حلّت الذكرى الثانية للثورة المصرية.. الإخوان ومن معهم راهنوا على أن يمرّ اليوم بخير، وإن كان قلقهم بلغ منسوباً عالياَ، خشية تدهور الأمور إلى ما يساهم في نشر الفوضى المنظمة من جهات معلومة همّها إجهاض الثورة، وإعادة إنتاج النظام القديم بشكل يتناسب مع المتغيرات التي طرأت على المجتمع المصري بعد الثورة.. المعارضون يرون في الذكرى الثانية للثورة فرصة لإعادة تعبئة الجمهور المعارض في مواجهة النظام الحالي بعد سلسلة الهزائم السياسية التي منيت بها منذ وصول مرسي للحكم، وقبيل شهور قليلة من انتخابات مجلس النواب، في وقت تراهن فيه الجبهة الوطنية للإنقاذ بالحصول على عدد من المقاعد يخولها تشكيل الحكومة القادمة أو خلق توازن أمام تسونامي التيار الإسلامي الذي تقوده حركة الإخوان اليوم. ربما يكون أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل للعلوم محقاً حين قال إن الثورة غيرت المجتمع المصري بشكل كلي، وأن الثوار مصابون بالإحباط، لأن الثورة لم تنجز ما كانوا يأملونه منها حتى اللحظة، مرجعاً السبب لنفاد صبر الشارع من قطف ثمار الثورة في حين أن الثورات عبر تاريخها لا تتحقق أهدافها بهذه السرعة، وهي تحتاج لبعض الوقت.. اعتقد أن المعارضة تعلم ذلك تماما، لكن القلق من أخونة الدولة والرغبة الجامحة بالمشاركة في الكعكعة السياسية هو أكثر ما يتحكم بسلوكياتها. الشعارات التي حملتها المعارضة إلى الميدان " لا للحكم المرشد "، لا أدري ما إذا كان المرشد العام للإخوان الدكتور محمد بديع هو من يحكم مصر فعلاً! لكن المؤكد أن له دوراً ما في رسم السياسة المصرية، وهذا أمر طبيعي كون الحزب الحاكم وهو حزب الحرية والعدالة ولد من رحم هذه الجماعة وهو يحمل تطلعاتها ويحاول تطبيق برامجها في إطار رؤيته لمصر الجديدة. ولا يعني هذا أن قوى خفية تدير مصر، والمعارضة حين ترفع هذه الشعارات هي في الحقيقة تغرر الشارع المصري لأن الهدف هو الوصول إلى السلطة أو تقسامها مع الإخوان، وهذا حق أي معارضة سياسية وإن كانت الأساليب بحاجة إلى مراجعة، وإلا كيف نفسر تصريحات القيادي في جبهة الإنقاذ حمدين صباحي بأن الجبهة مستعدة للتحالف مع السلفيين لمنع سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة والحكم، أو ما قاله سابقاً الدكتور محمد البرادعي لصحيفة أمريكية بأن الائتلاف يتعاون مع فلول النظام السابق من أجل مواجهة الأخوان في الوقت الذي تتهم فيه الجبهة الإخوان بإنجاز صفقة مع العسكر وفلول النظام السابق وبرعاية أمريكية لتمكين الإخوان من مفاصل الحكم في مصر. الإخوان جُدد على الحكم، وعمرهم في المعارضة ثمانون عاماً، تعرضوا فيه للظلم والاضطهاد والتنكيل، ومن الطبيعي حين يصلون للحكم يعجزون أن يديروا الدولة بعيداً عن هذه الهواجس. ثم إن الإخوان لا تجربة سابقة لهم في الحكم، لأن النظام القديم أفسد المجتمع ومنع الأحزاب في أن تكون شريكة في إدارة الدولة، لذا عندما سقط النظام كان المجتمع أمام دولة لا خبرة لديه في إدارتها بعيداً عن قيادات وأركان الصف الثاني من النظام السابق ممن لم يكونوا جزء من منظومته الفاسدة. قد يكون من التوصيف الدقيق القول إن حركة الأخوان والمعارضة على السواء فشلوا في توحيد المجتمع المصري للتخلص من النظام القديم وإسقاطه كليا، لاسيَّما أن الدولة العميقة في مصر متجذرة في الدولة، وما تتهم المعارضة الإخوان بأنهم أصحاب شعارات فقط هو نفس ما ينطبق عليها إذ لا يوجد لديها هي أيضاً بدائل واضحة. الحلّ اليوم هو في الجلوس إلى طاولة الحوار الوطني التي دعا إليه الرئيس مرسي، ولا ضير في تراجع الجبهة الوطنية للإنقاذ عن رفضها المشاركة في وقت تمرّ فيه مصر بمرحلة حرجة على الصعد الاجتماعية والأمنية. كما أن على الإخوان التنازل عن هذا الاستئثار الناتج عن الإفراط في القلق، وإعادة تهذيب الخطاب السياسي الذي لا يزال أقلّ من المرضي عنه في تصنيف المخالف السياسي والتعاطي معه، وهي أي جماعة الإخوان تتعلم بسرعة إدارة الدولة على حد قول الدبلوماسي والباحث المصري الدكتور عبد الله الأشعل وهذا أمر مفيد ويساعد في الانتقال الديمقراطي. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية