أثارت قضية الشاب عمر نجل الرئيس كثيراً من اللغط في الشارع المصري.. حتي وصل الأمر لخروج المظاهرات المنددة بتعيين الفتي في وزارة الطيران المدني.. وحتي عندما أعلن عن انسحابه من الوظيفة لم تهدأ العاصفة حتي قال الولد في تويتة حزينة.. والآن كيف أحصل علي وظيفة في بلدي الحبيبة مصر؟! والآن حتي نريح عمر وكل من شاءت الظروف أن يكون والده في موقع المسئولية خاصة إذا كان الوالد يعمل رئيساً للجمهورية. في البداية حتي نبحث عن حل للمشكلة لابد وأن ننظر كيف كان يتعامل الرؤساء السابقون مع هذه الإشكالية العويصة.. فمن ناحية، فابن الرئيس مواطن كأي مواطن له كل الحقوق وعليه كل واجبات المواطنة ومن ناحية أخري، فإن كونه نجلاً لرئيس الجمهورية لابد وأن يحرمه من الكثير من الحريات وأولها حقه في الحصول علي الوظائف الحكومية أو تلك التي ترتبط بالحكومة بشكل مباشر.. تطبيقاً لمبدأ واتقوا الشبهات. والآن تعالوا بنا نتعرف علي كيفية تعاطي كل رئيس لمصر مع هذه الظاهرة. نبدأ أولاً من الرئيس محمد نجيب والذي كان اسمه وبالاً ولعنة حلت علي أولاده طوال العهد الناصري وحتي الساداتي، حتي اضطر ابنه الأكبر يوسف لأن يعمل سائق تاكسي، ومع ذلك لم يتركوه في حاله وأحرقوا له التاكسي مصدر رزقه الوحيد ولم يكن باقي أولاده أسعد حظاً فتعرضوا للعديد من الحوادث والملاحقة في الحياة ولقمة العيش حتي مات الرجل وهو يحمل بين جنباته حزناً كبيراً علي بلده وعلي أولاده. وجاء عبدالناصر، وكان حازماً مع أسرته غاية الحزم وكانت لديه حساسية شديدة في أي استغلال لاسمه وموقعه كرئيس للجمهورية حتي وصل به الأمر لاعتقال أحد أعمامه بعد أن وصلته أخبار استغلاله لاسم عبدالناصر والأغرب من ذلك ان عبدالناصر رفض بحسم أن يتدخل في نتيجة أحد أولاده ليفاجأ الجميع برسوب نجل الرئيس. ولم يسمح ناصر لأحد أولاده أو حتي أفراد أسرته أن يستغل اسمه وحتي عندما تم تعيين نجله خالد ونجلته هدي في الجامعة كان لتفوقهما العلمي ودرجاتهما لا علي اسم والدهما. السادات في مرمي النيران وجاء من بعده السادات.. وكان حريصاً علي ابعاد أبنائه عن موقع الشبهات ومع ذلك لم يستطع أن يكبح جماح عائلته فكان ان طالت محكمة القيم ويد المدعي العام الاشتراكي بعض أفراد عائلته بعد وفاته وان كان ابنه جمال لم يتبوأ أي منصب وظيفي إلا بعد موت والده حيث يعمل جمال السادات الآن رئيساً لمجلس إدارة احدي شركات الاتصالات الكبري، أما السيدة جيهان السادات وهي تعمل أستاذة بإحدي الجامعات الأمريكية حتي تصرف علي نفسها. «مبارك والكفن بلا جيوب» ومنذ ان جاء مبارك إلي الحكم وهو يردد مقولته المشهورة «الكفن بلا جيوب» ليؤكد بعد ثلاثين عاماً من حكمه أن الكفن كله مليء بالسوست والجيوب حتي كانت نهايته وأولاده في زنازين طرة بتهمة الفساد والتهليب من كل مؤسسات الدولة التي تحولت علي يديه لعزبة يوزع فيها الهبات والعطايا علي أحبابه وأفراد عصابته الذين حلوا في الزنازين المجاورة له في طرة. «مرسي.. ومؤهلات الكرسي» وأخيراً قامت في مصر ثورة عظيمة ضد الظلم والاستبداد والطغيان والفساد بكل صوره سواء كان فساداً مالياً أو استغلال نفوذ ودفعنا في هذه الثورة ثمناً غالياً هو دم أشرف وأنقي أولادنا. وعلي غفلة من الزمان جاء مرسي لكرسي الحكم.. فأصابه الاندهاش وشلته المفاجأة فالرجل أبعد ما يكون عن هذا المنصب ومؤهلاته ومع ذلك جاءت به جماعته إلي سدة الحكم ليكون مندوبها والمتحدث باسم مصالحها داخل قصر الاتحادية. ومرسي أول من يعرف هذه الحقيقة فسلم قيادته للجماعة والتي حرصت علي التكويش علي كل مفاصل الدولة وأسندت مختلف الوظائف القيادية لأولادها والتابعين لها والمؤلفة قلوبهم.. حتي أصبحت المحسوبية هي دستور البلاد في شغل الوظائف القيادية وحتي الصغيرة ومن هنا لم يكن غريباً أن يتقدم نجل الرئيس لاحدي الوظائف الهامة في مصر وبمرتب خرافي وليس ب900 جنيه كما أعلنت الرئاسة بل والأغرب أن يكشف لنا الابن الثاني للرئيس ويدعي أسامة ان أحد رجال الأعمال عرض عليه وظيفة مستشار قانوني لشركته مقابل مبلغ شهري قدره 75 ألف دولار يعني حوالي نصف مليون جنيه بالتمام والكمال وكأن «المحروس» تحول في ثمانية شهور إلي الأكفأ علماً وأعلي قدراً من سلاطين المحاماة أبو شقة ورجائي عطية وسامح عاشور والسؤال الآن ما هي حقوق «ابن» الرئيس أي رئيس خاصة في مصر.. لأن ابن الرئيس في أي دولة من دول العالم المتقدمة يعيش كأي شخص آخر.. أما في مصر فعلي الرئيس وعائلته أن يضعوا أمام أعينهم قول الرسول عليه الصلاة والسلام «اتقوا الشبهات» لتكون أمام أعينهم صباح مساء فهو ان كان من حقه كمواطن أن يشغل أي وظيفة في بلده إلا أن هذا الحق مقيد طالما والده في الحكم فعليه ألا يعمل في الحكومة أو أي وظيفة خاصة في شركة خاصة لها تعامل مباشر مع الحكومة فيمكن أن يعمل عملاً خاصاً كأن يفتح مكتب محام أو محاسب أو عيادة دكتور.. المهم أن يكون بعيداً عن دائرة نفوذ والده حتي لا تطاله الشائعات وتلوث سمعة والده الأقاويل لأننا خارجون من عهد كله فساد ورشوة ومحسوبية وقمنا بثورة بذلنا فيها الدم والعرق.. وأخيراً هل ضاقت شركات أباطرة الإخوان كالشاطر ومالك وغيرهما عن وظيفة لابن الرئيس تبعده وتبعد والده عن الشبهات أو القيل والقال. أما عمر محمد مرسي فنجيب عن تساؤله الذي قال فيه أليس من حقي الحصول علي وظيفة في بلدي الحبيب!. نقول له في وجود والدك ينبغي أن يكون حقك مقيداً.. والاقتداء بناصر والسادات في هذا الأمر يقيك ويقي والدك من شر المحسوبية والوساطة هذا في مصلحتك وفي مصلحته بلدك الحبيب كما وصفته في رسالتك.