مستثمرون يطالبون بإنشاء مجلس أعلى للتصدير.. وإزالة معوقات التجارة والإنتاج التصدير مورد رئيسى من موارد العملة الصعبة لمصر، وإعلان الحكومة عن السعى للوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى مائة مليار دولار سنويا يمثل حلما طالما راود الحكومات المصرية حكومة بعد أخرى. وإذا كانت قيمة صادرات مصر السلعية قد حققت خلال العام الماضى نحو 25 مليار دولار، فإنها لم تتجاوز فى أى عام سابق ذلك الرقم، ما يعنى أن هناك حزمة من الإجراءات والمقترحات اللازمة يجب اتخاذها للوصول لذلك. ورغم أن الدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، اعتبرت أن زيادة الصادرات تأتى على رأس أولويات خطة عمل الوزارة، لأنها تمثل مصدرًا رئيسيًا من مصادر النقد الأجنبى للبلاد، فإن النظرة الموضوعية تقتضى التأكيد أن زيادة الصادرات لا يمكن أن يكون مهمة تقتصر على وزارة التجارة والصناعة وحدها، خاصة أن هناك إجراءات ومسئوليات عديدة تساهم فى زيادة الصادرات، لكنها مسئولية وزارات أخرى مثل الزراعة، الصحة، والمالية. وتباينت مقترحات رجال الأعمال والمصدرين بشأن زيادة الصادرات، وكيفية الوصول إلى الرقم المستهدف والذى يشكل أربعة أضعاف قيمة الصادرات الحالية. وأكد رجال أعمال ومستثمرون أن مضاعفة الصادرات والوصول بها إلى مئة مليار دولار أمر ممكن، ومنطقى لكن من خلال حزمة متنوعة من الإجراءات وتنفيذ تصورات وأفكار غير تقليدية تمثل أعمالا خارج الصندوق. ورأوا أن الصادرات يمكن أن تحقق ارتفاعا حقيقيا بشرط إزالة كافة المعوقات التى تواجه المجتمع الاستثمارى والإنتاجى، وتيسير أعماله، وحل المشكلات المتنوعة التى يواجهها. وقال المهندس على عبدالقادر عضو مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، وممثل مصر والدول العربية فى معهد الأحجار الكريمة الأمريكى ل«الوفد» أن مضاعفة الصادرات المصرية ضرورة لازمة لتنمية الاقتصاد الوطنى، خاصة أن هناك دولاً عديدة فى العالم يقوم اقتصادها على نشاط التصدير. وأوضح أن بلدا مثل فيتنام تصدر ب290 مليار دولار وماليزيا تصدر بنحو 246 مليار دولار ومصر لا تتعدى صادراتها 25 مليار دولار على أقصى تقدير وما يعينى أن هناك فرصاً مهدرة وغير مستغلة ولا يتناسب رقم الصادرات بالموارد الصناعية فى مصر ولا بقدرات مصر ولا بالاتفاقيات الموقعة. ورأى «عبدالقادر» ضرورة وضع رؤية عامة كلية تتجاوز فكرة المساندة التصديرية، موضحا أهمية أن يكون هناك مجلس أعلى للصادرات المصرية برئاسة رئيس الجمهورية، يتبع مؤسسة الرئاسة مباشرة، وتمثل فيه الوزارات والهيئات المختلفة، ويكون له صلاحيات حقيقية ولديه خطط بتوقيتات يتم متابعتها. وقال إنه ليس من المنطقى أن نبقى حتى الآن بدون أى جهات مسئولة مسئولية مباشرة وفعلية عن التصدير، موضحا أن النجاحات التى قد يحققها البعض على أرض الواقع هى نجاحات فردية وليست نجاحات تدخل فى سياسة عامة. أضاف أن جانب مهم من القضية أن نتجاوز فى تفكيرنا تقليدية الصادرات واقتصارها فقط على السلع الصناعية والزراعية، وأن يتجاوز الأمر ذلك لإضافة قطاع الخدمات والصادرات غير التقليدية إلى مُسمى الصادرات. وقال إننا قادرون على تحقيق زيادات كبيرة فى الصادرات أن أخذنا بمنطق أن ننتج ما يحتاجه الآخرين لا أن نسوق ما نقوم بإنتاجه. واتفق محمد جنيدى رئيس نقابة المستثمرين الصناعيين، فى الرأى مع تصور أن زيادة الصادرات أمر يتجاوز مهمة وزارة التجارة والصناعة وحدها ويمتد إلى باقى الوزارات، موضحا أن مشكلات قد يتسبب فيها موظف فى الجمارك تؤثر سلبا على التصدير. وأضاف أنه من الضرورى وقف إجراءات الحجز الإدارى بالنسبة للضرائب أو التأمينات ما لم يكن الإجراء مقترنا بحكم نهائى. وقال إن هناك حاجة ماسة لتنظيم العلاقة بين المستثمرين وقطاع التمويل بما يساعد على إعادة تشغيل المصانع مرة أخرى، ليتعود الإنتاج إلى سابق عهده، موضحا أن الصناعة المصرية لديها القدرات والإمكانات للتصدير أسواق متنوعة بشرط مساندتها بشكل حقيقى. ورأى مجدى الوليلى نائب رئيس شعبة المصدرين أن إنشاء مجلس أعلى للصادرات هو السبيل الوحيد للوصول برقم الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار. وأشار إلى أن تذليل العقبات والمشكلات أمام صادرات القطاع الصناعى والزراعى يمكن أن يحقق زيادة كبيرة فى حجم الصادرات، موضحا أن تعافى السوق من أزمة كوفيد 19 بدأ فى الآونة الأخيرة وأن هناك فرصة جيدة لاستعادة النشاط التصديرى إلى سابق عهده. ورأى ضرورة تعاون كافة منظمات الأعمال والهيئات المسئولة عن الصناعة والاستثمار والتجارة الخارجية والمجالس التصديرية معا لتحقيق هدف الدولة المصرية خلال خمس سنوات. وقال أحد المصدرين إن الوصول إلى رقم ال100 مليار دولار صادرات يتطلب إصلاح قطاع الصناعة ونظم التجارة والاستثمار إصلاحا حقيقيا، وأن ذلك يستلزم تعديل كثير من التشريعات الحاكمة للنشاط التجارى والتصنيعى. ورأى أن ذلك من الممكن أن يتم من خلال برنامج زمنى مقسم إلى عدة مراحل، على أن يكون التحقيق النهائى لذلك خلال عشر سنوات على الأقل. وأوضح المصدر الذى طلب عدم نشر اسمه أن برنامج المساندة التصديرية الحالى ما زال يعانى من خلل كبير وواضح، وأن هناك تأخراً فى صرف مستحقات الشركات المستحقة للمساندة، وهى فى الغالب تعتمد اعتمادا كليا على قيمة المساندة كربح. كما أن هناك حاجة ماسة لتمويل عمليات تصدير خارجية من خلال بنوك تجارية تقدم برامج ميسرة للمصدرين، خاصة المستهدفين للأسواق الأفريقية. وأشار إلى أن البيروقراطية ما زالت تحكم سيطرتها على كثير من أعمال التجارة والإنتاج، وأن التعامل مع الأجهزة الحكومية المختلفة يمثل مشكلة كبيرة، كما أن إصلاح الأجهزة الحكومية المسئولة عن ذلك يتطلب تدريب وتأهيل مختلف الكوادر العاملة فيها بما يقلل من الوقت المهدر فى الحصول على أى تراخيص أو استخراج أوراق حكومية.