شعور جميل ومسئولية قومية من مصر الجديدة.. مصر الثورة، تلك التى تعامل بها الرئيس مرسى ورئيس وزرائه قنديل مع اخواننا الفلسطينيين فى هذا الوقت العصيب، وانسانى جدا وطبيعى أن يبكى قنديل على رأس طفل غزة الشهيد، وأن ينفطر قلبه حزنا على تلك الزهرة البريئة التى قطفتها يد الغدر الاسرائيلية قبل الأوان وقد بكينا جميعا، ولكن قبل هذا، هل قام السيد الرئيس ورئيس حكومتنا قنديل بنفس المسئولية تجاه أبناء مصر ولو بالقدر الذى تتيحه امكانات مصر الحالية، والله لو تحركت حكومتنا الغراء لتلبية مطالب واحتياجات الشعب البديهية بنفس السرعة التى تعاطفت بها مع أزمة غزة، لكنا الآن فى أسعد حال، ولتمسكنا بحبال الصبر لأن شيئا ما يتحقق، ولما تحولت مصر إلى حديقة «هايد بارك» البريطانية، يتظاهر فيها من يتظاهر ويصرخ بها من يصرخ كما يشاء، والحكومة أذن من طين وأخرى من عجين، شأنها شأن كل حكوماتنا قبل الثورة.. لم ينجح أحد. فمنذ جاءت حكومة قنديل وكوارث القطارات وغير القطارات تتوالى على مصر، وتحصد حوادث الطريق العشرات من أبناء الشعب الأبرياء، وصولا إلى هذا الحادث الأخير الذى أدمى قلوبنا، أكثر من 50 من زهورنا البريئة قتلت فى لحظة، بسبب الاهمال والتسيب، وتجاهل أبسط حقوق المصريين فى الأمن والأمان بشوارع مصر، فالمزلقان المفتوح لعبور المشاة، أمر لا يحدث فى أى دولة بالعالم ولا حتى المتخلف، إذ يتم بناء كبار علوية صغيرة لعبور المشاة فى مناطق مرور القطارات بالمناطق العمرانية، أما باقى الخط الطولى للقطار فيتم اغلاقه بسور وحواجز، تحول دون عبور المشاة خلاله حماية لأرواحهم، إن بناء كبار علوية صغيرة والاستغناء بها عن المزلقانات.. أفخاخ الموت.. لن يكلف الدولة كثيرا قياسا بثمن أرواح المصريين التى تراق يوما بعد يوم على المزلقانات، أم أن حكومتنا صدقت مقولتنا اليائسة بأن المصرى لا ثمن له فتعاملت معنا من هذا المنطق. لقد بكى قنديل على رأس الطفل الفلسطينى، وكانت حصيلة شهداء فلسطين يومها 40 شهيدا قتلتهم اسرائيل، وفى اليوم التالى، قتل غباء المسئولين وإهمالهم فى السكة الحديد أكثر من 50 طفلا، وغرس سكينا فى قلب 50 أباً وأماً لفقدان فلذات اكبادهم، بكى قنديل أطفال غزة، فهل وجد من الدمع ما يوافينا به ليبكى فلذاتنا ويبلل أكفانهم بدموع ألمه بل ندمه، لانه كرئيس حكومة لم يفعل شيئا حتى الآن، لا فى ازمة القطارات ومزلقاناتها، أو أى أزمة أخرى.. مرور، طاقة، خبز أو أمن، لا هو ولا وزراؤه الأفاضل، وصرنا لا نرى سوى انتقالات، سفريات، احتفالات، صلوات، دعوات وخطب عصماء لا تسمن ولا تغنى من جوع. إن استقالة وزير المواصلات لا تكفى، لن تهدئ الأمهات والآباء وشعورهم بالفقدان، ومحاكمة عامل المزلقان الذى نام من الاجهاد أو كسلا، وجعله كبش فداء لخطايا الكبار، لا يمكن أن ينهى القضية، فالجريمة أكبر من عامل مزلقان، وأكبر من استقالة وزير، كنت أنتظر مع الملايين إقالة الحكومة أو استقالتها، فالقضية قضية منظومة فاشلة فى الادارة والتنفيذ بصفة عامة، ليس فى النقل والمواصلات، بل فى كل ما يتعلق بالوزارات الحيوية التى تمس المواطن كالصحة، الاسكان، التموين، الكهرباء، تلك الوزارات يجب أن يقودها رجال أكفاء لهم خبرة سياسية وادارية لإعادة صياغتها وتصحيح مسارها وعلاج مشاكلها. ولننظر الى هيئة السكك الحديدية، إلى رواتب العاملين الضئيلة بهذا القطاع، وإلى مناخ العمل الصعب داخل بنايات إدارية متهالكة عقيمة، أو خارجها، وإلى أكشاك التحكم فى تحويل خطوط القطارات التى تعمل بصورة بدائية ترجع للعصور الوسطى، وإلى القطارات نفسها، التى عفى عليها الدهر وكأنها من عصر الآلة البخارية، أما حال القطارات من الداخل لا تقل مأساة عن حال العاملين، فالعربات متهالكة، والمقاعدة محطمة، والنوافذ لا وجود لها، والمراحيض حالها يغنى عن استخدامها، أما مواعيد القطارات فهى كبرى الطامات، وأذكر أن زميلتنا سحر رمضان عندما سافرت لبلدتها فى العيد بعد معجزة حصولها على تذكرة، قضت 16 ساعة فى الانتظار على المحطة وفى السفر لتعود من قنا الى القاهرة وكان لنكهة العيد مذاق العلقم، قصة الفساد والاهمال طويلة، ويجب اصلاحها فى وزارة النقل وكل الوزارات قبل فوات الأوان، قبل ثورة أخرى بمطالب لا قبل للرئيس بمواجهتها وبغضبة لن يمكن تهدئتها، وأذكر السيد الرئيس بمقولة سيدنا عمر رضى الله عنه (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر). دمعة مات الولد وهو حاضن أخوه.. ابن عمه.. زملاء دراسته وصحبته، مات الولد من غير مايكمل كلمتين فى غنوته، مات الولد لما البلد ما بقيتش قادرة تشيل همه.. وكان هو شايل شنطته.