والعوامل التى تساعد على نجاح الخروج من عدمه، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الخروج ومحاولة تجنبها قدر الامكان وفق القواعد الفقهية العامة كقاعدة «تحمل الضرر الأخف لدرء ضرر أكبر» وبحسب قواعد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والتدرج فيها، حيث اشترط الفقهاء قبل الخروج أن يذهبوا للحاكم ويخبروه بالأخطاء والسلبيات التى يقترفها، كما اشترطوا ان يقوم الناس بتقديم النصح له، إن عاد وأصلح تراجعوا، وإن تمادى فى ظلمه خلعوه. إذا كان هؤلاء الفقهاء قد قيدوا الخروج على الحكام الكافر والظالم بحجم المفسدة وأثرها تجنبا لوقوع مفسدة أكبر، هناك فريق آخر من الفقهاء رفض تماما فكرة الخروج على الحاكم، كان ظالما او كافرا أو فاسدا أو فاسقا، قبل أن نستعرض لأسانيد هذا الفريق، هناك مسألة لا يجب أن نمر عليها دون ذكرها وهى كيفية الخروج على الحاكم؟، هل نخرج عليه بالسلاح أم بالمظاهرات؟، هذا ما سنتناوله غدا.