رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 2-10-2025 في البنوك    أسعار الخضروات اليوم الخميس 2-10-2025 في قنا    محافظ أسيوط: ربط إلكتروني بين الوحدات المحلية وجهاز تنمية المشروعات لتيسير إجراءات تراخيص المحال ودعم الاستثمار    مظاهرات في تركيا احتجاجا على اقتحام إسرائيل سفنا لأسطول الصمود    عاجل- الولايات المتحدة تؤجل تطبيق الرسوم الجمركية على واردات الأدوية    راموس بعد إسقاط برشلونة: نحن الأبطال ويجب أن نثبت ذلك في الملعب    إصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ربع نقل بحدائق أكتوبر    موعد مباراة روما وليل في الدوري الأوروبي    مصرع وإصابة 11 شخصا إثر حريق هائل يلتهم عقارًا في فيصل    الرعاية الصحية: إنشاء وحدتين لزراعة النخاع بمجمع الأقصر الدولي والسويس الطبي    وزير الخارجية يؤكد تضامن مصر الكامل مع السودان ودعم سيادته ووحدة أراضيه    كوبا تخطف نقطة من إيطاليا وصعود الأرجنتين فى كأس العالم للشباب.. فيديو    السيسي يصدر قرارًا جمهوريًّا جديدًا، اعرف التفاصيل    خبير مصرفي: تثبيت أسعار الفائدة الأقرب في أكتوبر لمواجهة ضغوط المحروقات    السودان: سنجري مراجعة تفصيلية لملف السد الإثيوبي    بقرار جمهوري، مجلس الشيوخ يفتتح اليوم دور الانعقاد الأخير من الفصل التشريعي    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    مصرع شخص وإصابة 5 في حادث انقلاب ميكروباص بالشرقية    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    قصور الثقافة تعلن مد فترة استقبال الأعمال المشاركة بمسابقة النصوص الدرامية القصيرة جدا    رحيل بشير أحمد صديق شيخ القراء فى المسجد النبوى عن عمر ناهز 90 عاما    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2-10-2025 في محافظة قنا    3 شهداء و13 مصابًا في قصف إسرائيلي على خيام النازحين بدير البلح    عاجل - حقيقة إغلاق المدارس والإجراءات الوقائية.. رسالة عاجلة من الصحة بشأن ظهور HFMD بين الطلاب    ترامب يقرر اعتبار أي هجوم على قطر هجومًا على أمريكا    تعطل الاتصالات والإنترنت بالقاهرة اليوم.. والسبب المتحف المصري الكبير    معركتك خسرانة.. كريم العدل يوجه انتقادات حادة لمخرج فيلم «اختيار مريم»: انتحار فني كامل    بهدفين لا أجمل ولا أروع، المغرب يضرب البرازيل ويتأهل لثمن نهائي مونديال الشباب (فيديو)    البابا تواضروس الثاني يترأس قداس تدشين كاتدرائية الأنبا أنطونيوس والأرشيدياكون حبيب جرجس بأسيوط الجديدة    المسرح المتنقل يواصل فعالياته بقرية نزلة أسطال بالمنيا    شركة مايكروسوفت تطلق "وضع الوكيل الذكي" في 365 كوبايلوت    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    بلاغ أم يقود لضبط مدرس متهم بالاعتداء على طفل فى الأهرام    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    الدكتور محمود سعيد: معهد ناصر قلعة الطب في مصر وحصن أمان للمصريين    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    الحمل بيحب «الروايات المثيرة» والحوت «الخيالية».. ما نوع الأدب الذي يفضله برجك؟    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد قومى يرمز لمرحلة جديدة فى تاريخ الشعب المصرى
اليوم.. ذكرى عيد الجهاد سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى ضربوا أروع المثل فى الدفاع عن وطنهم
نشر في الوفد يوم 13 - 11 - 2012

يصادف اليوم ذكرى عيد الجهاد الذي يحتفل به الوفد في 13 نوفمبر من كل عام ويعتبر يوما قوميا مصريا يرمز إلى بدء مرحلة جديدة في تاريخ الشعب المصري ففي مثل هذا اليوم من عام 1918.
ذهب كل من سعد زغلول وعلى شعراوى وعبد العزيز فهمى إلى المندوب السامى البريطانى يطلبون منه السماح لهم بالسفر إلى باريس لحضور مؤتمر الصلح عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى لعرض قضية استقلال مصر على هذا المؤتمر فما كان من المندوب السامى البريطاني إلا أن قال ل«سعد» ورفاقه، انكم لا تمثلون إلا أنفسكم ولا تمثلون الشعب المصرى ورفض الاستجابة لمطلبهم. وكان رد الشعب المصري بكل فئاته وطبقاته علي ذلك بأنه قام بجمع توكيلات لسعد زغلول ورفاقه للسفر إلى باريس لعرض قضية استقلال مصر وأن يسعوا فى سبيل ذلك بكافة الطرق. جاء ذلك بعفوية كبيرة عبرت عن توق المصريين إلى الاستقلال عن الاحتلال الإنجليزي وقد كشفت الأحداث والتطورات التي جرت بعد ذلك عن عمق رؤية من قاموا على الثورة ومنهم الزعيم خالد الذكر سعد زغلول ورفيقاه على شعراوي وعبدالعزيز فهمي.. إلى جانب بقية الزعماء الذين لعبوا دورا بارزا في الثورة التي اندلعت في العام التالي 1919. وقد ظل هذا التاريخ عيداً قومياً يحتفل به كل عام حتى قامت ثورة 23 يوليو فتوقف الاحتفال به. والآن وبعد ما عايشناه من تطورات تمثلت في مرحلة جديدة تحياها مصر تستعيد بها روح ثورة 1919 التي فجرها عيد الجهاد تتزايد المطالب بتجاوز المرارات التي فرضتها ثورة يوليو وأن يجرى العودة بالاحتفال بالعيد القومي مرة أخرى.
وعلى كثرة الدروس المستخلصة من عيد الجهاد، فحسبما ذكر البعض، فإن درسا واحداً يبدو الاحتياج قائماً إلى التأكيد عليه فى المرحلة التى نعيشها، باعتبار أن زمن البديهيات يتراجع بمعرفة عتاة الظلاميين الجهلاء ممن يرفعون الشعارات الدينية المتطرفة، ويتخذون منها أداة لنفى الاستقلال الوطنى والمطالبة بالعودة إلى عصور التبعية والانحطاط في مرحلة ما بعد ثورة يناير.
وحسبما تشير العديد من المصادر التاريخية في رصد تطورات وأحداث تلك الفترة فقد كان الزعماء الثلاثة قد توجهوا إلى المعتمد البريطانى السير ونجت، بعد أن أبدوا رغبتهم فى مقابلته، ليتحدثوا عن مستقبل مصر. وكان حسين باشا رشدى هو الذى توسط بينهم وبين السير لإتمام المقابلة، تسلسلت الوقائع وأخذت كل خطوة يترتب عليها أخرى حتى اندلعت نيران الثورة ومن ذلك أن المعتمد البريطانى، قال لرشدى باشا، رئيس الحكومة: كيف سمح سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى لأنفسهم أن يتحدثوا باسم الشعب المصرى، فكان أن أوحى هذا الاعتراض للوفد بعمل صيغة لتوكيل «الوفد» ليتحدث باسم الأمة، فكانت العرائض التى وزعت فى طول البلاد وعرضه، وأقبل الشعب بمختلف طوائفه على توقيعها وكان يتعين على الإنجليز أن يفهموا معنى ذلك ولكن شاءت الأقدار أن تكون سنة 1919 هى سنة الثورة، وكانت المقابلة بين المصريين الثلاثة والمعتمد البريطانى تم تحريرها فى محضر رسمى يعتبر أول وثيقة من وثائق ثورة 1919.
وفى لقاء تاريخى التقى الوطنيون الثلاثة سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى - السير البريطانى الذى بادرهم بالقول: “إن الصلح اقترب موعده وإن العالم يفيق بعد غمرات الحرب التى شغلته زمناً طويلاً وإن مصر سينالها خير كثير وإن الله مع الصابرين، والمصريون هم أقل الأمم تألما من أضرار الحرب وإنهم مع ذلك استفادوا منها بأموال طائلة وإن عليهم أن يشكروا دولة بريطانيا العظمى التى كانت سببا فى قلة ضررهم وكثرة فائدتهم.
ورد سعد باشا: ما فعلته انجلترا خيرا لمصر فإن المصريين بالبداهة يذكرونه لها مع الشكر، وأضاف: إن الحرب كانت كحريق انطفأ ولم يبق إلا تنظيف آثاره وانه يظن أنه لا محل لدوام الأحكام العرفية ولا لمراقبة الجرائد والمطبوعات وأن الناس ينتظرون بفروغ صبر زوال هذه المراقبة كى ينفسوا عن أنفسهم ويخفوا عن صدورهم الضيق الذى تولاهم أكثر من 4 سنوات، فقال السير ونجت إنه ميال لإزالة المراقبة المذكورة وإنه تخابر فعلا مع القائد العام للجيوش البريطانية فى هذا الصدد ولما كانت هذه المسألة عسكرية فإنه بعد تمام المخابرة والاتفاق مع القائد سيكتب للحكومة البريطانية ويأمل الوصول إلى ما يرضى، ثم استمر قائلا: «يجب على المصريين أن يطمئنوا ويصبروا ويعلموا أنه متى فرغت إنجلترا من مؤتمر الصلح فإنها تلتفت لمصر وما يلزمها».
وعلق سعد باشا: إن الهدنة عقدت والمصريين لهم الحق أن يكونوا قلقين على مستقبلهم ولا مانع يمنع الآن من أن يعرفوا ما هو الخير الذى تريده إنجلترا لهم، فقال السير: يجب ألا تتعجلوا وأن تكونوا متبصرين فى سلوككم فإن المصريين فى الحقيقة لا ينظرون للعواقب البعيدة. فقال سعد باشا: إن هذه العبارة مبهمة المعنى ولا أفهم المراد منها، فأوضح السير: أريد أن أقول إن المصريين ليس لهم رأى عام بعيد النظر، فرد سعد باشا: لا أستطيع الموافقة على ذلك فإنى إن وافقتك أنكرت صفتى فإنى منتخب فى الجمعية التشريعية عن قسمين من أقسام القاهرة، وكان انتخابى بمحض إرادة الرأى العام مع معارضة الحكومة واللورد كتشنر فى انتخابى، وكذلك كان الأمر مع زميلىّ على شعراوى باشا وعبدالعزيز بك فهمى.
ورد السير ونجت: إنه قبل الحرب كثيرا ما حدثت حركات وكتابات من محمد فريد وأمثاله من الحزب الوطنى وكان ذلك بلا تعقل ولا روية فأضرت مصر ولم تنفعها فما هى أغراض المصريين؟ فقال على شعراوى باشا: إننا نريد أن نكون أصدقاء للإنجليز صداقة الحر للحر لا العبد للحر، فقال السير ونجت: إذا أنتم تطلبون الاستقلال؟! فقال سعد باشا: ونحن له أهل وماذا ينقصنا ليكون لنا الاستقلال كباقى الأمم المستقلة.
وأضاف السير ونجت: لكن الطفل إذا أعطى من الغذاء أزيد مما يلزم أتخم، فقال عبدالعزيز بك فهمى: نحن نطلب الاستقلال التام وقد ذكرتم جنابكم أن الحزب الوطنى أتى من الحركات والكتابات بما أضر ولم يفد، فأقول لجنابكم إن الحزب الوطنى كان يطلب الاستقلال وغاية الأمر أن طريقة الطلب التى سار عليها الحزب ربما كان منها ما يؤخذ علينا وذلك راجع إلى طبيعة الشبان فى كل جهة فلأجل إزالة الاعتراض الوارد على طريقة الحزب الوطنى فى تنفيذ مبدئه الأساسى الذى هو مبدأ كل الأمم، وهو الاستقلال التام قام جماعة من الشيوخ الذين لا يظن فيهم التطرف فى الإجراءات وأسسوا حزب الأمة، وأنشأوا صحيفة «الجريدة» وكان مقصدهم أيضا الاستقلال التام وطريقتهم أخف فى الحدة من طريقة الحزب الوطنى.
قال السير: ولكن الأمية فى مصر كبيرة لا كما فى البلاد التى ذكرتها إلا الجبل الأسود والألبان على ما أظن، فقال عبدالعزيز بك فهمى: إن هذه النسبة مسألة ثانوية فيما يتعلق باستقلال الأمم فإن لمصر تاريخا قديما باهرا وسوابق فى الاستقلال التام، وهى قائمة بذاتها وسكانها عنصر واحد ذو لغة واحدة، وهم كثيرو العدد وبلادهم غنية، وبالجملة فشروط الاستقلال التام متوفرة فى مصر ومن جهة نسبة الأميين للمتعلمين فهذه مسألة لا دخل لها فى الاستقلال.
وتابع: نحن عندنا كثير من المتعلمين بدليل أن أولى الحل والعقد تسمع عنهم فى كثير من الأحيان أن التعليم زاد فى البلد حتى صار فيها طائفة من المتعلمين العاطلين، وأما من جهة تشبيهنا بالطفل يتخم إذا غذى بأزيد من اللازم فاسمحوا لى أن أقول إن حالنا ليست مما ينطبق عليها هذا الشبه.
ورد السير: أتظنون أن بلاد العرب وقد أخذت استقلالها ستعرف كيف تسير بنفسها؟ فقال عبدالعزيز بك: إن معرفة ذلك راجعة إلى المستقبل ومع ذلك فإذا كانت بلاد العرب وهى دون مصر بمراحل أخذت استقلالها فمصر أجدر بذلك.
فقال السير ونجت: كانت مصر عبدا لتركيا أفتكون أحط منها لو كانت عبداً لانجلترا؟ فقال شعراوى باشا: قد أكون عبدا لرجل من الجعليين وقد أكون عبداً للسير ونجت الذى لا مناسبة بينه وبين الرجل الجعلى ومع ذلك لا تسرنى كلتا الحالتين لأن العبودية لا نرضاها فقال السير ونجت: لكن مركز مصر حربيا وجغرافيا يجعلها عرضة لاستيلاء كل دولة قوية عليها قد تكون غير إنجلترا.
فقال سعد باشا: متى ساعدتنا إنجلترا على استقلالنا التام فإننا نعطيها ضمانة معقولة على عدم تمكين أى دولة من استقلالنا والمساس بمصلحتها فنعطيها ضمانة فى طريقها للهند وهى قناة السويس بأن نجعل لها دون غيرها حق احتلالها عند الاقتضاء.
قال شعراوى باشا: يبقى أمر آخر عند هذا الحد وهو حقوق أرباب الديون من الأجانب فيمكن بقاء المستشار الإنجليزى بحيث تكون سلطته هى سلطة صندوق الدين العمومى فقال سعد باشا: نحن نعترف الآن بأن إنجلترا أقوى دولة فى العالم وأوسعها حرية وإذ نعترف لها بالأعمال الجليلة التى باشرتها فى مصر نطلب باسم هذه المبادئ أن تجعلنا أصدقاءها صداقة الحر للحر وإننا نتكلم بهذه المطالب هنا معك بصفتك مشخصا لهذه الدولة العظيمة وعند الاقتضاء نسافر للتكلم فى شأنها مع ولاة الأمور فى انجلترا ولا نلتجئ هنا لسواك.
قال السير ونجت: قد سمعت أقوالكم وانى أعتبر محادثتنا غير رسمية بل بصفة حبية فإنى لا أعرف شيئا عن أفكار الحكومة البريطانية فى هذا الصدد وعلى كل فإنى شاكر زيارتكم وأحب لكم الخير، فشكره الثلاثة على حسن مقابلته وانصرفوا الساعة الثانية عشرة.
ومن حسن الحظ أن سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى تركوا لنا محضرا رسميا بما جرى، وكان فهمى هو الذى حرر هذا المحضر وبالطبع راجع كل واحد من الثلاثة بدقة ما نسب إليه قبل أن يعتمدوا الوثيقة ويعتبروها الأساس الذى قام عليه الوفد.
وفي ضوء حقيقة أنه لم يكن لدى الثلاثة الذين ذهبوا لمخاطبة السير ونجت شك فى أنهم يتكلمون باسم مصر، فإن السير البريطانى أبدى دهشته إلى رئيس الحكومة: «كيف سمح هؤلاء الثلاثة لأنفسهم بأن يتحدثوا باسم الأمة». فكان أن نبتت فكرة التوكيلات «صيغة التوكيل الأولى»، حيث وضع الوفد صيغة أولى للتوكيل أذاعها فى البلاد.
وهذا نصها: «نحن الموقعين على هذا أنبنا عنا حضرات سعد زغلول باشا وعلى شعراوى باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على بك وعبداللطيف المكباتى بك ومحمد محمود باشا ولهم أن يضموا إليهم من يختارون فى أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حينما وجدوا السعى سبيلا فى استقلال مصر تطبيقا لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى وحلفاؤها ويؤيدون بموجبها تحرير الشعوب».
عند هذه المرحلة كان الأمر قد استقر نهائيا حول ضرورة توحيد الجهود فسعى ممثلو الحزب الوطنى الذين كانوا يسعون لتأليف وفد برئاسة عمر طوسون إلى سعد زغلول للتعرف على ما يجرى تمهيدا لتوحيد الجهود ولكن السلطة العسكرية تصدت للتوكيلات فى 23 نوفمبر فلم تكد صيغة التوكيل توضع حتى أقبلت طوائف فى حماس منقطع النظير على توقيعها فكان أن أصدر مستشار وزارة الداخلية الإنجليزى أمره للمديرين بحظر تداول هذه التوكيلات والتوقيع عليها فشرع الناس يتداولونها ويوقعون عليها سرا.
فأصدر المستشار أمره بمصادرة ما تم التوقيع عليه فعلا فاقتحم البوليس بعض الدور والمكاتب للاستيلاء عليها فكان ذلك أول حماقة انجليزية بدأت تلهب النفوس وكشفت عن أن الوفد يعمل بالتضامن مع حكومة رشدى باشا.
وهذا نص الرسائل المتبادلة بين سعد زغلول وحسين رشدى حول هذا الموضوع: «حضرة صاحب الدولة رئيس الحكومة ووزير الداخلية ألتمس من دولتكم باسم الحرية والعدل أن تأمروا بترك الناس وحريتهم يتمون عملهم المشروع وإذا كانت هناك ضرورة قصوى ألجأت الحكومة إلى هذا المنع فإنى أكون سعيداً لو كتبتم لى بذلك حتى نكون على بصيرة من أمرنا ونساعد الحكومة بما فى وسعنا على الكف عن إمضاء تلك التوكيلات، وفى انتظار الرد وتفضلوا يا دولة الرئيس بقبول شكرى سلفا على تأييد مبادئ الحرية الشخصية وعظيم احترامى لشخصكم الكريم، الوكيل المنتخب للجمعية التشريعية ورئيس الوفد المصرى سعد زغلول».
وإذا كانت حماقة الانجليز واستهانتها المطلقة بالشعب المصرى تجلت فى منعها التوكيلات ثم مصادرتها فقد تجلت مرة أخرى فى منعها أعضاء الوفد من السفر حيث يعقد مؤتمر الصلح فى باريس وقام الإنجليز بسلسلة من التصرفات فى هذه الفترة بعد انفجار الشغب بأن تراجعوا بغير انتظام عن هذه التصرفات، ومن حسن حظ التاريخ أن خطاب سعد زغلول إلى السير ونجت المعتمد البريطانى يسجل الخطوة الجديدة بكل دقة.
وقد كتب سعد زغلول للمعتمدالبريطانى يقول: «إلى صاحب الفخامة السير ريجنلد ونجت المندوب السامى لحكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى: أتشرف بأن أعرض لفخامتكم أنه تألف وفد برئاستى بقصد السفر إلى إنجلترا للمفاوضة مع أولى الحل والعقد من البريطانيين بشأن مستقبل مصر.
وقد أرسلت لرياسة الجيش الإنجليزى بتاريخ 20 الجارى خطابا التمست فيه إعطائى أنا وزملائى جوازات السفر فتفضلت السلطة العسكرية بإجابتى فى اليوم التالى بأن طلبنا سينظر فيه فى أقرب وقت ممكن ولما كانت المهمة التى أخذناها على عاتقنا تقضى بوجودنا من غير تأخير فقد حررنا أمس طالبين النظر فى ملتمسنا واليوم ورد لنا خطاب من السلطة العسكرية يتضمن أنه قد حدثت بعض صعوبات لم يتيسر معها إجابة طلبنا إلى اليوم وأنه بمجرد تذليل هذه الصعوبات تسارع إلى إجابتنا إلى موضوع طلبنا.
ونظرا إلى أنه من الضرورى أن يكون سفرنا قبل الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر جئنا بهذا راجين من فخامتكم أن تتفضلوا باستعمال ما لكم من النفوذ لدى السلطة العسكرية لحصولنا على جوازات السفر سريعا وفى الوقت المناسب تلقاء هذه الإجابة».
وأضاف: «جئنا بهذا راجين من فخامتكم أن تتفضلوا باستعمال ما لكم من النفوذ لحصولنا على جوازات السفر سريعا وفى الوقت المناسب، أننا معتمدون كثيرا على تقاليد بريطانيا العظمى التى لاتزال تقدم للعالم كثيرا من الأمثلة على تمسكها بمبادئ الحرية الشخصية اعتمادا يجعل لنا الثقة فى أن طلب التصريح لنا بالسفر سيفصل فيه عاجلا وإنا فى انتظار إجابة ملتمسنا نقدم لفخامتكم عظيم الاحترام والتبجيل.. وكيل الجمعية التشريعية المنتخب- رئيس الوفد المصرى– الإمضاء سعد زغلول».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.