«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصدق في الأقوال والأفعال والهمم
نشر في الوفد يوم 24 - 09 - 2020

قال الدكتور محمد فكيه إمام وخطيب مسجد السيدة زينب أحبتي في الله: تحدثنا في خطبتنا السابقة عن منزلة الأخلاق وكيف نستعيد قيمنا وأخلاقنا الجميلة، وتعالوا بنا اليوم لنكمل الحديث حول الأخلاق. ولقاؤنا اليوم سنتكلم فيه عن خلق من أفضل الأخلاق تخلق به صفوة خلق الله من النبيين والمرسلين إنه ((خلق الصدق في الأقوال والأفعال والهمم))
هذا الخلق امتدح الله بِه نفسه في كتابه العزيز فقال سبحانه:(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)وقال:(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً)
وَوَصف جل وعلا به رُسلَهُ وأَنبيَاءَهُ فقال تعالى- عن خليله إبراهيم عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا) [مريم: 41]
وقال تعالى عن إسماعيل عليه السلام:(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا).
وقال تعالى عن إسحاق ويعقوب عليهما السلام: (وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) [مريم 50] . وقال تعالى عن إدريس عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ) [مريم:56 ].
وقال تعالى عن إدريس عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ) [مريم:56 ].
ولقد شهد رب العالمين على صدق سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33]، والذي جاء بالصدق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم!!
وقد وُصِف النبي صلى الله عليه وسلم بالصادق الأمين، وهذا ما عرفته قريش منه قبل البعثة..
وعندما أمره الله عز وجل بإنذار عشيرته الأقربين صعدعلى جبل الصفا، وقال:(أرَأَيْتكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا)!!
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتَّصِفًا بهذه الصفة في كل أفعاله وأقواله؛ حتى في وقت المرح والفكاهة التي يظنُّ البعض أن الكذب فيها مباح، فعن أنس بن مالك أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ نَاقَةٍ". قال: يا رسول الله، ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلاَّ النُّوقُ؟. فكانت هذه الفكاهة من النبي صلى الله عليه وسلم مع رجل من عامَّة المسلمين من باب تقارب النفوس، وزيادة المحبة، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يستعمل فيها إلاالصدق.
ولمكانة الصدق أمرَ رب العزة المؤمِنينَ بهِ فقالَ:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) فالإيمانُ أَسَاسُهُ الصِّدقُ،والنِّفَاقُ أَسَاسَهُ الكَذِبُ،فلا يَجتمِعُ كذب وإِيمان إلا وأَحَدُهُما مُحارِبٌ للآخَرِ.
والمؤمن كامل الإيمان لا يكذب في حديثه، لأن الكذب من خصال المنافقين، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عليه وسلم قَالَ:(آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ،وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ،وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)
أحبتي في الله: الصدق من الخصال الحميدة التي تنجي صاحبها في الدنيا وترفع مكانته في الآخرة!! فتحروا الصدق ولورأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة.. وتعالوا بنا لنبرهن على كلامنا.
فهذا كعب بن مالك رضي الله عنه ورفاقه، صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عدم مرافقته في غزوة تبوك ولم يختلقوا الأعذار كما فعل المنافقون لما تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة.0
يقول كعب بن مالك رضي الله عنه فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ: فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ». فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ، تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ، مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى، وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ».
لقد وفق الله كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم حينما تميزوا من بين الآخرين بالصدق، ولم يختلقوا أعذارًا وإنما تحدثوا بالصدق فأعقبهم الله تعالى الفلاح بأن تاب عليهم ، قال تعالى:( وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ).
جاء المنافقون من الأعراب يعتذرون ويكذبون، وهؤلاء الثلاثة صدقوا الله ورسوله فأرجأ الله التوبة عليهم، وكان مما أمر الله به في الآيات التي جاءت تعقيباً على تلك القصة:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].
!! هنيئا لهم بالصدق الذي نالوا به التوبة من الله..
وكما أن الصدق ينجي صاحبه في الدنيا فهو كذلك ينجيه في الآخرة ويرفع قدره
استَمِع لِقولِ اللهِ تَعالى: (قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)!! ولمكانة الصدق كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا ما يحثُّ المسلمين عليه فيقول صلى الله عليه وسلم:(عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ،وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا).
! بل ويُوَجِّه رسول الله صلى الله عليه وسلم خطابه للمسلمين قائلاً لهم: "اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ؛ اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ"
فيا أخي الحبيب:-
عُوِّدْ لِسَانَكَ قَوْلَ الصِّدْقِ تَحْظَ بِهِ *
إِنَّ اللِّسَانَ لِمَا عَوَّدْتَ مُعْتَادُ ..
!! وما أحسن ما قيل في ذلك أيضا:
عليك بالصدق ولو أنه*** حرقك الصدق بنار الوعيد 00
وابغ رضا المولى فأغبى الورى***من أسخط المولى وأرضى العبيد 00
وكما تعلمون أحبيتي في الله:-
أنَّ الصِّدقَ من الأخلاق المَحمُودَةِ قَدِيماً وحديثاً,فقد كانتِ العربُ تَنفِرُ من الكَذِبِ وتَهجُو الكَاذِبِينَ،فَهذا أبو سُفْيانَ بنَ حَرْبٍ
رضيَ اللهُ عنهُ قَبلَ إسلامِهِ يَذهبُ مع رَهطٍ من قُريشٍ في تِجارةٍ إلى الشَّامِ،فَيسمعُ بِهم هِرَقلُ مَلِكُ الرُّومِ،فَبعثَ إليهم يَسأَلُهم عن هذا النَّبِيِّ الجديدِ فَصَدَقُوهُ في القولِ وَوَصفوا الرَّسولَ بِأصدَقِ الأوصافِ،قال أبو سفيانَ وهو يومَئِذٍ مُشركٌ: (وَاللَّهِ،لَوْلا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ)
!!! فلتتحرى أخي الحبيب الصدقُ مع الناس ولتتحرى الصدقُ فيما يَتَعَلَّقُ بتَعامُلِكَ مع أولادِك تعامُلك مع زوجتِك فأحرص ألّا يَتعوَّدوا منك على الكذب. فمن الأمور المهمة في التربية: تربية الأولاد على الصدق. حتى يشبوا عليها وقد ألفوها في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، وقد ورد عن عبد الله بن عامر قال: "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وأنا صبي صغير، فذهبتُ لألعب فقالت أمي: يا عبد الله، تعال أعطيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردتِ أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه ثمراً، قال:أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة [رواه أحمد]
!! كما ينبغي أن تتحرى الصدقُ في التجارة
فالمؤمن الذي يصدق في بيعه وشرائه، يبارك الله له في كسبه ويزيده من خيراته.. قال صلى الله عليه وسلم: (البيِّعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبيَّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) ، فالبركة مقرونة بالصدق والبيان، والتلف والمحق مقرون بالكذب والكتمان..
!!! وكذلك ينبغي أن تتحرى الصدق في الزواجِ .. فينبغي أن تصدُقَ معَ مَن تريد أن تخطِبُ منهم ، فإذا سألوك عن وظيفتك، سألوك عن حالتك المادَّية ، سألوك عن أمورك الإجتماعية، عليك أن تصدُقَ معهم لأجلِ أن يُبارِكَ الله زواجك وزوجتَك...أما إذا كذبت عليهم هنا تُنزَعُ البَرَكة...
!! وتعالوا بنا لنلقي نظرة سريعة ونرى ماذا فعل بلال رضي الله عنهعند زواج أخيه..
قام بلال رضي الله عنه مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم بخطبة امرأة قرشية لأخيه فقال لأهلها ما يلي : " نحن من قد عرفتم كنا عبدين فأعتقنا الله تعالى، وكنا ضالين فهدانا الله تعالى، وكنا فقيرين فأغنانا الله تعالى، وأنا أخطب إليكم فلانة لأخي، فإن تنكحوها له فالحمد لله تعالى، وإن تردونا فالله أكبر، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا : بلال ممن عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجوا أخاه فزوجوه، فلما انصرفوا قال له أخوه : يغفر الله لك أما كنت تذكر سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتترك ما عدا ذلك فقال: مه يا أخي صدقت فأنكحك الصدق "
!! أحبتي في الله:-
:لو أنَّ الصِّدقَ أصبح شِعارا بيننا ستنزل علينا البركات والرحمات.. بل سيسودُ الأمنُ والأمانُ,والرَّخاءُ, والسرورُ,
!! أحبتي في الله:-
كل ما ذكرناه في الصدق في الأقوال والأفعال** بقي معنا الصدق في الهمم **
فاحرص أخي الحبيب أن تكون همتك عالية واصدق فيها مع الله وخير ما نذكره في هذا الشأن هذا الحديث الذي رواهُ الإمامُ النَّسَائِيُ رحمهُ اللهُ بسندِهِ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ،أَنَّ رَجُلاً،مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إلى النَّبِيِّ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ:أُهَاجِرُ مَعَكَ فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ،فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ،غَنِمَ النَّبِيُّ سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهَ مَا قَسَمَ لَهُ،وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ:مَا هَذَا؟قَالُوا:قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ ،فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إلى النَّبِيِّ فَقَالَ: مَا هَذَا يارسُولَ اللهِ فَقَالَ:قَسَمْتُهُ لَكَ قَالَ:مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ يارسُولَ اللهِ،وَلَكِنِ اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ،فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ قَالَ: (إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ) فَلَبِثُوا قَلِيلاً ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ إلى النَّبِيِّ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ :أَهُوَ هُوَ.. قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: (صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ) ثُمَّ كَفَّنَهُ فِي جُبَّتةِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ
اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا وأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْهِ) حقَّا كما قالَ رسولُ اللهِ ( إنَّ الصِّدقَ يَهْدِي إِلَى البرِّ،وإنَّ البر يَهدِي إِلَى الجَنَّةِ وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقاً).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين وأن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.