فى يوم الأحد الموافق 24 مارس من هذا العام 2013 ، لم أفاجأ فى حقيقة الأمر بتصريح لوزير خارجية العراق هوشار زيبارى، فى أعقاب الاجتماع التمهيدى لوزراء الخارجية العرب فى الدوحة للإعداد لمؤتمر القمة العربية الذى عقد الثلاثاء الماضي. وقد سئل زيبارى من قبل أحد الصحفيين عن سبب تحفظ العراق وقد تحفظ فقط كل من العراق والجزائر على قرار وزراء الخارجية العرب بإعطاء مقعد سوريا فى الجامعة العربية لقوى الائتلاف الوطنى السورى وحكومته المؤقتة المشكلة فى المنفى، فقال: «إن تحفظ العراق لا يعنى الاعتراض على قوى الثورة السورية، أو اتخاذ موقف معين تجاه ، أو ضد الائتلاف الوطنى السورى، ولكن تحفظ العراق يرجع فقط إلى تعارض قرار وزراء الخارجية العرب مع ميثاق الجامعة ذاته».. انتهى الاقتباس من تصريح زيبارى. ولكن أفلا يتذكر زيبارى آخر مؤتمر قمة عربى قبل الغزو الأمريكى للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين، كان أيضا بل كان المؤتمر السباق، وغير المسبوق، فى انتهاك ميثاق جامعة الدول العربية، الذى ينص فى أحد بنوده على أن الأصوات تؤخذ بالإجماع وليس بالأغلبية، والذى عقد فى عهد وبرعاية حسنى مبارك تتعارض قراراته مع ميثاق جامعة الدولة العربية، والتى أعطت الشرعية العربية، أو الغطاء العربى، ممثلا فى جامعة الدول العربية، للغزو، ومن ثم الاحتلال الأمريكى للعراق، ومن ثم أيضا الإطاحة بنظام صدام حسين..؟! حتى إن صرخة القذافى احتجاجا على مثل تلك القرارات وقتذاك، والمسربة بطبيعة الحال، والمنتشرة الآن على مواقع «اليوتيوب»، كانت تقول تقريبا ولكن بشكل أعنف وأكثر حدة نفس الكلام الذى يقوله وزير خارجية العراق الآن، بل إن القذافى قد قال لأمين جامعة الدول العربية شخصيا وكان وقتها الشاذلى لقليبى التونسى الأصل والجنسية «هى كانت جامعة أبوك».. وأعتقد أن الكلام كان موجها لمبارك، والذى كان الحاضر الرئيسى فى ذلك اللقاء المسرب، بشكل غير مباشر وليس للقليبى فقط، حيث إن أمين الجامعة ، وكما نعلم جميعا، لا حول له ولا قوة..! إذن فإن كل ما ترتب على تلك القرارات، أو المقررات، غير الشرعية، للجامعة العربية منذئذ هو بالتبعية غير شرعى أيضا ، بما فى ذلك نظام الحكم الحالى فى العراق، والذى يشكل هوشار زيبارى فيه وزير الخارجية، كما يشكل خاله جلال الطلبانى رئيس الجمهورية..! خلاصة القول إنه إذا كان من الجائز نظريا أن تحتج أى دولة كاملة أو شبه كاملة السيادة على قرار وزراء الخارجية العرب الحالى فى الدوحة بشأن إعطاء مقعد سوريا للائتلاف الوطنى السورى كالجزائر مثلا فلا يجوز، كما لايحق ذلك للنظام العراقى الحاكم لأنه أتى من رحم اللاشرعية إن جاز التعبير ومن خلال تواطؤ ورشوة، بل خيانة حسنى مبارك ذاته مع بعض العرب الآخرين على العراق ليس كنظام فقط ، بل حتى دعك من النظام، بل كشعب ودولة. ولولا انتهاك ميثاق جامعة الدول العربية فى مؤتمر الجامعة بالقاهرة قبل الغزو الأمريكى للعراق ما وصل زيبارى ذاته إلى منصب وزير خارجية العراق، بل لم حتى يعرف به أحد..! بيد أن تاريخ الكرد يقول: إنه بعد اضمحلال الدولة الأيوبية بل إن ذلك الاضمحلال يرجع أيضا إلى خيانة الكرد لبعضهم البعض قد اتبع الكرد نفس نهج ملوك الطوائف بالأندلس، فباع بعضهم بعضا لكل صنوف الغزاة التى غزت ممتلكاتهم وأرضهم، وحتى أولئك الذين لم يغزوهم، بل لم يفكروا حتى فى غزوهم أبدا، فقد دعوهم إلى غزوهم نكاية فى بعضهم بعضا، حتى ضاعت دولتهم الرئيسية، أو المركزية ، فى ديار بكر وغيرها..! إذن لم يكن من المستغرب تاريخيا أن يساهم الكرد، وبشكل أساسى، فى دعوة الولاياتالمتحدة إلى غزو العراق، ودعوتها أيضا إلى إقامة قواعد عسكرية ضخمة فى كردستان العراق، كما لم يكن من المستغرب كذلك أن تطبع كردستان العراق بزعامة مسعود برزانى العلاقات مع إسرائيل، وذلك على الرغم حتى من عدم وجود حدود مشتركة بين البلدين، وكذلك بعد المسافة بينهما، كما لا يوجد حتى، مشاكل، أو صراعات سابقة، أو حاضرة، أو لاحقة، بينهما، ومع ذلك فإن التطبيع بين البلدين قد وصل إلى مراحل متقدمة جدا، وبشكل قد تبدو معه كردستان العراق وكأنها الحليف الثانى مباشرة لإسرائيل بعد الولاياتالمتحدة..! فعن أى ميثاق يتحدث زيبارى، والشعب السورى قد صار جله مشردا الآن خارج بلاده، وقتل منهم من قتل، واغتصب منهم من اغتصب.. فهل عدم انتهاك ميثاق الجامعة أهم من انتهاك اعراض السوريات وأيضا السوريين من الذكور أنفسهم من قبل نظام بشار الأسد..؟!