قال رئيس غرفة التجارة والصناعة الكويتية محمد الصقر، إن البحث في حلول للقضاء على ظاهرة تجارة الاقامات تمامًا، يجب أن يكون في إطار تصحيح هيكل العمالة والتركيبة السكانية في الكويت من جهة، وفي إطار توظيف التقدم التقني إلى أبعد حد ممكن من جهة ثانية. وأكد الصقر - في بيان صحفي اليوم الأربعاء - أن القضاء على هذه الظاهرة يستوجب إعادة النظر بصورة جادة ومستعجلة بنظام الكفيل الحالي، وتطويره بما يفرق بين العمالة الوافدة عالية الثقافة والتخصص، والتي يمكن تكويت مواقعها تدريجيًا في المستقبل المنظور، موضحًا أنه ليس من المنتظر أن يقبل المواطنون بتقديم خدمات العمالة الوافدة الهامشية على المدى القصير أو المتوسط. وأضاف أن ظاهرة العمالة الهامشية ليست مشكلة جديدة، بل تعود بداياتها إلى أكثر من 30 عامًا، نمت خلالها وازدات حجمًا وخطورة وانتشارًا، بسبب أرباحها الهائلة غير المشروعة التي يتقاسمها من جرى التعارف خطأ على تسميتهم بتجار الإقامات، مع من يسهل له جريمتهم ويصمت عن فضائحهم ويتغاضى عن ملاحقتهم. وتابع أن أزمة (كورونا) لم تكن من أسباب هذه الظاهرة، ولم تكشف عنها، وانما فضحت بصورة مباغته ومذهلة وصادمة عمق مخاطرها وامتداد شبكتها وتورم حجمها، وارتفاع عدد ضحاياها، لافتًا إلى أنه لم يكن غريبًا إثر ذلك أن تكون ردة الفعل الشعبية بهذا الاتساع والإجماع وعلى هذا الحجم من القهر والغضب. وأكد الصقر أن الغرفة تحيي كل من مساهم برأيه أو بقلمه في التنبيه إلى الأذى البليغ الذي تلحقه هذه الظاهرة بأمن الكويت واقتصادها ومجتمعها، وبسمعتها الدولية وأنظمتها الصحية والتعليمية، خاصة من رفضوا بشكل مطلق ما لحق بالعمالة المعنية من ظلم وخسائر مادية ومعنوية. وشدد على موقف غرفة تجارة وصناعة الكويت الثابت والشاجب والمنذر من هذه الظاهرة، الذي يتفق كل الاتفاق مع مطالبهم بمعاقبة الجناة بأقسى العقوبات التي تتفق مع خطورة الجريمة، وفي إطار القوانين واجراءاتها. وأوضح أن (الغرفة) تهدف إلى توظيف هذه الموجة من الغضب الشعبي الواعي؛ لوضع حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة بصورة نهائية، من خلال تجفيف مواردها الحرام من منبعها، وفي ضوء العديد من الحقائق والاعتبارات. وأشار إلى عدم توافر احصاءات يعتمد عليها في شأن حجم العمالة الهامشية الوافدة، التي تشكل القاعدة الأساسية لظاهرة استغلال نظام الإقامة، موضحا أنه من الجدير الذكر، أن عدد السكان الوافدين في منطقتي جليب الشيوخ والمهبولة، اللتين تتركز فيهما هذه العمالة وصل في نهاية سبتمر 2019 إلى أكثر من 513 ألف نسمة، منهم 372 ألف أسيوي و141 ألف عربي. وأوضح أن حجم الظاهرة لا يقل عن 400 ألف عامل وافد، أو ما يعادل 23% من اجمالي حجم العمالة الوافدة، ما عدا العمالة المنزلية وما في حكمها. ولفت الصقر إلى توزع العمالة الوافدة الهامشية الى 3 مجموعات، هي عمالة لديها إقامة صالحة وعقد عمل صحيح، لكنها لا تقبض حقوقها بشكل منظم، وأخرى تعمل باليومية حسب الفرص التي تتاح لها، ولا تعمل لدى الشركات الوهمية التي استقدمتها ووفرت لها اقامة صالحة مقابل مبالغ كبيرة ودفعات سنوية، وثالثة لا تحمل إقامة صالحة، وليس لديها عمل ثابت، ولا تتقن مهنة أو حرفة تصلح للعمل باليومية. وأكد أن من دلالات استمرار وتضخم ظاهرة العمالة الهامشية الوافدة على مدى أكثر من 3 عقود، أن خدماتها تحظى بطلب حقيقي في سوق العمل الكويتي، لافتًا إلى أنه صحيح أن هذا الطلب غير مستقر أو مستمر أو منتظم، إلا أنه موجود بالتأكيد. وأضاف أن السبب في ذلك يكمن في أن هذه العمالة تلبي احتياجات الشركات والمؤسسات الصغيرة المساندة لأعمال المقاولات، التي لا تستطيع تحمل تكاليف العمالة الثابتة (رواتب، واجازات، وتعويضات)، كما تلبي احتياجات شريحة واسعة من السكان في أعمال الصيانة والتصليح، منوهًا بأن خدمات هذه العمالة رخيصة بكل المعايير. واعتبر الصقر أنه من الثابت أن من يمارسون تجارة الاقامات واستغلال العمالة الوافدة الهامشية، شركات وأفرادًا، هم إما شركات وهمية أسست لهذا الغرض ليس إلا، وإما أفرادًا تسمح لهم مواقعهم الرسمية أن يمارسوا أو يسهلوا هذه التجارة،وهذا الاستغلال. وشدد على أن القضاء على هذه الظاهرة يقتضي بالضرورة معاقبة هؤلاء من الفئتين على حدٍ سواء، وفي إطار العدل والقانون واجراءاتهما. ونوه إلى أن الغرفة تنظر بكثير من التقدير والتفاؤل إلى تصدي رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الحازم لهذه الظاهرة، والذي اتخذ في ضوئه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أنس الصالح، خطوات سريعة وجريئة في هذا الصدد، في الوقت الذي قامت وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية مريم العقيل، بتأكيد عدم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين لأحكام القانون، مهما كانت صفاتهم ومواقعهم، لافتًا إلى أنها تأمل في أن يكون الجميع سواسية أمام القانون دون أي محاباة أو استثناء لأحد. وأكد الصقر أن العقوبة القانونية السريعة والصارمة والعادلة ضرورة لا جدال فيها، ولا مساومة بشأنها، ولكن يجب التذكر دائمًا بأن أسلوب العقاب على ضرورته وحتميته، لا يمكنه القضاء على هذه الظاهرة، ما لم يقترن بالسياسات والإجراءات الكفيلة بتجفيف الربح غير الشرعي من استغلال آلام البشر، ومن الإضرار بمصلحة الوطن.