أحاديث متبادلة بين إيرانوأمريكا حول الاتفاق النووي، فكل دولة تريد أن تفرض مطالبها على الآخرى من أجل التفاوض، والعودة للاتفاق مُجددًا، فبالأمس أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك ساليفان، أن الولاياتالمتحدة مستعدة للعودة إلى الالتزام بالاتفاق حول برنامج إيران النووي حال استئناف طهران امتثالها للصفقة. وحدث تطورًا بالأمس، إذ تم التوصل إلى "حل مؤقت" يسمح للوكالة بمواصلة عمليات التفتيش في إيران لمدة ثلاثة أشهر، رغم بدء طهران تقليص عمل المفتشين الدوليين اعتبارا من الثلاثاء. وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل جروسي، لدى عودته من زيارة لطهران بالأمس، ستكون إمكانية الوصول إلى المنشآت النووية محدودة، دعونا نكون واقعيين، لكنه سيكون بإمكاننا الإبقاء على المستوى الضروري من المراقبة والتحقق"، مضيفا "هذا ينقذ الوضع في الوقت الحاضر". وكان عباس عراقجي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، قد أعلن السبت، أن بلاده ستوقف العمل بالبروتوكول الإضافي للاتفاق النووي في 23 فبراير الحالي ما يعني خفض إمكانيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من مدى التزام إيران ببنود الصفقة، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة لا يبدو أنها سترفع عقوبتها على بلاده. وفي وقت سابق، طالبت إيران برفع العقوبات المفروضة على إيران قبل الانضمام لمحادثات مع أوروبا بشأن البرنامج النووى الإيرانى، وكان الاتفاق النووي قد منح سلطات تفتيش واسعة النطاق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق، أعاد ترمب فرض عقوبات قاسية على إيران. ورداً على الانسحاب الأميركي تخلّت طهران عن الالتزام بقيود رئيسة للاتفاق وخصبت اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة، مقارنة مع السقف الذي يفرضه الاتفاق البالغ 3.67 في المئة، لكن دون مستوى 90 في المئة اللازم لصنع أسلحة، وزادت مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب، كما استخدمت أجهزة طرد مركزي متطورة. ولكن في ظل هذا الحديث المتبادل، ما مستقبل الاتفاق النووي بين ايرانوامريكا؟ وإلى أي مدي يمكن العودة إليه؟ وهل تؤثر العودة للإتفاق النووي بأي شكل سلبا او ايجابا علي دول المنطقة؟.. في هذا السياق، قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إن مستقبل الاتفاق النووي الآن أصبح محكوم بما ستقدم عليه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد اتفاق ايران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة 3 اشهر، المتعلقة بالكاميرات وحفظ البيانات والمعلومات الخاصة بالمواقع النووية الايرانية دون اطلاع الوكالة. وأوضح في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، أن الإتفاق الآن مرهون بعودة أمريكا للإتفاق ورفع العقوبات عن إيران، كشرط أساسي ايراني لأي خطوة تنازلية فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وبالتالي فنحن الآن في انتظار الموقف الأمريكي حتى نرى الخطوة الايرانية التالية. ورجح أبو النور، عدم عودة إيران إلى الاتفاق النووي وألا تلتزم بما يجب أن تلتزم بها في إطار خطة العمل الشاملة والمشتركة، ما لم تعود امريكا للإتفاق أولا وترفع كل العقوبات، أو على الأقل يكون هناك حل وسط، وهو البدء الامريكي في تنفيذ بعض التخفيفات عن بعض القطاعات المتعلقة كالنفط على سبيل المثال. وبين رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، أن استبعاده لعودة إيران في الوقت الحالي للاتفاق النووي قبل رفع أمريكا للعقوبات، سببه أن الإدارة الإيرانية تتخذ موقفا صلبا، بعد أن حسمت أمرها، بعدم العودة للإتفاق أو الإلتزام بشروطه المتعلقة بالمواقع النووية ما لم تعود امريكا اولا وترفع امريكا العقوبات، باعتبارها أساس الخطوات الإيرانية المتعلقة بخفض التزاماتها بهذا الاتفاق. وأشار إلى أنه لو عادت أمريكاوإيران للإتفاق النووي بصورته في 2015، ما لم تدرج الدول العربية أو دول الشرق الأوسط، في مباحثات أي إتفاق نووي جديد أو تكميلي بينهم، فسوف يؤثر ذلك بالسلب على كل دول المنطقة لسبب بسيط وهو أن إيران تجلس في مثل هذه المباحثات وتتحدث بلسان الشرق الاوسط وليس باسمها فقط، والدليل على ذلك أنها استغلت اتفاق 2015 لمزيد من التوسع في كل اليمن وسوريا والعراق وفلسطين وكل هذه الملفات. وتابع أبو النور، أنه في حال العودة للاتفاق النووي فإن إيران سوف تستغله للحصول على انتصارات استراتيجية في السياسة الخارجية والداخلية وهذا يضر بمركز الدول الاخرى في الاقليم خاصة التي تناصبها العداء. وذكر، أما على المستوى الأمني فقد يكون له فائدة واحدة وبعض النفع لدول الإقليم لأن أي اتفاق مع ايران فيما يتعلق ببرنامجها النووي يعني أن يكون هناك إتفاق وفقا للدلوماسية متعددة الاطراف لثني إيران، وهذا معناه عدم لجوء دول آخرى للتسلح النووي، وهو ما قد يضر المنطقة ويعرضها لأزمة نووية كبيرة كتلك الحادثة بين الهند وباكستان. قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إيرانوأمريكا في مرحلة الشد والجذب في الوقت الحالي، فطهران تريد أن رفع العقوبات بصورة كاملة وليس تدريجيًا، بينما أمريكا تريد التزامها أولًا، مؤكدًا أن الثقة مفقودة بين الطرفين. وذكر في تصريحات خاصة ل "بوابة الوفد"، على الأرجح لن يكون هناك عودة للاتفاق النووي أو مفاوضات في الفترة الحالية، خاصة وأن الانتخابات في إيران ستكون في يونيو المقبل، مشيرًا إلى الأوربين دخلوا مع مفتشين الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتوصل إلى اتفاق. وتابع فهمي، أن الطراف الأوربية عاجزة عن فرض التزام على الولاياتالمتحدةوإيران، ولكنهم سيحاولون إعادة إعادة البروتوكول الإضافي، مؤكدًا أن ما يحدث الآن بين أمريكاوإيران حرب تكسيبر عظام بين الطرفين حتى الدخول في مفاوضات مباشرة بين الطرفين.