فى ذاكرة التاريخ الوطنى لأمنا العظيمة مصر أيام خالدة سجلها التاريخ بأحرف من نور لبسالة ووطنية شعبنا المصرى الأصيل ابن الحضارة والتاريخ.. ومن أيام التاريخ المعاصرة يوم 19 مارس من عام 1989.. هذا اليوم المجيد الذي تم فيه رفع العلم المصرى على أرض طابا بعد مجهود رائع وروعة عمل لا يمكن أن ننساه أو نتناساه بفضل رموز وطنية وقانونية وسياسية أكدت الحق المصري في كل شبر من أراضيه بعد محاولات مستميتة وشرسة من قبل الكيان الصهيونى الذي أراد التهام «طابا» الغالية في جوفه وهي قطعة غالية من أرضنا في جنوبسيناء وتعلل يومها بموقع العلامة 91 لأن هذا الموقع استراتيجى وأخاذ وهو نقطة لالتقاء بين آسيا وأفريقيا ومن خلاله نستطيع أن نرى الأراضى السعودية والأردنية والفلسطينية وبالطبع كان لا يمكن لحماة الأرض المصرية أن يسمحوا بالسطو علي هذه النقطة إبان مباحثات ومشاورات التحكيم الدولي الذي أكد الحق المشروع لمصر وسيادتها علي كل أراضيها. ومن منا لا يذكر ما جرى في عام 1986 حيث تم التوقيع علي اتفاقية مشاركة التحكيم الدولية ووقتها تشكل فريق عمل من خبراء القانون الدولى وأساتذة التاريخ والجغرافيا.. هذا الفريق استطاع بجهود أكثر من رائعة أن يجمع الأدلة والمستندات والوثائق، بل والخرائط حتي إنه تم إحضار خريطة من تركيا تم تحديدها في عام 1906 للحدود المصرية لإثبات أن أرض «طابا» مصرية.. ولأن العقل المصري سيظل متيقظاً أذكر أنه تم تشكيل لجنة قومية برئاسة عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق.. هذه اللجنة ضمت أسماء وشخصيات محترمة، ومن ينسي الدكتور وحيد رأفت أو الدكتور مفيد شهاب أو الفقيه القانوني المستشار محمد أمين المهدى العباسى رئيس مجلس الدولة الأسبق وأسماء أخرى لا يسع المجال لذكرها، ومن جملتها الدكتور حامد سلطان.. وعلى الرغم من إعلان الحكم بعودة طابا يوم 29 سبتمبر من عام 1988 إلا أن الإسرائيليين حاولوا أن يتنصلوا من تنفيذه وتأخر هذا التنفيذ قرابة ال6 شهور، إلى أن جاء يوم 19 مارس وكانت احتفالية مصر بعودة «طابا» إلي أحضان الوطن الأم وارتفع العلم المصرى خفاقاً عالياً ليعلن أن السيادة علي أرض «طابا» المصرية أبدية رغم محاولات وألاعيب الانكشارية الإسرائيلية والصهيونية وتأكيداً للحفاظ على الأرض والعرض لأن الوطن صار بالفعل مسكوناً بداخلنا وأصبحنا مسكونين فيه.. و«طابا» أيها السادة هي جزء غال وعزيز من وطن كبير ننتمي إليه جميعاً وهو مصر ذات السجل الوطنى الحافل منذ عهد الأجداد الفراعنة الذين طردوا «الهكسوس» وليس مستغرباً أن يذيح الأبناء.. السوس.. لأن مصرنا ستظل «شامخة» وستظل روح الكبرياء والمقاومة متأصلة في وجدان شعبها، بل وستبقى الذاكرة القومية المصرية مشعة بحواديت الانتصارات الخالدة منذ بدء حضارتنا، وما أروع التاريخ الذي سجل علي جدران المعابد الفرعونية معركة «قادش» وبطولات «أحمس» ومروراً بمعارك طرد «المغول» وانتهاء بطرد «الغول» الإسرائيلى من قمة جبال طابا.. وطاب مساؤكم لأن «عيد» عودة طابا يذكرنا بأحمد عرابي الفلاح ابن محافظة الشرقية بطموحه إلي الحرية وصراعه ضد السراي والملاك الأتراك، بل ويذكرنا بالزعيم الوطنى مصطفى كامل الذي بعث الحركة الوطنية بعد هزيمة الثورة العرابية فنادى بطرد الإنجليز، ونتذكر أيضاً سعد زغلول الذي استند للشعب فجاءت حملة التوكيلات مطالباً باستقلال مصر، ومن بعده يأتي مصطفي النحاس ويستجيب لإرادة الجماهير ويلغي معاهدة 1936 التي سبق ووقعها.. أخيراً ستظل أرض النيل مقبرة للغزاة وشعبنا ناره سوف تبيد الطغاة وستظل يد الله في يدنا أجمعين تصب الهلاك علي المعتدين!