روعت مصر بغرق مركب الصيادين الذين لم تنتشل أجسادهم حتى اللحظة أمام سواحل مطروح ، إبتلعتهم الأمواج تاركين حزنا ووجعا لن تمحوه السنون ، لتروع بحادث قطار البدرشين الذى إنفصلت إحدى عرباته عن المسار ، مما أدى لإنقلابها ويصبح 19 من مجندى الأمن المركزى فى تعداد الأموات ، والمصابون أكثر من 120مصريا منهم العديد منهم حالتهم خطرة ، مازالت مشاهد أشلاء ودماء الأطفال فى أسيوط محفورة فى الوجدان تؤرق مضاجع كل ذى قلب وضمير ، بدايات العام الجديد لاتختلف عن الأعوام السابقة ، كوارث حطمت الآمال التى نخترعها لأنفسنا أحيانا لنهرب من واقعنا الأكثر مرارة ، نحاول أن نهدئ من عصف البراكين فنلجأ إلى الصلاة وشكر الله على السراء والضراء ، نلقى باللوم على القضاء والقدر فى محاولة للهروب من فشلنا فى مواجهة الحقيقة ، الهروب من إدارة الأزمات التى يرى المسئولين أنها أكبر من قدراتهم وإمكانياتهم فلن يستطيعوا حلها لغياب الرؤى الجادة القابلة للتطبيق على مراحل قصيرة وبعيدة المدى ، بل من الصعب عليهم وضع الخطط المستقبلية وإتخاذ الخطوات الأولى نحو الإصلاح وإعادة بناء جديدة للسكك الحديدية المتهالكة التى إنتهى عمرها الإفتراضى ، وتحتاج إلى تطوير وتحديث ، الشعب المصرى يقتل بانتظام فمن يحميه ؟ حياته معرضة للخطر ، ويتم إلقاء المسئولية على البسطاء فإما السائقين أوعمال المزلقانات ، أظلمت الطرق بحجة توفير الطاقة الكهربائية مما ساهم بشكل كبير فى إزهاق العديد من الأرواح ، أما رئيس الحكومة فقال لافض فوه بعد زيارته لمكان الحادث : أنه سيقوم بصرف التعويضات المقررة إلى أهالى المتوفين والمصابين ، لاجديد ، والسؤال ماذا تفعل الحكومة أمام الطرق المتهالكة التى تعرف بطرق الموت ؟ هناك دائم فرق بين الموت قضاء وقدر وبين الموت بفعل الإهمال ، ولماذا يكون المصرى دون باقى شعوب الأرض رخيصا حتى وهو بعيدا عن أرضه ، مهان فى الغربة ، لا يجد الدعم والمساندة ، كل ذنبه أنه يبحث عن حياة كريمة لم توفرها له بلده ، فهام على وجهه فى بلاد الثلج والنفط ، يستغل أسوأ إستغلال ، تهضم حقوقه ، تتردد على مسامعه العبارات المسيئة المهينة لكرامته وكرامة وطنه ، لكنه يتحمل مالا طاقة له به حتى ضج منه الصبر ، بات المصريون متشحون بالسواد من كارثة إلى أخرى ، كم حصدت الثورة العديد من أرواح الأبرياء ؟ كم اطفئت فى العيون النور ؟ أين المتكالبين على مقاليد الحكم ، فقط يهرولون نحو الإستحواذ ، فاختيار القيادات لم ولن يكن للاكفأ وللأكثر خبرة ، ليخرج تصريح مستفز يصيبنا بخيبة الرجاء من الشيخ صفوت حجازى قائلا : أن حادث البدرشين لايستحق هذا الإهتمم الإعلامى ويدعو الجميع لتكريم الرئيس عن إنجازاته فى اليوم المجيد الذى يحل بعد أيام ، لانعتقد أن الرئيس مرسى سينحّى أحزان المصريين جانبا ويحتفل ، ومازالت أجساد أبنائه عالقة فى البحر والبر ، ننتظر منه قرارات فورية وحلولا جذرية للإرث القمئ الذى تركه المخلوع ، وإلا سنظل ندور فى حلقة مفرغة الكل يرمى بالتبعات على الآخر ، ويبقى المصرى هو الضحية ، وحده من يدفع الثمن