سنوات طويلة قضاها فى الغربة يكتنز كل ما يحصل عليه من أموال، وكان يبخل على نفسه بكل متع الحياة وتمكن من شراء شقة بمبلغ كبير فى أحد الأحياء الراقية بالقاهرة وادخر مبلغًا كبيرًا من المال لزواجه. لانه كان قد قرر تأجيل خطوة الزواج حتى يكوّن نفسه حتى يعيش مستور الحال، وقد استطاع تحقيق جزء من أحلامه شقة فاخرة مجهزة بالأثاث الراقى، سيارة ورصيد معقول فى البنك. وهنا قرر العودة إلى مصر للزواج والاستقرار حتى لا يتقدم به العمر وحتى يعوض سنوات الغربة الباردة وحيدا دون ونيس. حزم أمره وحقائب سفره وحدد موعد عودته. وأبلغ أعز أصدقائه بميعاد عودته وأنه يتمنى عليه أن يساعده فى العثور على عروس. لأن وقته قصير وأنه يرغب فى الزواج. وجاء يوم السفر ووصل إلى المطار ليجد صديقه فى انتظاره ومع بشرى انه وجد له عروسًا لا تعوض. وبعد أيام من عودته كان موعده مع العروس خارج منزلها حتى يتعرفا على بعضهما أولا قبل الارتباط وقبل أن يتقدم لأسرتها. كان اللقاء هادئًا وسرد كل منهما للآخر سيرته وأصوله وبعضا من طباعه. هى فتاة بسيطة هادئة الجمال والطبع ابنة أسرة من الطبقة الوسطى، تعمل فى احدى الشركات. انتهى اللقاء على موعد آخر لاكمال حوارهما الهام. فهذا مستقبلهما. وأدمر هو فى نفسه أن يسأل عن الأسرة التى سيرتبط بابنتها. وبعد اسبوع من اللقاء الأول والسؤال عن عروس المستقبل قرر الارتباط بها. جاء اللقاء الثانى واكملا الحديث وفى النهاية طلب منها تحديد موعد مع والدها. وطلبت منه مهلة. وسألته عن سبب العجلة. واخبرها ان اجازته فى القاهرة قصيرة ويرغب فى قضاء اطول وقت وهما فى بيتهما معا. وكان يوم زيارته لأسرتها ووافق العريس على كل طلبات اهل العروس شبكة.. مهر.. مؤخر صداق.. قائمة منقولات.. وشقة الزوجية الفارهة.. كل شىء جاهز لاتمام الزواج وفورا.. وبعد اسبوع واحد كان عقد القران.. وحدد موعد الزفاف فى الاسبوع التالى. وتم الزفاف فى حفل أسطورى لم تكن العروس تحلم به أو أسرتها وكانت ترى حفلات الزواج تلك فى الافلام. ولكن صار لها.. وقضيا أيام العسل فى فندق فاخر فى اشهر الأماكن رومانسية. أغدق عليها فى الانفاق وأمطرها بالهدايا. عاشت كملكة. ايام فى الجنة كما كانت تقول له. وبعد شهر من الزواج شعرت بأعراض الحمل وكانت سعادته لا توصف. هل يعقل ان تتحقق احلامه كلها هكذا. زواج وانجاب. كان سعيدا وكلما زادت سعادته حقق كل سبل السعادة والراحة لزوجته، ومد فترة وجوده معها وقام بتأجيل موعد سفره. بقى معها شهرا آخر وأصبحت هى فى شهرها الثانى من الحمل. ورتب الزوج مع زوجته كل الأوراق وأعطاها كل اسراره وعرفها رصيده فى البنوك ولما لا وهى زوجته وستصبح ام ابنه المنتظر. ووعدها بأنه سيرسل لها كل دخله من عمله بالغربة بعد أن أعطاها حق التوقيع بدلا منه فى البنوك. وجاء يوم عودته إلى غربته وودعته زوجته بالحزن وذرفت الدمع الغزير.. ووعدها بانه سيأخذها معه بعد ولادتها.. سافر الزوج. وكان كل يوم بينهما حديث مطول عبر الهاتف والانترنت. كان يحكى لها تفاصيل يومياته بالخارج وفى أول كل شهر كان يرسل لها راتبه الا قليلا. استمر الحال هكذا وفجأة انقطعت اخبار زوجته عنه.. واغلقت تليفونها وكل ما يمكنه من الاتصال بها. ولكنه بقى يحاول كل يوم. لكن استمر الحال هكذا وبدا القلق يهاجم الزوج المغترب. ولم يجد سبيلا سوى اللجوء إلى صديقه الذى عرفه على زوجته وطلب منه التوجه للسؤال عليها وعلى طفلها لانه يشعر بالقلق بعد انقطاع اخبارها واسرتها. توجه الصديق إلى منزل صديقه ولم يجد من يجيبه وسأل عن زوجة صديقه فى منزل اسرتها ولكنه لم يعثر عليها. وابلغ صديقه بما حدث. جن جنون الرجل اين ذهبت زوجته وبطفلها الرضيع وسيطر عليه الشك ان يكون حدث لها مكروه.. وكان لابد من العودة لمعرفة سر اختفاء زوجته. وبعد ايام كان امام منزله.. طرق الباب على امل ان تفتح له زوجته ولكن لم تكن موجودة وجرب ان يدخل المنزل بالمفتاح الذى كان بحوزته ولكن لم يفلح. وأبلغه جاره ان زوجته غيرت كالون الشقة واختفت. وسلمه انذارًا من محكمة الأسرة تركه موظف محكمة الاسرة. وكانت المفاجأة التى لم ينتظرها الزوج من زوجته التى عاملها افضل معاملة واغدق عليها من امواله.. وائتمنها على امواله وشقى غربته. انه انذار من المحكمة تطالب فيه زوجته بتمكينها من شقة الزوجية لانها حاضنة لطفلها الصغير.. وليس هذا فقط.. هناك انذار اخر يخبره بان زوجته طالبة الخلع منه بسبب سفره الطويل وانها تخاف ألا تقيم حدود الله. اخرست المفاجأة الزوج العائد من الغربة. وسكت الكلام. ماذا يقول. ولماذا فعلت زوجته ذلك. واين هى وطفله.. وهل هو طردها من منزل الزوجية حتى تقيم دعوى تمكين منه. وهل هو اغضبها كى تقيم دعوى خلع.. وتشكو من الغياب.. أى غياب هذا، إنها مجرد شهور وكانت الغربة من أجلها وولدها.. عشرات الأسئلة تكاد تفجر رأسه ولا يجد اجابات لها أو من يبرر له افعال زوجته.. اهو طمع.. ولكن كيف وكل ما يملك كان لها.. وتوجه إلى مكتب محاميه الخاص وسلمه اعلانات المحكمة للدعاوى التى اقامتها زوجته.. ولم يقل شيئا سوى أرجوك أريد أن أرى ابنى الذى لم أره منذ ولادته. وخرج وهو يهذى بكلمات ونصف عقله قد شرد منه. كيف حدث ذلك ولماذا.. أما المحامى فيقول هذا اغرب ما قابلته فى محاكم الأسرة. هل علاقة غير شرعية دفعت الزوجة إلى ذلك؟ الكل حائر ولا إجابة!!!